لجنة التّنسيق اللّبنانيّة - الكنديّة: للسلام والاستقرار الدائم في لبنان
تاريخ النشر: 8th, January 2025 GMT
رأت لجنة التّنسيق اللّبنانيّة-الكنديّة أن انهيار نظام الأسد في سوريا وتراجع محور المقاومة فرصة تاريخية يجب الا تهدر لنهضة لبنان. وبعدما اكدت على ثوابتها لجهة رفض الحرب بعد خمسين سنة على تواليها، اصرت على ضرورة وجود رؤية سياسية للاستقرار بالعودة إلى اتفاق الطائف والدستور اللبناني ونزع السلاح غير الشرعي ضمانا للسيادة الكاملة للدولة وحياد لبنان.
جاء ذلك في بيان عممته اللجنة في بيروت وأتاوا في وقت واحد كشفت فيه عن مضمون رسالة وجهاتها إلى وزيرة الخارجية الكنديّة وأعضاء مجلس النوّاب الكندي تزامنا مع انعقاد انعقاد قمة مجموعة السبع. في كندا وفي ما يلي نصّها:
"يشكّل انهيار نظام الأسد في سوريا وتراجع محور المقاومة فرصة تاريخية لنهضة لبنان . فرصة يجب ألا تُهدر. هذه اللحظة تمثل تغييراً جذرياً لم يشهده لبنان منذ استقلاله.
ومع انعقاد قمة مجموعة السبع في كندا هذا الربيع، نأمل أن يُبرز الرئيس اللبناني العتيد وحكومته الشرعية قضايا لبنان على الساحة العالمية. يجب على لبنان أن يدافع عن أولوياته في إعادة الإعمار، والشراكات الاقتصادية، والتواصل المتجدد مع القادة الدوليين.
الآن هو الوقت لرسم مسار جديد للبنان، وإعادة تعريف دور الاغتراب. تدعم لجنة التنسيق اللبنانية-الكندية رؤية لتحقيق السلام والاستقرار الدائم، ونقل لبنان من الاعتماد على المساعدات الإنسانية إلى مكانته المستحقة كشريك اقتصادي عالمي قوي ومؤثر:
- لا للحرب: يجب أن تنتهي خمسون عاماً من الحروب والصراعات العبثية على الأراضي اللبنانية. هذه الحروب، سواء كانت مفروضة من جهات خارجية أو داخلية، قد تسببت في دمار هائل. حان الوقت لتحقيق السلام والاستقرار الدائمين للبنان وشعبه.
- لا للحركات المقاومة التي تدّعي تحرير فلسطين:عقود من الشعارات المضللة والإخفاقات لم تسفر سوى عن مزيد من تدمير فلسطين ولبنان والعالم العربي. لبنان، الذي يمثل أمة ذات ثقافة وتاريخ، دفع الثمن، وحان الوقت للابتعاد عن الخطابات الفارغة والتركيز على الحلول البناءة.
- الإصرار على رؤية سياسية للاستقرار: بعد سنوات من الحرب والدمار، يحتاج لبنان إلى نهج سياسي جديد. تنفيذ القرار 1701 للأمم المتحدة قد يحقق سلاماً مؤقتاً لإسرائيل، لكنه لا يضمن السلام الدائم للبنان. التنفيذ الكامل لقرارات الأمم المتحدة 1559 و1680 و1701 ضروري لنزع سلاح الميليشيات واستعادة السيادة اللبنانية.
- العودة إلى اتفاق الطائف والدستور اللبناني: الالتزام باتفاق الطائف والدستور اللبناني أمر أساسي للسلام والاستقرار. يجب أن يكون حكم القانون مطلقاً وغير مشروط. تنفيذ هذه الاتفاقات هو حجر الأساس للسلام الدائم.
- نزع السلاح والسيادة الكاملة للدولة: يجب على جميع الأطراف التخلي عن الأسلحة غير القانونية، ويجب أن تكون جميع الأسلحة تحت سيطرة الدولة اللبنانية فقط. هناك قلق بشأن غياب الآليات الواضحة لنزع السلاح، لا سيما فيما يتعلق بحزب الله. يجب وقف تدفق الأسلحة والأموال إلى الفصائل المسلحة من إيران ومصادر أخرى، ويجب إنهاء تهريب المخدرات والبضائع عبر الحدود. أي مجموعة لبنانية تقبل تمويلاً أو أسلحة من الخارج يجب أن تواجه المساءلة.
- حياد لبنان: يجب أن يكون لبنان محايداً في النزاعات الدولية والإقليمية، مع الالتزام بقرارات جامعة الدول العربية والأمم المتحدة. الدعم الدولي ضروري لتنفيذ هذه الرؤية، ونأمل أن تتوصل الإدارة الأميركية بقيادة الرئيس دونالد ترامب والقيادة الإصلاحية في إيران إلى اتفاق جديد لوقف تدفق الأسلحة والتمويل من إيران إلى حزب الله.
يجب على حزب الله إما تسليم أسلحته للدولة اللبنانية أو الاستعداد لمواجهة تجدد الصراع. يجب أن ينفصل لبنان عن غزة وإيران، منهياً عقوداً من الخراب والدمار. حان الوقت لحزب الله أن يضع سيادة لبنان فوق كل اعتبار وأن يعود إلى حضن وطن حر ومستقل.
رسالة إلى أعضاء البرلمان اللبناني
نحن، المنظمات الموقعون من الاغتراب اللبناني في لجنة التنسيق اللبنانية-الكندية، المجتمعون هنا عشية الانتخابات الرئاسية اللبنانية، نقدم هذه الرؤية للقيادة التي يحتاجها لبنان بشدة في هذه الأوقات الحرجة. بعد سنوات من التأخير والدمار واستنزاف اقتصاد لبنان وموارده وشعبه، نؤكد أن رئيساً حاسماً ومحولاً فقط يمكنه قيادة البلاد نحو التعافي والاستقرار.
هذه رؤيتنا لرئيس لبنان:
1. لا للقيادة من أجل المنفعة الشخصية: نريد رئيساً يضع مصلحة الوطن فوق المصالح الشخصية.
2. فوق الطائفية: نريد رئيساً يوحد جميع اللبنانيين تحت الدستور.
3. حارس الدستور: يجب أن يحمي الرئيس اتفاق الطائف والدستور اللبناني.
4. نزيه وخالٍ من النفوذ: رئيس لا يخضع للفساد أو الضغوط الخارجية.
5. محايد لكن حازم: رئيس يضمن حياد لبنان ويطبق القرارات الدولية بحزم.
6. رؤية للتعافي الاقتصادي: رئيس ينفذ إصلاحات لمكافحة الفساد وتحفيز النمو.
7. حامي السيادة الوطنية: رئيس يقاوم الضغوط الخارجية ويؤكد أن السيادة غير قابلة للتفاوض.
8. يستعيد دور لبنان: يعيد لبنان كمركز للسلام والتعليم والابتكار.
9. باني الثقة والمؤسسات: رئيس يجذب الاستثمار ويعيد بناء ثقة العالم بلبنان.
10. يحاسب الفاسدين: رئيس يحاسب المسؤولين عن الانهيار ويستعيد الأصول المسروقة.
نداء إلى الأمة
ندعو أعضاء المجلس النيابي اللبناني للعمل بشجاعة ونزاهة، وتقديم المصلحة الوطنية فوق المصالح الشخصية أو الحزبية. مستقبل لبنان يعتمد على انتخاب رئيس ذو رؤية وقوة وأخلاق يقود البلاد للخروج من الأزمة الحالية.
كمغتربين لبنانيين، نتعهد بأن نكون دعماً لنهضة لبنان، والدفاع عن سيادته وازدهاره. ولكن، إذا تم تجاهل هذه المطالب، سنكثف جهودنا لمواجهة من يخونون تطلعات الشعب اللبناني.
الوقت الآن للخلاص. كفى. معاً سنضمن أن ينهض لبنان مرة أخرى كمنارة للحرية والصمود والوحدة".
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
حان الوقت لنتخيل لبنان من جديد
لم أزر سوريا منذ 14عامًا. وبعد سقوط الرئيس بشار الأسد، لم أطق الانتظار قبل أن أقوم برحلة الساعتين في السيارة من بيروت إلى دمشق لأشهد نهاية الدكتاتورية التي استمرت لأربعة وخمسين عامًا. ولما وصلت بعد خمسة أيام من الإطاحة رأيت بهجة آلاف السوريين وهم يحتفلون بالحرية في أضخم ميدان بدمشق مثلما رأيت الذعر الأليم على وجوه من يبحثون عن أحبائهم في سجن صيدنايا سيء السمعة.
لقد ترك انتصار المتمردين أثرًا في نفسي أنا الآخر. فقد أنهى نظام حكم سبق أن احتل بلدي، لبنان، على مدى ثلاثة عقود حتى عام 2005، وكذلك أثر في نفسي انهيار المحور الإيراني الذي اتخذنا رهائن حقًا منذ ذلك الحين من خلال جماعة حزب الله اللبنانية التي كانت أقوى وكلاء طهران المقاتلين.
الآن يواجه اللبنانيون فرصة تاريخية سانحة لبلدهم لكي لا يكون ساحة معركة وإنما يصبح أخيرا أرضا مشتركة، أي دولة موحدة وقادرة وذات سيادة. ومهما تكن جسامة التحديات، ومهما تكن أهمية الدعم الأجنبي، فإنني على يقين بأن مصير لبنان إنما هو في أيدينا. وستكون الخطوة الكبيرة الأولى لنا هي انتخاب رئيس في تصويت برلماني مقرر اليوم الخميس بعد سنتين من فراغ المنصب بسبب شلل سياسي.
لم تنظر سوريا قط، في ظل حكم الرئيس الأسد وفي ظل حكم أبيه حافظ الأسد من قبله، إلى لبنان باعتباره بلدًا مستقلًا، فظلت تتدخل بوصفها قوة احتلال منذ 1967 في انتخاباتنا، وتقوض الحكومات التي نختارها، وترسخ الفساد، وتهدد خصومها اللبنانيين وتعتقلهم وتغتالهم ـ حسبما يشك كثيرون.
وعندما رحل السوريون أخيرًا بعد عشرين سنة، إذ بحزب الله يحل تدريجيًا محل آل الأسد بوصفه وسيط السلطة الرئيسي في لبنان. أصبحت الجماعة عمودا أساسيا في نفوذ المحور الإيراني الذي ضم الحوثيين في اليمن وحماس في غزة والميلشيات في العراق، وكانت بمنزلة جسر بري بين طهران وبيروت من خلال استعمال سوريا ساحةً خلفية لتمرير الأسلحة والمخدرات.
يفتح سقوط حكم الأسد في سوريا الباب لإقامة علاقات مع سوريا على أساس الندية، ومن شأنه أن يسمح لحكومة لبنانية جديدة بتخفيف أزمة اللاجئين التي يعاني منها البلد، فاليوم يقدر عدد السوريين المقيمين في لبنان بمليون ونصف المليون، بما يجعلهم ربع سكان لبنان، وهم الآن يواجهون إمكانية العودة. كما يرجح أن تفكك المحور الإيراني في تخفيف قبضة حزب الله على السياسة اللبنانية.
غير أن لبنان يواجه مشاكل عصيبة حقا، من قبيل التعافي من الخراب الذي تسببت فيه حرب إسرائيل مع حزب الله مع فرض اتفاقية وقف إطلاق النار الهشة، واستعادة السيادة مع إحياء المؤسسات المتجمدة التي أضعفها الفساد والمحسوبية والأزمة الاقتصادية المدمرة، والتغلب على الطائفية في مجتمع لا يزال مستقطبًا بسبب الحرب الأهلية التي دارت في الفترة من 1975 إلى 1990.
سوف يقتضي التعامل مع هذه القضايا جيلا جديدا من القادة السياسيين غير المرتبطين بصراعات الماضي ودعما قويا من المجتمع الدولي، بدءا بالولايات المتحدة. ولو أن أولوية إدارة ترامب الجديدة هي السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، فعليها أن تتحول من الرؤية التي يحركها الأمن وحده ـ أي أمنها وأمن إسرائيل ـ إلى رؤية تدعم الديمقراطية وتقرير المصير والسيادة، وتشمل الفلسطينيين.
على مدار السنين، تغيرت مواقف اللبنانيين من حزب الله. فلفترة طويلة، رأى الكثيرون أسلحة حزب الله ضرورية للمقاومة المشروعة ضد الاحتلال الإسرائيلي حتى انسحابها في عام 2000. ولكن على مدى العقدين الماضيين، قاومت المجموعة في الغالب رغبة العديد من اللبنانيين في السلام والإصلاح.
فقد أدين ثلاثة من عناصر حزب الله في اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري في عام 2005، ويعتقد أن الجماعة وراء مقتل عدد من المعارضين، برغم نفيها لتورطها. وقد ورطت الجماعة لبنان في حروب مدمرة مع إسرائيل وأكدت مرارا هيمنتها على السياسة الوطنية بالقوة، ما أفقد البلد قدرته على تشكيل حكومة قادرة. ودفع بلدنا أيضا ثمنا باهظا لتآكل حزب الله. في أعقاب هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر، بدأت الجماعة تشن هجمات صاروخية على قواعد إسرائيلية، وفتحت ما أطلقت عليه «جبهة دعم» لغزة. وكان الانتقام الإسرائيلي الأخير من حزب الله وحشيا، إذ أدى إلى قتل أكثر من أربعة آلاف شخص، وتشريد أكثر من مليون شخص، وتدمير الزراعة والإضرار بقرابة مائة ألف منزل.
ولقد قدَّر البنك الدولي الضرر الاقتصادي المذهل الذي وقع على الاقتصاد بالفعل بما لا يقل عن 8.5 مليار دولار. لقد لقي أكثر من مائة وستين من المسعفين وعمال الإنقاذ مصرعهم، وكذلك عشرات من العاملين بالصحافة. وقد غضب الناس من الموت والدمار، ونبهت القوات الإسرائيلية السكان إلى البقاء خارج أكثر من ستين قرية في الجنوب. واحتمالات انسحاب القوات وتسليم حزب الله لترسانته، بحسب ما دعته إليه اتفاقية وقف إطلاق النار وقرارات الأمم المتحدة، تبقى موضع تساؤل.
والسبيل الوحيد للمضي قدما هو تحقيق انسحاب إسرائيلي كامل، مع حل جميع الميليشيات في لبنان. ولقد علمتنا السنوات الماضية أن قوة حزب الله تعني ضعف لبنان، وليس ضعف إسرائيل.
تمثل إعادة بناء بلدنا حاجة ملحة. وسوف تكون إعادة هيكلة قطاعنا المصرفي الذي لا يكاد يعمل والشؤون المالية لدولتنا المفلسة ضرورة ملحة، وذلك بجانب إصلاح قضائنا. ويجب أن تكون «المساءلة» هي الكلمة الأساسية في المرحلة القادمة. فنحن مدينون بذلك لضحايا انفجار الميناء في عام 2020 الذي دمر مساحات شاسعة من المدينة وقتل مائتين وخمسة وثلاثين شخصا على الأقل. ونحن مدينون بذلك لمن اغتيلوا أو اختفوا على مر السنين ولجميع من فقدوا مدخراتهم في أكبر انهيار مصرفي في التاريخ الحديث.
غير أن التحدي الأهم أعمق من ذلك: فقد تركتنا حربنا الأهلية الطويلة مثقلين بمجتمع منقسم، وطوائف يهيمن عليها الخوف من بعضها البعض وتركتنا لنظام تقتسم فيه السيطرة على أسس دينية تخدم شهية أمراء الحرب إلى السلطة وليس على أساس التمثيل الشامل.
ولدينا الآن فرصة للتغلب على انقساماتنا وتقديم مثال لما تعنيه الديمقراطية حقا في منطقة تهيمن عليها دول قوية ومتجانسة عرقيا أو دينيا إلى حد كبير من قبيل إسرائيل وتركيا وإيران المحيطة ببلاد الشام العربية المنقسمة والمتنوعة ثقافيا. يمكننا أن نفعل ذلك من خلال إنشاء دولة حديثة تحتضن التنوع وتحمي الحرية - وهو النموذج الذي شهدناه بنجاح نسبي بين تأسيس لبنان الحديث في عام 1920 واندلاع الحرب الأهلية في عام 1975. علينا إذن أن نعيد تصور هذا البلد اليوم.
قبل وقت قصير من اغتياله في عام 2005، كتب الصحفي اللبناني سمير قصير أنه «عندما يزهر الربيع العربي في بيروت، فإنه يبشر بموسم الورد في دمشق». وما شهدته في العاصمة السورية الشهر الماضي جعلني أعتقد أن كلماته قد تحققت أخيرا، وإن يكن بالعكس.
فقد بدأ الورد يتفتح في دمشق. ولعله دعوة للربيع في بيروت.