الناخبون لم يعودوا يؤمنون أن المهاجرين سبب كل إخفاقاتهم
تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT
إن العادة التي اتخذها حزب المحافظين، وهي إلقاء اللوم على الآخرين لتبرير إخفاقاتهم، لطالما خدمتهم بشكل جيد، لكنها قد تكون على وشك النفاد.
إن محاولة ريشي سوناك الفاشلة الأخيرة تصعيد حملة «أوقفوا القوارب» لا يمكن فصلها عن الوضع الخطر الذي تمر به بريطانيا، ففي التاريخ الديمقراطي البريطاني، لم ترأس أي حكومة مثل هذه الفترة من الانحدار القومي، فليس من المتوقع أن يكون المواطن البريطاني العادي في عام 2026 أفضل حالا مما كان عليه في عام 2008، كما أن الخُمس الأفقر من المواطنين في بريطانيا أكثر فقرا من نظرائهم الفرنسيين والألمان بنسبة 20٪.
يستمر ضعف النمو الاقتصادي، وتتباطأ مستويات الإنتاجية في البلاد بشكل غير مسبوق، ووصلت قوائم الانتظار في المستشفيات إلى مستويات قياسية، وأزمات الإسكان المتعددة تؤثر على معايير المعيشة والأمن لدينا، والبنية التحتية المخصخصة، من القطارات المتهالكة إلى تسرب أنابيب المياه، تقدم خدمة لا تتوقعها إلا من بلد أفقر بكثير من بريطانيا وبأسعار مرتفعة يشوبها الغش. المراكز الاجتماعية التي نلجأ إليها عند الشعور بالعزلة تمحى تدريجيا من الخريطة، بداية من المكتبات التي أغلق منها حوالي 800 مكتبة بداية من عام 2010 حتى الآن، إلى النوادي الليلية التي اختفى ثلثها في السنوات الثلاث الماضية وحدها، وأصبحت مراكز المدن صحاري من المحلات المغلقة، ومواقع لمحلات بيع البضاعة الرخيصة بأقل من جنيه إسترليني واحد، ومحلات لبيع الحلويات الأمريكية.
في ظل هذه الظروف، ربما يكون مفهوما أن رئيس الوزراء المحافظ اليائس سيصل إلى زر أحمر كبير يسمى «الهجرة»، فبعد التسبب في ظاهرة زيادة عدد اللاجئين الذين يصلون في قوارب صغيرة من خلال تعقيد الطرق الآمنة والقانونية لدخول بريطانيا، يعتقد حزب المحافظين أن مشهد المهاجر الأجنبي الأشعث الأغبر الذي يصل الشواطئ البريطانية سيحول الغضب العام بعيدًا عن أزمات البلاد المتراكمة، وهذا هو السبب الأكبر في وصولنا إلى مثل هذه الفوضى الخطرة.
سعى حزب المحافظين، طوال فترة توليه السلطة، إلى إلقاء اللوم على المهاجرين بشكل مباشر في المشكلات التي تسببها سياسة الحكومة. عندما كان ديفيد كاميرون رئيسا للوزراء، كان يقول بأن الهجرة كانت «استنزافا مستمرا» للخدمات العامة، بينما قامت وزيرة الداخلية، تيريزا ماي، بتشكيل مسيرتها السياسية حول جعل المهاجرين كبش فداء، وادعت أنها لا تستطيع ترحيل «مهاجر غير شرعي» لأنه يمتلك قطة، وبأن الوافدين الجدد «سببوا ضغوطا على الخدمات العامة، مثل المدارس، مما أدى إلى إرهاق البنية التحتية، وخاصة الإسكان». ونظرا لتقليص الحكومة للخدمات العامة، بما في ذلك إيقاف تقديم معونة لكل تلميذ في المدارس، والفشل في بناء المساكن، كان ملف المهاجرين هو الدرع البشري الذي يلجأ إليه حزب المحافظين.
نجح حزب المحافظين في تأجيج المشاعر الشعبية ضد ذلك المهاجر الذي يُلقى باللوم عليه في استنزاف الخدمات العامة، مما جعل ملف الهجرة أولوية قصوى بالنسبة لـ 44٪ من الناخبين بحلول عام 2015. وبقيامه بذلك، فقد ضمن المحافظون فوزهم في استفتاء عام 2016 بمغادرة الاتحاد الأوروبي، وهو أمر لم يحقق شيئًا سوى زيادة معدلات خفض النمو وانخفاض مستويات المعيشة، وجعل 63٪ من البريطانيين يستنتجون أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كان فشلا أكثر من كونه نجاحا، بينما قال 12٪ فقط من البريطانيين عكس ذلك. هناك حقيقة سياسية بديهية تؤكدها هذه اللحظة التاريخية وهي أنّ السياسيين الذين يسعون إلى إلقاء اللوم على الأجانب والأقليات في التسبب بمشاكل المجتمع هم في الحقيقة من يشكلون الخطر الأكبر على الأمة.
إن هذه الحقيقة التاريخية المأساوية كانت واضحة بشكل كبير للغاية خلال حقبة الثلاثينات في ألمانيا، وبلغت ذروتها عند ارتكاب الإبادة الجماعية، ولكن ليس هناك داعٍ للوصول إلى هذا الحد المتطرف من إلحاق الأذى. وكان صعود دونالد ترامب إلى السلطة، جزئيًا، بسبب شيطنته للمسلمين، إلا أنه لا توجد أقلية في الولايات المتحدة تمثل أي نوع من التهديد للديمقراطية كما تفعل الحركة اليمينية المتطرفة التي أثارها ترامب. وانظر إلى انحدار كل من المجر وبولندا نحو الاستبداد، بقيادة الأحزاب السياسية التي أسست الدعم الشعبي لها من خلال شيطنة المهاجرين بشكل أساسي. لا ينبغي أن توجه المخاوف القائمة على الحقائق والمنطق إلى المهاجرين والأقليات، ولكن إلى السياسيين الذين يسعون للوصول إلى السلطة من خلال إلقاء اللوم على الأجانب في تبرير العلل والمشاكل التي تسببوا في حدوثها.
هناك أسباب تدعونا للتشكيك في نجاح حملة سوناك غير الأخلاقيّة، منها تحسن المواقف تجاه الهجرة، فقد اعتبر 9٪ فقط من الناخبين أن تقليص عدد المهاجرين هي أولوية قصوى، ومنها أن أزمات البلاد أصبحت كارثية للغاية بحيث لا يمكن إلقاء اللوم في حدوثها على طرف آخر غير الحزب الحاكم، وهنا يجب القول إنه في الوقت الذي نشهد فيه تراجع بريطانيا إلى وضع دولة فقيرة بها عدد قليل من الأثرياء، يجب علينا أن نستنتج قطعا أن قيام حزب المحافظين بوضع المهاجرين كبش فداء كان له دور محوري في الانحدار الاجتماعي والاقتصادي لأمتنا.
لسنوات عديدة، كان جزء كبير من الناخبين مقتنعين بالادعاءات القائلة بأن المهاجرين كانوا مسؤولين حقا عن ارتفاع قوائم انتظار خدمات الصحة الوطنية، وعن الخلل في المدارس المحلية، وعن غياب الإسكان ميسور التكلفة، وعن جميع أنواع المشاكل الاجتماعية الأخرى. وقد أدى ذلك إلى صرف النظر عن الأسباب الحقيقية، وترك المرض دون علاج، وهنا أتساءل: هل سنتعلم أخيرا أن أولئك الذين يشيطنون إخوتنا في الإنسانية من أراض أجنبية هم من يشكلون أكبر خطر علينا، وليس أولئك الذين يتدفقون إلى شواطئنا لكي يثروا مجتمعنا وثقافتنا وحياتنا.
أوين جونز كاتب عمود في صحيفة الغارديان.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: حزب المحافظین
إقرأ أيضاً:
من هم نجوم هوليوود الذين تعهدوا بمغادرة الولايات المتحدة إذا فاز ترامب بالانتخابات الرئاسية؟
#سواليف
بعد فوز المرشح الجمهوري دونالد #ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية على منافسته الديمقراطية كامالا #هاريس، هدد بعض كبار #النجوم في #هوليوود بمغادرة الولايات المتحدة.
وذُكر أن الفنانة والمخرجة “أمريكا فيريرا” مستعدة لحزم حقائبها بعد فوز ترامب، ويُزعم أن المرأة البالغة من العمر 40 عاما تتطلع إلى بدء حياة جديدة في بريطانيا مع زوجها، ريان بيرس ويليامز، وطفليهما.
وأفاد مصدر لصحيفة “ديلي ميل” بأن خريجة “Sisterhood of the Traveling Pants” تبحث عن حياة أفضل لأطفالها.
مقالات ذات صلة المنتج بلال صبري والفنانة حورية فرغلي يجتمعان للاتفاق على عمل فني قريب 2024/11/03وأضاف المصدر المطلع للصحيفة: “أمريكا (الفنانة) سئمت لأن دونالد ترامب رئيس مرة أخرى..إنها مدمَّرة لأن كامالا خسرت. كانت تعتقد أن البلد الذي تعيش فيه أفضل من ذلك”.
هذا ورددت الفنانة الأمريكية شارون ستون مشاعر زميلتها الممثلة، قائلة إنه “حان الوقت لها للفرار من أمريكا”.
“أنا أفكر بالتأكيد في شراء منزل في إيطاليا”، هكذا صرحت ستون لصحيفة “ديلي ميل” في يوليو.
وأردفت: “أعتقد أن هذا بناء ذكي في هذا الوقت.. هذه هي إحدى المرات الأولى في حياتي التي أرى فيها شخصا يترشح لمنصب على منصة الكراهية والقمع”.
وفي مقابلة عام 2023 مع صحيفة “الغارديان”، أشارت إلى أنها مرضت في ظل إدارة ترامب، وصرحت بالقول: “لقد كدت أصاب بقرحة في المرة الماضية. إذا تولى المنصب، ومن يدري؟ سأغادر (البلاد) هذه المرة”.
كما تعهدت بطلة مسلسل “صراع العروش” صوفي تيرنر “بالخروج من أمريكا والعودة إلى بلدها الأصلي بريطانيا إذا تولى ترامب السلطة”.
وخلال ترشح ترامب الأول للمكتب البيضاوي في عام 2016، أعربت الفنانة الأمريكية رافين سيموني في برنامج “ذا فيو” عن أنها ستغادر البلاد إذا فاز جمهوري في الانتخابات، وعلى الرغم من أنها لم ترحل في تلك اللحظة، إلا أنها لم تكشف بعد عما يخبئه المستقبل لها ولـ”زوجتها” ميراندا ماداي هذه المرة.
والفنانة الشهيرة بيلي إيليش، 22 عاما، التي أيدت هاريس قبل الانتخابات، توجهت إلى خاصية “الستوري” على “إنستغرام” لمشاركة متابعيها رسالة بسيطة بعد ظهور النتائج، وكتبت: “إنها حرب على النساء”.
كما استخدمت الفنانة أريانا غراندي منصتها الخاصة لمشاركة حزنها على نتائج الانتخابات، وكتبت المغنية البالغة من العمر 31 عامًا: “أمسك بيد كل شخص يشعر بثقل لا يقاس لنتيجة اليوم”.
كما اندلعت موجة من الغضب على موقع “X”، حيث “تنهدت” الممثلة كريستينا آبلغيت على المنصة، وكشفت عن أن ابنتها سادي البالغة من العمر 13 عاما راحت “تبكي” بسبب النتيجة.
وكتبت: “لماذا؟ أعطيني أسبابك لماذا؟ طفلتي تبكي لأن حقوقها كامرأة قد تُنتزع منها. لماذا؟ وإذا كنت لا توافقني الرأي، أرجو إلغاء متابعتي”.
وأضافت في منشور أخر: “أرجو إلغاء متابعتي إذا صوتت ضد حقوق المرأة. ضد حقوق ذوي الإعاقة. نعم، هذا ما كتبته..إلغاء متابعتي لأن ما فعلته غير واقعي. لا أريد متابعين مثل هذا. لذا نعم. أيضا بعد اليوم سأغلق حساب المعجبين هذا الذي كان لدي لسنوات عديدة لأن هذا الوضع مريض”.
وكان لدى الفنانة “كاردي بي” رسالة لأولئك الذين يشمتون على صفحتها الشخصية أيضا.
وخصصت مغنية الراب، التي تحدثت في تجمع هاريس في ويسكونسن في وقت سابق من هذا الشهر، لحظة للإشادة بهاريس أيضا.
هذا وفاز ترامب، 78 عاما، بأصوات الهيئة الانتخابية بإجمالي 295 مقابل 226. وجاءت الأصوات الشعبية 72765347 لترامب و68114042 لهاريس.
وبعد فوزه، خاطب ترامب الشعب الأمريكي، قائلا في رسالة: “هذه حركة لم يرها أحد من قبل، وبصراحة، كانت هذه، كما أعتقد، أعظم حركة سياسية في كل العصور. لم يكن هناك شيء مثل هذا في هذا البلد، وربما أبعد من ذلك. والآن ستصل إلى مستوى جديد من الأهمية لأننا سنساعد بلدنا على التعافي. سنساعد بلدنا على التعافي”.
وأضاف: “لدينا بلد يحتاج إلى المساعدة، ويحتاج إلى المساعدة بشدة. سنصلح حدودنا، وسنصلح كل شيء في بلدنا، وقد صنعنا التاريخ لسبب ما الليلة، والسبب سيكون هذا فقط”.
واعترفت هاريس بالهزيمة في اليوم التالي، وقالت في خطاب: “اسمحوا لي أن أقول إن قلبي مفعم اليوم. قلبي ممتلئ اليوم، مفعم بالامتنان للثقة التي وضعتموها فيّ، ممتلئ بالحب لبلدنا، ومليء بالعزيمة”.
وأردفت: “لم تكن نتيجة هذه الانتخابات ما أردناه، ولا ما قاتلنا من أجله، ولا ما صوتنا من أجله، ولكن اسمعوني عندما أقول إن ضوء “وعد أمريكا” سيظل ساطعا دائما طالما لم نستسلم أبدا وطالما واصلنا القتال”.