أطلق المنتدى الاقتصادي العالمي صباح اليوم تقرير مستقبل الوظائف العالمي لعام 2024، والذي يعد الخامس من نوعه على مستوى العالم، والإطلاق الثاني لمصر ضمن سلسلة من التقارير التي بدأ المنتدى نشرها لأول مرة في عام 2016؛ وذلك بهدف تقييم الوضع الحالي لأسواق العمل العالمية، والتنبؤ بالتحولات المتوقع حدوثها على مدى السنوات الخمس المقبلة 2025-2030.

 

ويأتي إطلاق هذا التقرير في مصر بالتعاون مع المركز المصري للدراسات الاقتصادية، وهوالشريك البحثي الوحيد للمنتدى في مصر، والذي تولى جمع البيانات الخاصة بسوق العمل فيها.

يتضمن تقرير مستقبل الوظائف لهذا العام 55 دولة من مختلف الأقاليم، وتتنوع نتائجه بين 22 قطاعا ويشمل آراء وتوقعات 1000 شركة مختلفة الأحجام بالقطاع الخاص، يعمل بها نحو 14 مليون موظف.

ويلقي التقرير الضوء على أهم الاتجاهات في سوق العمل العالمي، والتي جاءت بشكل أساسي على إثر التحولات الاقتصادية والتكنولوجية، بالإضافة إلى التطورات الجيوسياسية، مما يؤثر بشكل مباشر على هيكل الوظائف والمهارات المطلوبة من ناحية، واستراتيجيات تطوير العمالة التي تعتزم الشركات اتباعها للحصول على هذه المهارات، من ناحية أخرى. 

وأظهرت أهم نتائج التقرير الخاصة بأسواق العمل العالمية، أن أصحاب العمل يرون أن أهم اتجاه تحويلي في مجال التوظيف والمهارات هو التحول التكنولوجي، بينما يشكل الانقسام الجغرافي الاقتصادي، والتحول الأخضر، والتحولات الديموغرافية، وعدم اليقين الاقتصادي عوامل محركة مهمة أخرى في هذا الصدد.

ويتوقع أصحاب العمل أن يصبح النفاذ الرقمي Boarding digital access  أهم اتجاه تحويلي في جميع القطاعات، حيث يرى 60% منهم أنه سيعمل على تغيير الشروط الوظيفية والمهارات المطلوبة في أعمالهم، وتشكل مجالات الذكاء الاصطناعي، والروبوتكس، وتخزين الطاقة  energy storage، وتوليد الطاقة المتجددة، أهم التخصصات المطلوبة من وجهة نظرهم. 

ويشكل ارتفاع تكلفة المعيشة عاملا مؤثرا آخر؛ حيث يتوقع 50% من أصحاب العمل أن يؤدي إلى إحداث تغيرات في أعمالهم. ومن المتوقع أن يؤثر التغير المناخي ومحاولات تخفيف تأثيره على الوظائف المطلوبة في نحو 47% من الشركات، في ظل تزايد الطلب على المهندسين والفنيين المتخصصين في مجال الطاقة المتجددة. ومن المتوقع أن يؤثر الانقسام الجغرافي والاقتصادي والتوترات الجيوسياسية على نحو 34% من الشركات؛ حيث أشار أصحاب العمل إلى تزايد القيود التي تواجه التجارة والاستثمار.

كما من المتوقع أن تؤدي التحولات الديموغرافية إلى تغيير أسواق العمل؛ فبينما يتناقص حجم السكان في سن العمل في البلدان مرتفعة الدخل، من المتوقع أن يرتفع في البلدان منخفضة الدخل، وبوجه عام، يتوقع التقرير أن تؤدي هذه التحولات إلى خلق 170 مليون وظيفة جديدة بحلول عام 2030 (14% من إجمالي الوظائف الحالية)، وإحلال 92 مليون وظيفة (8% من إجمالي الوظائف الحالية)؛ مما سينتج عنه نمو صافي في عدد الوظائف قدره 78 مليون وظيفة، وذلك في المجالات التالية: الوظائف الأمامية frontline roles مثل سائقي التوصيل، وعمال البناء، والعاملين في مجال الرعاية الاجتماعية، والعاملين في المزارع، بالإضافة إلى الوظائف التقنية مثل المتخصصين في مجالات البيانات الضخمة big data، والتعلم الآلي، والهندسة البيئية/ الخضراء.

ويتوقع التقرير أن يشهد الطلب على الوظائف الكتابية، مثل الكاشيرات cashiers  وموظفو حجز التذاكر، أكبر انخفاض، كما يتوقع أصحاب العمل تغير 39% من المهارات الأساسية والعامة بحلول عام 2030:

ووفق التقرير جاء التفكير التحليلي كأكثر المهارات الأساسية طلبا، يليه المرونة والقدرة على التكيف، وجاء الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة Big Data  أكثر المهارات العامة طلبا، يليهما الأمن السيبراني ومعرفة التكنولوجيا.

وفيم يتعلق اتجاهات سوق العمل في مصر؛ يتوقع التقرير أن يتأثر سوق العمل في مصر بصورة كبيرة جراء تزايد النفاذ الرقمي وانخفاض تكلفة المعيشة، وهو ما يتسق بوجه عام مع الاتجاه العالمي المتوقع خلال الخمس سنوات القادمة.

وأعرب أصحاب العمل في مصر (55%) عن تفاؤلهم حيال قدرتهم على إعادة تشكيل مهارات العاملين لديهم لكي تلبي معايير المهارات المطلوبة خلال الخمس سنوات القادمة؛ مقابل متوسط عالمي قدره 29%.

وتحتل مصر المركز الأول بين 55 دولة في الحاجة إلى إعادة تشكيل مهارات قوة العمل بها، حيث من المتوقع تغير 48% من مهارات قوة العمل بها خلال الخمس سنوات القادمة، مقابل 39% على المستوى العالمي.

وأفاد أصحاب العمل في مصر أن رفع مستوى مهارات العاملين لديهم هو أكثر استراتيجية فعالة لتلبية الاحتياجات من العمالة بدلا من إحلالها، ويرى نحو 43% من أصحاب العمل المصريين الحاجة إلى مهارات إدارة الموارد والتشغيل، بينما يرى 24% من أصحاب العمل على المستوى العالمي ذلك.

وتحتل مصر المركز الأول من بين 55 دولة في توظيف العمالة منخفضة الدخل (56%) ومن أصحاب الهمم (24%). كما تأتي في المرتبة الثالثة في توظيف الأشخاص من الأقليات العرقية أو الدينية (27%).

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: المنتدي المنتدى الاقتصادي المنتدى الاقتصادي العالمي مستقبل الوظائف العالمي أسواق العمل العالمية من المتوقع أن العمل فی مصر أصحاب العمل من أصحاب

إقرأ أيضاً:

«المهارات المُجاورة» في الابتكار التكنولوجي

أشار تقرير مستقبل الوظائف الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أنه ابتداء من عام (2025م)، ستحتاج المؤسسات الحالية إلى إعادة تأهيل مهارات القوى العاملة لديها، وذلك بسبب متطلبات تبني النهج الابتكاري، وتسارع توظيف التكنولوجيا، ودخول الذكاء الاصطناعي إلى عالم الأعمال، وتؤكد هذه التوقعات على ضرورة التركيز على تطوير المهارات كعنصر أساسي في استراتيجيات التشغيل المعاصرة، ويبدو ذلك بديهيا في المؤسسات الكبيرة والخدمية، لأن الأتمتة والتحول الرقمي في العمليات والخدمات هما الأبرز، والأوفر نصيبا، ولكن ماذا عن شركات التكنولوجيا العلمية؟ وكيف يبدو مشهد المواهب في هذه الشركات في ظل الطلب المتزايد على الحشد الاستراتيجي للمواهب والذي يتماشى مع التوجهات المتنامية للاقتصاد القائم على المهارات؟

يُمثل «اقتصاد المهارات» من التحولات الجذرية التي ظهرت مؤخرا، وهو يرتبط باتجاهات جديدة في طريقة فهم وتوظيف القيمة المهنية للمهارات الفردية، والجماعية لفرق العمل والمؤسسات، وهو لا يقتصر على المهارات التي تمتلكها أو تحتاجها المؤسسة، ولكنه يشتمل أيضا على قدرة هذه المؤسسات على اكتساب مهارات جديدة بجانب العائد من الشهادات العلمية، والخبرات العملية المرتبطة بالمسميات الوظيفية التقليدية. وهذا ما يطرح الكثير من الأسئلة على المديرين التنفيذيين، وأهمها: هل تمتلك المؤسسة المواهب والمهارات الكافية للحفاظ على الميزة التنافسية؟ وما هو الخطر التشغيلي الأكثر أهمية بين حالات انعدام أو تكدس هذه المواهب والمهارات؟، حيث تضع العديد من الشركات التكنولوجية استراتيجياتها بشكل صحيح؛ لكن الإخفاق في عملية التنفيذ يعود إلى عدم امتلاكها الكفاءات، والمهارات المطلوبة، لتنفيذ المبادرات في الوقت المناسب. ومن أجل ذلك يُعدّ تبني اقتصاد المهارات في الوقت الراهن متطلبا جوهريا لضمان الاستفادة من المهارات المتنوعة والقادرة على تسريع الوصول إلى حلول رائدة للتحديات، وابتكار مستدام، في عام سريع التغير.

فإذا توقفنا عند فجوة المهارات، سنجد بأن السبب الأساسي لظهور اقتصاد المهارات كان اتساع فجوة المهارات في بيئات العمل، والذي نشأ كنتيجة مباشرة لتسارع التقدم العلمي والتكنولوجي، وبذلك تتغير المهارات التي يحتاجها سوق العمل بوتيرة أسرع من عملية تدريب وتأهيل الموارد البشرية، وهي تظهر بشكل كبير في الشركات الابتكارية التي تتطلب وجود كفاءات علمية مواكبة للتطورات، وعلى اطلاع بالمستجدات على المستوى التقني والفكري، وبالتالي فإن فجوة المهارات لا تقل أهمية عن المخاطر التشغيلية الأخرى، ومن أجل معالجة هذا المحور، فإنه على الشركات الناشئة التكنولوجية اتباع أسلوبٍ صارمٍ في إدارة ملف استقطاب الكفاءات، وذلك عبر بناء استراتيجية عمل قائمة على المهارات، ومعززة بالتحليل العميق لثلاث ركائز وهي: المجموع الكلي لمهارات فرق العمل، والاحتياجات المستقبلية من المهارات، وسيناريوهات تغير هذه الاحتياجات على المدى القريب والمتوسط، ويأتي تحليل المهارات بمثابة الخطوة الأساسية الأولى في تمكين التحول نحو تبني فكر وممارسات الاقتصاد المبني على المهارات.

وتأتي بعدها عملية المواءمة بين المهارات المتاحة والمطلوبة من جهة وبين المهام والعمليات التي تستوعب هذه المهارات من جهةٍ أخرى، وذلك بإنشاء مستودع مركزي للمهارات والمواهب على مستوى المؤسسة، أو فريق العمل، وتكمن أهمية هذا المستودع في دوره الكبير في عملية تعريف «المهارات المُجاورة»، وهو مصطلح مستحدث، ويعود ضمنيا إلى المهارات الثانوية الداعمة، أو المكملة للمهارات الأساسية المتوفرة في المستودع المركزي، وكذلك تعبر عن مهارات وثيقة الصلة بالمواهب التقنية أو الإدارية التي يمتلكها أعضاء الفرق، أو منتسبي المؤسسة. وبالنسبة لشركات التكنولوجيا، فإن المهارات المجاورة تمثل حجر الأساس في مواكبة التطورات التكنولوجية، إذ إن التكيف مع متطلبات الابتكار قد لا تحتاج إلى البحث عن مهارات جديدة كليا، وإنما يكتفى بتعزيز وتنمية المهارات المجاورة لضمان سد الثغرات الكبيرة في المهارات المطلوبة، مع تأصيل ثقافة التعلم المستمر لرفع كفاءة الأداء التشغيلي، وتقليل تكلفة استقطاب الكفاءات العلمية والتقنية الاحترافية، والتي غالبا ما تكون مكلفة بالمقارنة مع القدرات المالية للشركات الناشئة العلمية.

وهذا يقودنا إلى أهم الآثار الإيجابية لتعزيز مسارات بناء المهارات المجاورة في شركات التكنولوجيا، وهي التقليل من مخاطر تضخم المواهب وهدرها، إذ يُعد تكديس المواهب من أبرز تحديات التنفيذ غير السليم لنهج اقتصاد المهارات، وبناء مهارات فرق العمل هو أحد الطرق الأكثر احتمالا لضمان الحفاظ على توزيع ديناميكي ومتوازن للمهام بين فرق العمل، وتمكين التفاعل الإيجابي بين مختلف مستويات التشغيل عبر فرق العمل الماهرة والمتعددة الوظائف، وذلك بخلاف الأسلوب التقليدي الذي يقوم على توظيف مالكي المهارات كلما ظهرت الحاجة إلى هذه المهارات والتي قد تتراكم مع الوقت، مما يؤدي بشكل أو بآخر إلى عزل الكفاءات والقدرات المالكة للمهارات التي تقادمت، أو التي تم إحلالها بمهارات أخرى، لا سيما في عالمٍ تتغيّر فيه المهارات بسرعة كبيرة، ويتطور مشهد المواهب في أزمنة قياسية لمواكبة اتجاهات الصناعة، والحفاظ على القدرة التنافسية.

إن التحوّل إلى نهج الاقتصاد القائم على المهارات هو ضرورة استراتيجية لشركات الابتكارات الناشئة العلمية والتكنولوجية، وعلى قادة هذه الشركات إدراك أهمية فهم الدور المحوري للمهارات المجاورة في سد فجوة المهارات الآنية، مع إتاحة الحشد الاستراتيجي لمجموعة متكاملة من مهارات حل التحديات المعقدة، ودفع عجلة الابتكار، والتكيف بسرعة مع التغييرات والمستجدات بناء على المهارات، بدلا من التسلسل الهرمي التقليدي. ويستوجب ذلك سرعة المواءمة بين المهارات المتاحة، والمواهب التي يمكن صقلها إلى مهارات، وكذلك تأطير بنائها في مختلف مراحل دورة حياة الموهبة، ورفع المرونة في اكتساب المهارات عبر برامج التنقل الاستراتيجي للمواهب داخل وخارج الشركات العلمية، وكذلك عن طريق ترسيخ ثقافة التعلم المستمر والتطوير الممنهج، والاستثمار في البرامج التدريبية التي تتماشى مع اتجاهات الصناعة الحالية، وبما يضمن استعداد فرق العمل للتكيف مع المستقبل، وذلك بإيلاء الأولوية للتوجه الاستباقي، والتركيز على تحقيق التوازن في تلبية الاحتياجات المستقبلية عبر الاستشراف الاستراتيجي، والتخطيط الدقيق الذي يضمن الالتزام في قيادة التغيير، مع رفع الكفاءة التشغيلية، وتقليل المخاطر.

د. جميلة الهنائية باحثة فـي سياسات العلوم والتكنولوجيا والابتكار

مقالات مشابهة

  • اختتام الدورة الثالثة من المنتدى العالمي للإنتاج المحلي في أبوظبي
  • إعلان نتائج المقابلات الشخصية للمتقدمين على الوظائف التعليمية
  • وزارة التعليم تعلن نتائج الترشيح للمقابلات الشخصية للمتقدمين على الوظائف التعليمية
  • «إكسبو الشارقة» يستعرض أجندة معارضه في منتدى الأعمال العالمي بفرنسا
  • تفاصيل جلسة "مستقبل الوظائف وسوق العمل" بالمؤتمر الدولي للتعليم التكنولوجي
  • الاثنين.. انطلاق أعمال المنتدى العالمي للمياه 2027 في الرياض
  • منتدى تكنولوجيا التجارة في أبوظبي يستشرف مستقبل التجارة العالمية
  • المنتدى العالمي للإنتاج المحلي يستعرض سبل تمكين المرأة في الصناعة الدوائية
  • شرطة دبي تحتفي باليوم العالمي للتوعية بالتوحد
  • «المهارات المُجاورة» في الابتكار التكنولوجي