يشهد القطاع الإستشفائي صراعاً جديداً، قوامه رفع التعرفة الإستشفائية. فقد أعلنت نقابة اصحاب المستشفيات دخول هذا القرار حيّز التنفيذ مع انطلاقة العام الجديد بنسبة 15% على التعرفات المتعاقد عليها مع كل من شركات التأمين التي أبدت عدم رضاها عن هذا القرار ورفضها القاطع للمضيّ قدماً به. وبالعودة إلى أصل هذا القرار، كان مجلس نقابة اصحاب المستشفيات قد عقد اجتماعاً برئاسة النقيب المهندس سليمان هارون جرى خلاله البحث بالعلاقة التعاقدية القائمة بين المستشفيات وشركات الضمان في لبنان لتأمين الخدمات الاستشفائية للمرضى المؤمنين لدى كل منها.

  وتبيّن خلال الإجتماع أن التعرفات التي تسدّدها الشركات للمستشفيات لم تعد تواكب الكلفة الحقيقية للتقديمات في ظل ارتفاع اسعار السلع، لا سيما منها الإستهلاكية التي تدخل  ضمن عناصر كلفة الخدمات الإستشفائية خصوصاً بعد رفع الدعم عن البعض منها، اضافة الى عوامل اخرى ساهمت في ارتفاع كلفة هذه الخدمات، بحسب بيان صدر عن النقابة عقب الإجتماع.   إلا أن هذا القرار لم يمرّ مرور الكرام مع شركات التأمين التي أشارت على لسان نقيبها أسعد ميرزا إلى أن المواطن لا يمكن أن يتحمل الزودة، مؤكداً أنهم "لن يقبلوا بها لأن المواطن مكسور".   وللمزيد من الإيضاحات بهذا الشأن، كان لـ"لبنان 24" حديث مع نقيب اصحاب المستشفيات المهندس سليمان هارون الذي وصف العلاقة التعاقدية مع معظم شركات التأمين بالجيدة، باستثناء موضوع التعرفات الذي قد يتفاقم.   وأشار هارون إلى أن الزيادات التي طرأت على بوالص التامين تفوق بأضعاف الزيادات على تعرفات المستشفيات والتي ما زالت أدنى مما كانت عليه سنة 2019 بنسبة تتراوح بين 25% و40%.   وعزا سبب رفع التعرفات إلى الزيادات المتكررة على الرواتب والاجور وارتفاع كلفة المواد كآفة الطبية منها وغير الطبية وكلفة الصيانة.   وفي حين أكد نقيب أصحاب شركات التأمين أسعد ميرزا أن هارون اتخذ قرار رفع تعرفة الاستشفاء من دون مشاورة الشركات، شدد هارون على أن " كنا في مشاورات منذ أشهر مع شركات إدارة محفظات التامين ولم نصل الى نتيجة".   وعن انعكاس هذه المشكلة على المرضى وعلى القطاع الاستشفائي بشكل عام، قال هارون: "لا أريد تعقيد الامور مسبقاً والبحث سيتواصل، كما أن هناك عدة سيناريوهات مطروحة".   وبما أن هذا القرار خلق زوبعة من الجدالات، دخل رئيس لجنة الصحة النيابية النائب بلال عبدالله على الخطّ لاعباً دور المفاوض بين كل من هارون وميرزا.   وفي حديث لـ"لبنان 24"، قال عبدالله إنه استمع لوجهة نظر الفريقين، أي المستشفيات وشركات التأمين ولكل منهما حجّته الخاصة من حيث رفع فواتير الإستشفاء من جهة، وصعوبة اعادة النظر بأسعار بوالص التأمين في الظرف الراهن.   وأشار إلى أنه في حال عدم التوصل لاتفاق، فسيدفع المرضى المؤمّنون مع شركات الضمان فرق الـ15%.    ولفت عبدالله إلى أنه تم الإتفاق على متابعة البحث بهذا الشأن من خلال إدراجه على جدول أعمال اجتماعات لجنة الصحة النيابية بعد أيام حيث سيتمّ دعوة الفريقين. إذاً كما جرت العادة ومهما كانت الإعتبارات، يبقى المواطن هو الورقة الخاسرة في أي كباش يحصل وفي أي قطاع. فهل من حلّ مرتقب لهذه المشكلة المستجدّة على القطاع الإستشفائي الحيويّ؟ المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: شرکات التأمین هذا القرار إلى أن

إقرأ أيضاً:

هل يدفع العالم ثمنَ غطرسة أمريكا والكيان الإسرائيلي؟ بابُ المندب خطُّ نار عالمي

بقلم ـ عبدالملك محمد عيسى*

 

تتصاعدُ حدةُ الصراع في المنطقة مع كُـلّ يوم جديد، حَيثُ تتشابك المِلفات السياسية والعسكرية والاقتصادية في معركة إقليمية مفتوحة بين محور المقاومة من جهة وأمريكا والكيان الإسرائيلي وحلفائهما الإقليميين من جهة أُخرى.

وبينما تلوّح واشنطن بالمزيد من التصعيد سواء ضد غزة أَو ضد اليمن، على خلفية استهداف السفن في البحر الأحمر، تبدو المنطقة والعالم بأسره على شفا أزمة اقتصادية غير مسبوقة عنوانها الأبرز: (باب المندب خط نار عالمي).

ففي ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة وتهديد ترامب المباشر لحركة حماس بإجبارها على إطلاق الأسرى الصهاينة لديها بالقوة، جاءت الضربة اليمنية الحاسمة بإسقاط طائرة أمريكية من طراز MQ-9 في أجواء الحديدة بأسلحة محلية الصنع لتؤكّـدَ أن اليدَ اليمنية باتت على الزناد في البحر والجو معاً، ولم يكن هذا التطور منفصلاً عن السياق العام، بل جاء في ضوء زيارة وزير الدفاع السعوديّ خالد بن سلمان إلى واشنطن، حَيثُ بحث مع نظيره الأمريكي بيت هيغسيث سبل تعزيز التعاون الدفاعي والتطورات الإقليمية، هذا التنسيقَ العسكري السعوديّ الأمريكي في ظل استهداف اليمن وتصنيفه “إرهابياً”، يعكس بوضوح أن واشنطن تفكّر في مغامرة عسكرية ضد صنعاء بمباركة الرياض.

الرسالة اليمنية واضحة إما وقف العدوان الإسرائيلي الأمريكي على غزة ورفع اليد الأمريكية عن اليمن أَو دخول العالم في أزمة اقتصادية كبرى تبدأ من باب المندب، هذا المضيق الاستراتيجي الذي يمر عبره نحو 12 % من حجم التجارة العالمية وتحمل مياهُه إمدَاداتِ الطاقة والبضائع نحو أُورُوبا وآسيا وأمريكا؛ فإغلاق باب المندب -ولو مؤقتاً- يعني ارتفاعًا صاروخيًّا في أسعار النفط والغاز وقفزة جنونية في تكاليف الشحن البحري؛ ما سيؤدي إلى موجة تضخُّم عالمية غير مسبوقة، وخَاصَّة أن الاقتصاد العالمي أصلاً هشٌّ بعد سلسلة من الأزمات، منها العقوبات الأمريكية على روسيا والصين وأُورُوبا وكندا والمكسيك والحرب في أوكرانيا، وتداعياتها على الطاقة والغذاء واضطراب سلاسل التوريد منذ أزمة كورونا.

أزمة باب المندب إذَا انفجرت ستضع الاقتصاد العالمي أمام سيناريو ركود تضخمي كارثي، حَيثُ ترتفع الأسعار بينما تتراجع معدلات النمو والإنتاج، وهذا يعني زيادة كلفة الطاقة على الصناعات في أُورُوبا وآسيا وارتفاع أسعار الغذاء والنقل والشحن عالميًّا وانخفاض القدرة الشرائية لدى المستهلكين واضطراب أسواق المال وتهاوي العملات.

ما لا تدركُه واشنطن أن سلاح العقوبات الذي تستخدمه ضد الصين وروسيا واليمن وإيران وغيرها يرتد عليها اليوم بشكل أقسى؛ إذ لم يعد العالم أحادي القطبية خاضعاً بالكامل للإملاءات الأمريكية، بل أصبحنا أمام تعددية قطبية اقتصادية تلعب فيها المقاومةُ دوراً جديدًا، لا يقتصرُ على الرد العسكري بل يمتد إلى الردع الاقتصادي عبر التحكم بمفاصل التجارة العالمية.

أي تصعيد أمريكي إضافي ضد غزة أَو اليمن، سيؤدي إلى خلط الأوراق في الاقتصاد العالمي وإجبار الأسواق على دفع ثمن غطرسة واشنطن وحمايتها المطلقة لجرائم الكيان الإسرائيلي، وَإذَا كانت الإدارة الأمريكية تعتقد أن اليمن دولة معزولة ضعيفةٌ فَــإنَّ باب المندب وحدَه كفيلٌ بإثبات العكس، وبأن اليد التي أسقطت MQ-9 قادرة على إغلاق المضيق وتحويله إلى ساحة لهب عالمي، وقد تم تجريبه طوال عام كامل.

بين صراع السياسة وصراع الاقتصاد سيدرك العالم أن الهيمنة الأمريكية باتت تهديداً مباشراً لاستقرار التجارة والاقتصاد الدوليين، وأن مشروع المقاومة الذي يدافع عن سيادة الشعوب وكرامتها أصبح صمامَ الأمان الحقيقي لاستقرار المنطقة والعالم لا العكس.

* أُستاذ عِلم الاجتماع السياسي المشارك جامعة صنعاء

مقالات مشابهة

  • العدو الصهيوني يدفع بتعزيزات عسكرية إلى جنين
  • نمو نشاط التأمين في مصر خلال 11 شهرا
  • بسبب زوجته.. كواليس تهديد بائع لرئيسة تمريض بأحد المستشفيات في العمرانية
  • شركات التأمين تسدد 40 مليار جنيه تعويضات للعملاء خلال 11 شهرا
  • هل يدفع العالم ثمنَ غطرسة أمريكا والكيان الإسرائيلي؟ بابُ المندب خطُّ نار عالمي
  • اتحاد شركات التأمين يستعرض تغطية مخاطر المنازل الذكية
  • وزير الصحة يمنع مغادرة المسؤولين الجهويين ومديري المستشفيات لمناطق عملهم دون ترخيص
  • التعليم العالي: تعزيز الشراكة بين المستشفيات الجامعية والقطاع الخاص لتطوير الرعاية الصحية
  • منع الاحتلال الوقود عن المستشفيات يهدد المرضى في غزة
  • هل يدفع مستثمرو تسلا فاتورة "وزارة ماسك"؟