ليس الخطأ في الجولاني بل في القوى التي دعمته
تاريخ النشر: 8th, January 2025 GMT
آخر تحديث: 8 يناير 2025 - 9:58 ص بقلم: فاروق يوسف هل كانت الولايات المتحدة جادة في حربها على الإرهاب؟ بدأ الأمر اضطرارا وبطريقة مربكة لكل الأجهزة الأمنية والاستخبارية الأميركية. فالتنظيمات والجماعات الإسلامية المتطرفة التي تم استحداثها أو بث الروح فيها من خلال التمويل والإعداد والتدريب والحماية والرعاية والإمداد من أجل محاربة السوفييت الذين احتلوا أفغانستان قلبت المعادلات الجاهزة وشقت سماء العالم بغزو نيويورك.
كان ذلك الحدث الذي ينتمي إلى عالم الخيال وسينما الرعب عبارة عن جرح عميق انطوى على الكثير من الفشل والخيبة والمرارة والشعور بخسارة ثمار نهاية الحرب الباردة. لقد تمت إزاحة الاتحاد السوفييتي ومنظومة دول حلف وارسو غير أن ذلك الانتصار بدا عام 2001 كما لو أنه معبّأ بالألغام التي نسيت الولايات المتحدة أن تفككها وتتخلص من أخطارها. كان من الغباء السياسي أن تلجأ الولايات المتحدة إلى الثأر من خلال التعبئة لاستعادة دور المستعمر الجديد الذي لا هدف له سوى التدمير. فكان أن نتج عن خلط الأوراق احتلال أفغانستان ومن ثم العراق ليكون ذلك فاتحة لحرب مجانية على الإرهاب. حتى بعد هزيمتها في أفغانستان عام 2021 لم تراجع الولايات المتحدة سجل حساباتها وهي كقوة عظمى غير معنية بالنظر إلى الوراء. ذلك لأنها قادرة على أن تفعل ما تشاء ومتى تشاء من غير مساءلة. غير أن فلسفتها في التعامل مع الإرهاب كانت قد ضربت في العمق قبل أن تعود طالبان إلى الحكم من خلال تسليمها بوجود الميليشيات الإيرانية في العراق ولبنان وسوريا. كان هناك سلوك مجاني اتبعته الإدارة الأميركية في تصنيف المنظمات الإرهابية بحيث أن قواتها كانت تقاتل في الموصل جنبا إلى جنب مع ميليشيات إيرانية ضد تنظيم داعش. ذلك ما يعيدنا إلى نظرية الكيل بمكيالين. هناك إرهاب طيب يقابله إرهاب شرير. تلك هي النظرية الأميركية التي يستند إليها الميزان الذي يحدد درجة الإرهاب ومستوى ما ينطوي عليه من خطر. وما نسمع عنه بين حين وآخر من أن جماعة أو منظمة مسلحة قد تم إدراجها في قائمة الإرهاب أو على العكس تمت إزالة اسمها من تلك القائمة إنما هو تعبير عن مزاج أميركي في إدارة العالم لا تحكمه الأخلاق ولا القيم ولا المبادئ الثابتة. ومن هذا المنطلق يمكننا الحكم على الرؤية الأميركية في ما يتعلق بما شهدته سوريا من تحولات. كانت جبهة النصرة مدرجة في قائمة التنظيمات الإرهابية غير أن ذلك لم يمنع من دعمها وقد تحولت إلى هيئة تحرير الشام في دولتها في إدلب ولا في تدريب كوادرها لسنتين من أجل حكم سوريا. أما حين تمت بروزة زعيمها أبومحمد الجولاني باعتباره قائدا للمرحلة الانتقالية فلم يعد النظر إلى القائمة ضروريا. كان الجولاني مطلوبا لقاء مكافأة معلنة لمَن يدلي بمعلومات تساعد على القبض عليه. أما اليوم فإنه الزعيم الذي يقابله سياسيون رفيعو المستوى مجبرين من أجل إضفاء شرعية على النظام الذي يقوده. وهو ما يعني أن الإدارة الأميركية ليست مهتمة بوجود تناقض فاضح ما بين رؤيتها للإرهاب وبين ما تفعله على أرض الواقع والذي يعد دعما علنيا لشخص لا يزال اسمه مدرجا على قائمة الإرهاب. ألا يكفي ذلك السلوك لتعزيز الفكرة التي تقول إن الولايات المتحدة هي التي أشرفت بشكل مباشر على كل الصفقات المبيتة التي تمت من خلالها عملية إزاحة نظام بشار الأسد ووضع سوريا في قبضة تنظيم ظلامي متشدد، كل أعضائه إرهابيون؟ ولم يكلف الجولاني نفسه عناء إخفاء حقيقة تنظيمه وقد صار واجهة قانونية لسوريا. بالنسبة له المجاهدون أولا بغض النظر عن جنسياتهم وانتماءاتهم العرقية. ومثلما حكم التنظيم إدلب فإنه سيحكم سوريا بالطريقة نفسها وبالشريعة نفسها وبالأسلوب نفسه. أما الجمل التي يتداولها سوريون في مواقع الاتصال الاجتماعي والتي تدور حول سوريا التي عادت لشعبها وسوريا التعددية والديمقراطية والشعب الذي سيكون حرا في اختيار نوع وطبيعة النظام الذي سيحكمه فكلها جمل غير ملزمة للجولاني ولن تحرفه عن مشروعه.فالرجل الذي سُلمت له دمشق يعرف أنه مدعوم من قبل قوى عالمية وإقليمية تعرف من هو وكيف يفكر وما هي أهدافه وتعرف جيدا أن تمرده لا علاقة له بما يحلم به السوريون من إقامة دولة مدنية أساسها المواطنة التي لا يمكن تحقيقها إلا من خلال العدالة الاجتماعية.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: الولایات المتحدة من خلال
إقرأ أيضاً:
صندوق النقد: من المبكر معرفة تأثير الرسوم الجمركية الأميركية
قالت جيتا جوبيناث النائبة الأولى للمديرة العامة لصندوق النقد الدولي، الجمعة، إنه من السابق لأوانه الحديث عن أي تحليل دقيق لتداعيات زيادة الرسوم الجمركية الأميركية على دول أخرى.
وقالت جوبيناث في مؤتمر صحفي "من مصلحة جميع الدول العمل معا وحل الخلافات وضمان وجود بيئة مواتية للتجارة الدولية".
كانت جوبيناث ترد على سؤال حول التأثير المحتمل للتوتر التجاري العالمي وتهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض تعرفات جمركية أعلى على دول أخرى من بينها اليابان.
في سياق متصل، قال صندوق النقد الدولي، مساء الخميس، إنه يتابع عن كثب التطورات في الولايات المتحدة التي تتضمن التحركات التي اتخذتها إدارة الرئيس دونالد ترامب لوقف المساعدات الخارجية وفرض رسوم جمركية على الصين، لكن من السابق لأوانه تقديم تقييمات واضحة لتأثير هذه التحركات.
ودأب صندوق النقد الدولي على تحذير الدول من أن إجراءات الحماية والقيود التجارية وزيادة حالة عدم اليقين قد تكبح النمو العالمي، لكن المتحدثة باسم الصندوق جولي كوزاك قالت إن تأثير الرسوم الجمركية التي أعلنتها الولايات المتحدة بالفعل وغيرها من التدابير سيتوقف على ردود أفعال الدول الأخرى والمستهلكين، إلى جانب التطورات التجارية الأخرى.
وحين سُئلت عن المقترحات الواردة في أجندة مشروع 2025 التي كتبها بعض الأعضاء البارزين في إدارة ترامب والتي تدعو الولايات المتحدة إلى الانسحاب من صندوق النقد، قالت كوزاك إن الصندوق له تاريخ طويل في العمل مع الإدارات الأميركية المتعاقبة ويتطلع إلى مواصلة هذا العمل.
وقالت كوزاك "نحن مؤسسة دولية. لدينا مهمة محددة بوضوح لدعم الاستقرار الاقتصادي والمالي على مستوى العالم، وتعزيز النمو والتنمية في الاقتصاد العالمي".
وأضافت "بطبيعة الحال نواصل كموسسة تكثيف التركيز على هذه المهمة. وكمؤسسة دولية نأخذ مسؤوليتنا في خدمة الدول الأعضاء على محمل الجد".
رفع صندوق النقد الشهر الماضي توقعاته للنمو العالمي في 2025 بواقع 0.1 بالمئة إلى 3.3 بالمئة، مشيرا إلى نمو أقوى من المتوقع في الولايات المتحدة من شأنه تعويض خفض التوقعات لألمانيا وفرنسا وغيرها من الاقتصادات الكبرى.
لكن الصندوق قال إن النمو العالمي ظل أقل من المتوسط التاريخي البالغ 3.7 بالمئة في الفترة من 2000 إلى 2019، وحذر الدول من التدابير أحادية الجانب مثل الرسوم الجمركية أو الحواجز غير الجمركية التي قد تضر بالشركاء التجاريين.
وقال كبير الاقتصادين في صندوق النقد الدولي بيير أوليفييه جورينشا في مدونة قبل تولي ترامب منصبه إن مثل هذه السياسات "نادرا ما تعمل على تحسين الآفاق المحلية بشكل دائم" وقد تدفع "جميع الدول إلى وضع أسوأ".
وكانت المؤسسة حذرة في التعليق على قرارات ترامب بفرض رسوم جمركية وتجميد معظم المساعدات الخارجية الأميركية.
ومن المتوقع أن يؤثر تجميد المساعدات الخارجية الأميركية على الدول النامية بشكل خاص، فضلا عن دول مزقتها الحروب مثل السودان وأوكرانيا.
وتتضمن توصيات صندوق النقد لواشنطن خفض العجز وإلغاء قيود تنظيمية، وهو ما يتفق مع أجندة ترامب، ولكن تحذيره من التدابير الجمركية من غير المرجح أن يلقى استجابة من الرئيس الأميركي الذي يسعى إلى تقليل اعتماد الولايات المتحدة على ضريبة الدخل والتحول بشكل أكبر إلى مصادر خارجية منها الرسوم الجمركية.