قاد قائد قوات الدعم السريع شبه العسكرية محمد حمدان دقلو (حميدتي)، الذي فرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات أمس الثلاثاء، قوات الجنجويد التي نشرت الرعب في إقليم دارفور قبل أن يصبح شريكا في حكم السودان ثم طرفا في الحرب الأهلية الدامية.

واتهمت واشنطن قوات الدعم السريع، التي شكلت الجنجويد نواتها، بارتكاب "إبادة جماعية" في دارفور منذ اندلاع النزاع الراهن مع الجيش السوداني في أبريل/نيسان 2023.

وأعلنت فرض عقوبات على حميدتي "لدوره في الفظائع الممنهجة بحق الشعب السوداني".

مطلع الألفية، لم يكن حميدتي بلغ الثلاثين من عمره، وكان مجرد زعيم مليشيا صغيرة في غربي السودان الحدودي مع تشاد.

لكنه تحوّل إلى زعيم حرب معروف بعد سنوات طويلة من النزاع في دارفور ارتُكبت خلالها فظاعات لقمع تمرد قبائل غير عربية في الإقليم، وكلّفت الرئيس السابق عمر البشير مذكرتي توقيف صدرتا عن المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب "جرائم حرب" و"جرائم ضد الإنسانية" و"إبادة جماعية". وتمكن حميدتي من تسلق السلطة.

على رأس الجنجويد، مارس الرجل الطويل القامة، بأوامر من البشير سياسة الأرض المحروقة في دارفور حيث قُتل أكثر من 300 ألف شخص ونزح ما يزيد على 2.5 مليون آخرين خلال الحرب.

إعلان

مدّ حميدتي دائرة نفوذه من دارفور إلى الخرطوم وأروقة السلطة فيها، وباتت لديه صلات بالدوائر الدبلوماسية، واستطاع أن يعقد اتفاقات تجارية سرية إلى حد ما.

وتحوّلت قوات التدخل السريع التي أنشئت في 2013، إلى قوة رديفة للجيش تضم آلاف العناصر الساعين حاليا إلى السيطرة على السلطة.

ومنذ الثورة الشعبية التي أطاحت بعمر البشير في 2019، عمل على تحسين صورته وكسب حلفاء جدد.

خلال الثورة، وُجهت اتهامات إلى قوات الدعم السريع بتفريق اعتصام سلمي مطالب بالديمقراطية بالقوة في الخرطوم، مما أسفر عن سقوط عشرات القتلى، وفق أرقام رسمية.

وعيّن حميدتي في 2019 عضوا بمجلس السيادة الانتقالي الذي تأسس لحكم البلاد بالشراكة بين العسكريين والمدنيين.

في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، دعم حميدتي رئيس مجلس السيادة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في انقلابه الذي أطاح بالشركاء المدنيين من السلطة، وصار نائبا للبرهان في رئاسة المجلس.

لكن مع مرور الوقت ووسط خلافات بشأن شروط دمج قواته في الجيش، بدأ ينتقد الجيش ووصف البرهان بـ"المجرم" الذي "دمّر البلاد" و"يتشبّث بالسلطة". وبات يقدّم نفسه مدافعا عن الدولة المدنية وخصما لدودا للإسلام السياسي الداعم إجمالا للبرهان. وانضم إلى المدنيين في إدانة الجيش، مشيرا إلى أنه يدافع عن "مكتسبات ثورة" 2019.

وقبل اندلاع الحرب في 2023، عزّز حميدتي حضوره على مواقع التواصل الاجتماعي عبر حسابات يخاطب من خلالها الشباب في بلد ثلثا سكانه تقل أعمارهم عن 30 عاما.

يقول مسؤول منطقة القرن الأفريقي في مجموعات الأزمات الدولية ألان بوزويل إن "الحرس القديم الذي تهيمن عليه النخبة القديمة حول الخرطوم، نظر إلى حميدتي على أنه بلطجي أمّي، قاموا بداية بتسليحه ليقوم بأعمالهم القذرة في الحرب بدارفور".

إعلان زي عسكري وبزة أنيقة

ولد حميدتي في العام 1975 في قبيلة من العرب الرحّل على الحدود بين السودان وتشاد. ويحتفظ بلكنة أهل الغرب بشكل واضح عندما يتكلم.

كان محمد حمدان دقلو معتادا على المجالس القبلية وشغوفا بالزيارات إلى القوات أو إلى القرى. وقد جاب البلاد مرارا لمقابلة الزعماء المحليين الذين كانوا يشكلون أعمدة أساسية لنظام البشير.

ويظهر تارة بالزي العسكري الذي ارتداه للمرة الأولى مطلع الألفية، وتارة أخرى ببزات أنيقة يخصصها لحضور الاجتماعات السياسية باعتباره الرجل الثاني في السلطة التي باتت حكرا على العسكر منذ الانقلاب في أكتوبر/تشرين الأول 2021 والذي أطاح بالمدنيين من الحكم، بعد فترة وجيزة تقاسموا خلالها السلطة مع الجيش.

بإرساله رجالا للقتال إلى جانب التحالف العسكري الذي قادته الرياض في اليمن عام 2015، اكتسب حلفاء سياسيين في السعودية والإمارات.

يضع حميدتي الذي خطّ الشيب شعره الأسود، عادةً خاتما من الذهب في كل يد، ويملك ورقة اقتصادية قوية، إذ تدير قوات الدعم السريع العديد من مناجم الذهب، بحسب مركز أبحاث المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية.

وخلال الحرب المدمّرة التي تسببت في مقتل عشرات الآلاف وفرار الملايين وأزمة إنسانية تعد من الأسوأ في التاريخ الحديث، كرر حميدتي التأكيد على مواجهة "الإسلاميين" من النظام القديم الذين يرى أنهم صاروا داعمين لعبد الفتاح البرهان.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات قوات الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

السودان لمحكمة العدل الدولية: الإمارات تؤجج الإبادة الجماعية في دارفور

لاهاي (رويترز) – قال السودان لمحكمة العدل الدولية يوم الخميس إن الإمارات تنتهك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها بدعمها قوات الدعم السريع شبه العسكرية في إقليم دارفور، لكن الإمارات دفعت بضرورة رفض القضية لافتقار المحكمة إلى السلطة القضائية، وطلب السودان من القضاة إصدار أوامر وقائية طارئة في الشكوى التي تتعلق بهجمات مكثفة لأسباب عرقية شنتها قوات الدعم السريع شبه العسكرية وميليشيات عربية متحالفة معها على قبيلة المساليت غير العربية عام 2023 في غرب دارفور ووثقتها رويترز بالتفصيل.

وقال القائم بأعمال وزير العدل السوداني معاوية عثمان لمحكمة العدل الدولية إن قوات الدعم السريع ارتكبت إبادة جماعية بحق المساليت بدعم وتواطؤ من الإمارات على حد وصفه.

ورفضت الإمارات مرارا القضية المرفوعة بحقها ووصفتها بأنها لعبة سياسية، وتقول إن محكمة العدل الدولية لا تملك السلطة القضائية لنظر قضية السودان وطلبت من القضاة رفضها.

وقالت ريم كتيت نائبة مساعد الوزير للشؤون السياسية في وزارة الخارجية بالإمارات للمحكمة إن من الواضح بما لا يدع مجالا للشك أنه لا توجد سلطة قضائية، وإنها لذلك تدعو المحكمة إلى شطب القضية من اللائحة العامة.

ويتهم السودان الإمارات بتسليح قوات الدعم السريع التي تقاتل الجيش السوداني في حرب أهلية مستمرة منذ نحو عامين، وهو اتهام تنفيه الإمارات. لكن خبراء الأمم المتحدة ومشرعين أمريكيين وجدوا أنها تتسم بالمصداقية.

وقالت كتيت للقضاة يوم الخميس إن الإمارات لم تقدم منذ بداية الحرب أي أسلحة أو عتاد ذي صلة لأي من الطرفين المتحاربين.

وفي يناير كانون الثاني، صنفت الولايات المتحدة الهجمات على المساليت على أنها إبادة جماعية.

ونظرا لأن القضايا المرفوعة أمام محكمة العدل الدولية قد تستغرق سنوات للوصول إلى حكم نهائي، يمكن للدول طلب إجراءات عاجلة تهدف إلى ضمان عدم تصعيد النزاع بين الدول لحين البت في القضية الأصلية.

وطلب وزير العدل السوداني من المحكمة أن تصدر أمرا للإمارات بمنع أعمال الإبادة الجماعية بحق المساليت.

ومن المقرر أن تقدم الإمارات دفوعها في القضية إلى قضاة محكمة العدل الدولية في وقت لاحق من يوم الخميس. ومن المتوقع أن تدفع الإمارات بعدم اختصاص المحكمة.  

مقالات مشابهة

  • منسقية النازحين تتهم الدعم السريع بارتكاب مجزرة في أبو شوك وقتل وإصابة 40 شخصاً
  • السودان لمحكمة العدل الدولية: الإمارات تؤجج الإبادة الجماعية في دارفور
  • «الدعم السريع» تعلن سيطرتها على منطقة أم كدادة .. عشرات الضحايا في الفاشر ومعسكر أبوشوك بشمال دارفور
  • الجيش السوداني يكسب معركة كسر العظم أمام قوات حميدتي والحلو ويستعيد منطقة مهمة جنوب كردفان
  • مليشيا الدعم السريع تعلن سيطرتها على أم كدادة وتواصل هجماتها في دارفور
  • تقارير فظيعة عن الاستعباد الجنسي الذي مارسته الدعم السريع بالسودان
  • 12 قتيلا في قصف لقوات الدعم السريع على مدينة الفاشر  
  • ما أهمية معسكر طيبة الذي استعاده الجيش السوداني من الدعم السريع؟
  • الجيش السوداني ينفذ عملية عسكرية ضخمة غرب ام درمان ويطوق قوات الدعم السريع
  • قوات الدعم السريع، من الذي أنشأ الوحش حقًا؟ لا هذا ولا ذاك، بل هو اختراق استخباراتي مكتمل الأركان