من الشرقاوي إلى القرضاوي.. خريف الكلمة يشبه ربيع العرب
تاريخ النشر: 8th, January 2025 GMT
لعل أبرز جواب على تساؤل الشاعر المصري عبد الرحمن الشرقاوي "أتعرف ما معنى الكلمة؟"، كان حال عبد الرحمن ثان لكنه القرضاوي بعد سنين من كتابة القصيدة، إذ يدفع الثاني ثمن الكلمة وأي كلمة تلك التي تسقى بمعاناة صاحبها.
لم يفعل الشاعر عبد الرحمن القرضاوي شيئا يجرّمه القانون، لم يأت إفكا ولم يسفك دما، ولم يتحدث ببهتان، بل نطق بما يجول في قلوب الملايين من العرب المقهورين تحت الغزاة والطغاة ويرقبون فجرا قريبا.
كان الفجر في الأموي مختلفا، منح المظلومين أملا بالتغيير وكان القرضاوي واحدا منهم، عندما وصله محتفلا بانتصار الثورة السورية على أكثر الأنظمة وحشية في العالم، ومن هناك أعطى للأمل في مخيلة المستضعفين لسانا ينطق بحالهم، وتمنى أن يلحق ببشار الأسد أشباهه.. هذا باختصار ما جرى معه.
تجسدت الوحدة العربية بأبشع صورها في قضية الشاعر المصري الذي وصل سوريا مهنئا، ثم اعتقل في لبنان وتطالب به الإمارات رغم أنه لا يحمل جنسيتها، فهل بعد هذا الظلم ظلم؟ طلبته بلاده مصر، إلا أن النظام في لبنان لم يلب إلا الطلب الإماراتي
تجسدت الوحدة العربية بأبشع صورها في قضية الشاعر المصري الذي وصل سوريا مهنئا، ثم اعتقل في لبنان وتطالب به الإمارات رغم أنه لا يحمل جنسيتها، فهل بعد هذا الظلم ظلم؟
طلبته بلاده مصر، إلا أن النظام في لبنان لم يلب إلا الطلب الإماراتي رغم تعارضه مع القوانين الدولية النافذة، كما أن الرجل لم يرتكب جرما في لبنان، التي ليس لديها اتفاقية تبادل سجناء مع الإمارات.
تبدو الدوافع واضحة، هو المال إذن، لكن الرشوة تصح لشخص، فكيف بحكومة؟
مال سياسي، مقابل كلمة وانتصار وهمي لنظام لم يستطع استعادة جزره الثلاث منذ قرون، لكنه يكافح لاعتقال شاعر سلاحه الكلمة.
لبنان بوضعه الحالي المأزوم يعتبر كما بات مشهورا، المنطقة الأكثر استقرارا لكل القَتلة واللصوص والمسؤولين الفاسدين، حتى صار ملجأ لضباط النظام السوري والسياسيين الفاسدين من كل حدب وصوب، لكنه يقرر تسليم القرضاوي، لا عجب إن عُرف السبب.
ثمة زاويا أخرى مؤلمة في قصة الرجل، إذ تعرض لهجمة شنيعة من المتربصين أو ما يصح تسميتهم بـ"الشبيحة الجدد" الذين دعوا لطرده ومحاسبته، دفاعا عن أنظمة وقفت علانية مع بشار الأسد حتى عقب سقوطه. وهنا يبرز مفهوم شديد الخطورة، أن الكثير من مدعي الثورة هم في الحقيقة لم تكن مشكلتهم مع السوط، بل مع نوعية الجلاد، وإلا كيف لمن يفرح بسقوط الأسد، أن يؤيد طاغية آخر؟
كأن عبد الرحمن القرضاوي، مثّل بقصته المؤسفة حياة الربيع العربي بموجته الأولى، بنشوة النصر ثم تربص المنتفعين وسطوة الأنظمة البوليسية، وأخيرا بالخذلان
وكأن عبد الرحمن القرضاوي، مثّل بقصته المؤسفة حياة الربيع العربي بموجته الأولى، بنشوة النصر ثم تربص المنتفعين وسطوة الأنظمة البوليسية، وأخيرا بالخذلان، ذلك الذي تمثل بدور تركيا التي منحته جنسيتها، فكيف ترضى بتسليم مواطنها للإمارات؟ قد لا يكون الاستغراب منطقيا بالنظر لتعرجات السياسة التركية خلال السنوات الماضية من وقوف مع الربيع العربي إلى تطبيع مع الذين انقلبوا عليه، بل مع من تتهم بتدبير محاولة انقلاب 2016.
ثمة مسؤولية أخلاقية تقع على عاتق الجميع وأبرزهم الإدارة السورية الجديدة، التي ورثت بلدا متهالكا وتركة ثقيلة، فبمقدورها التأثير على لبنان الذي ينظر إليها بترقب وتخوف، وليس مستبعدا أن تلبي حكومة ميقاتي لو طُلب منها ذلك.
عبد الرحمن القرضاوي صورة مستعادة من الماضي وملصقة بالمستقبل، فهذا سيكون مصير كل عربي إذا تمكن الاستبداد أكثر، حتى يصبح "الوطن الكبير" صيدنايا لكن دون صراخ، وبمكابس فكرية قبل الجسدية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المصري لبنان الإمارات مصر لبنان الإمارات عبد الرحمن يوسف مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة عبد الرحمن القرضاوی فی لبنان
إقرأ أيضاً:
تصعيد إسرائيلي في لبنان والجيش يدعوه للانسحاب من المناطق التي يحتلّها
أعلنت وزارة الصحة اللبنانية عن “مقتل سوريين اثنين في غارة إسرائيلية على طريق الدردارة الخيام جنوبي البلاد”، كما “أصيب شخص إثر غارة من مسيرة إسرائيلية استهدفت سيارته في بلدة بيت ليف جنوب لبنان”.
وشنت مسيرة إسرائيلية “غارة على تلة الكنيسة بين الطيبة ورب ثلاثين جنوب لبنان مستخدمة قنابل صوتية، في وقت لوحظ تحليق مكثف للمسيرات الإسرائيلية من نوع هرمز 900 مسلحة في أجواء قرى قضاء صور، على مستوى منخفض جدا”.
قائد الجيش اللبناني: انسحاب الجيش الإسرائيلي يجب أن يتم اليوم قبل الغد من المناطق التي يحتلها
قال قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل إن “انسحاب الجيش الإسرائيلي يجب أن يتم اليوم قبل الغد من المناطق التي يحتلها”.
وأضاف قائد الجيش اللبناني خلال استقباله نقيب محرري الصحافة جوزيف القصيفي في مكتبه في اليرزة، “أن الانسحاب يؤدي إلى الاستقرار ويوطد حضور الدولة الفاعل في كل المناطق اللبنانية”.
ووفق ما نقله جوزيف القصيفي، أكد العماد رودولف هيكل، “أن الجيش اللبناني ملتزم بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701 وقرار وقف النار الصادر عن هذا المجلس”.
وصرح بأن “الجيش منتشر في منطقة جنوب الليطاني ويقوم بمهماته من دون إبطاء أو معوقات، بالتعاون الكامل مع المجتمع الجنوبي في تلك المنطقة”.
الرئيس اللبناني: سحب سلاح “حزب الله” يتم عبر الحوار
قال الرئيس اللبناني جوزيف عون، إن “سحب سلاح “حزب الله” يتم عبر الحوار”، مشيرا إلى “العمل سيبدأ قريبا على صياغة استراتيجية الأمن الوطني، التي تنبثق منها استراتيجية الدفاع الوطني”.
وأكد الرئيس اللبناني، أن “لبنان ملتزم بتنفيذ الإصلاحات وبالقرار 1701 بشكل كامل، معتبرا أن بقاء إسرائيل في النقاط الخمس التي أحتلتها لن يكون مفيدا للبنان ويعقد الوضع أكثر”.
وقال: “نطالب واشنطن بالضغط على إسرائيل للانسحاب من النقاط الخمس التي احتلتها في جنوب لبنان”.
وشدد عون، على أن “الإصلاحات وسحب السلاح مطلبان لبنانيان ونحن ملتزمون بالعمل من أجل تحقيقهما”.
وقال الرئيس اللبناني إن “القوى الأمنية اللبنانية فككت 6 تجمعات كانت تحت سيطرة مجموعات فلسطينية خارج المخيمات، وصادرت أو دمرت الأسلحة فيها”.
وأكد عون أن “الأولوية هي لتخفيف حدة التوتر في الجنوب، والإرادة موجودة لذلك”، لافتا إلى أن “لبنان بحاجة إلى الوقت والمساحة لحل الأمور بروية”.
وقال عون إن الحكومة، قبل ثلاثة أسابيع، “وافقت على تجنيد 4500 جنديا بالجيش اللبناني لزيادة استعدادنا في الجنوب”.
وفي شأن “حزب الله”، قال عون، “بالنسبة لطريقة سحب سلاح “حزب الله”، هناك أهمية للجوء إلى الحوار، وكما قلت في خطاب القسم، لا يوجد مكان لأي أسلحة، أو أي مجموعات مسلحة، إلا ضمن إطار الدولة”.
وأضاف: “المسائل تحل بالتواصل والحوار ففي نهاية المطاف، “حزب الله” هو مكون لبناني.. سنبدأ قريبا في العمل على صياغة استراتيجية الأمن الوطني، التي تنبثق منها استراتيجية الدفاع الوطني”.
وأكد الرئيس عون أن “الموقف اللبناني موحد، وجميعنا ملتزم العمل باتجاه الهدف عينه. أحيانا يكون لدينا اختلاف في الرأي، وهذا أمر طبيعي وهو يشكل جوهر الديمقراطية، علينا أن نناقش ونتحاور. وفي النهاية، هدفنا واحد”.