وقال الموقع، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنه كانت هناك العديد من الغيوم السوداء في الصين خلال الأيام الأخيرة من عام 2024: اقتصاد متعثر، وقطاع عقاري غير قادر على الانتعاش، وسياسات صناعية غير متماشية مع الاحتياجات الحقيقية.

الآن، أضيف إلى هذه القائمة نوع من "الفوبيا الإقليمية"، تتعلق بشكل خاص بالشركات ومديريها؛ حيث يبدو أن بكين تحاول الحد من سلسلة من الاعتقالات التي تقوم بها السلطات المحلية ضد المديرين التنفيذيين، وهو هذه يغذي القلق بين رجال الأعمال، مما يقلل من الجهود المبذولة لتحفيز النمو الاقتصادي.

 وذكر الموقع أن المشكلة كبيرة، حيث تم اعتقال مديري ما لا يقل عن 80 شركة مدرجة في بورصتي شنغهاي وشنتشن خلال عام 2024. ولا يقتصر الأمر على الصفوف الأمامية فقط، بل يشمل أيضًا رؤساء وأصحاب أسهم، لدرجة أن الحزب أصدر أوامر إلى الإدارات المحلية، وفقًا لصحيفة "فاينانشال تايمز"، بتقديم تقارير حول الاعتقالات والاحتجازات لفهم ما يحدث فعليًا.

وبحسب الموقع؛ فإن الصحيفة البريطانية تؤكد أن بعض هذه الاعتقالات تستند إلى أسس قانونية ضعيفة أو معدومة، وفي العديد من الحالات تم تنفيذها من قبل سلطات تبعد مئات الكيلومترات عن مكان العمليات التجارية للشركة المستهدفة.

وهي ممارسة أطلقت عليها وسائل الإعلام الصينية اسم "الصيد بعيد المدى". وقد أشار وثيقة رسمية مسربة من مقاطعة قوانغدونغ الجنوبية إلى أن آلاف الشركات في مدينة واحدة فقط كانت هدفًا لعمليات من قبل السلطات في مناطق أخرى منذ عام 2023.

وذكر الموقع أن الحكومة قد تحركت تجاه هذا الأمر؛ حيث طلب رئيس الوزراء لي تشيانغ مزيدًا من الإشراف على قوات إنفاذ القانون المرتبطة بالشركات، مؤكداً أن الحكومة نفسها ستراجع المناطق التي تشهد نموًا غير طبيعي في إيرادات الغرامات والمصادرات أو مستويات مرتفعة من التنفيذ خارج نطاق ولايتها القضائية.

وقال لي، وفقًا لوكالة الأنباء الرسمية "شينخوا" إن حالات إساءة استخدام السلطة التقديرية الإدارية والتطبيق غير العادل للقوانين في بعض المناطق والقطاعات لم تتوقف حتي الان،

وأضاف رئيس الوزراء أنه من الضروري معالجة القضايا الملحة التي أثارها المواطنون والشركات.

واختتم الموقع التقرير برأي المحللين الذين أكدوا أن العدد المرتفع من الاعتقالات قد يكون مرتبطًا بتدهور الأوضاع المالية للحكومات المحلية، التي عانت من انهيار في الإيرادات الناتجة عن مبيعات الأراضي وسط أزمة عقارية على مستوى البلاد أثرت أيضًا على تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين؛ حيي قال مستثمر صيني إن أصدقائه يتعرضون للضغط من جميع الجهات، مشيرًا إلى أن بعض الحكومات المحلية تقوم بمراجعة أنشطة السكان بهدف استهداف الأغنياء بفرض الغرامات عليهم

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

جدلية الدولة والفكر.. هل تصنع سوريا الجديدة تاريخها أم يعيد التاريخ نفسه؟

مقدمة: لحظة ميلاد جديدة لسوريا

بعد أكثر من خمسين عامًا من الحكم الاستبدادي، تجد سوريا نفسها أمام فرصة تاريخية لإعادة البناء، ليس فقط في المؤسسات والهياكل السياسية، بل في الوعي المجتمعي والثقافة والفكر. لقد سقط النظام، لكن هل سقطت العقلية التي سمحت له بالبقاء لعقود؟

يرى ابن خلدون أن الدول تمر بمراحل متكررة من النشوء، الازدهار، ثم التراجع والانهيار، لكنه يؤكد أن الدولة التي تعتمد على العدل، الاقتصاد القوي، والعصبية الجامعة، تستطيع الاستمرار والنهوض مجددًا. وفي الوقت نفسه، يذكّرنا الجاحظ أن الأفكار والثقافة هي المحرك الأساسي لأي تغيير حقيقي، لأن المجتمع الواعي هو الذي يصنع الدولة، وليس العكس.

إذا كانت سوريا الجديدة تريد النجاح، فعليها أن تستفيد من قوانين العمران عند ابن خلدون، وقوة الفكرة عند الجاحظ، لتصنع نموذجًا مستدامًا لدولة تنهض، لا مجرد دولة تخرج من أزمة إلى أخرى.

1 ـ بناء الهوية الوطنية.. من العصبية الضيقة إلى الوحدة المجتمعية

أ ـ العصبية الجامعة: تجاوز الانقسامات نحو مشروع وطني

إذا كانت سوريا الجديدة تريد النجاح، فعليها أن تستفيد من قوانين العمران عند ابن خلدون، وقوة الفكرة عند الجاحظ، لتصنع نموذجًا مستدامًا لدولة تنهض، لا مجرد دولة تخرج من أزمة إلى أخرى.يرى ابن خلدون أن قوة الدول تعتمد على "العصبية الجامعة"، أي الرابط الذي يجمع الناس تحت مظلة مشروع مشترك، وليس حول زعيم فردي أو طائفة معينة.

لكن عندما تتحول العصبية إلى انتماء طائفي أو عرقي ضيق، تصبح أداة للانقسام بدلاً من أن تكون وسيلة لبناء الدولة.

في سوريا، استُخدم التنوع لتأجيج الفُرقة بدلاً من أن يكون مصدر قوة. الآن، الفرصة مواتية لإعادة تعريف الهوية الوطنية السورية، ليس على أساس العِرق أو الدين، بل على أساس المواطنة المتساوية.

ما المطلوب؟

ـ إعادة صياغة الهوية السورية في الإعلام والتعليم، بحيث تكون جامعة لا مفرّقة.
ـ  تبنّي خطاب سياسي وإعلامي يركّز على القيم المشتركة، لا على الصراعات الطائفية القديمة.
ـ  بناء نظام قانوني يضمن المساواة بين الجميع، بحيث يشعر كل مواطن أن له مكانًا في سوريا الجديدة.

ب ـ الفكرة تصنع الدولة: الجاحظ ودور الثقافة في التغيير

يرى الجاحظ أن المجتمع لا يتغير بالقوانين وحدها، بل بالأفكار التي تزرع في أذهان الناس. لذلك، فإن الثورة الفكرية ضرورية إلى جانب الثورة السياسية.

كيف نحقق ذلك؟

ـ استخدام الفن والأدب والإعلام في بناء هوية وطنية جديدة، لا مجرد إصدار قوانين جافة.
ـ تغيير المناهج الدراسية بحيث تعزز التفكير النقدي، لا التلقين السياسي.
ـ دعم وسائل الإعلام المستقلة التي تقدم خطابًا عقلانيًا ومستنيرًا بعيدًا عن التحريض والتضليل.

2 ـ  العدل والقانون.. حجر الأساس لدولة مستقرة

أ ـ  "الظلم مؤذن بخراب العمران".. كيف نؤسس عدالة انتقالية حقيقية؟

يرى ابن خلدون أن الظلم هو السبب الرئيسي في سقوط الدول، حيث إن الدولة التي تعتمد على القمع تفقد شرعيتها بمرور الوقت، وتصبح أكثر هشاشة.

ما المطلوب في سوريا الجديدة؟

ـ إطلاق عملية عدالة انتقالية تضمن محاسبة المتورطين في الجرائم، دون أن تتحول إلى انتقام سياسي.
ـ إصلاح القضاء ليكون مستقلاً، فلا يُستخدم كأداة سياسية.
ـ إعادة بناء مؤسسات الدولة على أساس النزاهة، لا الولاءات الشخصية.

ب ـ الحاكم ليس فوق القانون.. منع الاستبداد من العودة

يرى ابن خلدون أن الحاكم في بداية الدول يكون مصلحًا، لكن إذا لم توضع قيود دستورية، فإنه يتحول إلى مستبد مع الوقت.

كيف نمنع تكرار الاستبداد؟

ـ تحديد مدة الرئاسة ومنع تعديل الدستور لإطالة الحكم.
ـ توزيع السلطة بين الحكومة المركزية والإدارات المحلية لتجنب الاحتكار.
ـ ضمان حرية التعبير والإعلام ليكون سلطة رقابية حقيقية.

3 ـ الاقتصاد والعمران: كيف تبني سوريا دولة مزدهرة؟

أ ـ الاقتصاد المستدام هو أساس الاستقرار

يقول ابن خلدون: “الرخاء الاقتصادي يزيد من قوة الدولة، بينما يؤدي الفساد إلى انهيارها”.
في سوريا الجديدة، لا يمكن بناء دولة قوية إذا ظل الاقتصاد مرهونًا بشبكات الفساد والمحسوبية.

ما الحل؟

ـ تفكيك شبكات الفساد من خلال تحقيقات شفافة وعادلة.
ـ دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة حتى لا يكون الاقتصاد محتكرًا في يد فئة قليلة.ـ
ـ  تحقيق تنمية متوازنة تشمل جميع المناطق السورية، وليس فقط المراكز الحضرية.

ب ـ من الدمار إلى العمران: إعادة بناء سوريا بروح جديدة

يرى ابن خلدون أن عمران المدن يعكس قوة الدولة، بينما الدمار يعكس ضعفها. إعادة إعمار سوريا يجب أن تكون مشروعًا وطنيًا شاملًا، لا مجرد عملية هندسية لإصلاح المباني.

ما الخطوات الضرورية؟

ـ تطوير البنية التحتية لتناسب المستقبل، وليس فقط ترميم ما تهدّم.
ـ إشراك المجتمع المحلي في قرارات الإعمار حتى لا تكون العملية مركزية وغير عادلة.
ـ ربط التنمية العمرانية بالاقتصاد والتعليم، بحيث تكون المدن مراكز إنتاج لا مجرد مساكن.

4 ـ  التعليم والإعلام.. بناء جيل جديد يصنع الدولة لا يهدمها

أ ـ التعليم هو المحرك الحقيقي للنهضة

يرى ابن خلدون أن المعرفة والعلم هما أساس نهضة الأمم، وأن الدول التي تهمل التعليم سرعان ما تنهار.

في سوريا، استُخدم التنوع لتأجيج الفُرقة بدلاً من أن يكون مصدر قوة. الآن، الفرصة مواتية لإعادة تعريف الهوية الوطنية السورية، ليس على أساس العِرق أو الدين، بل على أساس المواطنة المتساوية.في سوريا الجديدة، إصلاح التعليم يجب أن يكون أولوية قصوى، لأن بناء العقول أهم من بناء المباني.

ـ ما الحل؟

ـ إعادة هيكلة المناهج الدراسية بحيث تعزز الإبداع والتفكير النقدي.
ـ تحسين جودة التعليم العالي وربط الجامعات بسوق العمل.
ـ رفع كفاءة المعلمين ليكونوا قادة تغيير، وليس مجرد ناقلين للمعلومات.

ب ـ الإعلام والثقافة كأدوات لصياغة وعي جديد

يرى الجاحظ أن الإعلام والثقافة هما أقوى أدوات التأثير على المجتمع، فإذا كانت الرسالة الإعلامية موجهة بشكل صحيح، يمكن أن تصنع نهضة فكرية حقيقية.

ما المطلوب؟

ـ إطلاق إعلام مستقل يعكس تنوع المجتمع السوري، لا إعلام موجه لخدمة السلطة.
ـ دعم الفنون والأدب كوسيلة لتعزيز الحوار والمصالحة الوطنية.
ـ تشجيع المبادرات الثقافية التي تعيد بناء الهوية الوطنية بعيدًا عن الانقسامات.

خاتمة.. دولة تنهض أم أزمة جديدة؟ القرار بأيدينا

يرى ابن خلدون أن الدول التي تستند إلى العدل والاقتصاد القوي والعصبية الجامعة تستمر، بينما الدول التي تقوم على الظلم والتفرقة والفساد تنهار.

ويؤكد الجاحظ أن أي تغيير سياسي لا يُصاحبه تغيير ثقافي وفكري سيظل سطحيًا وعرضة للانتكاس.

اليوم، سوريا أمام خيارين: إما أن تبني نموذجًا لدولة حديثة قائمة على القانون والوعي والتقدم، أو أن تصبح مجرد تجربة أخرى في قائمة الدول التي لم تتعلم من أخطائها.

المستقبل يُصنع الآن، والقرار بيد السوريين. فهل سنكون نموذجًا للنهضة، أم درسًا آخر في التاريخ عن الفرص الضائعة؟

*عضو الهيئة العليا للمفاوضات في سوريا سابقا

مقالات مشابهة

  • حتى لا تذهب البشرية إلى نهاية تاريخها
  • اعتقالات وتوجيهات سريعة.. الأمن العراقي يشن حملة لتدقيق ملفات السوريين
  • سعرها 18 ألف جنيه .. التنين المجنح أغلى صينية افطار في رمضان
  • قوات العدو تنفذ حملة اعتقالات ومداهمات بالضفة
  • لاتهامهم بالإرهاب.. إسبانيا تعتقل 10 أفراد من أصل باكستاني
  • بمرتبات تصل لـ 10 آلاف.. تصل لـ وظائف شاغرة بالشركات العاملة بالمنسوجات
  • “التنين المجنح”.. صينية سمك بـ 18 ألف جنيه في إحدى مطاعم مصر تثير الجدل (صور)
  • أمير المنطقة الشرقية يستقبل سفير المملكة لدى مملكة البحرين الشقيقة
  • جدلية الدولة والفكر.. هل تصنع سوريا الجديدة تاريخها أم يعيد التاريخ نفسه؟
  • “أبو بصير” صاحب الرقم القياسي … أكثر من 100 اعتقال في سجون الاحتلال