الرئيس علي ناصر يكشف لأول مرة عن محاولة اغتياله من قبل أبو نضال الفلسطيني و السفاح كاراوس في ليبيا (36)
تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT
إعداد/ د. الخضر عبدالله:
انتحار «أبو نضال» في بغداد
ذكر الرئيس علي ناصر محمد في الحلقة الماضية ما الذي استُخدمه أبو نضال الفلسطيني في تصفيات الشخصيات السياسية الفلسطينة، وكيف نقل المعركة خارج الساحة الفلسطينية ضد رفاقه في السلاح بدلاً من توجيه السلاح إلى العدو الصهيوني . وفي هذه العدد يكشف الرئيس ناصر كيف انهى (ابو نضال ) حياته بالانتحار.
اغتيال الرئيس ناصر
ويستدرك الرئيس ناصر حديثه قائلا:" كان أبو نضال قد خطّط لاغتيالي مع أحد ضباط جهاز أمن الدولة في عدن، ووضع خطته للتخلص مني من طريق السيجار المسمّم أو القداحات المتفجرة مع استعمال عصا تطلق رصاصاً قاتلاً كاحتياط في حالة إخفاق الخطة الأولى، وذلك مقابل فتح مكتب لأبو نضال في عدن، وقد افتتح عام 1987م مكتباً سرياً للجماعة، كما روى ذلك السيد عاطف أبو بكر في مذكراته في صحيفة الحياة حيث قال: «إن أبو نضال حَوّل وبدّل موقعه وانقلب على عدن في عام 1987م- 1988م وصار جاهزاً لمدّ جُسور مع خصومهم، وقد رتبنا له في ليبيا لقاءً مع علي ناصر محمد، حيث عرض على مجموعة علي ناصر أن يوفر لها غطاءً في بيروت وأن يدرب لها عناصر في معسكره في ليبيا». وعاطف هنا لم يقل الحقيقة بالنسبة إلى الأشياء التي أدت إلى طردهم من عدن كما روى لي أبو نضال بحضوره وذكرته في الصفحات السابقة، ويضيف عاطف في مذكراته: «كان كثير الشكوك وعصبياً وكان باطنياً وانطوائياً إلى درجة أنه حتى عام 1983م لم يقف أمام ندوة مفتوحة ولم يحاور الجمهور، يجلس في مكتبه وأمامه ستارة وملفات، تذكر اسماً أمامه فيسحب ملفاً ويقول: هذا ملف الشخص، ليوهمك أنه يعرف كل شيء، اعتقدت عندما غبت عنه سنوات أنه تغير، لكنه ظل كما هو، تحدثه في السياسة فيحدثك دقيقتين ثم يدفع الموضوع إلى المستوى الأمني أو الاستخباري أو إلى إطلاق الاتهامات، شخصية غريبة، عصبي لكنه يتهرب من المواجهة المباشرة، حقود ولا ينسى، كلما تعامل مع شخص بنعومة يكون ذلك مقدمة لعمل ما ضد ذلك الشخص».
ويقول الرئيس ناصر:" هذا هو أبو نضال كما عرفته وسمعت وقرأت عنه من أصدقائه وأعدائه، وقد انطوت أسطورته وأسراره مع الرصاصات التي اخترقته في بغداد!
كارلوس... إرهابي أم ثوري تراجيدي؟!
ويواصل الرئيس ناصر بقوله :" كارلوس مناضل عالمي من أصل فنزويلي ولد في 12 تشرين الأول/أكتوبر من عام 1949م، وبث الرعب في أوساط أجهزة الأمن الغربية نظراً لارتباطه وتحالفه مع العديد من الحركات الثورية المتطرفة في عدائها للإمبريالية والاستعمار، كالألوية الحمراء، وجماعة بايدر-ماينهوف، والجيش الأحمر الياباني، وجيش تحرير الشعب التركي،. أما في المنطقة العربية، فكانت علاقاته قوية أساساً مع أجنحة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، جماعة وديع حداد ومع نفسه لاحقاً.
ولد كارلوس واسمه الحقيقي (إيليتش راميريز سانشيز) في كاراكاس عاصمة فنزويلا من أسرة شيوعية. وهو ابن لمحامٍ ثري يدعى التاغراسيا راميريز انشقّ عن الحزب الشيوعي الفنزويلي دون أن يتنكر لمبادئ الماركسية اللينينية، وقد سمّى أولاده الثلاثة إيليتش، وفلاديمير، ولينين، تيمناً بقائد الثورة البلشفية الروسية. انضمّ إيليتش إلى الحزب الشيوعي عام 1964م، ولما بلغ الخامسة عشرة من عمره أنهى دراسته الثانوية عام 1966م، وأخذ يجول في بعض بلدان أميركا اللاتينية، جزر الكاريبي والمكسيك. عاد بعد ذلك إلى فنزويلا حيث شارك في الحركة الطالبية الجامعية ضد النظام القائم، ثم سافر إلى لندن حيث كانت تقيم والدته. وفي عام 1968م، التحق بجامعة باتريس لومومبا في موسكو حيث تعرف لأول مرة إلى القضية الفلسطينية التي قُدِّر لها فيما بعد أن تستحوذ على معظم نشاطاته السياسية اللاحقة. أُبعد عام 1970م عن موسكو بسبب سلوكه الفوضوي وعدائه للسوفيات، بعد ذلك تعرف كارلوس إلى (محمد بوضيا) الشاب الثوري الجزائري الذي انخرط في صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وهكذا نشأت علاقة حميمة بين كارلوس ومحمد بوضيا، وأعجب كارلوس بأفكار بوضيا واتجاهاته وخصوصاً أنه يشاطره الأفكار والرأي نفسيهما. وانضم كارلوس إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وعمل تحت إمرة الدكتور وديع حداد في العمليات الخارجية. وشارك في أحداث أيلول الأسود 1970م في الأردن، وجرح أثناءها. وبعد خروج المقاومة من عَمّان سافر إلى أوروبا حيث استقر بشكل رئيس في باريس بصفته عضواً قيادياً ناشطاً في الجبهة الشعبية، قسم العمليات الخارجية، في وقت كانت المخابرات الإسرائيلية تقوم فيه بحملة تصفية لرموز المقاومة الفلسطينية. نسب إليه القيام بعدة عمليات ضد المؤسسات الصهيونية أو المتعاملة مع إسرائيل في أوروبا: محاولة اغتيال أحد أصحاب مخازن ماركس أند سبنسر في لندن في كانون الأول/ديسمبر1973، إلقاء متفجرات على بنك صهيوني في لندن أيضاً في مطلع 1974م، المشاركة في نسف ثلاث صحف فرنسية صهيونية هي: «مينيتا والأورور والأرش» في 3 آب/أغسطس 1974 بوساطة سيارة ملغومة، الإشراف على احتلال سفارة فرنسا في لاهاي يوم 13 أيلول/سبتمبر 1974 بهدف الضغط على فرنسا لتحرير مناضلين يابانيين من الجيش الأحمر الياباني، وعندما أخذت المفاوضات تطول، عمد كارلوس إلى إلقاء المتفجرات على مقهى الدراغستور في حيّ سان جرمان يوم 15 أيلول/سبتمبر 1974م، ما دفع الحكومة الفرنسية إلى الإفراج عن اليابانيين المعتقلين.
محاولة الاغتيال الثانية
تطرق االرئيس علي ناصر الرئيس الاسبق في حديثه السابق إلى قضية اغتياله من قبل ابو نضال الفلسطيني وواحد من جهاز امن الدولة بدولة عدن ..واليوم يكشف لنا مسالة قضية كاروس ومحاولة اغتياله الثانية ..وقال الرئيس ناصر مستدركا في حديثه :" وفي شهر كانون الأول/ديسمبر 1975م كان وزراء نفط أوبيك مجتمعين في فيينا حين وقع الهجوم الذي هزّ العالم حيث قاد كارلوس بنفسه عملية خطف وزراء نفط الأوبيك التي انتهت بالإفراج عن الوزراء في الجزائر بعد أن هدد الرئيس بومدين بضرورة الإفراج عنهم، وإن أي محاولة لاغتيال أحمد زكي اليماني وزير النفط السعودي أو غيره، ستؤدي إلى مقتل كارلوس ومن معه، وجرت العملية بسلام في مطار الجزائر بعد الجهود التي قام بها عبد العزيز بو تفليقة وزير الخارجية الجزائري مع الخاطفين، وعلى رأسهم كارلوس وأنيس النقاش. كان اليماني قد كتب وصيته في عشرين دقيقة ظهر يوم الاختطاف في فيينا، بعد أن هدده كارلوس بالموت، وانتهت العملية بقتل ثلاثة أشخاص والإفراج عن الوزراء مقابل مبلغ 20 مليون دولار اقترحه بوتفليقة لدعم الثورة، ما أدى إلى خلاف بين الخاطفين وبين كارلوس والدكتور وديع حداد. وفي عام 1976م قررت الجبهة الشعبية إيقاف عملياتها الخارجية، فانفصل كارلوس عنها واختفت بذلك آثاره، رغم أنه ظلّ يتنقل في بعض العواصم العربية بعد أن أصبح اسمه شبه أسطورة «مرعبة» للبلدان الغربية ولإسرائيل. هكذا ارتبط اسم كارلوس بالإرهاب الدولي، وأصبح العديد من مخابرات العالم تبحث عنه وتطارده، خصوصاً بعد عملية فيينا، وكان مجرد ذكر اسمه يثير الرعب، ويستنفر أجهزة المخابرات في أكثر من مكان.
وبحكم أن اليمن الديمقراطية كانت تساعد حركات التحرر الوطنية العربية والعالمية، وخصوصاً المنظمات الفلسطينية من موقع التأييد والدعم لقضيتهم والعداء للإمبريالية والصهيونية، فقد وجد كارلوس طريقه إلى عدن عبر هذه النافذة الفلسطينية التي ارتبط بها ونذر حياته ونضاله في سبيلها، وتحديداً عبر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والدكتور وديع حداد.
كارلوس يتردد على عدن
ويواصل الرئيس علي ناصر حديثه ويقول :" ليست لدي تفاصيل حول أول زيارة قام بها كارلوس لعدن، لكنه منذ بداية السبعينيات وحتى نهاية الثمانينيات كان يتردد إليها. واستطاع خلال هذه السنوات إقامة علاقات وثيقة مع أجهزة الأمن في عدن، وفيما بعد طور علاقته مع الأجهزة الاستخبارية في صنعاء. واتخذ من عدن منطلقاً لتحركاته، وفي منطقة (حلين) التي تقع إلى الشمال من مدينة جعار في محافظة أبين أنشأ مركزاً سرياً لتدريبات عناصره، حيث أقيم معسكر تدريب لهذا الغرض بعيداً عن أنظار أجهزة المخابرات المعادية. ومن هذا المعسكر أخذ عناصره ينتشرون إلى مختلف بلدان العالم لتنفيذ عملياتهم ومهماتهم الفدائية، مزودين بأسماء وجوازات سفر يمنية. وكان الاسم المستعار لكارلوس نفسه هو (سالم، برغم أن شكله ولونه وشخصيته لا تنسجم مع هذا الاسم. لكن كان لدى كارلوس، كما هو معروف قدرة فائقة على التنكر وتضليل أعدائه، بحيث لا يكتشفون شخصيته الحقيقية.
كانت مثل هذه الجوازات تمنح للعديد من قيادات المنظمات الفلسطينية والعربية وعناصرها، التي اتخذت من عدن مركزاً لها في ذروة النضال ضد الإمبريالية والصهيونية، وفي سني الحرب الباردة بين المعسكرين.
كارلوس واغتيال الرئيس ناصر !
ويكمل الرئيس ناصر قائلا:" بعد عام 1980م، وبعد أن توليت رئاسة الدولة في نيسان/أبريل عقب استقالة عبد الفتاح إسماعيل، اتخذنا قراراً بإغلاق كل المعسكرات الخاصة بتدريب الاجانب، سواء ذلك الذي كان يدرب فيه كارلوس عناصره، أو تلك التي كانت تابعة للجماعة التي كان يطلق عليها في ذلك الحين (جماعة أبو محمد)، وأعطينا عناصر المجموعتين حرية الخيار بين البقاء أو المغادرة إلى الخارج.
نقل كارلوس نشاطه ومعسكراته إلى خارج اليمن الديمقراطية كما فعل الآخرون، وتحديداً إلى لبنان وبعض البلدان العربية الأخرى، كما أكد لي ذلك كارلوس فيما بعد (سأتطرق إلى ظروف تعرفي إليه بعد قليل) حيث كشف لي عن علاقاته بالقيادة الليبية، والجزائرية، والعراقية وخصوصاً مع المسؤول عن الأمن برزان التكريتي، الأخ غير الشقيق للرئيس العراقي صدام حسين، ومع القيادة في الجزائر وفي سورية، حيث كان ينتقل متنكراً بين دمشق والبقاع والأردن والسودان وألمانيا والمجر وبلدان أخرى.
الرفاق ..وتصفية الرئيس ناصر
واستطرد الرئيس ناصر وقال :" بعد أحداث كانون الثاني/يناير 1986م وخروجي من السلطة، استأنف كارلوس علاقاته مع المسؤولين الجدد في عدن، الذين طلبوا منه أن يغتالني، وهو ما طلبوه أيضاً من أبو نضال. وقد حاولوا إقناعه بأن قرار إغلاق معسكره في اليمن الديمقراطية اتخذته أنا حينذاك بضغط من إحدى الدول العربية. ورغم أننا أغلقنا المعسكرات، لكننا لم نقطع علاقاتنا بحركات التحرر، ولا حتى بجماعات الجبهة الشعبية ووديع حداد، حرصاً على مصالح الثورة الفلسطينية من حيث استمرار دعمنا لهم سياسياً ومالياً ومعنوياً، إضافة إلى المنح الدراسية التي كان يحصل عليها الفلسطينيون في عدن، وكذلك لم نسترجع منهم المنازل التي منحت لهم أو جوازات السفر كما فعل البعض.
بعد أن طلبوا من كارلوس أن يغتالني، حددوا له ثلاثة خيارات ليختار أحدها لعملية التنفيذ: إما بالرصاص، وإما عبر دسّ السُّم في الطعام، وإما عبر دسّ السُّم لي في «القات». عرفت هذه المعلومات من الرئيس علي عبد الله صالح شخصياً الذي أبلغني إياها، وطلب مني التحري عنها والتيقن بصحتها، حيث كُلِّفتُ أحد ضباط الأمن الخارجي الذي كان على علاقة سابقة به لتحري الموضوع، وذلك بالاتفاق مع الرئيس ورئيس الأمن السياسي غالب القمش، حيث أُوفِد إلى دمشق... وبعد سلسلة من اللقاءات التي أجراها معه اعترف له كارلوس بتفاصيل الخطة التي وضعت في عدن.
فشل عملية كارلوس في اغتيال ناصر
ويقول الرئيس علي ناصر في حديثه :" من ناحية أخرى، وجّه جهاز الأمن السوري الذي علم بما جرى في عدن بين كارلوس والمسؤولين تحذيراً صريحاً إلى كارلوس، مفاده (أن أمن الرئيس علي ناصر هو من أمن سورية)، وكان من الصعب على كارلوس ألّا يأخذ تحذيراً كهذا على محمل الجد، كذلك كان يصعب عليه أو على سواه القيام بعملية اغتيال على الأرض السورية، لأنهم ما كانوا ليسمحوا بأية محاولة تمسّ أمن بلادهم أو أمن ضيوفها. وبعد إقامتي في دمشق عام 1986م وُجِّهَ إنذار إلى سفير اليمن الجنوبي آنذاك بعدم القيام بأيّ عمل ضدي وحتى المرور في الشارع الذي كنت أسكن فيه في حيّ المزة: الفيلات الغربية. ومن المعروف أنه منذ أن تحمّل الرئيس السوري حافظ الأسد قيادة البلاد عام 1970م، لم تجرِ أية محاولة اغتيال أو اختطاف من هذا النوع. كذلك إنّ آخر محاولة اغتيال سياسي في سورية كانت تلك التي ذهب ضحيتها عدنان المالكي رئيس أركان الجيش السوري في عام 1954م.
قصة الرئيس صالح مع كارلوس
ويتابع الرئيس ناصر حديثه :" بعد الحصول على هذه المعلومات التي جاء بها مندوبنا من كارلوس شخصياً بعد تحذيري من قبل الرئيس علي عبد الله صالح منها، اتفقنا على أن ألتقيه. في اللقاء الأول اعترف لي كارلوس بأن المسؤولين في عدن فاتحوه فعلاً بفكرة اغتيالي. وكشف لي عن أن الساحات بدأت تضيق أمامه، سواء في المنطقة العربية، أو في المعسكر الاشتراكي الذي كان يُحتَضر في انتظار النهاية التي لم تتأخر كثيراً! وأبدى رغبته في زيارة صنعاء، واللقاء مع المسؤولين هناك، بهدف الحصول على جوازات سفر يمنية له ولبعض عناصره. وفعلاً زارها والتقى الرئيس علي عبد الله صالح وغالب القمش في دار الرئاسة، وجرى اتفاق بينهما على أمور كثيرة وخطيرة لم يحن الوقت للحديث عنها. عرفت بذلك من أحد المقربين للطرفين عندما اختلفوا بشأن المبالغ الباقية التي اتُّفق عليها مع الرئيس ومسؤول الأمن السياسي غالب القمش بشأن تصفية خصوم الرئيس في الداخل والخارج. وعلمت فيما بعد أنه مُنع من دخول اليمن وأُعيد من المطار. وأكد لي صديقنا المشترك في لقائه الأخير معه أنه كان منزعجاً ومتوتراً جداً بسبب وضعه المضطرب والصعوبات المالية التي يمرّ بها. وقال له إن الصديق هو مَن يكون في وقت الضيق، وأخرج من جيبه ثلاثة جوازات سفر دبلوماسية عراقية خضراء، وقال له إن برزان التكريتي أرسلها إليه، طالباً منه الوصول إلى بغداد، وإنه وعده بتقديم كل أشكال الدعم له. لكنه حسبما قال له رفض هذا العرض، وقال له: «لا أريد أن أكسب العراق وأخسر سورية مهما كان الثمن الذي يمكن أن تقدمه إليّ بغداد في الظرف الصعب الذي أمر به». وطلب منه أن يبلغني بذلك، ولكنني لم أعلق على العرض الذي تلقاه من بغداد، ولا على خياراته وتحركاته وعلاقاته، إذ اعتبرت أن ذلك شأنه وحده. كان آنذاك كالغريق الذي يحاول أن يتمسك بأية قشة بعد أن وجد كل الأبواب أمامه مغلقة، وتخلى عنه حتى أولئك الذين قدم خدماته إليهم من موقع إيمانه بالقضية الفلسطينية وعدالتها وعدالة القضايا التي نذر نفسه لها مهما كانت الوسائل التي اتبعها غير مقبولة، خصوصاً تلك التي ذهب ضحيتها مدنيون أبرياء.
علاقة كارلوس رئيس الوزراء الباكستاني
ويستدرك الرئيس ناصر في حديثه ويقول:" لم تكن صورته بعيدة عن تصوراتي عنه، إذ كانت لدي الكثير من المعلومات عنه، وعن شخصيته، ومواقفه قبل أن ألتقيه. ولم أجده يختلف كثيراً عن الصورة التي كانت في ذهني. فهو رجل ربعة، أميل إلى القصر، غير بدين، ذكي جداً، شجاع وجريء، متواضع وطيب، وهو رجل متماسك، يدرس خطواته بتأنٍّ، وكان متزوجاً وله ابنة واحدة. وزوجته طاهية ممتازة تجيد طهو كل أنواع الطعام الفنزويلي، ويحب أن يطهو بعض الأصناف لضيوفه بنفسه، وكان يمازح زوجته أمامي وأمام السيدة نصرت بوتو وابنها مرتضى ويقول إن طهوه أفضل من طهو زوجته!
ومضى يقول :"كان كارلوس على ارتباط وصلة صداقة حميمة بأسرة رئيس الوزراء الباكستاني الأسبق ذو الفقار علي بوتو، ويحب ابنه مرتضى بصفة خاصة، ويعامله كأنه ابنه. وكان في مرتضى هذا بعض الصفات من كارلوس، ولهذا ربما كان يوليه عناية خاصة، فهو يشبهه في عدة أمور، مثل الكرم والشجاعة إلى حدِّ التهور، وربما هذه الصفة الأخيرة هي التي أودت بحياته في كراتشي... وكان كارلوس على صلة وثيقة بالسيدة نصرت بوتو، وابنتها بنازير، ويعطف كثيراً على أسرة بوتو، ويحقد بالقدر نفسه على رئيس الوزراء الباكستاني السابق الجنرال ضياء الحق بسبب إعدامه والدهم الزعيم علي بوتو... وعايش كارلوس عن قرب تجربة زواج مرتضى بوتو بالسيدة اللبنانية (غنوة).
محاكمة كارلوس والسجن في باريس
وتطرق الرئيس ناصر وقال :" قبل أن أختم موضوعي عن كارلوس، لا بد لي من التساؤل، بعد أن انتهت أسطورة الرجل الذي أرهق مخابرات العالم، وأذهلها بجرأة عملياته ودقتها، وانتهى به الأمر إلى المحاكمة والسجن في باريس، أكان كارلوس إرهابياً خطراً، أم أنه بطل أسطوري ضلّ طريقه، رغم إيمانه بنبل القضية التي نذر حياته لها؟!
كان الرجل ثورياً، ولكن على طريقته، في زمن لم يعد فيه للثوريين مكان، بعد أن تبوأ العديد من الثوار السابقين السلطة، أو تخلوا عنها في مقابل المال، أو تعبوا من النضال وتصالحوا مع أنظمتهم السابقة، حيث جرى تسليمه في صفقة غامضة بين باريس والخرطوم في 14 آب/أغسطس 1994 بعد عقدين من المطاردة والملاحقة من قبل أجهزة الاستخبارات الأوروبية والأميركية والإسرائيلية!!!
كانت نهايته التراجيدية متوقعة بعد أن انهار الاتحاد السوفياتي والمنظومة الاشتراكية، وبعد أن سقط خيار الكفاح المسلح في فلسطين وأصبح السلام خيار العرب الاستراتيجي كما كان يردد بعض الزعماء العرب، ومنهم ياسر عرفات الذي كان يتكلم عن سلام الشجعان.
(للحديث بقية)
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: الرئیس علی ناصر محاولة اغتیال الرئیس ناصر ل الرئیس التی کان الذی کان فی حدیثه بعد أن من قبل فی عدن فی عام
إقرأ أيضاً:
الرئيس علي ناصر محمد يترأس مؤتمر “لا للتهجير.. لا لتصفية القضية
شمسان بوست / القاهرة:
ترأس الرئيس علي ناصر محمد، رئيس مجموعة السلام العربي، مؤتمر “لا للتهجير.. لا لتصفية القضية الفلسطينية”، الذي نظمته النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر، برئاسة الشاعر والمفكر الكبير الدكتور علاء عبد الهادي، الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب العرب ورئيس مجلس إدارة النقابة، بالتعاون مع لجنة الحريات بالنقابة برئاسة الشاعر مصباح المهدي.
وتحدث خلال الجلسة الافتتاحية كل من:
* الرئيس علي ناصر محمد، رئيس مجموعة السلام العربي.
* الدكتور علاء عبد الهادي، الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب العرب.
* الشاعر مصباح المهدي، رئيس لجنة الحريات بالنقابة وأمين عام المؤتمر.
* ناجي الناجي، المستشار الثقافي بالسفارة الفلسطينية.
* السيدة مريم الصادق، وزيرة خارجية السودان الأسبق عضو مجموعة السلام العربي.
* السيد أحمد قذاف الدم.
* الأستاذ صلاح عدلي، الأمين العام للحزب الشيوعي المصري.
* المهندس أحمد بهاء الدين شعبان، الأمين العام للحزب الاشتراكي المصري.
* الأستاذ مدحت الزاهد، رئيس الحركة المدنية الديمقراطية ورئيس حزب التحالف الشعبي.
* المناضلة مريم أبو دقة، ممثلة عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
* المناضلة فائقة علوي السيد، الأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام اليمني.
* علي عبد الكريم، الأمين العام المساعد الأسبق لجامعة الدول العربية.
* المناضل علي عبد الله الضالعي، ممثل الحزب الناصري اليمني.
وقد حضر المؤتمر عدد من الشخصيات السياسية، إلى جانب عدد من الشخصيات اليمنية والفلسطينية والمصرية والعربية.
كلمة الرئيس علي ناصر محمد:
أيّتها السيدات، أيّها السادة، أيّها الحضور الكريم،
يسرّني أن أخاطبكم من أرض الكنانة مصر التاريخ والحضارة، ومن هذا الموقع المهم، والذي سبق أن التقينا في رحابه أكثر من مرّة، لما تمثّله النقابة العامة لاتحاد كتّاب مصر من قيمة ثقافية وفكرية وطنية وعروبية.
فلسطين مهبط الرسالات السماوية “وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة”، ولفلسطين السلام المستحق والعدالة المغيَّبة من قوى تسعى لحرمان شعبها من حقه المقدس في البقاء بوطنه، في مخطط تطهير عرقي بدأته إسرائيل في عام النكبة الأولى، التي يريد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن يُتبعها بنكبة ثانية أشد وأمرّ في الألفية الثالثة، بإخراج الفلسطيني من وطنه إلى شتات جديد، طمعًا في ثروات غزة النفطية والغازية الواعدة، وتحويل بحر غزة إلى مشروع سياحي سمّاه “ريفييرا الشرق الأوسط”.
الشعب الفلسطيني ليس مهاجرًا غير شرعي ليتم ترحيله من أرضه وتهجيره إلى أماكن أخرى، بل هو صاحب الحق والأرض.
فلسطين ليست للبيع …
المنازل التي دمرتها إسرائيل ليست سوى شاهد على عدوانها المستمر، وسيعيد الفلسطينيون بناءها كما فعلوا مرارًا بعد الهجمات الإسرائيلية الوحشية. الجميع يعلم أن غالبية سكان غزة هم لاجئون هُجِّروا من ديارهم جراء عمليات التطهير العرقي التي نفذتها القوات الصهيونية خلال نكبة 1948 ونكسة 1967 وحتى اليوم. وإن كان هناك حديث عن إخراجهم من غزة، فالمطلب العادل والشرعي هو عودتهم إلى منازلهم وبساتينهم في حيفا ويافا وعكا وسائر المدن والقرى التي أُجبروا على مغادرتها بقوة السلاح.
نلتقي اليوم في أرض الكنانة، أرض التصدي للتطهير العرقي والتوطين القسري في سيناء، وهنا من حق مصر والأردن علينا تحيتهما ودعم موقفهما القومي، وهو ما ينبغي وجوبًا أن تفعله كافة الدول العربية والإسلامية وكل الدول الإفريقية ودول أمريكا الجنوبية التي تصوت في الأمم المتحدة لصالح استقلال وحرية شعب فلسطين.
تاريخيًا، لم تبخل مصر، حكوماتٍ وشعبًا وأحزابًا ونقاباتٍ، بتقديم كافة أشكال الدعم والمساندة للقضية الفلسطينية.
فعندما تنهض مصر تنهض الأمة العربية من المحيط إلى الخليج.
السيدات والسادة،
القضية الفلسطينية تواجه اليوم أخطر مراحلها بسبب التواطؤ الأمريكي مع إسرائيل، حيث تسعى إدارة ترامب إلى إعادة تشكيل خريطة المنطقة وفق رؤية نتنياهو، الذي يشنّ حربًا على عدة جبهات لتحقيق مشروعه التوسعي.
ترامب لا يعترف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، ويتجاهل القوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة، بما في ذلك قرار مجلس الأمن 2334 لعام 2016، الذي طالب إسرائيل بوقف الاستيطان. واليوم، يرمي بهذه القرارات عرض الحائط، مصرًّا على تصفية القضية الفلسطينية بالتطهير العرقي.
إننا أمام منعطف حاسم وخطير في مسار القضية الفلسطينية، وعلى أمتنا العربية والإسلامية، ومعها كل الشعوب المؤيدة للحرية، الوقوف ضد حملات التطهير العرقي وتصفية القضية الفلسطينية.
وبهذه المناسبة، فإننا ندعو القوى الوطنية الفلسطينية، وجميع الفصائل المنضوية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، إلى تجاوز خلافاتها وبذل أقصى ما يمكن من التفاهم والتعاون لتحقيق الوحدة الوطنية، واتّخاذ موقف موحّد إزاء ما يحدث، وقد بذلنا في إطار مجموعة السلام العربي، جهودًا مع جميع القوى الفلسطينية بهدف تحقيق مصالحة وطنية، بوضع المصالح العليا فوق كلّ اعتبار.
الحضور الكرام،
احتل الكيان الصهيوني أراضي عربية إضافية في سوريا ولبنان، ويريد ابتلاع غزة بمساعدة أمريكية، لم يُخفِ الرئيس ترامب دعمه لتوسيع حدود الكيان لتحقيق الحلم الصهيوني بإقامة الدولة الصهيونية “من النيل إلى الفرات” حسب مخرجات المؤتمر الصهيوني الأول في بازل عام 1897 بقيادة تيودور هرتزل.
غدًا، أيها السيدات والسادة، سيحل الدور على الضفة الغربية، حيث قال ترامب إنه بعد أربعة أسابيع سيتخذ قرارًا بضمها من عدمه إلى دولة الاحتلال.
إن هذا الخطر المزدوج يحتم على كل الفصائل الفلسطينية أن تحترم شعبها، وتنحي خلافاتها جانبًا، وتتصدى موحدةً للخطر الهادف إلى تصفية قضية فلسطين.
لقد أضحى التطهير العرقي سياسة أمريكية، وليس مجرد أمنيات صهيونية، وعلينا التفكير الجاد في الحفاظ على مصالحنا ووجودنا وكرامتنا المستهدفة أيضًا.
وندعو القادة العرب إلى عقد قمة عربية طارئة في جامعة الدول العربية، بيت العرب، لاتخاذ موقف موحد ضد حرب الإبادة والتدمير والتهجير القسري لشعبٍ من وطنه وأرضه ومقدساته.
*ختامًا،*
تحية لمصر والأردن لرفضهما تصفية القضية الفلسطينية، وتحية للمملكة العربية السعودية لتمسكها بعدم التطبيع قبل قيام دولة فلسطينية مستقلة، وتحية للمقاومة الفلسطينية واللبنانية، وتحية لكل دول العالم التي رفضت هذا التهجير القسري، فلا استقرار ولا سلام في الشرق الأوسط، بل في العالم، إلا بقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.
من جانبه، أكد الدكتور علاء عبد الهادي، الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب العرب ورئيس مجلس إدارة النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر، في كلمته وأهم ما جاء فيها:
إن الثقافة المحملة بوعيها التاريخي هي أصلب القوى برغم نعومتها، لأنها قادرةٌ على تحريك القوى الخشنة جميعًا. وبعد الجدل والتحليل والتأويل، هناك ثقافتان: ثقافةُ الاستسلام للواقع، وهي ثقافة تحاصر الحلم وتصادر البصر والبصيرة، وثقافة المقاومة التي تؤمن بممكن جديد وآخر، ونحن مع ثقافة المقاومة.
وأكد الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب العرب أن المقاومة الفلسطينية أصبحت فكرةً للإنسانية جمعاء، ورمزَ كلِّ نبيلٍ وطريقَ كلِّ صادق. وفي هذا السياق، ومن خلال نسيجنا العربي الواحد، يظل الحفاظُ على ثوابتِ الضمير الثقافي العربي مِهادًا لأي انتماء، وفي مقدَمَةِ هذه الثوابت الثابتُ الفلسطيني، ذلك لأن القضيةَ الفلسطينية، وبعيدًا عن أية أيديولوجيات، هي قضيةٌ إنسانية في جوهرها، تعبر عن نضال شعب استُلبت أراضيه ومقدراتُه، ودُنّست مقدساتُه ومساجدُه وكنائسُه اعتداءً وتدميرًا وقصفًا، وقُتّلَت أطفالُه ونساؤُه، بل إنها جرح غائرٌ في وجه التاريخ الإنساني لا براء منه، وهي المحك الذي أسقط أية مصداقية مدعاة للأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان وما نسميه سياسات الدول الكبرى، كي تعلوَ مصداقيةٌ إنسانيةٌ أخرى لم نكن نتوقعُها، هي مصداقيةُ الشعوبِ.
مئاتُ الملايين في أنحاء العالم كافة خرجوا في مظاهرات لم تكن من أجل القضية الفلسطينية فحسب، بل كانت في أساسها مع القضية الإنسانية لهذا الشعب البطل.
كما قال ناجي الناجي، المستشار الإعلامي للسفارة الفلسطينية بالقاهرة، في كلمته خلال المؤتمر:
إن مصر ستظل هي السند للشعب الفلسطيني، وهي الداعم الكبير للقضية الفلسطينية منذ عشرات السنين.
وشدد المستشار الناجي على الرفض القاطع لتهجير الشعب الفلسطيني إلى مصر أو الأردن أو السعودية، مشيرًا إلى أن الشعب الفلسطيني سيظل في أرضه ما بقي الزعتر والزيتون.
وأكد الناجي شكره للنقابة العامة لاتحاد كتاب مصر وللأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب العرب، الدكتور علاء عبد الهادي، الذي يفتح النقابة لكل الفعاليات الداعمة لصمود الشعب الفلسطيني.
كما أكدت في كلمتها الدكتورة مريم الصادق، وزيرة خارجية السودان الأسبق:
إننا كعرب نرفض التهجير ونطالب بدعم الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة الحرجة من عمر هذه القضية، مشيرة إلى تقديم الشكر للحكومة المصرية على فتح معبر رفح وإدخال المساعدات للأشقاء في غزة، واستقبال الجرحى وعلاجهم في القاهرة.
وتحدث السيد أحمد قذاف الدم في كلمته عن:
ضرورة التصدي للمشروع الصهيوني والوقوف صفًا واحدًا ضد فكرة تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن بهدف إنهاء القضية الفلسطينية إلى غير رجعة.
كما ناشد اتحادات المجتمع المدني للوقوف صفًا واحدًا ضد المخططات الصهيونية التي تستهدف الشعب الفلسطيني ومقدساته.