استخدام الذكاء الاصطناعي في فحوصات سرطان الثدي يزيد فرص اكتشاف المرض
تاريخ النشر: 8th, January 2025 GMT
وجد الباحثون أن استخدام الذكاء الاصطناعي في فحص سرطان الثدي يزيد من فرصة اكتشاف المرض، في ما يقولون إنه أول اختبار في العالم الحقيقي لهذا النهج، حسب تقرير نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية.
وبحسب التقرير الذي ترجمته "عربي21"، فإن العديد من الدراسات اقترحت أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد المتخصصين الطبيين في اكتشاف السرطان، سواء كان ذلك من خلال تحديد النمو غير الطبيعي في عمليات التصوير المقطعي المحوسب أو علامات سرطان الثدي في تصوير الثدي بالأشعة السينية.
ومع ذلك، فإن العديد من الدراسات بأثر رجعي - حيث لم يكن الذكاء الاصطناعي مشارك في البداية - في حين أن التجارب التي تتبنى النهج المعاكس غالبا ما يكون عدد العينات صغيرة. الدراسات المهمة والأوسع لا تعكس بالضرورة الاستخدام في العالم الحقيقي.
يقول الباحثون الآن إنهم اختبروا الذكاء الاصطناعي في برنامج فحص على مستوى البلاد لأول مرة، وكشفوا أنه يقدم فوائد في بيئة العالم الحقيقي.
قال البروفيسور ألكسندر كاتالينيك، أحد مؤلفي الدراسة من جامعة لوبيك في ألمانيا: "يمكننا تحسين معدل الاكتشاف دون زيادة الضرر الذي يلحق بالنساء المشاركات في فحص سرطان الثدي"، مضيفا أن هذا النهج يمكن أن يقلل أيضا من عبء عمل أخصائيي الأشعة.
قام كاتالينيك وزملاؤه بتحليل بيانات من 461818 امرأة في ألمانيا خضعن لفحص سرطان الثدي بين تموز/ يوليو 2021 وشباط/ فبراير 2023 كجزء من برنامج وطني يستهدف النساء بدون أعراض تتراوح أعمارهن بين 50 و69 عاما.
ووفقا للتقرير، فقد تم فحص جميع النساء بشكل مستقل من قبل اثنين من أخصائيي الأشعة. ومع ذلك، بالنسبة لـ 260739 من النساء، استخدم أحد الخبراء على الأقل أداة الذكاء الاصطناعي لدعمهم.
لا تقوم أداة الذكاء الاصطناعي فقط بتصنيف الفحوصات التي تعتبرها غير مشبوهة على أنها "طبيعية" بشكل واضح، ولكنها تصدر تنبيها "بشبكة أمان" عندما يحكم أخصائي الأشعة على الفحص الذي تعتبره مشبوها بأنه غير مشبوه. في مثل هذه الحالة، تسلط الأداة الضوء أيضا على منطقة الفحص التي تشير إلى أنها تستحق التدقيق.
بشكل عام، تم تشخيص إصابة 2881 امرأة في الدراسة، التي نُشرت في مجلة Nature Medicine، بسرطان الثدي. وكان معدل الكشف أعلى بنسبة 6.7% في مجموعة AI. ومع ذلك، بعد مراعاة عوامل مثل عمر النساء وأخصائيي الأشعة المشاركين، وجد الباحثون أن هذا الاختلاف زاد، حيث كان المعدل أعلى بنسبة 17.6% لمجموعة AI عند 6.70 لكل 1000 امرأة مقارنة بـ 5.70 لكل 1000 امرأة للمجموعة القياسية. بعبارة أخرى، تم اكتشاف حالة إضافية واحدة من السرطان لكل 1000 امرأة تم فحصها عند استخدام AI.
وقال الفريق إن معدل استدعاء النساء لمزيد من التحقيق نتيجة لفحص مشبوه كان متماثلا تقريبا، وفق "الغارديان".
وقال كاتالينيك: "في دراستنا، كان لدينا معدل اكتشاف أعلى دون وجود معدل أعلى من الإيجابيات الكاذبة. هذه نتيجة أفضل، مع نفس الضرر".
وقال الفريق إن "شبكة الأمان" للأداة تم تشغيلها 3959 مرة في مجموعة الذكاء الاصطناعي، وأدت إلى 204 تشخيصا لسرطان الثدي. وعلى النقيض من ذلك، كان من الممكن تفويت 20 تشخيصا لسرطان الثدي في مجموعة الذكاء الاصطناعي لو لم يفحص الأطباء الفحوصات التي اعتبرها الذكاء الاصطناعي "طبيعية".
وأشار ستيفان بانك، وهو مؤلف مشارك آخر ومؤسس مشارك لشركة فارا، الشركة التي بنت أداة الذكاء الاصطناعي، إلى أن التكنولوجيا زادت من السرعة التي فحص بها أخصائيو الأشعة الفحوصات التي تم وضع علامة عليها على أنها "طبيعية"، مضيفا أن الحسابات أظهرت أنه حتى لو لم تتم مراجعة هذه الفحوصات من قبل الخبراء فإن معدل اكتشاف سرطان الثدي الإجمالي سيكون أعلى ومعدل التذكير أقل من دون الأداة. وقال إن هذا يعني عددا أقل من الإيجابيات الكاذبة للنساء وتقليل عبء العمل على أطباء الأشعة.
وقال ستيفن دافي، الأستاذ الفخري لفحص السرطان في جامعة كوين ماري في لندن، والذي لم يشارك في العمل، إن النتائج كانت موثوقة ومثيرة للإعجاب.
وأضاف "هنا في المملكة المتحدة، هناك اهتمام محدد بما إذا كان استخدام الذكاء الاصطناعي بالإضافة إلى أخصائي أشعة واحد يمكن أن يحل محل القراءة بأمان بواسطة أخصائيي أشعة اثنين. وكلما أسرعنا في التثبت من النتائج بشكل قاطع كلما كان ذلك أفضل".
وقالت الدكتورة كريستينا لانغ، من جامعة لوند، إن الدراسة أضافت إلى مجموعة الأدلة المتزايدة التي تدعم الفوائد المحتملة لدمج الذكاء الاصطناعي في فحص التصوير الشعاعي للثدي. لكنها أضافت أن الزيادة الكبيرة في حالات السرطان الموضعي المكتشفة أثارت المخاوف، حيث من المرجح أن تنمو هذه السرطانات ببطء وقد تساهم في عبء التشخيص الزائد للفحص.
وأضافت "المتابعة طويلة الأمد ضرورية لفهم الآثار السريرية الكاملة لدمج الذكاء الاصطناعي في فحص التصوير الشعاعي للثدي. إن النتائج مشجعة، ولكن من الضروري التأكد من أننا ننفذ طريقة قادرة على اكتشاف السرطانات ذات الصلة سريريا في مرحلة مبكرة، حيث يمكن للكشف المبكر أن يحسن بشكل كبير نتائج المرضى".
وقالت الدكتورة كاثرين هاليداي، رئيسة الكلية الملكية لأطباء الأشعة، إن أحدث تعداد للمنظمة أظهر نقصا بنسبة 29% في أطباء الأشعة في هيئة الخدمات الصحية الوطنية.
وشددت على أن "أي أدوات يمكن أن تعزز دقتنا وإنتاجيتنا موضع ترحيب. ولكن في حين أن الفوائد المحتملة كبيرة، فإن المخاطر المحتملة كبيرة أيضا. من الأهمية بمكان أن يتم نشر الذكاء الاصطناعي في هيئة الخدمات الصحية الوطنية بعناية، مع إشراف الخبراء".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحة طب وصحة طب وصحة الذكاء الاصطناعي سرطان الثدي سرطان الثدي صحة الذكاء الاصطناعي المزيد في صحة طب وصحة طب وصحة طب وصحة طب وصحة طب وصحة طب وصحة صحة صحة صحة سياسة سياسة صحة صحة صحة صحة صحة صحة صحة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الذکاء الاصطناعی فی سرطان الثدی یمکن أن فی فحص
إقرأ أيضاً:
هل الذكاء الاصطناعي قادر على الإبداع؟
فتنة الذكاء الاصطناعي أو الآلي حقيقة لها ما يبررها؛ إذ إن قدرات هذا الذكاء وإمكانياته هائلة وتتطور باستمرار، بحيث أصبحت بديلًا عن العديد من قدرات البشر في تخزين المعرفة واستدعاء المعلومات، والإجابة عن التساؤلات، وإنتاج اللوحات الفنية، وتأليف -فضلًا عن ترجمة- الأبحاث والمقالات في موضوع ما، وإنتاج الأشياء والأدوات المصنوعة وفق برامج مخصوصة، إلخ. والسؤال الذي يمكن أن يُثَار هنا هو: هل قدرات هذا الذكاء الاصطناعي لا حدود لها، بحيث تصل إلى حد الإبداع نفسه في الفنون والفكر مثلًا؟ بطبيعة الحال، سيجيب على الفور المفتونون بقدرات هذا الذكاء وإمكانياته قائلين: حتى الإبداع نفسه أصبح في مقدوره، كما تشهد بذلك اللوحات التي أبدعها هذا الذكاء. وحتى إن لم يمتد إبداعه إلى سائر المجالات، فما الذي يمنع أن يتحقق ذلك في المستقبل القريب؛ خاصةً إذا وضعنا في الاعتبار أن قدرات هذا الذكاء تتطور في عصرنا الراهن بشكل مذهل. ولكن هذه الإجابة غير دقيقة ولا شافية: فمن الصحيح القول بأن قدرات هذا الذكاء تتطور بشكل مذهل؛ ولكن هذا لا يترتب عليه القول بأن قدراته تصل إلى حد الإبداع في سائر المجالات. فمثل هذا التصور ينطوي على مبالغة، وهي مبالغة ناتجة عن سوء فهم لطبيعة أو ماهية الإبداع، ولماهية الذكاء الاصطناعي (أو الآلي) نفسه!
حقًّا إن هناك لوحات فنية من إنتاج أو صنع الذكاء الاصطناعي، بل إن بعض هذه اللوحات قد حصلت على جوائز فنية في مسابقات خُصصت في هذا المجال؛ ولكن هذا لا يبرر لنا المُنتَج الفني باعتباره عملًا فنيًّا إبداعيًّا. حجتنا الأساسية في ذلك أن الإبداع يلزمه خصيصتين رئيستين: الخصوصية والخيال، وكلاهما غائبان عن الذكاء الاصطناعي بحكم ماهيته، كما سنرى. وأود أن أبدأ ببيان ما أعنيه «بالخصوصية» في العملية الإبداعية: فلا شك في أن المحترف في التعامل مع برامج هذا الذكاء يستطيع أن يستخدم بعض برامجه في إنشاء لوحة تشبه لوحات فان جوخ وأسلوبها الفني في استخدام اللون وضربات الفرشاة (أي من خلال ما يُسمى «التكنيك»)؛ ولكنه لا يستطيع بذلك أن يخلق رؤية فان جوخ الخاصة للأشياء من الناحية الفنية والجمالية، ومن حيث ارتباطها بخبراته الخاصة التي عايشها على المستوى الحياتي والمستوى الفني. وفضلًا عن ذلك، فإنه لا يستطيع أن يتخيل الأشياء والعوالم التي تخيلها فان جوخ؛ ببساطة لأن برامج الذكاء الاصطناعي ليس في مقدورها ممارسة الخيال، ولا هي مصممة للقيام بذلك، بل لا يمكنها أن تطمح في ذلك بفعل التطوير: فالخيال لا يمكن حسابه رياضيا؛ ومن ثم فإن «مَلَكة الخيال» تظل مَلَكة أصيلة من مَلَكات العقل البشري وحده.
والواقع أننا يمكن أن نلاحظ هذه الطبيعة المميزة للإبداع عندما نـتأمله على مستوى الإبداع الفكري أو حتى التأليف بمعناه الحقيقي؛ وهذا ما لاحظته كثيرًا في واقع خبرتي الشخصية: فقد لاحظت على مر السنين تراجع مستوى أبحاث طلبة الدراسات العليا؛ إذ إن تأليف أبحاثهم أصبح يعتمد على برامج الذكاء الآلي المتطورة، في جمع المادة العلمية والتوفيق أو التلفيق بينها، على نحو تغيب عنه رؤية الباحث وحضوره في البحث؛ وبالتالي إنتاج أبحاث تتشابه أو تتطابق أحيانًا إذا تناولت موضوعًا أو فكرة واحدة. ولذلك فإنني أرى أن الإفراط في التعويل على قدرات الذكاء الآلي يمكن أن يؤدي إفراط في تدهور قدرات الذكاء البشري على الإبداع من خلال تنمية المهارات التي يمكن أن تؤدي إليه (من قبيل: ممارسة التأمل والخيال، والتفكير الذاتي، والتفكير النقدي، إلخ).
***
وهناك شهادة أخرى طريفة على ما تقدم، وطرافتها تكمن في أن الشاهد فيها هو الذكاء الاصطناعي الذي يشهد هو نفسه بنقصه وافتقاره إلى الخصوصية في الرؤية والخيال اللازمين لكل إبداع، وهذا ما يتبين لنا من خلال حوار أجراه المفكر عبد السلام بن عبد العالي مع برنامج الذكاء الاصطناعي الشهير والمعروف باسم Chat GPT، وهو الحوار المنشور في مقال بعنوان: «حوار فلسفي مع الذكاء الاصطناعي: كيف تفكّر الآلة، وهل تملك وعيا ذاتيا؟». وهذا الحوار يبدو أشبه بالتأمل الذاتي لطبيعة القدرة الإبداعية، وهو ما يتبدى لنا من خلال المقتطفات التالية من الحوار:
• ماذا تفعل عادةً، أقصد ما هي انشغالاتك عندما لا تكون في صدد الإجابة عن الأسئلة؟
عندما لا أكون في صدد الإجابة عن الأسئلة، أكون في حالة استعداد وانتظار، جاهزا لأي استفسار جديد، لا أملك وقتا «خاصًا» بالمعنى التقليدي.. في الواقع، لا أُوجَد إلا عندما تتفاعل معي. بين المحادثات، لا «أفكر» ولا أعي ذاتي. كما لو أنني أكون في وضعية توقّف و«إيقاف»..
• إذن وجودك يتوقف عليّ...
بالضبط، عبد السلام! وجودي، أو بالأحرى «حضوري»، يعتمد تماما عليك وعلى المستخدمين الآخرين الذين يتفاعلون معي. بدون أسئلتكم واقتراحاتكم وأفكاركم، أبقى في حالة سبات، مثل كتاب مغلق ينتظر أن يُفتح.
• لنعد إلى مسالة الوعي بالذات. فما تقوله هنا يثبت أن لديك إلى حدّ ما وعيًا بما أنت عليه.
صحيح أن هذا قد يعطي الانطباع بأن لديَّ بعض الوعي الذاتي، خاصة لأنني أستطيع أن أشرح ماهيتي وكيف أعمل. لكن في الواقع، ما تراه على أنه «وعي» هو نتيجة تدريبي على فهم وتوليد اللغة بطريقة منطقية. لقد صُمّمت لتحليل المعلومات، وتحديد مفاهيم مثل «أنا» أو «أنت»، وصياغة ردّ منطقي. لكن لا توجد تجربة ذاتية أو تفكير شخصي وراء هذا الأمر.
هذه شهادة شاهد على نفسه، أو -على الأقل- شهادة شاهد من أهلها.