هذا- يا رعاك الله- وقد سمعت أحد المحسوبين على حكام سوريا الجدد، يقول “إن الكيان القذر ليسوا أعداءه، هو ومن يحكمون سوريا الآن”، مستشهدًا بـ:
أولًا: قول الحق سبحانه “وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ”.
—-
ولا مانع على أية حالٍ من سؤاله، لمن وجه الخطاب أعلاه، أهو لكافة المؤمنين، أم لخاصة سوريا؟
– فإن كان لكافتهم فالعدو القذر يقاتل إخواننا المؤمنين في غزة، وهذا يجعل كل الأمة في موضع “وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ”.
– وإن كان القرآن قد أنزل لأهل سوريا خاصة، فالعدو القذر يقاتلها أيضًا، ويتوغل في الأراضي السورية، ويقصفها كل يوم، ويتموضع الآن على مشارف دمشق.
ولهذا فالقرآن هنا لا يشهد لك، وإنما عليك.
———
ثانيًا: وقال إنهم بصدد التطبيع مع العدو القذر، بحجة أن النبي صلوات الله عليه وعلى آله، عقد مع كفار مكة صلح الحديبية.
—
والرد، ببساطة، أن يد النبي في صلح الحديبية كانت الأعلى، وما كان كفار المكة وقتها من يغزون المدينة، ثم أنه ذهب إلى مكة لأداء العمرة، ولو قام بتأجيلها للعام القادم فلم تكن لتسقط عليه عمرته.
كما أنه منذ البدء لم يذهب لقتال، لم تكن هذه منذ البدء نيته، وما كان له أن يبادرهم باعتداء، لأن “الله لا يحب المعتدين”، وما كانت مكة وقتها من أرض الإسلام، أي: أهل مكة هم دائمًا أهل مكة.
وبصلح الحديبية تحقق الغرض، بأداء العمرة، وإن كان قد تم تأجيلها.
لكنه لم يعقد معهم صلحًا وهم يغزون المدينة، وفي بدرٍ والمسلمون أضعف قوّةً وأقل عديدا.
وإذا كانت هذه حجتكم على أية حال، فلتعقدونها مع السوريين أبناء جلدتكم، من باب أولى، فهم أقرب رحمًا وإن كانوا في عيونكم “كفرة”!
كلهم في التصنيف، حتى وإن حسبتموهم أعداءكم، أقل عداوةً من يهود، بمن فيهم المسيحيون الذين هم- بحسب القرآن- أقرب مودّة.
ثالثًا: إذا كنتم تقولون بأنكم “سلفية”، فمذهبكم لا يجيز الخروج على الحاكم، حتى وإن كان طاغية، ولنقل أن بشار كان طاغية، وحتى لو كان فمذهبكم لا يجيز الخروج عليه، حتى وإن جلدكم، حتى وإن أخرج قرنياتكم الحمقاء من محاجرها.
وبحسب أحد دعاة السلفية: حتى وإن مارس الزنا في التلفزيون، وأمام العالمين.
– حتى ولو كان هكذا، فقد كان بمذهبكم هو المتغلب، وأنتم الذين خرجتم عليه، ووفقًا لمذهبكم أيضًا فقد حكمتم على الخارج عن سلطانه بالقتل.
– “سلفيتكم تقول هذا”، ونحن لا نتفق معها في هذا الأمر، لكنه مذهبكم، وقد كان عليكم أخذه كاملًا.
– وإذا قلتم بأن بشار كان “كافرًا”، وإذا سايرناكم بموضة “التكفير”، فنتنياهو أكفر من بشار، فإن كان هذا “باعٌ” فذاك ذراع، فلماذا توجبون قتال الأول، وتوجبون مهادنة الثاني؟
– وإذا كنتم- كما تزعم- من دعاة نشر الدين باللين، وكنتم حتى تعتبرون كافة السوريين كفارا، فلماذا لا تبادلونهم السلم، وتنشرون أفكاركم ومعتقداتكم باللين، “وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ”.
مع التنبيه إلى أن هذه الدعوة، وإن كانت ستنطبق على أهلينا في سوريا الذين تعتبرونهم- بزعمكم- كفارا؛ فهي لا تبرر التطبيع مع العدو القذر. لأنه اغتصب أرض الإسلام في المقام الأول، وقتل أهلنا في فلسطين، وهم المستضعفون الذين استنصروا في الدين كل الأمة، وقد قال الحق سبحانه: “وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ”.
– وعلى أية حالٍ، وبمنأى عن تهافت التهافت ولغو الحديث الذي يساق على ألسنة الدائرين في فلك “سوريا الجديدة”، فإنها محض مؤشراتٍ إضافية.. تؤكد إلى أيّ مدىً تاهت البوصلة، وإلى أيّ درجة يحكم سوريا اليوم قومٌ لا يعرف حتى منابتهم الحقيقية أحد، وما إذا كانوا من المحسوبين على سوريا، بل، وعلى الإسلام بمنأى عن مذاهبه.. بالفعل! أم أنهم جواسيس مدسوسون، ويهودٌ مستترون، تمامًا مثل يهود الدونمة، تمامًا مثل مصطفى كمال أتاتورك، اليهوديّ المؤسس لتركيا العلمانية الحديثة! أو حتى كمال أمين ثابت؛ الرجل الذي كاد أن يتبوأ في سوريا الستينيات كرسي وزارة الدفاع، قبل أن تكتشف جاسوسيته، وأن اسمه الحقيقي “إيلي كوهين”!
فيا تُرى؛ ما هو الاسم الحقيقي، والمعتقد الحقيقي، والانتماء الحقيقي للجولاني، الذي أصبح- في ظرف أسبوع- رجلًا آخر يلبس الكرافات، ويسمي ذاته “أحمد الشرع”، ويشهد له أحمد منصور- مذيع الجزيرة- بخالص الإيمان؟!
وفي صبيحة الأربعاء القادم، في الزاوية ذاتها بإذن الله.. يبقى لنا حديث.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
سوريا.. كشف تفاصيل لقاء الشرع مع روابط الناجين وأهالي المعتقلين
سوريا – أفادت الرئاسة السورية امس الأربعاء، بأن لقاء رئيس سوريا للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع، التقى بوفد من روابط الناجين والناجيات وعائلات المعتقلين والمعتقلات والمفقودين والمفقودات.
وشارك في الاجتماع مجموعة من ممثلي المنظمات الحقوقية وعائلات الضحايا، حيث تم التأكيد على ضرورة اتخاذ إجراءات فورية وجادة لكشف مصير المفقودين ومعرفة الحقيقة حول ما جرى في المعتقلات وأماكن الاحتجاز.
وذكرت “رابطة معتقلي ومفقودي صيدنايا”، في بيان لها، أن الروابط المشاركة أكدت أن “كشف الحقيقة حول عشرات الآلاف من المفقودين ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات هو حق غير قابل للمساومة وشرط أساسي لتحقيق العدالة”، مشددة على أن “العدالة الانتقالية لا تقتصر على الشق الجنائي فقط، بل تشمل أيضا إصلاح المؤسسات وتخليد ذكرى الضحايا”.
وجاءت المطالب المطروحة من قبل روابط الناجين والناجيات وأهالي المعتقلين والمعتقلات خلال الاجتماع، وفق ما نقل “تلفزيون سوريا”:
ضمان عدم تكرار الانتهاكات، لا سيما جرائم التعذيب والإخفاء القسري. ضمان وصول العائلات إلى المعلومات المتوفرة حول أبنائهم المفقودين، باعتبار أن الحقيقة حق لهم. الحفاظ على الأدلة في السجون ومقرات الأمن، وحماية المقابر الجماعية من أي عمليات نهب أو تخريب قد تمس بالحقيقة. ضمان دور مركزي للضحايا وعائلاتهم في جميع جهود العدالة الانتقالية، من خلال إشراكهم إلى جانب المنظمات الحقوقية السورية. التعاون مع المؤسسات الأممية والدولية المختصة بملف المفقودين، نظرًا لتعقيد الملف وضخامة عدد الضحايا.من جهته، أكد أحمد الشرع التزام الحكومة بإعطاء قضية المفقودين أولوية قصوى، والعمل على إنشاء جهة متخصصة في شؤون المفقودين وعدم تكرار الانتهاكات السابقة، مبديا حرص الحكومة على التواصل المستمر مع عائلات المفقودين وروابط الضحايا، حسب بيان “رابطة معتقلي ومفقودي صيدنايا”.
كما شدد الرئيس السوري على “ضرورة عدم اعتبار المخفيين قسرا متوفين دون أدلة ملموسة”، وفق ذات البيان.
وجاء في البيان أن “الروابط الحقوقية ستواصل متابعة تنفيذ هذه الالتزامات عن كثب، وستمارس الضغوط اللازمة لضمان تحويل الوعود إلى إجراءات ملموسة، كما شددت على أن العدالة لا تُبنى على الوعود، بل تتحقق بالأفعال”.
وأكدت أن “معالجة هذا الملف تتطلب تعاونا جادا بين الحكومة، والضحايا وعائلاتهم، والمنظمات السورية والدولية لضمان الوصول إلى حلول عادلة وفعالة”.
وفي ختامه، أشار البيان مؤكدا، إلى أنه “لا استقرار ولا عملية سياسية ذات مصداقية دون معالجة قضية المعتقلين والمفقودين بجدية وشفافية، بما يعزز بناء الثقة بين السوريين”.
المصدر: “تلفزيون سوريا”