سوريا والتحدي الجديد: العرب والأكراد والأتراك والإيرانيون حوار أو صراع
تاريخ النشر: 8th, January 2025 GMT
أدى السقوط السريع لنظام بشار الأسد إلى طرح تحديات كبيرة وجديدة على دور سوريا ومستقبلها في المرحلة المقبلة، في ظل التخوف من أن تؤدي الخلافات والصراعات الداخلية والخارجية إلى تحويل سوريا إلى ساحة جديدة من ساحات الحروب المستمرة كما هو الحال في بعض الدول العربية، ورغم أنه لا يمكن لأحد أن يحسم الأفق الذي ستسير عليه الأوضاع في المرحلة المقبلة، فإن الرهان الكبير لدى الكثيرين على أن تشكل التطورات السورية فرصة جديدة من أجل رسم مستقبل أفضل للمشرق وللعالم العربي والإسلامي، بدل أن تكون مدخلا لعودة الصراعات المذهبية والسياسية والإقليمية والدولية.
ومن الواضح أن العوامل المؤثرة في الداخل السوري كثيرة، ومنها عوامل داخلية ورؤية القوى الجديدة لمستقبل سوريا ودورها وكيفية تكوين السلطة الجديدة، ومنها العوامل الخارجية وكيفية تأثير القوى الإقليمية والدولية على الداخل السوري.
وفي ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها سوريا اليوم أعاد بعض الناشطين والمفكرين العرب إلى طرح الرؤية القديمة الجديدة والتي تدعو إلى إقامة حوار عربي- تركي- إيراني- كردي من أجل مواجهة التحديات التي تواجهها سوريا، والتمهيد لعودة التكامل العربي- التركي- الإيراني من أجل منع عودة الصراعات المذهبية والسياسية، ومن أجل التركيز على مواجهة الخطر الأساسي المتمثل بالعدو الإسرائيلي وبالدور الأمريكي الهادف لإقامة شرق أوسط جديد لخدمة المصالح الأمريكية والإسرائيلية وتصفية القضية الفلسطينية وتقسيم وتفتيت وتدمير الدول العربية والإسلامية.
العوامل المؤثرة في الداخل السوري كثيرة، ومنها عوامل داخلية ورؤية القوى الجديدة لمستقبل سوريا ودورها وكيفية تكوين السلطة الجديدة، ومنها العوامل الخارجية وكيفية تأثير القوى الإقليمية والدولية على الداخل السوري
ويستعيد هؤلاء المفكرون العرب المشروع الذي طرحه قبل عدة سنوات منتدى التكامل الإقليمي برئاسة المفكر العربي سعد محيو الذي يدعو إلى حوار عربي- تركي- إيراني- كردي والعودة إلى القيم المشرقية المشتركة والتي تستفيد من القيم الدينية والروحية والتجارب الانسانية المشرقية والعالمية. وينطلق هذا المشروع من خلال دراسات عديدة أعدها الأستاذ سعد محيو، وتؤكد أن كلفة الحروب والصراعات في المنطقة أدت إلى خسائر كبرى تصل إلى أكثر من ملايين مليارات الدولار وتدمير عدد من الدول العربية والإسلامية وسقوط ملايين الضحايا، وأن الخيار الوحيد لشعوب المنطقة هو الحوار وقيام دولة المواطنة والديمقراطية والإنسان والتكامل العربي- التركي- الإيراني، ومعالجة المشكلة الكردية من خلال قيام دولة المواطنة.
وقد تبنى هذه الرؤية في السنوات الماضية العديد من المفكرين العرب والإيرانيين والأتراك والأكراد وعدد من مراكز الدراسات والمنتديات العربية والتركية والإيرانية والكردية، وأقيمت عشرات المؤتمرات والندوات واللقاءات من أجل تنفيذ مشروع التكامل بين الدول المنطقة، لكن التطورات التي حصلت بعد معركة طوفان الأقصى والحرب على لبنان أدت إلى تراجع الاهتمام بهذا المشروع.
لكن التطورات المتسارعة في سوريا والدور الكبير الذي لعبته تركيا في التغييرات التي التي حصلت والخوف من أن تؤدي هذه التطورات إلى حصول صراع أو تنافس تركي- إيراني أو صراع بين السلطات الجديدة والأكراد، وكذلك تحويل سوريا إلى ساحة للصراعات الداخلية والإقليمية والدولية يجعل العودة إلى هذا المشروع مطلبا ملحّا، خصوصا أننا شهدنا مؤشرات إيجابية من خلال المواقف التي أعلنها زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان خلال لقائه مع وفد من حزب الشعوب الديمقراطية، وإشادته بالدور التركي ومواقف عدد من المسؤولين الأتراك والدعوة لفتح صفحة جديدة، كذلك لقاء رئيس الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع بوفد من قوات سوريا الديمقراطية من أجل البحث في مستقبل الأكراد في سوريا، يضاف إلى ذلك الاهتمام العربي والإيراني بالتطورات في سوريا والحرص العربي على الاستقرار الداخلي ودعم الحكومة الجديدة.
التطورات المتسارعة في سوريا والتي يمكن أن تنتقل إلى دول أخرى تتطلب الإسراع بإطلاق حوار عربي- تركي- كردي- إيراني؛ لأن هذا الحوار هو البديل عن الصراعات والحروب، ومن المهم إعطاء الفرصة للحكم الجديد في سوريا لتنظيم صفوفه وتقديم كل أشكال الدعم له بدل تحويل سوريا إلى ساحة لتصفية الحسابات ونشر الخلافات السياسية والمذهبية والطائفية
لكن الخوف الأكبر أن تؤدي الخلافات والصراعات حول مستقبل سوريا ودورها في المرحلة المقبلة إلى سبب لتحويل سوريا إلى ساحة جديدة للحروب المتنقلة، وأن تنتقل الصراعات إلى دول أخرى عربية وإسلامية.
من الواضح أن الوضع السوري الجديد دقيق جدا والتحديات الداخلية والخارجية كبيرة، ولا يمكن للإدارة الجديدة في سوريا أن تعالج كل المشكلات دفعة واحدة، خصوصا أن العدو الإسرائيلي استغل ما حصل من أجل السيطرة على المزيد من الأراضي السوري وتدمير القدرات العسكرية السورية، وهناك رهان لدى البعض لنقل المشكلة إلى دول أخرى وتحويل العالم العربي والإسلامي إلى ساحة صراع مجددا؛ يكون المستفيد الوحيد منها العدو الصهيوني المدعوم أمريكيا.
إن التطورات المتسارعة في سوريا والتي يمكن أن تنتقل إلى دول أخرى تتطلب الإسراع بإطلاق حوار عربي- تركي- كردي- إيراني؛ لأن هذا الحوار هو البديل عن الصراعات والحروب، ومن المهم إعطاء الفرصة للحكم الجديد في سوريا لتنظيم صفوفه وتقديم كل أشكال الدعم له بدل تحويل سوريا إلى ساحة لتصفية الحسابات ونشر الخلافات السياسية والمذهبية والطائفية.
فهل يمكن تحويل هذا الزلزال الكبير بعد سقوط نظام بشار الأسد إلى فرصة للتعاون والحوار العربي والإسلامي، أم أننا سنكون أمام حروب جديدة تدفع فيها الشعوب العربية والإسلامية المزيد من التضحيات والخسائر والدمار؟
x.com/kassirkassem
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه تحديات سوريا إيراني تركيا إيران سوريا تركيا اكراد تعاون مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الداخل السوری إلى دول أخرى حوار عربی فی سوریا من أجل
إقرأ أيضاً:
الفائز بـ”نوابغ العرب” عن فئة الاقتصاد : الجائزة تُذكّر بالإرث العلمي والفني للعالم العربي
أكد البروفيسور الجزائري ياسين ايت سحالية، أستاذ المالية والاقتصاد في جامعة برينستون والفائز بجائزة “نوابغ العرب” 2024 عن فئة الاقتصاد، أن هذه الجائزة توفر نماذج تُحتذى للشباب في المنطقة، كما أن مثل هذه الجوائز تُذكّر العالم بالإرث العلمي والفني العظيم للعالم العربي، معبراً عن أمله في أن تُسهم في تعزيز نهضته.
واعتبرها مبادرة متميزة كونها تعرض قصص النجاح في العلوم والفنون، مشيراً إلى أن الفوز بالجائزة والاعتراف بإنجازاته الأكاديمية يُمثل شرفًا كبيراً له على المستويين الشخصي والمهني.
وقال البروفيسور ياسين ايت سحالية في تصريح لوكالة أنباء الإمارات “وام”، إن اقتصاد دولة الإمارات نجح في تنويع مصادره بعيدًا عن النفط مع مساهمات كبيرة للسياحة والعقارات والخدمات اللوجستية والتجارة والخدمات المالية والتكنولوجيا.
وأضاف أن التركيز على الصناعات القائمة على المعرفة، والاستثمارات في البحث والتطوير لدعم الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة والتكنولوجيا الحيوية هي خطوات إستراتيجية ذكية للغاية من جانب دولة الإمارات لمواصلة تنميتها.
وأكد قوة وأثر التعليم في رفع مستوى شخص ما ومجتمعه، مشيرا إلى أنه لم يتوقع أن يكون جزءا من مجموعة من العلماء والفنانين المتميزين في مختلف التخصصات الذين تم تكريمهم هذا العام بجائزة “نوابغ العرب”.
وتطرق البروفيسور الفائز بالجائزة، تقديراً لإسهاماته في تطوير نظريات ومنهجيات تحليل الأسواق المالية والتخطيط الاقتصادي، إلى أبحاثه حول البيانات المالية عالية التردد، موضحًا طبيعتها وتأثيرها على الأسواق المالية.
وقال إن البيانات عالية التردد تشير إلى المعلومات المالية المسجلة خلال فترات زمنية قصيرة للغاية، مثل كل ثانية أو جزء من الألف من الثانية، والتي تلتقط الصفقات وتغيرات الأسعار في الوقت الفعلي.
وأضاف أنه ركز عمله على محاولة فهم هذا الفيض من البيانات باستخدام النماذج الرياضية، بهدف فهم تحركات الأسعار ومخاطر السوق والتقلبات الصغيرة التي تحدث في جزء من الألف من الثانية ولكن يمكن أن يكون لها تأثير كبير على الأسواق، ويمكن أن يساعد هذا المشاركين في السوق والجهات التنظيمية في اكتشاف سلوك السوق غير المعتاد أو المخاطر بشكل أسرع وأكثر دقة.
وأشار إلى أن العديد من الشركات المالية تعتمد إستراتيجيات التداول عالية التردد، التي أصبحت مصدرًا أساسيًا للسيولة في الأسواق.
وأوضح أن الصناعة المالية استثمرت بشكل كبير في البنية التحتية الحاسوبية لمعالجة وتحليل البيانات عالية التردد، بينما تستخدم الجهات التنظيمية هذه النماذج لمراقبة الأسواق واستقرارها، وحماية المستثمرين الصغار وضمان الشفافية.
وعن أبرز التحديات التي تواجه الأسواق المالية، أشار إلى تقلبات السوق وعدم اليقين الناتج عن التوترات الجيوسياسية وعدم الاستقرار الاقتصادي، إضافة إلى ظهور التمويل اللامركزي والعملات المشفرة كمصدر جديد للمخاطر على الأنظمة المالية التقليدية، بجانب التحديات التكنولوجية والمخاطر السيبرانية الناتجة عن أنظمة وخوارزميات التداول الرقمية.
وذكر أن بعض أبحاثه الأخيرة تهدف إلى معالجة هذه المخاطر من خلال تحليل إستراتيجيات شركات التداول عالية التردد وتقديم تنبؤات مستنيرة حول سلوكها المحتمل في مواقف السوق المختلفة.
وحول أفق وتطور القياس الاقتصادي المالي، أوضح أن هذا المجال يتبنى بشكل متزايد أدوات التعلم الآلي وعلوم البيانات، لافتاً إلى أن هذه الأساليب تتيح تحليل البيانات الكبيرة في بعدين يشملان تواتر الملاحظات، وعدد المتغيرات التي يتم تحليلها في وقت واحد.
ووجه البروفيسور سحالية نصيحة للشباب الباحثين في مجال المال والاقتصاد في العالم العربي، بأن يبدأوا بأساسيات الاقتصاد والتمويل والأساليب الرياضية، والتعرف على أساليب التعلم الآلي التي يتعاظم دورها في التمويل والاقتصاد، بجانب حضور المؤتمرات الدولية والندوات عبر الإنترنت وورش العمل للتواصل مع الباحثين الآخرين.وام