خياران أمام حزب الله: مالهما وما عليهما
تاريخ النشر: 8th, January 2025 GMT
كتب عماد مرمل في " الجمهورية": مسألة الاستخفاف الإسرائيلي باتفاق وقف إطلاق النار كانتمادة أساسية للنقاش بين الرئيس نبيه بري ووفد من كتلة «الوفاء للمقاومة » برئاسة النائب محمد رعد، في أولى إطلالاته العلنية قبل ايام ، حيث جرى عرض للواقع السائد على الأرض في الجنوب، ولمحاولات معالجته بالوسائل الديبلوماسية، استناداً إلى مداولاتبري مع رئيس لجنة الإشراف والمراقبة الجنرال الأميركي جاسبر جيفيرز، ثم مع آموس هوكشتاين الذي التقى رئيس المجلس وشارك في اجتماع اللجنة، بعدما «سلّفته » تل أبيب انسحاباً من الناقورة بالترافق مع وجوده فيها لحضور الاجتماع.
ومن الواضح أنّ الحزب يدرس خياراته بتأنٍ، ويقيس سلبيات وإيجابيات كل منها، بعيداً من العواطف والانفعالات، خصوصاً في ما يتعلق بخياري الصبر على الخروقات الإسرائيلية او الردّ عليها.
تعرف قيادة الحزب انّ كلاً من الاحتمالين يختزن فرصاً وتهديدات،ويتضمن حسنات وسيئات، وبالتالي هي تحسب خطواتها جيداً، لأنّ المرحلة لا تتحمّل اي دعسة ناقصة، خصوصاً انّ الحزب وبيئتهلا يزالان في طور «النقاهة » ولملمة آثار الحرب.
أما في حسابات الحزب، فإنّ خيار الصبر الذي اعتمده حتى الآن ينطوي على المردود الآتي:
تفادي الانزلاق إلى اي فخ محتمل، قوامه استفزاز الحزب لاستدراجه إلى عمل عسكري انفعالي ، يستخدمه العدو الإسرائيلي ذريعة لاستئناف حربه على المقاومة وبيئتها، في ظل متغيّر جيوسياسي يخدم مصلحته ويتمثل في سقوط نظام بشارالأسد وانقطاع خط الإمداد السوري ل «حزب الله .
وضع الدولة والجيش وقوات «اليونيفيل » ولجنة الإشراف تحت المجهر، وتحميلهم مسؤولية معالجة الانتهاكات الإسرائيلية، وكشف عدم احترام تل أبيب لا الشرعية اللبنانية ولا الشرعية الدولية.
إعادة تثبيت جدوى المقاومة وتجديد شرعيتها على وقع التحدّي الذي يواجه البدائل الأخرى، بعدما ذهب البعض إلى الافتراض بأنّ العدوان الإسرائيلي الاخير أنهى دورها الميداني ومبرر وجودها.
التركيز على استكمال مسار تعافي الحزب وتكيّفه مع ظروف المرحلة الجديدة.
إيلاء الاهتمام اللازم لورشة إعادة إعمار ما هدّمته الحرب الإسرائيلية، وتأمين المتطلبات الضرورية والملحّة للبيئة
الحاضنة التي تعرّضت للإنهاك وتحتاج إلى رعاية على أكثر منصعيد.
في المقابل، فإنّ خيار الردّ على الاعتداءات الإسرائيلية، اذا استمرت، يرتكز وفق نمط تفكير «حزب الله » على الأسباب
الموجبة الآتية:
وجوب عدم التفريط بالإنجازات التي حققها صمود المقاومة في الميدان خلال المواجهات، لا سيما منها البرية، بعدما تبين انّ الطرف الإسرائيلي يحاول ان يكرّس في ظل وقف إطلاق النار وقائع ميدانية عجز عن فرضها بفائض النار.
تمادي الجانب الإسرائيلي في الخروقات النافرة، منذ الإعلان عن الاتفاق، بحيث لا يستطيع الحزب الاستمرار في
التغاضي عنها لفترة طويلة، خصوصاً انّها تشكّل تحدّياً ل«كبرياء » المقاومة وتضع مجمل أدبياتها على المحك.
إنّ المقاومة لتحرير الأرض اللبنانية المحتلة هي حق ثابت ومكفول بكل الشرائع الإنسانية والدولية، وأي عملية قد ينفّذها الحزب داخل الأراضي اللبنانية التي توغل فيها الاحتلال الإسرائيلي خلال اوبعد الحرب الأخيرة هي مشروعة ومبررة بكل المعايير.
إفهام العدو الاسرائيلي وخصوم الداخل بأنّ الحزب لم يُهزم ولم يضعف، حتى لا تؤدي التقديرات المغلوطة إلى استنتاجات خاطئة قد تُبنى عليها قرارات وتصرفات متهورة.
يبقى انّ «حزب الله » معني بأن يوازن بأعصاب باردة بين الآثار المترتبة على سلوكه هذا المسار او ذاك، تبعاً للمنحى الذي ستتخذه التطورات الميدانية في الأيام المقبلة، وهو سيختبر وعود هوكشتاين المنبرية على أرض الواقع حتى يبني على الشيء مقتضاه.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
عدوان لا يتوقف وسلاح لا يُسلم.. لبنان بين فكّي إسرائيل و»حزب الله»
البلاد- بيروت
فيما تواصل إسرائيل قصف الجنوب والضاحية والبقاع في محاولة لتفكيك البنية العسكرية لحزب الله، يراوغ الحزب في ملف تسليم السلاح، متمسكًا بشروطه، فيما تبذل الدولة اللبنانية جهودًا شاقة لبسط سيادتها دون الانزلاق إلى صدام داخلي أو استفزاز آلة القتل الإسرائيلية.
وفي أحدث تطور، زار رئيس لجنة مراقبة وقف إطلاق النار، الجنرال الأمريكي جاسبر جيفرز، بيروت، أمس (الأربعاء)، حيث التقى الرئيس اللبناني جوزيف عون بحضور السفيرة الأمريكية ليزا جونسون. اللقاء شهد تأكيدًا لبنانيًا على ضرورة تفعيل اللجنة والضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها وانسحابها من خمس تلال جنوبية لا تزال تحتلها، إضافة إلى إطلاق الأسرى اللبنانيين. كما قدم جيفرز خلفه، الجنرال مايكل جاي ليني، الذي سيتولى رئاسة اللجنة خلال المرحلة القادمة، وهو قائد قوة المهام في القيادة المركزية الأمريكية.
اللقاء جاء قبيل مغادرة عون إلى الإمارات برفقة وزير الخارجية يوسف رجّي، في زيارة رسمية تستمر يومين، تهدف إلى تعزيز العلاقات وجذب الدعم العربي لجهود الأمن والإصلاح وإعادة الإعمار، في ظل ظرف دقيق يتطلب دعمًا سياسيًا واقتصاديًا فوريًا.
بالتوازي، واصل الجيش اللبناني تنفيذ مهامه جنوب الليطاني، حيث أعلن الرئيس عون في لقاء مع وفد معهد الشرق الأوسط للدراسات في واشنطن، الثلاثاء، أن الجيش يطبق القرار 1701 رغم العراقيل الميدانية المتمثلة ببقاء إسرائيل في خمس نقاط حدودية. وأكد أن “قرار حصرية السلاح لا رجوع عنه”، وأن عملية سحب السلاح ستتم بالحوار، تجنبًا لأي اضطرابات أمنية.
من جهته، اعتبر رئيس الحكومة فؤاد سلام أن الغارات الإسرائيلية على الضاحية وسواها تشكّل “خرقًا واضحًا لترتيبات وقف الأعمال العدائية”، مطالبًا بتفعيل آلية المراقبة الدولية. كما شدد خلال استقباله وفد نقابة الصحافة على أن لبنان ملتزم بالاتفاق وعلى إسرائيل أن تلتزم أيضًا، مضيفًا أن بقاء الدعم الأمريكي والفرنسي مهم لضمان ذلك.
ورغم إعلان حزب الله دعم الدولة، بدا موقفه أكثر تصلبًا في الخطاب الأخير لأمينه العام نعيم قاسم، الذي وضع ثلاثة شروط مسبقة قبل أي حوار حول السلاح: انسحاب إسرائيل، وعودة الأسرى، وبدء إعمار ما دمرته الحرب. وهو ما رآه مراقبون تناقضًا مع موقفَي رئيس الجمهورية والحكومة، وتراجعًا عن مضمون البيان الوزاري الذي نال ثقة “الحزب” نفسه.
السلطة الرسمية اللبنانية تراوح مكانها في ملف السلاح، متسلّحة بالتهدئة والحوار كسبيل لتفادي صدام داخلي، بينما يربط الحزب مصير سلاحه بتحولات الإقليم، خصوصًا في ضوء المفاوضات بين طهران وواشنطن. وعلى الأرض، لم تتوقف إسرائيل عن شن الغارات، متذرعة بعدم تفكيك قدرات الحزب، ومتمسكة بالبقاء في نقاط حدودية رغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي وُقّع برعاية أمريكية فرنسية أواخر نوفمبر الماضي.
وكان الاتفاق نص على وقف الأعمال العدائية، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من الجنوب، مقابل انسحاب الحزب من جنوب الليطاني، وتوسيع انتشار الجيش اللبناني وقوات “يونيفيل”، إلا أن التنفيذ تعثر وسط مماطلة إسرائيلية ومراوغات من حزب الله.
بين تصعيد إسرائيلي لا يهدأ، ومناورات حزب الله ومواقفه المتباينة حول حصر السلاح، تقف الدولة اللبنانية في مفترق طرق حرج. فالمضي نحو السيادة يتطلب مواجهة مزدوجة: مقاومة الضغوط الخارجية دون الخضوع لها، ومراكمة التوافق الداخلي دون الانفجار من الداخل.