أكد اقتصاديون ومراقبون أن ما تم الكشف عنه من قضايا فساد مجرد غيض من فيض، إذ يظهر أن هذه القضايا ليست سوى بعض الأمثلة الانتقائية لفساد ممنهج ومؤسسي، والذي تديره شبكة مصالح كبيرة تمتد على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية والقبلية، وأن هذه القضية تكشف عن منظومة فساد أوسع وأعمق تتلاعب بمقدرات الدولة وتستمر في تقويض جهود الاستقرار والتنمية.

وأشاروا إلى أن قضايا الفساد في الحكومة اليمنية ليست مجرد تصرفات فردية أو أخطاء محدودة في الأفراد، بل هي نتيجة لمنظومة معقدة تعمل بتنسيق تام بين مجموعة من مراكز القوى التي تتمتع بنفوذ قوي داخل الدولة.

ولفتوا إلى أن مراكز قوى الفساد تتمثل في شخصيات سياسية، الحكومة والسلطات المحلية تمثل جزءًا من الشبكة التي تدير هذه الممارسات الفاسدة، بحيث يستخدم هؤلاء الأفراد مناصبهم لتنفيذ مشروعات وصفقات مشبوهة تستنزف موارد الدولة لصالحهم أو لصالح حلفائهم، مؤكدين أن يتساءل عن من استأثر بالمناصب في مفاصل الدولة خلال العشر السنوات الماضية وكون شبكة الفساد العميقة.

إضافة إلى قيادات تسيطر على المؤسسة العسكرية والأمنية والذين باتوا يشكلون جزءًا من المنظومة الفاسدة، حيث يتم الاستفادة من المناصب لتوجيه الموارد الحكومية لصالحهم أو لصالح جماعاتهم، وإلى جانبهم تتداخل مجموعة من رجال الأعمال والمستثمرين المرتبطين بشبكات قبلية ونفوذ محلي، يعمدون إلى الحصول على امتيازات مالية أو مشروعات حكومية بالاستناد إلى علاقاتهم بالسلطة والنفوذ.

وأكد المراقبون أن ما كشفه الجهاز المركزي للرقابة من عشرين قضية فساد يعكس جزءًا فقط من حجم الفساد المستشري في الدولة، ومن خلال ما أُعلن، يمكن الاستنتاج أن هذه القضايا تم اختيارها بشكل انتقائي في إطار حملات إعلامية أو سياسية، في حين أن هناك العديد من القضايا الأخرى التي لم يتم الكشف عنها بعد، كما أكدوا أن هناك فسادًا أكبر من حيث المبالغ والأثر الكارثي على مستقبل الشرعية لم يتم تسليط الضوء عليه بعد.

وتوقعوا أن هناك ملفات ضخمة تحتوي على قضايا فساد تتعلق بعقود مشبوهة، ونهب أموال المساعدات الإنسانية، وتلاعب في إدارة الموارد النفطية والغازية، فضلاً عن استغلال الأزمة الحالية لتأمين مصالح شخصية على حساب الشعب اليمني، لافتين إلى أن كل هذه الملفات قد تظل طي الكتمان ما لم تتوافر الإرادة السياسية الكافية والمكافحة الجادة لهذه الظاهرة.

وأشاروا إلى أنه على الرغم من وجود أجهزة رقابية مثل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، فإن الحقيقة هي أن أدوات الرقابة والمحاسبة والمساءلة قد تم تهميشها أو تغييبها بشكل كبير، في ظل هيمنة شبكة المصالح، يتم تقليص دور المؤسسات الرقابية إلى مجرد إحصائيات تُستخدم لأغراض إعلامية أو سياسية، دون وجود إرادة حقيقية للحد من الفساد.

وأكدوا أن غياب الشفافية، وتغييب مؤسسات الرقابة، ساهم في تكريس هذه الظاهرة، ومن جانب آخر، أسهمت آلة إعلامية تمتلكها شبكة الفساد في ترويج أخبار مغلوطة والتغطية على الفساد، مما جعل الرأي العام في حالة من اللامبالاة أو التصديق بأن الأمور تحت السيطرة. وبتواطؤ بين الأجهزة الإعلامية وقطاعات فاسدة داخل الحكومة، يتم تقويض أي محاولة حقيقية لإجراء إصلاحات جادة في القطاع العام.

المصدر: وكالة خبر للأنباء

كلمات دلالية: إلى أن فساد ا

إقرأ أيضاً:

اليمن.. فضائح فساد تثير تساؤلات حول مصير موارد السلطات المحلية وكيفية صرفها

كشف تقرير النائب العام المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، واستند إلى فحوى تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وبلاغات أخرى بوقائع وجرائم فساد عن فضائح فساد مهولة في السلطات المحلية في المناطق المحررة تعكس حجم الفوضى والعبث بالوظيفة العامة والمال العام.

وبحسب تقرير النائب العام فإن محافظاً سابقاً يرفض المثول أمام القضاء، رغم تجميد نحو 27 مليار ريال من أرصدته في البنوك، فيما يواجه اتهامات بمواصلة المماطلة في توريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة إلى خزينة الدولة.

وتعد هذه الحادثة تطورًا جديدًا في مسلسل الفساد والإفلات من العقاب، كما تثير العديد من التساؤلات حول قدرة السلطات المحلية والمؤسسات القضائية على محاكمة المتورطين في قضايا فساد كبيرة، خاصة عندما يتعلق الأمر بشخصيات تمتلك سلطة ونفوذًا.

المبلغ الذي يعادل حوالي 13.5 مليون دولار أمريكي تم تجميده بناءً على قرارات قضائية بعد بلاغات من النيابة العامة بأن الأموال تتعلق بـممارسات فساد تشمل نهب المال العام والتلاعب بالموارد العامة خلال فترة توليه المنصب، الأمر الذي يعد دليلًا قاطعًا على حجم الانتهاكات المالية والنهب في الحكومة والسلطات المحلية في المحافظات.

ويشير رفض المحافظ المثول أمام القضاء إلى توافر دعم سياسي أو حماية معينة لهذا المسؤول، مما يعوق سير العدالة، كما يعكس أن الفساد صار متغولاً بقيادة هوامير فوق القضاء وأجهزة الضبط، ناهيك عن أنها محاولة لتفعيل عصابات النهب أدواتهم للتأثير على سير القضية أو التلاعب في الإجراءات القانونية لإطالة أمد المحاكمة أو عرقلة إتمام التحقيقات.

حجم الفساد المكشوف في قضية واحدة في محافظة المهرة يسلط الضوء على طبيعة الإدارة المالية في بقية المحافظات وخاصة المحافظات النفطية مثل مارب وحضرموت وشبوة.

ويؤكد خبراء ومراقبون اقتصاديون أن هذه القضية تعكس صورة مقلقة عن الفساد في إدارة الموارد الطبيعية في مأرب كواحدة من أكثر المناطق اليمنية حيوية من الناحية الاقتصادية.

ويشير الاقتصاديون إلى وجود سوء إدارة كبير لهذه الموارد، بالإضافة إلى تلاعب في عوائد المبيعات، مما يثير تساؤلات كبيرة حول كيفية تخصيص الإيرادات واستخدامها.

وأظهرت تحقيقات صحفية أن بعض المسؤولين في القطاع النفطي قد تلاعبوا في عقود بيع النفط أو في أسعار البيع، مما أدى إلى تقليل الإيرادات التي كانت من المفترض أن تذهب إلى خزينة الدولة.

كما تم التلاعب في الأسعار حيث تم إخفاء جزء من الإيرادات أو تحريف البيانات المالية، لصالح بعض الأطراف المستفيدة من هذا الفساد.

لا يتوقف الأمر عند التلاعب بحجم الموارد بل كيفية تخصيص هذه الموارد وصرفها، والتي يتم إخفاء بياناتها وتقاريرها.

كما تزايدت التساؤلات حول مصير موارد النفط والغاز، في حضرموت والتي تعد واحدة من أكبر المناطق المنتجة للنفط في اليمن، وكيفية إنفاقها، وصرفها وتخصيصها، مع الكشف عن أن شركة بترومسيلة التي تدير قطاعات النفط في حضرموت لم تورد منذ تأسيسها أي من عوائد تصدير النفط حيث تتحصل على 30 مليون دولار عن كل شحنة.

ويؤكد اقتصاديون أن اليمن يحتاج إلى إصلاحات شاملة في النظام الإداري والمالي على مستوى الحكومة والسلطات المحلية لتعزيز الشفافية والمساءلة، وتعزيز دور منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام في مراقبة الفساد وكشفه، كما يجب على الجهات الحكومية المحلية والدولية العمل بشكل مشترك لتحسين الإدارة المالية وضمان وصول الموارد إلى الفئات الأكثر احتياجًا.

وأشاروا إلى أن هذه القضايا تسلط الضوء على ضرورة إجراء إصلاحات حقيقية لمكافحة الفساد واستعادة الثقة بين المواطن والحكومة في ظل الأزمة الاقتصادية والإنسانية المستمرة في اليمن.

مقالات مشابهة

  • الجهاز المركزي للرقابة يكشف فساد واسع في شركة بترومسيلة
  • فساد بلا حدود.. عندما تتحول الشرعية إلى عبء على اليمنيين
  • اليمن.. فضائح فساد تثير تساؤلات حول مصير موارد السلطات المحلية وكيفية صرفها
  • أغوار الحكومة اليمنية.. منظومة متكاملة من الفساد والتهريب والصفقات المشبوهة
  • أكد دعم الرئاسي للحكومة.. حديث لـ أحمد عوض بن مبارك بعد ساعات على نشر تقارير بقضايا فساد كبيرة
  • الهيئة العامة للرقابة المالية والبنك المركزي يقرران غداً الثلاثاء إجازة
  • تقارير حكومية تكشف فساد في القنصليات ومصافي عدن والمنطقة الحرة
  • موظفون لصوص في سفارة اليمن بالقاهرة.. ماذا كشفت تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة؟
  • رئيس الوزراء يؤكد التزام الحكومة بمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية