لم يخلُ التاريخ الرئاسي في لبنان من المشقّات والتناحرات الداخليّة والاغتيالات والعوامل الخارجيّة. على مدى اثنين وثمانين عامًا منذ الاستقلال عام 1943 حتّى يومنا، لم يشهد تداول السلطة في موقع الرئاسة الأولى انتقالاً سلسًا في أكثر من محطّة، قاد ذلك إلى شغور على مدى خمس فترات، والمفارقة أنّ الفراغ طبع كلّ الاستحقاقات الرئاسية عقب جريمة اغتيال الرئيس الحريري عام 2005.


أطول فترة شغور عاشها لبنان على الإطلاق، تلك التي سبقت انتخاب العماد ميشال عون، حيث استمر الفراغ حوالي سنتين ونصف السنة، بما يوازي 890 يومًا، بعد انتهاء ولاية العماد ميشال سليمان في 24 أيار 2014 ولغاية 31 تشرين الأول 2016، بفعل تعطيل النصاب على مدى 45 جلسة انتخابيّة.
بعد انتهاء ولاية عون في 1 تشرين الثاني 2022 ولغاية كتابة هذه الأسطر يعيش لبنان ثاني أطول فراغ رئاسي على مدى سنتين وشهرين. ومع انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود الممدّدة في 23 تشرين الثاني 2007 بفعل ضغوط النظام السوري، شهد لبنان شغورًا رئاسيًّا على وقع انقسام كبير بين فريقي 8 و14 آذار، على خلفية اغتيال الحريري، وما تبعه من ثورة 14 آذار وخروج الجيش السوري من لبنان.
استمر الفراغ ستّة أشهر، وانتهى في اتفاق الدوحة الذي أعقب أحداث 7 أيار، حيث انتُخب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيسًا للجمهورية في 25 أيار 2008.
الفراغ الأول والأقصر في تاريخ لبنان منذ الاستقلال، دام خمسة أيام فقط، أعقب استقالة الرئيس الأول للجمهورية بشارة الخوري في منتصف ولايته الثانية الممدّدة في 18 أيلول 1952، بفعل الانقلاب الأبيض، ولغاية انتخاب كميل شمعون رئيسًا في 23 أيلول من العام نفسه.
الفراغ الثاني دام حوالي سنة و44 يومًا، أتى بعد انتهاء ولاية الرئيس أمين الجميل في 23 أيلول 1988 بسبب عدم الاتفاق على اسم يخلفه، حيث شهد لبنان في حينه حكومة عسكرية تولاها قائد الجيش آنذاك ميشال عون بالتوازي مع حكومة مدنية استمر فيها الرئيس سليم الحص، إلى حين التوصل الى اتفاق الطائف في مدينة الطائف السعودية، الذي أنهى الحرب الأهلية، وانتُخب رينيه معوض أول رئيس للبلاد بعد الطائف في 5 تشرين الثاني 1989 في قاعة مطار القليعات، ولكن تمّ اغتياله بعد سبعة عشر يومًا على انتخابه.
الفراغ المتكرر في موقع الرئاسة الأولى يجسّد خللًا كبيرًا في النظام السياسي في البلاد، ويلقي بتبعاته السلبيّة على كلّ مفاصل الحياة السياسيّة منها والاقتصاديّة والمعيشيّة، خصوصًا وأنه ينعكس شللًا مؤسساتيًّا في السلطة التشريعيّة وتصريفًا للأعمال في نطاق ضيق في السلطة التنفيذيّة. والحؤول دون استنساخ الفراغ في سدّة الرئاسة مع كلّ نهاية عهد رئاسي، يتطلّب إرادة وطنيّة جامعة تبدأ بحسم المهل المفتوحة في النصوص، بتعديل دستوري يقفل الباب على مناورات النفوس من ذوي عشق التعطيل. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: انتهاء ولایة على مدى

إقرأ أيضاً:

الانتماء .. وفراغ الملاعب

فـي الوقت الذي نطالب فـيه بزيادة السعة الاستيعابية للاستادات الرياضية المنتشرة فـي جميع أرجاء محافظات سلطنة عمان وتطويرها، تعيش هذه الملاعب حالة من الفراغ فـي مدرجاتها بعد أن هجرتها الجماهير، ولم نعُد نجد إلا عددا قليلا جدا يتابع منافسات الدوري العام.

ومع إقامة مباراتي المربع الذهبي لمسابقة «الكأس» اليوم، فإننا نتطلع إلى أن نشاهد حضورا جماهيريا يمنح هذه المباريات الزخم المطلوب، وألّا تكتفـي الجماهير فقط بالمتابعة عبر شاشات التلفزيون.

ما يحدث من عزوف من قبل الجماهير ليس له ما يبرره، وكما يقول الكاتب الفرنسي سيمون كوبر: «إن مفهوم التشجيع بالنسبة لمعظم المشجعين لا يدور أساسًا حول الفوز، إنما حول المجتمع أو حول الانتماء إلى الجماعة».

ولو رجعنا قليلًا إلى واقع رياضتنا والانتماء للأندية، فإن الذاكرة تعود بنا إلى انقسام أبناء ولاية صور في تشجيع أندية (صور، والعروبة، والطليعة)، وأبناء صلالة في تشجيع (ظفار، والنصر)، وأبناء مسقط بتشجيع (نادي عمان، والسيب، وأهلي سداب). ولو وسّعنا الدائرة بعيدًا عن الانتماء الجغرافـي، تعود بنا الذاكرة إلى (فنجاء، وروي).

إن مفهوم الانتماء، كمسألة ملحّة فـي الاحتياج الإنساني، يتطلب منا التفكير فـي إعادة الأمور إلى نصابها. الفوز ليس وحده الذي يرتبط بالانتماء، إنما هناك جوانب كثيرة يمكن ربطها به، ومنها على سبيل المثال التفاعل بين إدارات الأندية والمجتمع المحيط بها كما كان عليه الحال فـي السابق؛ حيث لم يعُد النادي ذلك المكان الذي يحتضن الشباب لممارسة هواياتهم المفضلة من أنشطة رياضية وثقافـية واجتماعية وعلمية، بل بقي مرتبطًا بتدريبات الفرق الرياضية فقط.

إن ابتعاد أبناء النادي ناتج عن مزاجية بعض مجالس إدارات الأندية التي تتصدر المشهد قبل أي انتخابات، من خلال منح «عضويات» لمن يخدمها فـي الانتخابات، ووضع شروط تعجيزية لمن أراد الحصول على عضوية جديدة، أو من خلال رفع رسوم الاشتراكات السنوية أو فرض قوانين جديدة لإبعاد كل من لا يتوافق مع أهواء مجلس الإدارة.

وقد أسهمت هذه الممارسات فـي وصول كثير من الأندية إلى أروقة المحاكم، فضلًا عن ابتعاد أبناء النادي بشكل تدريجي، وأصبحت الفرق الأهلية هي الملاذ الوحيد لمن لهم اهتمام بالرياضة.

من المهم جدًا دراسة الواقع المحيط بالأندية، وتحديث القوانين والتشريعات التي تسهم فـي الارتقاء بها من خلال تعزيز انتماء أبناء المجتمع المحيط بها.

الانتماء مسألة ملحّة فـي الاحتياج الإنساني، ويمكننا قياس ذلك من خلال ما نشاهده فـي بطولات الفرق الأهلية من حضور جماهيري، ومتابعة، وشغف نفتقده فـي ملاعبنا الرسمية. وتؤكد كل الأبحاث والدراسات التي تناولت كرة القدم على أن الانتماء هو الأهم بالنسبة للمشجعين وليس الفوز وحده.

مقالات مشابهة

  • بعد انتهاء جميع الاستعدادات..جامعة المنصورة تستقبل الفصل الدراسي الثاني
  • أحمد الحريري من عكار: مسيرتنا مستمرّة
  • أحمد الحريري بدأ جولة شمالية من دار افتاء عكار: تستحق المساواة في التمثيل الحكومي
  • 3 عقبات تعرقل عودة سعد الحريري إلى المشهد السياسي في لبنان
  • جدل حول انتهاء ولاية إمبالو وتأجيل الانتخابات في غينيا بيساو
  • نشاط الرئيس عون... اجتماع رئاسي ثلاثي وسلسلة لقاءات
  • في هذا الموعد.. انتهاء عرض الموسم الثاني لمسرحية «مش روميو وجوليت»
  • انتهاء عرض الموسم الثاني من «مش روميو وجوليت» 9 فبراير
  • انتهاء إجازة نصف العام لطلاب المدارس اليوم .. وبدء الترم الثاني السبت
  • الانتماء .. وفراغ الملاعب