هل تعكس عقوبات بايدن على حميدتي فشلا أميركيا أم شعورا بالذنب؟
تاريخ النشر: 8th, January 2025 GMT
واشنطن – قبل أسبوعين من موعد مغادرتها البيت الأبيض، فاجأت إدارة الرئيس جو بايدن العالم بإعلانها أن قوات الدعم السريع ترتكب إبادة جماعية في السودان، وفرضت عقوبات على زعيمها محمد حمدان دقلو المعروف باسم "حميدتي".
لم يتفق خبراء الشأن السوداني في العاصمة الأميركية على مغزى واحد لتوقيت وهدف هذا الإعلان المتأخر من إدارة بايدن.
وقال وزير الخارجية أنتوني بلينكن في بيان له إن "قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها قتلت بشكل منهجي رجالا وفتيانا -وحتى الرضع- على أساس عرقي، واستهدفت عمدا النساء والفتيات من مجموعات عرقية معينة بالاغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسي الوحشي".
وأضاف بلينكن أن "هذه المليشيات نفسها استهدفت المدنيين، وقتلت الأبرياء الفارين من الصراع، ومنعت المدنيين المتبقين من الوصول إلى الإمدادات المنقذة للحياة"، وخلص إلى أن "أعضاء قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها قد ارتكبوا إبادة جماعية في السودان".
إعلانوسيؤدي إعلان تصنيف الإبادة الجماعية وفرض العقوبات على قوات الدعم السريع إلى تشويه صورة حميدتي الدولية، التي تضررت بالفعل بسبب تكرار التقارير الدولية المستقلة التي تفيد بانخراط مليشياته في موجة من عمليات الاغتصاب الجماعي والنهب والتطهير العرقي والاختطاف والاستعباد وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
ويرأس حميدتي إمبراطورية عائلية مترامية الأطراف تُقدر ثروتها بمليارات الدولارات وتنشط في تجارة الذهب والأسلحة والعقارات والشركات القابضة التي تدعم قوات الدعم السريع. ولا تزال هذه الإمبراطورية العائلية تسيطر على مناجم الذهب السودانية التي كانت تعمل سابقا بالشراكة مع مجموعة "فاغنر" قبل أن تستولي عليها الحكومة الروسية بالكامل.
واتهمت الولايات المتحدة روسيا أمس الأول الاثنين بتأجيج الصراع في السودان بدعمها للطرفين المتحاربين.
وأدى اندلاع الحرب الأهلية في السودان في أبريل/نيسان 2023 بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع إلى أكبر أزمة نزوح وجوع في العالم. وقدر المسؤولون الأميركيون في نهاية العام الماضي أن حوالي 150 ألف شخص قُتلوا في السودان.
"ضمير مذنب"وفي حديث مع الجزيرة نت، أشار ديفيد شن مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق لشؤون أفريقيا إلى أن إدارة بايدن تطهر الساحة قبل أن تتولى إدارة ترامب السلطة يوم 20 يناير/كانون الثاني الجاري، فبالإضافة إلى زعيم قوات الدعم السريع، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على سبع شركات مقرها دولة الإمارات العربية المتحدة، وفرد واحد مرتبط بقوات الدعم السريع لتقويض التحول الديمقراطي في السودان.
ووفق شن، كانت هذه العقوبات قيد المناقشة منذ أشهر في إدارة بايدن. ويبعث القرار بشأنها رسالة مفادها أن "الإدارة سئمت من قوات الدعم السريع، وأنها مستعدة حتى لمعاقبة شركات حليفة وثيقة الصلة".
وعبر الخبير الأميركي للجزيرة نت عن شكوكه "في أن إدارة دونالد ترامب ستعطي السودان أولوية قصوى. وبالتالي، قد لا تكون هناك قرارات بشأن هذا البلد في الأشهر الأولى للإدارة الجديدة".
قوات الدعم السريع التي يقودها حميدتي متهمة بارتكاب فظائع وجرائم ضد الإنسانية (مواقع التواصل) التوقيتمن جهته، عبّر كاميرون هدسون عن اندهاشه من توقيت هذا الإعلان "الذي جاء متأخرا جدا". وغرّد على منصة "إكس" متسائلا "هل جاء هذه التحرك متأخرا وبعد فوات الأوان؟ الجواب نعم ولا".
إعلانيقول هدسون "نعم بالنسبة لإدارة بايدن، لقد فات الأوان لإصلاح سياسته الفاشلة تجاه السودان، وقد فات الأوان للوقوف على الجانب الصحيح من التاريخ". وبرأيه "هذه الإدارة كانت لديها كل الأدلة التي تحتاجها لإصدار هذا الإعلان منذ أشهر عندما كان من الممكن أن يكون لها تأثير على هذه الحرب واختارت عدم الإدلاء به".
ومع بقاء أقل من أسبوعين في السلطة، يقول هدسون "هذا ليس أكثر من انعكاس لضمير مذنب. ومع ذلك، لم يفت الأوان بعدُ لكي يكون هذا الإعلان مؤثرا داخل السودان. بينما تحاول قوات الدعم السريع وحميدتي إعادة تقديم أنفسهم كلاعبين سياسيين شرعيين في السودان ما بعد الحرب، تجعل هذه القرارات الأمر أكثر صعوبة".
"متأخر لكن إيجابي"يرى هادسون أن "الأمل الوحيد هو أن يحذو الاتحاد الأوروبي والمحكمة الجنائية الدولية حذو واشنطن، وأن يوسّعوا هذه القرارات بحيث لا يكون مجرد إجراء أميركي".
وتساءل "لماذا لا تُعاقب قوات الدعم السريع بأكملها وليس حميدتي فقط؟ حميدتي مهم، لكن قوات الدعم السريع بحاجة إلى حظرها بطريقة تمنعها من المزيد من التجنيد أو توسيع إمبراطوريتها التجارية أو أن تتلقى المزيد من الدعم من الجهات الفاعلة الخارجية".
وفي النهاية اعتبر الخبير الأميركي أن "العنصر الأكثر إثارة للقلق هو التصريح غير المبرر بأن الولايات المتحدة لا تدعم القوات المسلحة السودانية ولا ترى أي طرف يتمتع بأية شرعية".
وقال "قد يكون هذا صحيحا، لكن هذه النبرة الأخلاقية لا تساعد في دفع حل لهذا الصراع. إنه يبعد واشنطن عن اللاعبين الذين يشنون الحرب، مما يجعلها أقل فعالية لإيجاد حل أو التأثير في مستقبل السودان. ويبدو أن هذا يعكس نهج هذه الإدارة تجاه السودان: اتخاذ موقف أخلاقي في كل منعطف، ولكن ليس لديها ما يكفي من الحس الإستراتيجي أو العملي لتغيير الوضع على الأرض فعليا".
إعلانمن جانبه، غرد المبعوث الأميركي الخاص للسودان توم بيرييلو على منصة إكس محتفيا بالخطوة الأميركية. وطالب العالم بوقف "الفظائع" في السودان وبمحاسبة المسؤولين عنها، والضغط من أجل إنهاء هذا الصراع ومساعدة الشعب السوداني على الانتقال للحكم الديمقراطي المدني.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات قوات الدعم السریع هذا الإعلان إدارة بایدن فی السودان
إقرأ أيضاً:
أميركا تتهم الدعم السريع بالإبادة الجماعية وتعاقب حميدتي
أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أمس الثلاثاء أن قوات الدعم السريع شبه العسكرية ترتكب إبادة جماعية في السودان، في وقت فرضت فيه وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على قائدها الفريق محمد حمدان دقلو الشهير بحميدتي.
واعتبرت صحيفة واشنطن بوست هذا التطور تحولا مفاجئا وحادا في سياسة الولايات المتحدة، التي لطالما تعاملت مع طرفي الحرب، بما في ذلك الجيش السوداني بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، على أنهما مسؤولان بالقدر نفسه في ما يحدث هناك.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2أم سودانية لتايمز: جنود الدعم السريع اعتدوا على ابنتي أثناء نومناlist 2 of 2معاريف: بوتين يتجاوز الهزيمة بسوريا ويتوجه نحو هدف مفاجئend of listونقلت عن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن القول في بيان إن "قوات الدعم الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها قتلت بشكل منهجي رجالا وصبية -وحتى أطفالا رضعا- على أساس عرقي، واستهدفت عمدا النساء والفتيات من مجموعات عرقية بعينها بالاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي الوحشي".
وأضاف بلينكن أن "هذه المليشيات نفسها استهدفت المدنيين الفارين، وقتلت الأبرياء الهاربين من النزاع، ومنعت من تبقى من المدنيين من الوصول إلى المستلزمات الضرورية للحياة"، وخلص إلى أن "أفراد قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها ارتكبوا إبادة جماعية في السودان".
إبادة جماعية وجرائم أخرىوذكرت واشنطن بوست في تقريرها أن الحرب بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني أغرقت أجزاء من البلاد -التي يبلغ عدد سكانها 50 مليون نسمة- في مجاعة، وتسببت في أكبر أزمة لاجئين في العالم، واستقطبت مقاتلين من الدول المجاورة.
إعلانومع أن الصحيفة تقول إن عدد القتلى جراء المعارك غير معروف "لعدم وجود شبكة إنترنت أو هاتف في أجزاء كبيرة من البلاد"، إلا أنها تضيف أن مسؤولين أميركيين قدروا العام الماضي عددهم بحوالي 150 ألفا.
وتقول الصحيفة الأميركية إن وصف ما حدث بأنه إبادة جماعية وفرض العقوبات سيؤديان إلى تشويه سمعة حميدتي الدولية أكثر، "والتي تضررت بالفعل" جراء سيل التقارير التي تفيد بأن "قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها قد تورطت في نوبات محمومة من عمليات اغتصاب جماعي ونهب وتطهير عرقي وخطف واسترقاق وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".
وأشارت إلى أن قادة الدعم السريع درجوا على نشر مقاطع فيديو يتفاخرون فيها بما يعتبرونها "أعمالا بطولية"، أو يظهرون فيها وهم ينكلون بالقرويين.
ونسبت واشنطن بوست إلى عشرات الشهود القول إن المدنيين استُهدفوا بسبب انتماءاتهم العرقية، مشيرة إلى أن هناك تقرير تحدثت عن إطلاق النار على أطفال وهم على ظهور أمهاتهم أثناء فرارهم أو أُلقوا في النهر، كما تعرض الأسرى للتعذيب والقتل.
تحول ملحوظونقلت الصحيفة عن مجلس الأمن القومي الأميركي أن واشنطن لم يسبق لها، منذ انتهاء الحرب الباردة، أن أعلنت عن وقوع عمليات إبادة جماعية في منطقة من العالم سوى 6 مرات؛ في البوسنة عام 1993 ورواندا عام 1994 والعراق عام 1995 وإقليم دارفور السوداني عام 2004 والمناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية في عامي 2016 و2017، وفي ميانمار عام 2022.
ويُعد إعلانَا أمس الثلاثاء -بحسب الصحيفة- أقوى الخطوات التي اتخذتها الحكومة الأميركية حتى الآن منذ اندلاع الحرب الأهلية في السودان في أبريل/نيسان 2023.
وقد شكلت هجمات قوات الدعم السريع على الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، في الفترة من أبريل/نيسان إلى نوفمبر/تشرين الثاني 2023 نقطة تحوّل في الصراع، وقالت الأمم المتحدة إن ما بين 10 و15 ألف شخص قُتلوا في المدينة التي يبلغ عدد سكانها نحو 540 ألف نسمة.
إعلانوأوردت الصحيفة في تقريرها، بقلم كاثرين هورلد المراسلة في نيروبي، أن قوات الدعم السريع والقوات المتحالفة معها نهبت منظمات الإغاثة في مرات عدة، مضيفة أن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة وحده نُهبت منه أغذية تزيد قيمتها عن 60 مليون دولار، وتعرضت 85 منظمة إغاثة أخرى للهجوم والنهب في وقت يتضور فيه الأطفال جوعا حتى الموت.
تداعيات سياسيةوأوضحت الصحيفة أن كل هذه الانتهاكات حدثت عندما كان حميدتي لا يزال يروّج لنفسه على أنه رجل دولة محتمل في المستقبل، وأنه "بطل الديمقراطية" ضد الجيش "المستبد"، وأنه حصن منيع ضد الإسلاميين في الجيش، ومدافع عن حقوق الإنسان.
وأعادت الصحيفة إلى الأذهان "جولة النصر التي زار خلالها حميدتي دولا أفريقية عقب اجتياح قواته مساحات شاسعة من السودان، حيث استقبله قادة دول من كينيا إلى جنوب أفريقيا إلى إثيوبيا، وجميعهم من أصحاب الثقل الدبلوماسي" في القارة.
واعتبرت خلود خير، مؤسسة مركز "كونفلوانس" الاستشاري الذي يركز على السودان، أن إعلان الإبادة الجماعية والعقوبات من شأنه أن يوتر تلك العلاقات.
أثر العقوباتولفتت واشنطن بوست إلى أن حميدتي يرعى عائلة كبيرة تقدر قيمة الثروات التي تملكها بمليارات الدولارات، وتشمل الذهب والأسلحة والعقارات والشركات القابضة، ولكن الصحيفة لا ترجح أن تؤدي العقوبات إلى مصادرة كل ثرواته.
وقالت الصحيفة إن مراسليها أجروا مقابلات مع عائلات اختطفت قوات الدعم السريع أفرادها واحتجزتهم للحصول على فدية، وشاهدوا مقاتليها وهم يبيعون مئات السيارات المنهوبة في الأسواق.
وأضافت أن قوات حميدتي لا تزال تسيطر على مناجم الذهب التي كانت تعمل في السابق بالشراكة مع مجموعة فاغنر الروسية قبل أن تسيطر عليها موسكو بالكامل.
واتهمت الولايات المتحدة يوم الاثنين الماضي روسيا بتغذية طرفي النزاع في السودان، وتقول واشنطن إن موسكو تقدر قيمة الذهب الذي تتلقاه من السودان ودول أخرى "لأنه يساعد روسيا على التهرب من العقوبات الدولية"، على حد تعبير التقرير.
إعلان