8 يناير، 2025

بغداد/المسلة: في خضم النقاشات التي تعصف بالمشهد السياسي العراقي، يظل النظام الديمقراطي التعددي هو حجر الأساس الذي يستند إليه استقرار البلاد، رغم التحديات الداخلية والخارجية التي تواجهه.

و العراق، الذي عانى عقودًا من الأنظمة الشمولية، نجح منذ 2003 في إرساء نظام يتيح المشاركة السياسية للجميع ويضمن تداول السلطة عبر الانتخابات.

ومع ذلك، تتجدد المخاوف من محاولات غير ديمقراطية لتغيير مسار النظام، في ظل المتغيرات الإقليمية المتسارعة.

رئيس الوزراء محمد شياع السوداني شدد على أن العراق، بخلاف تجارب أخرى في المنطقة، يتمتع بنظام ديمقراطي يتيح معالجة أي خلل تحت سقف الدستور والقانون.

و  في كلمته الأخيرة، وصف السوداني الحديث عن تغيير النظام السياسي بـ”الوهم”، مؤكداً أن الإصلاحات المطلوبة لا يمكن أن تأتي عبر الفرض الخارجي أو السلاح، بل عبر الآليات الديمقراطية التي تحكم العراق منذ أكثر من عقدين.

هذا التوجه يتماشى مع رؤية أطراف عدة داخل النظام السياسي، حيث يرى السوداني أن النظام الحالي هو نتاج عملية شاقة من البناء الوطني، تستدعي مراجعة مستمرة لكنها لا تحتمل المغامرات أو التدخلات التي قد تقود إلى الفوضى.

أصوات تحذر من المخاطر

في المقابل، لم تغب التحذيرات من المخاطر التي قد تهدد النظام.

نوري المالكي، رئيس الوزراء الأسبق، أشار إلى أن هناك “مؤامرات خارجية” تهدف إلى زعزعة استقرار العراق وربطه بأحداث إقليمية مثل الحرب في سوريا. هذه التصريحات تعكس قلقًا حقيقيًا من إمكانية استغلال القوى الخارجية للوضع العراقي الهش لتحقيق أهداف جيوسياسية، من بينها إضعاف دول المنطقة.

الدعوة إلى الإصلاح من الداخل

من جهة أخرى، يبرز تيار يدعو إلى الإصلاح من داخل النظام نفسه عبر القضاء على الفساد وهو موقف يجد صداه لدى نشطاء ومحللين يرون أن الاحتكام إلى القانون والاحتجاج السلمي هو الخيار الوحيد لضمان استمرارية الدولة ومنع انزلاقها نحو العنف.

رغم التصريحات التي تؤكد استقرار النظام السياسي العراقي، إلا أن تحديات داخلية لا تزال ماثلة. اتهامات بـ”المحاصصة الطائفية” وضعف في البنية الدستورية، إلى جانب تراجع نسب المشاركة في الانتخابات، كلها عوامل تلقي بظلالها على شرعية النظام في نظر بعض شرائح المجتمع.

أستاذ الإعلام في جامعة بغداد، علاء مصطفى، يرى أن هذه التحديات الداخلية تجعل النظام عرضة للتأثيرات الخارجية، خصوصاً في ظل العقوبات الاقتصادية واحتمال تغير السياسات الأميركية تجاه العراق.

إجماع القوى السياسية على ضرورة حماية النظام الديمقراطي لا يعني بالضرورة تجاهل المطالب الشعبية.

وهناك إدراك واسع بأن استقرار العراق يبدأ من الداخل، عبر إصلاحات سياسية واقتصادية تعيد الثقة بالنظام وتحقق العدالة للجميع.

 

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

زيارة السوداني إلى طهران: تحولات سياسية تحت الضغط الإيراني والأمريكي

يناير 7, 2025آخر تحديث: يناير 7, 2025

المستقلة/- في خطوة تثير العديد من التساؤلات حول ملامح السياسة العراقية المستقبلية، أعلن السفير الإيراني لدى بغداد، محمد كاظم آل صادق، عن زيارة مرتقبة لرئيس مجلس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، إلى طهران يوم الأربعاء المقبل، تلبية لدعوة رسمية من الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان. هذه الزيارة، التي تستغرق يوماً واحداً، تُعتبر حدثًا هامًا في سياق العلاقات الثنائية بين العراق وإيران، وتستهدف مناقشة قضايا عدة، أبرزها تطورات الأحداث في سوريا.

ماذا وراء الزيارة؟

الزيارة تأتي في وقت حساس، حيث تتعقد الأوضاع الإقليمية، لا سيما في سوريا التي ما زالت تعيش حالة من عدم الاستقرار. وقد أوضح السفير الإيراني أن الزيارة تأتي لمتابعة تنفيذ الاتفاقيات التي تم التوصل إليها خلال زيارة الرئيس الإيراني إلى بغداد في أيلول الماضي. هذا التوقيت يفتح الباب للعديد من الأسئلة حول نوايا الحكومة العراقية في هذا السياق: هل هي خطوة لتعزيز التحالف الاستراتيجي مع إيران؟ أم أن العراق يسعى لتحقيق توازن في علاقاته مع القوى الكبرى في المنطقة؟

الملفات الحساسة على الطاولة

من بين القضايا التي سيبحثها السوداني مع القادة الإيرانيين، ستكون “التطورات الأخيرة في سوريا” أحد المحاور الرئيسية. هذا الملف يشير بشكل غير مباشر إلى التوترات المستمرة في الشرق الأوسط، ويدفع العراق مرة أخرى إلى الواجهة كطرف محوري في المعادلة الإقليمية. فهل سيوافق العراق على مزيد من التعاون مع إيران في الملف السوري؟ وهل يمكن أن تساهم هذه الزيارة في تغيير موقف العراق من الأوضاع في سوريا؟

التوازنات الإقليمية: ضغوطات أمريكية واهتمام إيراني

أسبوعًا قبل الزيارة، كشفت مصادر مطلعة عن تلقي رئيس الوزراء السوداني رسالة من الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، عبر مبعوث خاص، تضمنت عدة محاور مثيرة للجدل. من بين هذه المحاور، تم التأكيد على ضرورة “احتواء السلاح خارج إطار الدولة” و”إيقاف نشاط الفصائل المرتبطة بإيران”. هذه الضغوط الأمريكية قد تؤدي إلى توتر إضافي في العلاقات بين العراق وإيران، حيث يُنتظر أن يطرح السوداني رؤية العراق بشأن استقرار المنطقة أثناء زيارته لطهران.

هل ستؤثر الزيارة على العلاقات العراقية الأمريكية؟

في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة العراقية إلى الحفاظ على توازن العلاقات مع القوى الإقليمية والعالمية، قد تثير زيارة السوداني إلى طهران توترات إضافية مع الولايات المتحدة وحلفائها. فهل سيظل العراق قادرًا على المناورة بين الضغوط الإيرانية والأمريكية؟ وهل ستدفع هذه الزيارة إلى مزيد من الاصطفافات الإقليمية المعقدة؟

العراق في مفترق الطرق

تعتبر هذه الزيارة علامة فارقة في السياسة الخارجية العراقية، خصوصًا في ضوء التوترات المستمرة في المنطقة. من جهة، تسعى الحكومة العراقية لتعزيز علاقاتها مع إيران في وقت حساس، ومن جهة أخرى، تواجه تحديات داخلية وخارجية تدعوها للبحث عن استقرار أمني واقتصادي يضمن لها الحفاظ على علاقات متوازنة مع مختلف الأطراف الدولية.

ويبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن الحكومة العراقية من الحفاظ على استقلالية قرارها السياسي في ظل الضغوط الإقليمية والدولية المتزايدة؟ وهل ستفتح هذه الزيارة الباب لمزيد من التحديات السياسية في المستقبل؟

مقالات مشابهة

  • رشيد والمالكي يؤكدان على حماية النظام السياسي للحفاظ على السلطة والمال
  • الكهرباء العراقية تعتزم التعاقد على 100 مليون قدم مكعب قياسي من الغاز
  • الحكومة العراقية تصدر قرارات جديدة
  • الحكومة العراقية تصدر قرارات جديدة - عاجل
  • زيارة السوداني إلى طهران: تحولات سياسية تحت الضغط الإيراني والأمريكي
  • "هنو" يكشف التحديات التي تواجه وزارة الثقافة
  • اثيل النجيفي: التغيير السياسي في العراق قادم والنفوذ الإيراني سيتراجع لسببين
  • تداعيات سوريا على العراق: هل ينهار التوازن الطائفي؟
  • النقد الدولي: ندعم الإصلاحات العراقية التي تبعد سوق النفط عن الأزمات