شكلت صور المهاجرين المختطفين في مدينة الكفرة جنوب شرقي ليبيا، صدمة حول الاتجار بالبشر، خصوصا بعد طلب الخاطفين فديات من أهالي المختطفين.

وتصدرت صورة نعيمة جمال البالغة من العمر 20 عاماً من مدينة أوروميا بإثيوبيا، وهي مقيدة بحبل ومعصوبة الفم، مواقع المنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام ومنصات السوشيال ميديا في بلدها.



كما تكشف الصورة خلفها قرابة 50 من المهاجرين، جالسين على الأرض برؤوس مخفية بين أرجلهم.

وبحسب منظمة "ميديتيرانيا سايفينج هيومن"، فقد اختطفت نعيمة بعد وقت قصير من وصولها إلى ليبيا في  منتصف العام الماضي حيث تطالب عصابة من تجار البشر في الكفرة 6 آلاف دولار أمريكي لقاء إطلاق سراحها.

وقالت المنظمة إن العصابة أرسلت مقطع فيديو يظهر نعيمة وهي تتعرض للتعذيب مع تهديدات قاسية مطالبة بدفع الفدية.



وتعد ليبيا محطة للآلاف من المهاجرين الأفارقة الذين يرغبون في الوصول إلى السواحل الأوروبية هرباً من الفقر والصراعات.

وبينت المنظمة "يمارس المتاجرون نشاطهم علانية، بفضل الإفلات من العقاب وتواطؤ الأنظمة التي تغض الطرف عن هذا الرعب"، مؤكدا أن "تجارة الرقيق مستمرة بصوت عال ودون انقطاع".

إنه العار في صورة! تأملوا هذه الصورة ومقطع الفيديو المروّع الذي شاركته .. هي صور ومقاطع حيّة للسجون ومراكز احتجاز المهاجرين في ليبيا. تظهر في الفيديو المهاجرة الأثيوبية نعيمة جمال 20 عاما، وصلت قبل أيام مقاطع تعذيبها إلى أسرتها في أثيوبيا لإجبارهم على إرسال الفدية نظير إطلاق… https://t.co/Mbw1pR1jxB pic.twitter.com/I1AKnpklKS — Khalil Elhassi (@ElhasseKhalil) January 6, 2025

"عربي21" التقت بعدد من ضحايا الاتجار في البشر بعدة مدن ليبية ومن مختلف الجنسيات رووا قصصا مرعبة عن ما لاقوه في رحلة الهجرة إلى أوروبا التي لم تنجح بعد.

يصل المهاجرون غير الشرعيون، ليييا من أفريقيا إلى مدينة الكفرة كأول محطة، ومن هناك ينطلقون إلى المدن الساحلية وعادة الغربية منها حيث تنطلق الرحلات إلى أوروبا.



عمال قسريا
يذكر الناشط الليبي "قيس" الطشاني الذي رفض استخدام اسمه الأول الحقيقي خوفا من الملاحقة، إن شبكات التهريب التي توصل المهاجرين إلى الشرق الليبي يتكون جلها من عناصر في القوات المسلحة التابعة لخليفة حفتر، ثم يوزعون على عصابات الاتجار بالبشر والذين عادة ما يكون زعماؤها على علاقة وثيقة بقوات حفتر.

ويكشف الطشاني، أن بعض المهاجرين يجبرون على العمل قسرا في بعض المعسكرات كما يحدث في مقر تابع لكتيبة طارق بن زياد في "شارع المفاتيح ببنغازي"، إذ يجبر كل من يعتقل من المهاجرين ويدخل لذلك المقر المخيف على العمل في التنظيف والبناء وربما قد يؤخذ لمزارع خارج المدينة وكل ذلك دون أجر.

وعن المشاهد المعروضة للمهاجرين الإثيوبيين يقول الطشاني إنها على الأرجح في أطرف الكفرة حيث تتسلم عصابات التهريب قوافل المهاجرين في تلك النقطة، ثم ينقلون إلى طبرق وبنغازي.
اختطاف "شبه رسمي"

يقول زيدان شفيع، (31) عاما، إنه تعرض للاختطاف في مدينة الزاوية خلال رحلة لجوئه إلى أوروبا حيث بقي هناك أكثر من شهرين حتى دفع ذووه الفدية.

سلك شفيع الطريق الأكثر شيوعا نحو أوروبا، البحر، حيث تستغرق الرحلة 8 - 12 ساعة للوصول، إلا أن الحظ لم يحالفه فقد اعترض الخفر الليبي القارب واقتادهم إلى الساحل، هناك سلم من جهة لأخرى حتى وجد نفسه في مخزن كبير يضم حوالي 200 مهاجر جلهم من أفريقيا.

يضيف شفيع، "لم يكن الأمر عفويا بل مرتبا مسبقا، يعني أن رحلتنا بيعت لخفر السواحل، ومن ثم تم بيعنا حتى وصلنا إلى السجن خارج الزاوية، هناك حيث عشت ما يمكن وصفه بأسوأ أيام حياتي".

دفعت عائلة شفيع 3 آلاف دولار مقابل حريته، فيما بقي آخرون يقبعون هناك وربما قد يستخدمون لأشغال شاقة، بحسب شفيع.

إنه العار في صورة! تأملوا هذه الصورة ومقطع الفيديو المروّع الذي شاركته .. هي صور ومقاطع حيّة للسجون ومراكز احتجاز المهاجرين في ليبيا. تظهر في الفيديو المهاجرة الأثيوبية نعيمة جمال 20 عاما، وصلت قبل أيام مقاطع تعذيبها إلى أسرتها في أثيوبيا لإجبارهم على إرسال الفدية نظير إطلاق… pic.twitter.com/vEDKQRWnJZ — SALIH HASRI (@SedaSala) January 7, 2025

سجون "رسمية"
لم تكن هذه القصة الوحيدة، فهناك العشرات غيرها، إلا أن أصحابها يرفضون الظهور للعلن خوفا من الانتقام، مثل محمد زينو شاب سوري، عاش تجربة مماثلة، بعد وصوله إلى مدينة زواره أكثر المدن التي تنطلق منها قوارب المهاجرين غير الشرعيين نحو إيطاليا.

منذ وصوله إلى نقطة التجمع شعر زينو كما يقول أن الأمر غير طبيعي وليس كما سمع عن رحلة سهلة، فقد كان المكان مكتظ جدا والوضع لا يطاق، لهذا رفض الصعود إلى المركب المكتظ بالعشرات رغم أنه لا يسع سوى لعشرين شخص، وجزاءا على رفضه أعيد إلى المخزن ثم سلم لشبكة مهربين حبسته أكثر من 45 يوما حتى دفع أهله 2500 دولار ليخرج حرا.

الأكثر رعبا كانت تلك القصص التي تحدث عنها كثيرون حول وجود سجون رسمية في مختلف المناطق الليبية لا يخرج منها المهاجر غير الشرعي إلا بدفع فدية.

وعن ذلك يقول عمران نوري الشاب السوري المنحدر من محافظة درعا، إنه اعتقل خلال رحلة في البحر وأودع سجن يسمى بئر الغنم، ولم يفرج عنه إلا بفدية مالية.

يقول نوري، "هناك لا يسمح لأحد بالاتصال بأهله إلا لطلب الفدية، وعادة تسلم بمكاتب صيرفة معينة وسط أجواء محاطة بالسرية رغم أن الجميع يعرف ذلك".



ليبيا.. قبلة المهاجرين
وتؤكد تقارير المنظمات المعنية بالهجرة غير القانونية، أن ليبيا احتلت المرتبة الأولى في عدد المهاجرين القاصدين إيطاليا منذ بداية العام الجاري.

وقدّرت وكالة نوفا الإيطالية أن ما يقارب من 14 ألفاً و755 مهاجراً غير شرعي وصلوا الشواطئ الإيطالية من ليبيا خلال النصف الأول من عام 2024.

وقال وزير الدولة لشؤون الاتصال في ليبيا، وليد اللافي في تصريح منتصف العام الماضي، إن "الأرقام الرسمية وغير الرسمية تشير إلى أن أعداد المهاجرين الذين يصلون إلى أوروبا عبر ليبيا، أكثر من 40 بالمئة من إجمالي الهجرة عبر البحر المتوسط".

بدوره قال وزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عماد الطرابلسي، إن أعداد المهاجرين الموجودين في ليبيا يصلون لـ 2.5 مليون مهاجر، وتوقع ارتفاع العدد إلى ثلاثة ملايين وهو ما يشكل ثلث سكان البلاد تقريباً،

وأضاف، أن نحو 90 إلى 120 ألف مهاجر يدخلون إلى ليبيا عبر الصحراء شهريا.

كما أوضح الطرابلسي أن بلاده أنفقت قرابة 330 مليون دولار على ملف مكافحة الهجرة خلال العام الماضي، معتبراً أنها خط الدفاع الأول"، إذ أن "أمن أوروبا يبدأ من حدود ليبيا مع دول الساحل والصحراء" على حد تعبيره.

من جانبه، قال رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة، في تصريح سابق، إن ليبيا وجدت نفسها بين ضغط الرفض الأوروبي للمهاجرين شمالاً والرغبة الأفريقية في الهجرة من الجنوب، مبينا أن ما يعزز مشكلة الهجرة هو "الأزمات التي تعانيها بعض البلدان الأفريقية"، بالإضافة إلى المشكلات التي "تؤرق الدول" الأخرى.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية ليبيا احتجاز المهاجرين ليبيا انتهاكات هجرة غير شرعية احتجاز مهاجرين المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إلى أوروبا فی لیبیا

إقرأ أيضاً:

تأملات قرآنية

#تأملات_قرآنية

د. #هاشم_غرايبه

يقول تعالى في الآية 31 من سورة الأعراف: “يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ”.
في تفسير هذه الآية أجمع السف الصالح على أنها نزلت في قريش التي كانت تطوف حول الكعبة عريا، وأن الزينة تعني الثياب، لكن المتأمل في هذا التفسير لا يقتنع به، فهنالك ثلاثة أمور هامة في النص أغفلوها:
1 – لماذا كان الخطاب لبني آدم، مع أنه في المتطلبات العبادية يكون الخطاب للمؤمنين؟.
2 – الأمر الإلهي ليس محددا بالبيت الحرام كما اعتقدوا، وفي كل الآيات التي حددها الله تعالى بالمسجد الحرام كانت الصياغة بغاية الوضوح ، لكنه تعالى هنا قال الله (كل مسجد)، وهذا نص قاطع الدلالة بشمول لكل المساجد، وليس هنالك طواف في أي مسجد، سواء بملابس او بدونها بخلاف المسجد الحرام.
3 – لماذا كان إيراد الله لتناول الطعام بلا إسراف، مع أن المساجد ليست أماكن لتناوله؟.
هذه العناصر الثلاثة التي ارتكزت عليها الآية، تنقض تماما ذلك التفسير، وتوجب علينا التفكر في مراد الله في هذه الآية.
بداية من كون الخطاب لعموم البشر (وليس للمؤمنين فقط)، يجب أن نستنتج أن الأمر الإلهي هنا ليس محددا بعبادة الصلاة المفروضة على المؤمنين، ولا هو بالطواف في المسجد الحرام، إنما هو بما يشترك فيه جميع البشر مؤمنهم وكافرهم، المصلون وغير المصلين، وهذا يعني الفطرة التي خلق عليها البشر.
وهنا يجب العودة الى دور المسجد، والبحث فيما يمثله من توافق مع تلك الفطرة.
لو استعرضنا ما جاء في كتاب الله في هذا الصدد، لوجدنا أن لفظة المسجد بالمفرد وبالجمع ذكرت 28 مرة، منها ما كانت بالتعميم مثل قوله تعالى: “وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا”[الجن:18]، ومنها بالتعريف الصريح كذكر المسجد الحرام والمسجد الأقصى في بداية سورة الإسراء، أو بالإشارة غير الصريحة الى مسجد قباء في المدينة: “لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ” [التوبة:108].
يتبين لنا ان الله تعالى اعتبرها بيوتا له، والبيت هو المكان الذي يأوي الإنسان، وتسكن نفسه إليه، ولا يتكلف فيه ما يتكلفه خارجه، فيحق له أن يضع عنه ثيابه التي تستره، لذلك وضع الله لها آدابا وقيد دخولها بقيود، مثل الاستئذان لغير أصحابها، والاستئناس بالسلام قبول دخولها حتى لمالكيها.
إن كان ذلك لبيوت البشر فكيف لبيوت الله؟.
فيجب أن تنال حقها من التوقير والتعظيم، فلا يذكر فيها ما لا يرضاه صاحبها (الله تعالى)، من شرك به أو لغو كلام أو شجار أو جدال، فكل حديث فيه يكون وفق ما أمر به الله وشرعه وأحله، من قراءة لكتابه أو تدارسه او تدارس السنة والفقه والعلم النافع، وينصت له بلا مقاطعة او رفع الصوت.
هذه من آداب المساجد التي تعتبر من شعائر الله: “وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ” [الحج:32]، التي امتدح اله من يراعيها حق رعايتها، على أنها من علامات التقوى.
هنا نفهم أن الزينة التي يأخذها الناس عند المساجد شاملة لكل مظاهر التوقير والعناية من نظافة وترتيب وهندام حسن وتطيب لمن يدخلها، كما أنها تشمل تجميل المكان هندسة وعمارة وفرشا.
كل ذلك محدد بالمؤمنين: “إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ” [التوبة:18]، لأنهم فقط من يعمرون بيوت الله بناء وتأثيثا وحضورا.
أما باقي البشر من غير المؤمنين فواجبهم احترام بيوت الله فلا يقيموا حولها ما يشوه منظرها او يضايق مرتاديها، ومن أكثر المضايقات هي كاميرات المراقبة التي تضعها السلطات الأمنية.
ويثبت أن أنظمة سايكس بيكو هي من فئة غير المؤمنين أنها جميعها تخلت عن تلك المهمة، فهي تنفذ كل المشاريع الخدمية ما عدا بناء المساجد، فتتركها للمتبرعين.
تبقى المسألة الأخيرة: “وَكُلُوا وَاشْرَبُوا”، فلا بد أن المقصود ليس تناول الطعام في المساجد، إنما هو إشارة الى أوقات الصلاة التي تعلنها المساجد، وهي الأوقات الأمثل للفطرة البشرية لتناول الطعام، وقد ثبت طبيا أن توزيع الوجبات وتقليل كميتها “وَلَا تُسْرِفُوا” أفضل لصحة الإنسان، وتناولها بعد صلاة العشاء ضار.

مقالات ذات صلة تحت الضوء 2025/04/30

مقالات مشابهة

  • تأملات قرآنية
  • مراقب إخوان سوريا الأسبق علي البيانوني يروي سيرته لـ عربي21.. هذه بدايتي
  • أمريكا تبحث ترحيل المهاجرين الذين لديهم سجلات إجرامية إلى ليبيا
  • السلطات بالخرطوم تشرع في إزالة ونظافة أكبر البؤر التي كانت تستخدمها المليشيا للمسروقات والظواهر السالبة
  • المجد للبندقية التي حرست المواطن ليعود الى بيته الذي كانت قحت تبرر للجنجويد احتلاله
  • نائب: الدعم القبرصي لمنح مصر 4 مليارات يورو تتويج لتعاونها في ملف المهاجرين
  • الطبلقي: هناك دول تطمع بثروات الشعب الليبي
  • أشرف زكي: هناك بعض الصور التي لا نرضى عنها جميعا في تغطية الجنازات
  • كانت معدّة للتهريب.. شاهدوا كميات البنزين الكبيرة التي تم ضبطها في عكار (صورة)
  • أوروبا ومخاطر الحرب المستعرة ضد المهاجرين