(1) ما يثار عن المبادرة التركية بين السودان والامارات العربية المتحدة هو فى خلاصته سيناريو لتغيير المسار من تفاوض بين دولتين وفق مبادئ القانون الدولي إلى مقاربات (خشنة) تعتبر الامارات فيه نفسها كضامن بإسم مليشيا الدعم السريع ، على أن تكون تركيا ضامن لموقف الحكومة السودانية ، وبذلك تضمن الأمارات دخول مليشيا الدعم السريع فى معادلة التفاوض ونتائجها وتتجنب اتهامها بتبنى قضايا ذات شأن داخلي.

.
وما نشر من تسريبات فى نقاط محددة ، هو فى حقيقة الأمر تحقيق لثلاث اهداف دفعة واحدة ، فهى قياس نبض لتوجهات الرأى العام و(امنيات) لإنعاش معنويات طرف متعسر ، و (تخمينات) لإرباك المشهد السياسي الداخلي ، وما تم من تصعيد فى بعض المنابر هو أمر مقصود.. وسنأتى لذلك بالتفصيل إن شاءالله..
(2)
يؤسس مبدأ الوساطة بين الدول على اربعة نماذج اساسية:
– تقريب وجهات النظر من خلال المقاربات والنصح..
– دراسة نموذج لما ينبغي أن تكون عليه العلاقات ، وهذا نتاج دراسات خبراء فى الاقتصاد والدبلوماسية والقانون الدولى
– تطبيق نماذج تجارب مماثلة والاسترشاد بها..
– ونموذج أخير ، هو أقرب الى (فك الشفرات) ، وهو ما يسمونه السلوك العقلاني..
وفى السنوات الأخيرة ، شهدت مفهوم التفاوض دخول معادلات اخري:
– اولها: السلوك (الخشن) ، أى التهديدات والضغوط ، وقد شهدنا ذلك فى حالة مفاوضات جنيف ، وفى اغلب تحركات الولايات المتحدة الأمريكية ، فهى اقرب إلى فرض الارادة ، وقد يكون ذلك السلوك الخشن من أحد الأطراف لاخضاع الطرف الآخر..
– وثانيا: دخول (المفاوض) كضامن ، وحدث ذلك فى كثير من الحالات ،
(3)
تلتمس الدول فى بدايات اخرى أى وساطة بعض الأسباب الدافعية للاستمرار فى المفاوضات أو التوقف ، وهو ما يسمى باللقاءات الاستكشافية ، موقف كل طرف وتحفظاته ، وكل ذلك فى حدود المسؤوليات ، أى تجنب الدخول فى الشأن الداخلي للدول ، وهذه النقطة هى أول مقياس يشير إلى عدم صحة ما يتم تداوله عن مبادرة حول الخلاف السوداني – الاماراتي ، حيث تضمن قضايا من الشأن الداخلي..
ويجوز فقط للسودان الطلب من الأمارات التوقف عن دعم مليشيا آل دقلو الارهابية ، ولا تملك الإمارات سوى الدفاع عن موقفها..
ومن اسباب نجاح المفاوضات حول الوصول إلى طريق مسدود ، وما زال هذا الشوط بعيد التحقق ، حيث ترجيح كفة الحكومة السودانية فى الميدان العسكري ، ورغم محاولات رفع مكاسب المليشيا من خلال زيادة كلفة الحرب بإستهداف المدنيين بالقصف أو التجويع ، أو محاولة الدخول إلى الفاشر ، لاعطاء جرعة معنوية ، أو المضى قدماً فى مقترح حكومة منفى ، فإن فرص هذه المناورات محدودة التأثير..
ومع انفتاح القوات المشتركة فى كافة انحاء دارفور ، وصمود الفاشر ، فإن حسابات الميدان معقدة ، ولن يعترف أحد بحكومة طريدة..
ولذلك فإن الأمارات فى مرحلة تقييم المكاسب من استمرار الحرب ، مع اقتراب عودة الرئيس الامريكي دونالد ترامب ولادارته منهج آخر فى التعامل مع النزاعات الدولية ، وخلاصته : (نزع اليد)..
(4)
ما صدر من تسريبات عن نقاط محددة هى محض واحدة من ثلاثة ، اما (جس نبض) أو (تخمينات) من يسمون انفسهم خبراء دون خبرة أو (أمنيات) يائسة ، فهى تضمنت نقاط تعتبر شأناً داخلياً..
ولإحداث مقاربة أكثر فإن الاحتمالات الراجحة هى :
– خروج الإمارات من دائرة التفاوض مع الحكومة السودانية و ادخال الدعم السريع كطرف اصيل والدخول كضمان ، وبذلك تتبني اجندة مليشيا الدعم السريع دون حرج وتضمن فى سياق ذلك مصالحها ومطلوباتها ، ولهذا تم نشر هذه التسريبات ، والترويج لها ، وتبناها البعض بالموالاة أو الانتقاد ، وكلها تأتي ضمن اهداف التسريب..
– اما الاحتمال الثانى هو وساطة تركية بين أطراف سودانية ، وهذا مستبعد ، لان هناك منابر اقليمية ودولية قطعت مشوارا فى هذا الجانب..
من الضروري ، أن تستبق الحكومة السودانية ، مثل هذه المبادرات واللقاءات ذات الشأن المعقد ، بالتوضيح والتفسيرات ولا يكفي العبارات البروتكولية ، ويمكن للحكومة كذلك تسريب ما تراه بما يتفق ومصالحها..
حفظ الله البلاد والعباد
د.ابراهيم الصديق على
7 يناير 2025م

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الحکومة السودانیة الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

???? مقتل قادة الدعم السريع.. ما وراء العمليات المباغتة؟

الخرطوم- تعرّضت قوات الدعم السريع في السودان لضربات موجعة، خلال الأسابيع الأخيرة، طالت عددا من قادتها الميدانيين الذين كانوا رأس الرمح منذ بدء معارك أبريل/نيسان 2023 ضد الجيش السوداني.

وتمكن الجيش مؤخراً من تحييد أكثر من 6 قادة بالدعم السريع أبرزهم: مهدي رحمة الشهير بـ”جلحة”، واللواء عبد الله حسين، والعميد الطاهر جاه الله، والقائد الميداني سليم الرشيدي، والقائد الميداني عبد الرحمن قرن شطة.

وسبقهم عدد من القادة الميدانين الذين تعرضوا للقتل منهم: المقدم عبد الرحمن البيشي أبرز القادة المؤثرين داخل الدعم السريع، وعلي يعقوب الذي أوكل إليه مهمة السيطرة على الفاشر، وكذلك اللواء عيسى الضيف.

الصف الأول
وفي بداية الحرب أواسط أبريل/نيسان 2023 كاد الدعم السريع أن يفقد عناصر الصف الأول من قادته الميدانيين حيث سجل مقتل نحو عشرة منهم حينها. ففي اليوم الثالث للحرب تمكن الجيش السوداني من قتل اللواء مضوي حسين ضي النور الذي كان يُعد أبرز سواعد قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي”.

ووفقا لمصدر ميداني تحدث للجزيرة نت، تمكّن الجيش السوداني من تحييد ضي النور، بمنطقة جبرة جنوبي الخرطوم، والذي عمل مديرا لاستخبارات الدعم السريع في وقت سابق وقائدا للقطاع شرق البلاد، وهو واحد من مؤسسي هذه القوات وكان ضمن نواتها الأولى.

إعلان

ولم يتوقف الأمر عند اللواء ضي النور، بل تمكن الجيش -الأيام الأولى أيضا- من تحييد المقدم موسى قارح قائد قوة العمل الخاص بالدعم السريع، في ضاحية شمبات، طبقا لمصدر في الجيش.

ويُعد قارح من أصلب عناصر الدعم السريع التي كان يعتمد عليها حميدتي في معركته مع الجيش، ويقود قوة من نخبة الدعم، وتمكن الجيش من اصطياده مبكرا وتحييد عدد آخر من العناصر المساندة له.

ولاحقا أيضا، تمكن الجيش من قتل المقدم عبد الرحمن البيشي عبر طلعة جوية طالته أثناء وجوده في بلدة طيبة اللحوين بولاية سنار جنوب شرقي البلاد.

ولعب المقدم البيشي دورا كبيرا في سيطرة الدعم السريع على ولاية الجزيرة، كما تمكن من السيطرة على مقر “الفرقة 17 مشاة” التابعة للجيش بمدينة سنجة وسط البلاد. وتمدد البيشي بقواته إلى تخوم مدينة الدمازين جنوب البلاد، وكان وثيق الصلة بقائد الدعم السريع.

وغربا، تمكّن الجيش والقوة المشتركة المتحالفة من تحييد القائد الميداني الأبرز اللواء علي يعقوب جبريل قائد قوات الدعم السريع وسط دارفور.

وكان اللواء جبريل قد تمكن في وقت سابق من السيطرة على مقر “الفرقة 21 مشاة” التابع للجيش بمدينة زالنجي وسط دارفور، ثم أوكلت له مهمة إسقاط “الفرقة السادسة مشاة” بمدينة الفاشر، قبل أن يتمكن منه قناص يتبع للفرقة ذاتها ويقتله بالمدينة نفسها.

هزائم وتخابر
وتصاعدت استهدافات قادة الدعم السريع بشكل لافت خاصة الآونة الأخيرة، حيث فقدت هذه القوات عددا من قادتها الميدانين في ولايتي الجزيرة والخرطوم.

وخلال الأسبوعين الماضيين، أعلنت قوات الدعم السريع مقتل عدد من القادة الميدانين، منهم مهدي رحمة “جلحة” الذي قاد قوات تعمل كمرتزقة في ليبيا قبل أن يعود إلى السودان ويتحالف مع “الدعم السريع” عبر قوة يطلق عليها “التدخل السريع” تخضع لقيادة حميدتي.

إعلان

وتبع “جلحة” مقتل العميد الطاهر جاه الله قائد ثانٍ لدى قوات الدعم السريع بولاية الجزيرة (وسط) و3 قادة آخرين. ويوم الأحد، قُتل اللواء عبد الله حسين قائد ميداني بقوات الدعم السريع بالجزيرة، وتمكّن من السيطرة على مقر قوات الاحتياطي المركزي المساندة للجيش جنوب الخرطوم وشن هجمات عنيفة على سلاح المدرعات في أغسطس/آب 2023.

وعقب مقتل هؤلاء القادة بطريقة متسارعة، انتشرت اتهامات واسعة تشير إلى أن عمليات القتل ربما تمت بواسطة أيادٍ داخل قوات الدعم السريع التي يصفها العقيد ركن خالد ميكائيل القائد الميداني بالجيش -في تصريحات للجزيرة نت- بأنها عبارة عن “مليشيات تفتقد الضبط والربط، وليس لهم هدف أو غاية. لذا تنعدم فيهم روح الجندية وتقدير القادة”.

ورجح ميكائيل اغتيال قادة الدعم السريع على يد جنودهم بسبب ما سماه انعدام العقيدة التي توفر الحماية للقيادة “وأن الجند في الدعم السريع لا يعرفون تعليمات القادة”.

وقريبا من ذلك، يقول المحلل السياسي والخبير الإستراتيجي أسامة عيدروس -للجزيرة نت- إن “الهزائم التي تلاحقت بالدعم السريع دفعت قيادتها للتخلص من بعض القادة الميدانيين بالاغتيال بعد اتهاماتهم المباشرة بالمسؤولية عن الهزيمة والتخابر مع الجيش”.

ويشير عيدروس إلى سبب آخر لاغتيال قادة الدعم السريع تتمثل في الاستحواذ على غنائم النهب والسلب التي حصل عليها القادة خاصة الكميات الضخمة من سبائك الذهب والنقد الأجنبي.

ومن جانب آخر، يقول المحلل السياسي والكاتب الصحفي الغالي شقيفات -للجزيرة نت- إن قادة الدعم الذين قُتلوا مؤخرا لم يتم اغتيالهم بل نالت منهم يد الجيش بعدة طرق. وأضاف أن هؤلاء القادة قتلهم الجيش في معارك ميدانية ولم تتم تصفيتهم على أيدي الدعم السريع.

وأشار شقيفات إلى أن قوات الدعم السريع تمكّنت في وقت سابق من قتل عدد من قادة الجيش “وهو أمر عادي في ظل استمرار المعارك الطاحنة”.

“عمل مشترك”
وهناك ثمة من يفسر مقتل عدد من قادة الدعم السريع الأيام الماضية باعتباره عملا مشتركا بين الجيش وعناصر داخل الدعم السريع.

إعلان

فيقول ضابط رفيع بالجيش -للجزيرة نت، طالبا حجب اسمه- إن مقتل عدد من قادة الدعم السريع الأيام الماضية “ناتج عن عمل استخباراتي دقيق للجيش عبر توفير معلومات عن تحركات القادة الميدانين قبل أن يتم استهدافهم بواسطة المسيّرات الحديثة للجيش”.

وأضاف أن الدعم السريع يعاني من خلافات داخلية وصلت قمة هرمه حيث توجد خلافات بين حميدتي وشقيقه “القوني” من جهة، والأخ غير الشقيق عبد الرحيم دقلو من جهة أخرى.

ويرى القائد الميداني بالجيش أن خلافات الدعم السريع على مستوى القادة ساهمت في مقتل عدد من القادة الميدانين مؤخرا عبر توفير معلومات للجيش للتخلص من بعض الموالين لحميدتي ويرفضون توجيهات عبد الرحيم دقلو.

مكاسب ميدانية
من ناحية أخرى، يرى محللون أن مقتل عدد من قادة السريع الميدانيين يصب في صالح الجيش السوداني لا سيما أن المستهدفين كانوا ذوي تأثير ونفوذ داخل الدعم السريع.

ويقول العقيد ميكائيل -للجزيرة نت- إن قتل قادة الدعم السريع يصبّ في صالح الجيش ميدانيا، وإن “كثرة الاغتيالات وسط مرتزقة الدعم السريع سيجني ثمارها الجيش ميدانيا”.

بيد أن للمحلل شقيفات، المقرب من الدعم السريع، رأي آخر حيث يقول -للجزيرة نت- إن مقتل قادة بقوات الدعم السريع لا يؤثر ميدانيا، وإن الأخيرة تمتلك عشرات القادة وقادرة على تعويض غياب أو مقتل أي قائد ميداني.

بينما يقول الخبير الإستراتيجي عيدروس إن عمليات الاغتيال التي طالت عددا من قادة الدعم السريع مؤخرا ستجعل هذه القوات أمام 3 خيارات: الهروب أو الاستسلام أو الموت.

عبد الرؤوف طه
5/2/2025
المصدر : الجزيرة

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • البرهان يُحدد شرطاً للتفاوض مع الدعم السريع
  • هروب عناصر من مليشيا الدعم السريع إلى خارج مدينة الفاشر
  • البرهان لتقدم: ساندتم الدعم السريع وأنتم وهو سواء
  • لماذا تستميت قوات الدعم السريع في الدفاع عن جسر سوبا؟
  • فلول مليشيا الدعم السريع يهربون من وسط الخرطوم
  • ???? مقتل قادة الدعم السريع.. ما وراء العمليات المباغتة؟
  • إفتتاح أول فرع بنك في بحري بعد إستعادتها من الدعم السريع
  • الإعجاز العلمي في السياسة السودانية
  • مليشيا الدعم السريع تنهب مستشفى القطينة بالنيل الابيض
  • نازحو غرب الفاشر يناشدون المنظمات السودانية و الأجنبية بمدهم بالغذاء