سودانايل:
2025-02-08@10:36:20 GMT

اليوم نرفع راية إستغلالنا وحلم عودة الكيزان

تاريخ النشر: 8th, January 2025 GMT

اليوم نرفع راية إستقلالنا تلك الكلمات الخالدات التي شدا بها الإمبراطور الراحل وردي لم يدر بخلد الراحل -وهو يشدو بها- أنه سيتم إستغلالنا بين سِندال الجيش ومِطرقة الحزبية (الطائفية والعقدية الدينية) فمن فترة ٦٩ عاما حكم فيها العسكر ٥٣عاما لم يقدموا فيها مايشفع لهم قبولا او إنجازات للوطن بل أفقرونا وأذاقوناجوعا وتخلفا في النماء والإنماء وحروبا و إلي حد وصفنا بمريض أفريقيا ومجاعات فاضحة تحكي عن عجز من يحكمنا ونحن سلة غذاء العالم من واقع إمكانيات حبانا بها الله كفيلة فعلا أن نكون سلة غذاء العالم بحق وحقيقية لنصبح متسولين ننتظر طائرات الإغاثة ومايتبعها من منّ وأذي، وأصبح فشل الأحزاب المُزمن الطُعم المناسب دوما والتبرير الجاهز والشماعة الأثيرة لأي عسكري يقود إنقلابا و المقنع نفسيا للشعب للترحيب بالإنقلابات جراء فوضي الأحزاب وتخبطها وإنتهاكها الفاضح للدستور والقانون والأعراف علي قلة فترة حكمهم .

جاء إنقلاب ٨٩ مختلف تماما عن سابقاته فلقد جاء بثوب وشعار ديني- دغدغ به أشواق الشعب المتدين بالفطرة- كخطر ماحق بدأ بكذبة وسجن عرابهم تحسبا لفشل الإنقلاب بل خدعوا مصر بكل إستخباراتها أنهم بحكم قيادة البشير إتحاديين ،الكشف عن هويتهم وأهدافهم الحقيقية بدأ يهدد وجود وكيان دولة فيها كل الديانات متعايشة بسلام ووئام من قبل ، تم فصل الجنوب والتضحية به بعد أن اصبح خطرا علي مشروعههم الحضاري المزعوم اضف الي ذلك ان الجنوب كان مدعوما من الكنائس بكل زخمها وسطوتها علي حكومات وبرلمانات الغرب. .تلفتوا يمنة ويسرة بعد فصل الجنوب وتمزيقهم وتشتيتهم للأحزاب فتبقي غرب البلاد (دارفور) بدأ يطل كواقع برأسه- كقوة عسكرية وقبلية عريضة لايستهان بها- تشكل خطرا عليهم تماما كالجنوب وحجر عثرة في سبيل إقامة دولتهم الدينية و لا يوجد مبرر ديني للخلاف معهم- فهم مسلمووون - فبالتالي إستغلال ذلك الإختلاف الديني لتأجيج المشاعر ضده كماحدث بالجنوب فقرروا الصدام العسكري والحرب مع الحركات لم يتعظوا من حرب الجنوب ونتائجها وخطورتها فالخصم مسلم وله حواضن قبلية عريقة ومتشابكه وضخمة التعداد وتملك إرث نصرة المهدي وإرث إسلامي ضخم فدخلوا من خلال اخطر وتر (القبلية)وهي نار لن تنطفئ إذا إستعرت فأنشأوا مليشيا الدعم العربية الأصول والخبيرة بالمنطقة والملمة بكل تعقيداتها القبلية فاستخدموها ضد القبائل الأفريقية فإرتُكبت مجازر وفظائع يندي لها الجبين حوالي ٣٠٠الف قتيل (بإعتراف البشير)أُزهقت ارواحهم معلنة تحول الصراع إلي صراع أثني وقبلي يؤدي تماما إلي طريق التقسيم والإنفصال وهو هدف الكيزان وسبب هذه الحرب .إستوي عود الدعم عسكريا وقبلها إقتصاديا ليصبح موازيا للجيش ومعروفة هي الأخطاء ومرتكبوها التي أدت لتوسع طموحات حميدتي لعل أخطرها تدخله في حرب اليمن تحت مظلة وإسم ورعاية الجيش السوداني ففتح بذلك أمام حميدتي ابواب إتصالات وعلاقات إقليمية ودولية فتحت له أبواب التسليح ومصادر لم يكن ليحلم بها يوما ما ، أدت كل تلك العوامل إلي الحرب الحالية ودخلها حميدتي كطامح وطامع في حكم السودان وخطط لطرد القبائل العربية الشماليةوالوسط العريقة مؤسِسة السودان وعموده الفقري وصاحبة اقدم الحضارات في حوض النيل وصاحبة التصدي لكل غازِ ومستعمر وطامع في الثروات دخل عبر بوابة الشمال .مشروع حميدتي قائم علي توطين عرب الشتات بالغرب والوسط الافربقي تحت حكم وسيطرة ومملكة آل دقلووإحلالهم محل الشمال والوسط وتمرحل في إظهار هدفه ونواياه الحقيقية واعدا بالمدنية والديمقراطية وكشف مسار الحرب وإستقدام الأسر والجماعات للإستيطان بالخرطوم والجزيرة ومدني وبدأ الإستيطان بالقبائل المتحالفة معه والمتواجدة باحزمة العاصمة وكنابي الجزيرة وقري الفاو(ام القروي)وماجاورها وأدخل الجنوبيين ضمن بازار التوطين فسكنوا الدور وتجند أبناءهم وقاتلوا ضمن قواته .ولو كان للرجل حس سياسي بسيط او مستشارين واسعي الثقافة والافق قليلا وقراءة للتاريخ لأدركوا إستحالة تحقيق ذلك الحلم المستحيل في السودان نهائيا وأنه حكم علي نفسه وقبيلته ومن يؤازره بالإعدام السياسي ثم المجتمعي تماما من السودان وشواهد التاريخ الحديث والقديم تؤكد ذلك.الحرب الحالية وتداعياتها الخطيرة واحدة من آثار حكم العسكر العقديين وهي أخطر أزمة يمر بها الوطن .والمؤسف أنهم إتخذوها سلما للعودة للحكم بإستغلال رخيص ومتاجرة أرخص كإطلاق إسم (معركة الكرامة) مثلا لإستنهاض الشعب نفس المتاجرة بالشعارات في بدايتهم( لا لدنيا قد عملنا )فكانو هم الدنيا بكل زخرفها . ماكان لسوداني أن يعترض علي حمل الأسلامويون السلاح والقتال بجانب جيش السودان فهو واجب كل سوداني مهما كان إنتماؤه لكن أن تتبني الحرب وتتبني النصر وانك كتنظيم لك القدح المعلي في النصر المرتقب بإذن الله .وغيرك شارك وقاتل واستشهد قدمت بعض القري شهداء وصل إلي ال٨٠٠ شهيد لم نسمع منهم انهم يستحقون أن يحكموا عطفا علي ماقدموه من شهداء .الحركات لم نقرأ او نسمع تصريحا لهم مالك عقار درع السودان المستنفرين بكافة أرجاء الوطن يعادلون عدد كتائب البراء وبقية كتائب الظل لم نسمع لهم حِسا او ركزا!! تجاة أحقية الحكم لهم حتي لجان مقاومة الثورة شاركت وقاتلت دون مِنة أو أذي وقدمت الشهداء وقادت العمل الطوعي ومواساة المواطنين تحت وطأة ظروف قاسية جدا.الثابت أن السودان خرج عن بكرة أبيه ٤ أشهر يناضل وتوج ذلك في ديسمبر المجيد بثورة سلمية وأعلن رأيه في فشل مشروعكم الحضاري واعلن رفضه لحكمكم تماما .لتستعينوا بكوادركم بالجيش لتعطيل قطار الثورة وصولا لإنقلاب ووصولا لحرب مدمرة كل ذلك ليعود ألقكم وحكمكم كما ذكر عبد الحي يوسف والناجي عبدالله- (وماهو بناجِ)فشهوة الحكم تعمي البصائر وتغلق أبواب القلوب(أم علي قلوب أقفالها)- يطوف بالقري والهجر مبشرا بالعودة والفاتح عزالدين(ربرب ربرب) يقرع أجراس الإمتحانات هل هنالك مؤشرات اوضح من ذلك أن هذه الحرب طريق العودة للكيزان ؟؟ وصمت جنرالات السيادي عن كل تلك المؤشرات بعودة الكيزان من خلال هذه الحرب .هل يستحق العودة للحكم بالقوة أن تصل بالبلاد والعباد هذه المواصل والفتنة والقتل الدموي وتشريد ١٥ مليون مواطن ومجاعة كارثية علي الابواب تهدد ٢٥ مليون مجاعة حدت بكم للإنسحاب من منظمة اممية (خاصة بتقييم مؤشرات الجوع والمجاعات لتقديم العون العاجل) تحت ذريعة الخوف من التدخل بالمساعدات (دس المحافير)غير عابئين بالمجاعة الحقيقية التي إنتظمت البلاد لنتكلم فقط عن الجزيرة دعك من دارفور التي دقت المنظمات أجراس الخطر باكرا فبالعقل والمنطق إنسان الجزيرة فقد كل موارد رزقه ود عمله متجره حقله مصنعه ورشته ولاتوجد وزارات ولا مصانع (تم تفكيك ٢٤٦ مصنع وشحنها للغرب حسب إفادة غرف الجزيرة التجارية) كل ما يمكن أن تتصوره من أسباب لكسب سبل العيش متعطلة تماما ولولا تكايا المغتربين تمويلا وتحويلات لمات الناس جثثا مرمية بالشوارع.مرعب ومخيف أن تصبح حياة او موت المواطن آخر إهتماماتكم من ستحكمون إذن ؟؟؟مالفرق بينكم وبين ماتفعله المليشيا بمواطن الجزيرة ؟؟وأنتم تمنعون دخول الدواء والغذاء لماذا لاتشترطون إشراف المنظمات الإنسانية الامنية ومراقبون من قبل الجيش لتشرف علي تسليم المواطن الغذاء والدواء؟؟ماهي وأين المشكلة.؟؟؟فلا تحرير قريب للجزيرة يبعث الأمل في قلوبنا كل ماهنالك معارك كر وفر متكرره تدخلون منطقة وتنسحبون من اخري وإعلام مخدر (أبشروا صدرت التعليمات لتحرير مدني ) (نحيط بمدني إحاطة السوار بالمعصم) كيكل دخلنا ام القري دخلنا ود راوه ساسترجع تمبول خلال ٧٢ ساعه هُراء وهباء وفساء ومع ذلك لا سماح بدخول المساعدات لحين التحرير ومتي التحرير أين المفر؟؟ الحاج عبدالله مفتاح دخول مدني لماذا الوقوف علي أبوابها؟؟منذ مايقارب الشهر والإكتفاء بمناوشات بقري ليست إستراتيجية مالذي يجري ؟؟وفتح ابواب غزل سياسي وتفاوض مع الدويلة!!هل سال اللعاب لمساومة تريلونية وإعادة إحياء المليشيا وإنقاذها من اكبر مقتلة تشهدها افريقيا بعد تضامن السودان كله في خشود غير مسبوقة كافية لسحق المليشيا بمعني سحق وإبادة تامة ، ماذا وراء تصريحات الخارجية المائعة. إن القبول بتفاوض لايتضمن وقف فوري للتسليح وخروج المليشيات تماما ونهائيا من السودان وإعادة إعمار البلاد والتعويضات علي نفقة الدويلة هذا هو الحد المقبول خلاف ذلك ترقبوا ثورة لا تبقي ولاتذر.علي البرهان وقادة الجيش أن جرح ماحدث عميق جدا هنالك دماء وكرامة مُرغت بالأرض والمحاسبة آتية ولجان التحقيق آتية فأي تفكير في إعادة الكيزان والشعب يراقب بقلق مؤشرات تلك العودة تحت سمع وبصر البرهان و قادة الجيش و أي تفكير في الحكم العسكري يعني ثورة عارمة من أنفس مقهورة ومجروحة ولن يغسل البحر وبعده ٧بحار الدماء التي سالت ولا عودة عن عودة المدنية والديمقراطية الجنجويد للفناء التام والجيش إلي ثكناته .راية  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

حرب الجريمة والعقاب في السودان

ما هي دلالات التطورات الأخيرة في ملف الحرب الجارية في السودان منذ عامين؟ ولماذا فقدت قوات الدعم السريع سيطرتها على المواقع، التي احتلتها بسرعة السيطرة عليها؟ إن ما شهده ويشهده السودان في الأسابيع الماضية من أحداث متسارعة على صعيد العمليات في ميادين القتال، من تقدم لقوات الجيش السوداني، وما أحدثه من اختراق في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع، وعودة قائده إلى مقر القيادة العامة، ما وضع المحللين أمام حيرة، لم تعد أسئلتها تثير الدهشة أكثر من مفاجآت الأحداث على الأرض. وهذا يشير إلى تنفيذ الجيش استراتيجية، كما يشاع عنها، طويلة المدى، تمكنت من امتصاص قسوة الصدمات الأولى، وبدأت مرحلة الهجوم المضاد.
هذه الأحداث المقروءة مع موقف الدعم السريع في الشهور الماضية من زعمه تشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرته، وموقفه من المعارك والخسائر التي تكبدتها قواته في أكثر من موقع، تؤكد أن موقفه العسكري والسياسي، لم يعد يسير وفقا لمخططاته في بداية الحرب في مواقع سيطرته. ولكن اللافت أن تأرجح موازين القوى الضاربة بين الطرفين، منذ أسابيع قليلة في الحرب الجارية، بدا تأثيره واضحا على مجريات العمليات بين الجيش والدعم السريع، وبالتالي تحولت طبيعة الحرب من حرب على مستوى المتقاتلين من حملة السلاح، إلى جرائم مرتكبة عمدا بحق المدنيين، وهذا ما شاهده العالم من فظاعات بربرية من ذبح على قارعة الطرقات لمدنيين بتهم ثأرية، لا يبررها منطق الحرب نفسه. ويحمل هذا التحول في طبيعة الحرب سلوكا لا يمكن تفسيره إلا في حدود التدمير الذاتي، والحالة النفسية التي وصلت إليها الشخصية السودانية في مستوى سلوكها العنيف، على ضوء نظرية التحليل النفسي الفرويدي في غزيرة الموت والتدمير الذاتي عند الإنسان.
ولكن ما الذي أوصل الأمور إلى ما هي عليه، وهل الحرب تحولت إلى انتقام ثأري لا يفرق بين المقاتلين والمدنيين، إلا على ما انتجته الحرب من تصنيف جديد على أساس (الهوية) العرقية والجهوية. وشملت هذه الهويات مناطق جغرافية تحدد بما يسمى بالحواضن الاجتماعية، وهو تعبير غير بريء، ينطوي على عقاب جماعي لمناطق ننسب إليها الانتماءات الإثنية لمجموعات الدعم السريع في مناطق يستهدفها الجيش بالطيران، الأمر الذي أدى إلى مجازر في مدينة نيالا، أو القذف المدفعي العنيف كما حدث في مدينة أم درمان راح ضحيتها المئات، ولقيت هذه الهجمات إدانات واسعة في حرب لا غاية لها سوى المجازر.
ولكن كيف تحولت الحرب ونتائجها إلى موجات ثأرية بشعة تستهدف المواطنين على أساس القتل على الهوية، وهو اصطلاح ينطوي على عنصرية راسخة في سياق تداول العقل الجمعي قبل وبعد الحرب؟ فمنذ اندلاع الصراع الدموي بين الجيش وقوات الدعم السريع في الخامس عشر من أبريل 2023 مضى خطاب الحرب التحشيدي من الطرفين على بعث القيم القبلية والجهوية المستكرهة، التي تصاعدت على مدى تمدد نيران الحرب فليس من المستغرب أن تنتهي إلى ذروتها الفاشية الآن، وتبنت الجماعات المقاتلة من الطرفين وحلفاؤهما مبدأ الانتقام البدائي الفردي وقسوته تطبيقا لقانون قتل طقوسي. ويقوم الطرفان أيضا بارتكاب الانتهاكات كل في نطاق سيطرته ومدى تقدمه في مواقع الآخر لكنها تستهدف بصورة قصدية المواطنين العزل، الذين يؤخذون بتهم خالية من روح القانون في أبسط إجراءاته، ولأن التهم مسبقة وطريقة القصاص الإيجازي ضد من يطلق عليهم بالمتعاونين وما ينفذ بحقهم، يخالف عقابا على ما يعتبره المنفذون جرائم تستحق الذبح على الطريقة الداعشية، خاصة أن كتائب تتبع للجيش تنتهج النهج ذاته، مستعيدة لسوابق ممارسات الانتهاكات في الحروب السودانية طوال تاريخ البلاد السياسي وصراعاته الداخلية والقبلية ونزاعاته العسكرية.
وإذا كانت مشروعية حرب السودان وأي حرب أخرى داخل الدولة يحددها الهدف من شنها، أو التصدي لها في حدود مسؤولية جيش الدولة. أما وقد تمددت الحرب في السودان على مدى عامين بين طرفين، خلقا حالة من الفوضى الأمنية التي مهدت لتداعيات الحرب غير المحدودة بآثارها الكارثية على المستوى الإنساني، منها هذه المذابح والتصفيات العرقية. ولأن الحرب لم تتوقف على صراع الطرفين على سلطة لم يعد لها وجود، فقد تحولت إلى حرب الكل ضد الكل على أسس ظلت جزءا من الحرب، وبالتالي اتسعت بقدر استخدام المتقاتلين لكل محظورات الحرب من تقتيل للمدنيين وانتهاكات صارخة اجتمعت حولها كل مظاهر الإبادات الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، بما تجرمه القوانين والشرائع والضمير الإنساني. إذن لا مشروعية لسيادة دولة تمارس حدود سلطاتها ضمن سيادتها ونطاقها الدستوري ما ينافي ما تواضعت عليه الأمم من حفظ لكرامة الإنسان في مواثيق أممية موقعة عليها الدولة نفسها. فالسيادة تكون مقيدة في حالة تخلي الدولة عن واجباتها، بل تبني سياسيات منحازة كما الحال في السودان وحربه الأهلية بين مكوناته الاجتماعية التي تضع الدولة في مواجهة معادلة معقدة بين مشروعية الحرب وحقوق الإنسان، ولأن طرفي الحرب لا تعنيهما المواثيق والمقررات الدولية في الحفاظ على سلامة المدنيين، لذا جاءت ضحايا الحرب أكثرهم من المدنيين العزل على نحو ما شاهده العالم.
والجيش بدوره أو عقيدته القتالية، أيا يكن وزنها بعد هذه الاختراقات التي أحدثتها لن يتوقف عند حدود ما أنجزه داخل العاصمة المثلثة، وولاية الجزيرة وسط البلاد، فكل تقدم للجيش يعني تراجعا لقوات الدعم السريع على الناحية الأخرى، ما يعني أيضا تصعيدا في المواجهات قد لا يحتملها موقف الدعم السريع العسكري الراهن من استعداد يتطلب موارد تزداد تكلفته البشرية واللوجستية. وفي غياب أي أفق للتفاوض، أو كما صرح قائد الجيش الفريق البرهان ألا تفاوض مع المتمردين، أو سلام، فإن موجة الصدام العنيف ستمتد في اندفاع جامع تأخذ بكل أسباب القوة في تجاهل للمسببات الأخرى، التي ستحدث جراء استخدامها ضد مكونات ومناطق بما يفسر بالاستهداف المتعمد لعناصر غير مدنية، غير مسلحة. وهذا ما يصعب تجنبه في ظل وجود أذرع عديدة للمقاومة الشعبية، تدفعها مرارات محتقنة جراء ما أصاب مناطقها وسكانها أثناء اقتحام الدعم السريع لها. وهذا بدوره سيقود إلى مواجهات على أساس من عوامل غير منضبطة بالمعنى العسكري والأخلاقي؛ ومثل هذه المواجهات المباشرة بين المواطنين لا يكبحها إلا قوة القانون التي تنفذها جهات حكومية مسؤولة، بما يتناسب وقدرتها على تحمل تداعيات ما بعد الحرب.
وقد صاحب هذه التحركات العسكرية للجيش تصاعدا محتدما في مواقع أخرى، خاصة في غربي البلاد حيث مناطق سيطرة الدعم على ولايات دافور، وما يدور من حصار وتصد لقوات الدعم، التي تحاول دخول مدنية الفاشر كآخر المدن وأهمها لرمزيتها السياسية والتاريخية في ولاية دارفور. ويؤشر الموقف العسكري لقوات الدعم إلى تراجع بقوات باتت مفككة عن قياداتها، ومراكز سيطرتها وبالتالي انقلب ميزان القوى في الحرب الذي بدا يميل لصالح الجيش ميدانيا. فالتحركات العسكرية المشحونة تتفاعل فيها مشاعر الردع والانتقام أكثر من أي نتيجة تتصل بالسلام، أو ما يقرب المسافة عند أي نقطة التقاء في تفاوض سلمي تداولا لشأن الحرب. وربما فرض هذا الشعور ثقة الجيش في كسب معركته وتراجع الدعم السريع. وبهذا تكون الحرب قد اقتربت من نهاية محتومة يشوبها الحذر مما قد يحتمل تحولها إلى بداية حرب أخرى، إن لم تكن حروبا أخرى تختلف في المناطق والأهداف.
هذه الجرائم الإنسانية التي أدانها مجلس الأمن الدولي في بيان صدر مساء الجمعة الماضي مدينا لموجات العنف ضد المدنيين، وطالب بعض الجهات السياسية الوطنية بتدخل دولي عاجل لوضع حد لهذه الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي تسبب فيها قتال الطرفين. وكلما تأخرت الاستجابة الدولية في الأزمة السودانية ازداد حجم الفظائع الموجهة ضد المدنيين، فلا وجود لحل داخلي أو إقليمي، يمكنه ممارسة الضغط على طرفي الصراع. ففي تعدد أشكال العدالة التي يجب تطبيقها على مرتكبي الانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية قد تبدو بطيئة عبر إجراءاتها البيروقراطية المعقدة، وأبعادها السياسية أو يستحيل إنفاذها في الظروف الراهنة. فالتدخل الدولي وفق بنود الفصل السابع قد استحقها الوضع في السودان، بل تجاوزها من تهديد للسلم والأمن الدوليين إلى الإبادة الجماعية التي يمنعها القانون الدولي ويعاقب عليها بمنطوق اتفاقية الأمم المتحدة للإبادة الجماعية 1948 التي طُبقت تعريفاتها المنصوص عليها في الاتفاقية، حرب السودان من الاستهداف الجماعي والإثني والأذى الجسدي وغيرها من اضرار تلحق بالمستهدفين.
كاتب سوداني
القدس العربي اللندنية / السبت 8 فبراير 2025م

nassyid@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • حرب الجريمة والعقاب في السودان
  • المهندس إبراهيم مصطفى: خطط جاهزة لاعمار مشروع الجزيرة
  • الحرب في ولاية الخرطوم محسومة تماماً، قبل ما تبدا المعركة الفاصلة
  • عودة آلاف النازحين إلى مدينة “ود مدني” وسط السودان – فيديو
  • ضياء الدين بلال يكتب: القوة الخفية التي هزمت حميدتي (2-2)
  • وزير الدفاع الأمريكي: سنزود إسرائيل بكل الاسلحة التي تحتاجها
  • مركز الملك سلمان للإغاثة يوزّع طنين من التمر في محلية مدني الكبرى بولاية الجزيرة السودانية
  • تهجير بلا عودة.. خلطة ترامب المسمومة
  • السودان يعلن صفر إصابة بمرض خطير و توجيهات بشأن إيبولا و60 الف سوداني في يوغندا وتقرير يكشف تفاصيل وإحصائيات أمراض وأعداد نازحي الجزيرة
  • صحة السودان تتابع المستشفيات التي دمرتها الدعم السريع