أموال الحكومات وشركات الأسلحة: الوجه الخفي والمثير للجدل لمراكز الأبحاث
تاريخ النشر: 8th, January 2025 GMT
نشر موقع "إنسايد أوفر" الإيطالي تقريرًا سلّط فيه الضوء على أداة جديدة أطلقها معهد "كوينسي" تحت اسم "متعقب تمويل مراكز الأبحاث" بهدف الكشف عن مصادر تمويل مراكز الأبحاث الأمريكية التي تلعب دوراً محورياً في تشكيل السياسات العامة، وهي أداة.تعتمد بشكل متزايد على تمويل حكومات أجنبية وشركات دفاع، مما يثير تساؤلات حول استقلاليتها.
وقال الموقع، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنه تم إطلاق أداة جديدة لضمان الشفافية حول تمويل مراكز الأبحاث الأمريكية من قبل معهد كوينسي للحرفية المسؤولة، تُدعى هذه الأداة "متعقب تمويل مراكز الأبحاث" وهي تعتبر أول أرشيف عام يحلل مصادر تمويل أكثر 50 مركز أبحاث تأثيرًا في الولايات المتحدة.
ويتوفر هذا الأرشيف عبر الإنترنت على الموقع thinktankfundingtracker.org، ويتتبع التمويلات التي تم تلقيها خلال السنوات الخمس الماضية من الحكومات الأجنبية، والحكومة الأمريكية، والمقاولين الرئيسيين في البنتاغون. بمعنى آخر، ما يُعرف بـ"المجمع الصناعي العسكري".
ما هي مراكز الأبحاث (ثينك تانكس)؟
وأكد الموقع على أن مراكز الدراسات تلعب دورًا أساسيًا في تشكيل الرأي العام وسياسات الدول، وفي هذه الحالة الولايات المتحدة الأمريكية. وغالبًا ما يُستشهد بخبراء هذه المراكز في وسائل الإعلام، كما يعملون خلف الكواليس في الكونغرس والحكومة؛ حيث يساهمون في صياغة القوانين وتقديم المشورة بشأن القضايا التشريعية. ومع ذلك، في حين يعمل البعض كباحثين مستقلين، يقوم آخرون بدور أشبه بجماعات الضغط.
وأوضح الموقع أن مراكز الأبحاث هذه قد لعبت دورًا حاسمًا في تحديد السياسة الخارجية الأمريكية، حيث أنها نشأت لتقديم تحليلات قائمة على بيانات دقيقة وخبرة للمسؤولين السياسيين، وكان لمؤسسات مثل معهد "بروكينغز" (الذي أسسه روبرت بروكينغز) ومجلس العلاقات الخارجية (CFR) تأثير عميق على قرارات الحكومة الأمريكية والبيت الأبيض.
ووفقًا للموقع وبحسب ما أوضحه ستيفن ويرثايم في كتابه "غداً، العالم!"، كان لمجلس العلاقات الخارجية (CFR) دور أساسي في تصميم النظام الدولي الجديد الذي قادته الولايات المتحدة عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية. وفي السياق نفسه، ساهم معهد بروكينغز بشكل بارز في إعداد خطة مارشال لإعادة إعمار أوروبا بعد الحرب. أما في الستينيات، فقد اعتمد وزير الدفاع الأمريكي آنذاك، روبرت ماكنامارا، على مؤسسة "راند" لوضع إستراتيجيات عسكرية للحرب في فيتنام، مما يبرز التأثير العميق لهذه المراكز البحثية في صياغة السياسات الأمريكية الكبرى.
وأشار الموقع إلى أن مراكز الأبحاث (ثينك تانكس) تُعتبر أحد أعمدة "الكتلة" في السياسة الخارجية الأمريكية، وهو مصطلح صاغه ستيفن وولت، عالم السياسة وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفارد، للإشارة إلى شبكة النخب السياسية، والبيروقراطية، والعسكرية، والأكاديمية والإعلامية في الولايات المتحدة التي تعزز وتستمر في اتباع نهج تدخلي وعسكري في السياسة الخارجية الأمريكية. وكما يوضح موقع معهد كوينسي، تعتمد مراكز الأبحاث في الولايات المتحدة بشكل متزايد على تمويل من حكومات (سواء أمريكية أو أجنبية) ومن مصالح خاصة.
وقد قدمت الحكومات الأجنبية أكثر من 110 ملايين دولار لمراكز الأبحاث الأمريكية بين عامي 2019 و2023. وتتصدر الإمارات والمملكة المتحدة وقطر قائمة الجهات المانحة بمبالغ 16.7 مليون دولار و15.5 مليون دولار و9.1 ملايين دولار على التوالي. أما أبرز المستفيدين، فهم مجلس الأطلسي (20.8 مليون دولار)، ومعهد بروكينغز (17.1 مليون دولار)، وصندوق مارشال الألماني (16.1 مليون دولار).
وكشف الموقع أنه قد ساهم أيضًا مقاولون في مجال الدفاع بأكثر من 34.7 مليون دولار. ومن بين أكبر المانحين تأتي شركات نورثروب غرومان (5.6 ملايين دولار)، ولوكهيد مارتن (2.6 مليون دولار)، وميتسوبيشي (2.1 مليون دولار). أما أبرز المستفيدين، فهم مجلس الأطلسي (10.2 ملايين دولار)، ومركز الأمن الأمريكي الجديد (6.6 ملايين دولار)، ومركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (4.1 ملايين دولار). وقدمت الحكومة الأمريكية ما لا يقل عن 1.49 مليار دولار، وخصصت الغالبية العظمى منها لمؤسسة راند (1.4 مليار دولار)، التي تتعاون بشكل مباشر مع المؤسسات الفيدرالية.
ولفت الموقع إلى أن "متعقب تمويل مراكز الأبحاث" يتميز بإدخال مقياس للشفافية، حيث أنه يُقيم كل مركز أبحاث على مقياس من خمس نقاط، ويهدف هذا المقياس إلى تقديم تقييم واضح ومفصل عن مدى شفافية كل مؤسسة في إدارة والكشف عن مصادر تمويلها، مما يوفر نظرة أكثر شمولية ويسهل الوصول إلى ممارسات تمويل مراكز الأبحاث. وقد تبين أن 18 بالمئة فقط من هذه المنظمات تتمتع بشفافية كاملة، بينما 46 بالمئة منها تتمتع بشفافية جزئية، في حين أن النسبة المتبقية، 36 بالمئة، تُعرف بـ"المال المظلم"، أي أنها غامضة تمامًا فيما يتعلق بمصادر تمويلها.
ووفقًا للموقع، تأتي بعض التمويلات مع قيود ضمنية، تؤدي إلى الرقابة، أو تحيزات في التوجهات، وفي حالات نادرة، إلى أبحاث مدفوعة، وهذه الظواهر تقوض مصداقية مراكز الأبحاث، لدرجة أن استطلاعًا أجري في عام 2022 أظهر أن 48 بالمئة فقط من الأمريكيين يعتبرون مراكز الأبحاث موردًا قيمًا للمجتمع.
لماذا الشفافية مهمة؟
وبحسب الموقع فإن الشفافية هامة لأن مراكز الأبحاث والمحللين العاملين فيها يمارسون تأثيرًا كبيرًا على تشكيل الرأي العام والقرارات السياسية، فغالبًا ما يأتي الخبراء والمحللون الذين يظهرون على شاشات التلفزيون، ويكتبون في الصحف الكبرى، أو يشاركون في النقاشات العامة، من هذه المراكز البحثية، ولا تقتصر آراؤهم على تفسير الوقائع فحسب، بل تساهم أيضًا في توجيه تصور الجمهور، وبطريقة غير مباشرة، السياسات التي تتبناها الحكومات.
وإذا لم تكن مصداقية هؤلاء المحللين مدعومة بفهم واضح لمصادر تمويلهم والصراعات المحتملة في المصالح، فإن ذلك يخلق مشكلة تتعلق بالثقة. وقد تكون آراؤهم متأثرة بمصالح خاصة أو بالجهات التي تمول المراكز البحثية التي يعملون بها. على سبيل المثال، قد يقوم مركز أبحاث ممول من حكومات أجنبية أو شركات مرتبطة بقطاع الدفاع بالترويج لسرد يخدم مصالح هؤلاء الممولين، بدلاً من تقديم تحليل مستقل وموضوعي.
ويختتم الموقع بالتأكيد على أنه في غياب الشفافية، ينشأ خطر تحول مراكز الأبحاث إلى أدوات دعاية، تتخفى تحت غطاء المؤسسات الأكاديمية، مما قد يؤدي إلى آثار ضارة على الديمقراطية وعلى صياغة سياسات عامة تخدم فعليًا المصلحة العامة والجماعية. واليوم، في الولايات المتحدة، يوجد أداة إضافية تمكن الجمهور من التحقق مما إذا كان الخبير الذي يظهر على شاشات التلفزيون أو يكتب في الصحف شفافًا وجديرًا بالثقة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية مراكز الأبحاث أوروبا امريكا أوروبا مراكز أبحاث صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الولایات المتحدة ملایین دولار ملیون دولار أن مراکز
إقرأ أيضاً:
ترامب: السجواني سيضخ 20 مليار دولار في قطاع مراكز البيانات
أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب والملياردير الإماراتي حسين سجواني الثلاثاء أن المستثمر الإماراتي سيضخ استثمارات بقيمة 20 مليار دولار في قطاع مراكز البيانات المزدهر في الولايات المتحدة خلال السنوات المقبلة.
ومع فوزه في الانتخابات والذي كان ناتجا إلى حد كبير عن المخاوف الاقتصادية للناخبين، بدأ ترامب في زيادة جهوده الرامية لتعزيز الاستثمارات في الصناعات المحلية واقترح زيادة الرسوم الجمركية على السلع الصينية في الوقت الذي تحاول فيه الولايات المتحدة الحد من وصول الصين إلى تكنولوجيا الرقائق اللازمة لمراكز البيانات المتطورة.
وقال سجواني، وهو رئيس مجلس إدارة شركة داماك العقارية ومقرها دبي، خلال زيارته لمنزل ترامب في منتجع مار الاجو في بالم بيتش بولاية فلوريدا "نعتزم ضخ استثمارات بقيمة 20 مليار دولار وربما أكثر من ذلك إذا أتيحت لنا الفرصة في السوق".
وتملك شركة داماك ملعب الجولف الوحيد الذي يحمل علامة ترامب التجارية في الشرق الأوسط في دبي، والذي افتتح في عام 2017. واحتفل الملياردير الإماراتي بالعام الجديد مع ترامب في فلوريدا.
ويميل ترامب إلى إطلاق وعود بإحداث نمو اقتصادي، لكن مثل هذه الاستثمارات لا تنجح دائما. وفي بداية ولايته الأولى، أعلن ترامب عن استثمارات بقيمة عشرة مليارات دولار لشركة فوكسكون في مصنع في ويسكونسن والذي كان من شأنه توفير آلاف الوظائف، ولكن غالبا لم يتحقق هذا الأمر.
في الشهر الماضي، أعلن ترامب والرئيس التنفيذي لمجموعة سوفت بنك ماسايوشي سون أن المجموعة اليابانية التي تستثمر في قطاع التكنولوجيا ستضخ 100 مليار دولار في الولايات المتحدة على مدى السنوات الأربع المقبلة، مع التركيز على الذكاء الاصطناعي.
وأدى إطلاق شركة أوبن إيه.آي لتطبيق تشات جي.بي.تي في أواخر عام 2022 إلى موجة من الاستثمارات في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي وبنيته الأساسية.
وقالت شركة مايكروسوفت الأسبوع الماضي إنها ستنفق نحو 80 مليار دولار في السنة المالية الحالية لزيادة قدراتها في الذكاء الاصطناعي.
وشددت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن القيود المفروضة على تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي المستخدمة في مراكز البيانات المتطورة إلى الصين، كما رشح ترامب سياسيين معروفين بمواقفهم المتشددة تجاه بكين لشغل مناصب دبلوماسية واقتصادية مهمة في إدارته.