لعل أبرز جواب على تساؤل الشاعر المصري عبد الرحمن الشرقاوي "أتعرف ما معنى الكلمة؟"، كان حال عبد الرحمن ثان لكنه القرضاوي بعد سنين من كتابة القصيدة، إذ يدفع الثاني ثمن الكلمة وأي كلمة تلك التي تسقى بمعاناة صاحبها.

لم يفعل الشاعر عبد الرحمن القرضاوي شيئا يجرّمه القانون، لم يأت إفكا ولم يسفك دما، ولم يتحدث ببهتان، بل نطق بما يجول في قلوب الملايين من العرب المقهورين تحت الغزاة والطغاة ويرقبون فجرا قريبا.



كان الفجر في الأموي مختلفا، منح المظلومين أملا بالتغيير وكان القرضاوي واحدا منهم، عندما وصله محتفلا بانتصار الثورة السورية على أكثر الأنظمة وحشية في العالم، ومن هناك أعطى للأمل في مخيلة المستضعفين لسانا ينطق بحالهم، وتمنى أن يلحق ببشار الأسد أشباهه.. هذا باختصار ما جرى معه.

تجسدت الوحدة العربية بأبشع صورها في قضية الشاعر المصري الذي وصل سوريا مهنئا، ثم اعتقل في لبنان وتطالب به الإمارات رغم أنه لا يحمل جنسيتها، فهل بعد هذا الظلم ظلم؟ طلبته بلاده مصر، إلا أن النظام في لبنان لم يلب إلا الطلب الإماراتي
تجسدت الوحدة العربية بأبشع صورها في قضية الشاعر المصري الذي وصل سوريا مهنئا، ثم اعتقل في لبنان وتطالب به الإمارات رغم أنه لا يحمل جنسيتها، فهل بعد هذا الظلم ظلم؟

طلبته بلاده مصر، إلا أن النظام في لبنان لم يلب إلا الطلب الإماراتي رغم تعارضه مع القوانين الدولية النافذة، كما أن الرجل لم يرتكب جرما في لبنان، التي ليس لديها اتفاقية تبادل سجناء مع الإمارات.

تبدو الدوافع واضحة، هو المال إذن، لكن الرشوة تصح لشخص، فكيف بحكومة؟

مال سياسي، مقابل كلمة وانتصار وهمي لنظام لم يستطع استعادة جزره الثلاث منذ قرون، لكنه يكافح لاعتقال شاعر سلاحه الكلمة.

لبنان بوضعه الحالي المأزوم يعتبر كما بات مشهورا، المنطقة الأكثر استقرارا لكل القَتلة واللصوص والمسؤولين الفاسدين، حتى صار ملجأ لضباط النظام السوري والسياسيين الفاسدين من كل حدب وصوب، لكنه يقرر تسليم القرضاوي، لا عجب إن عُرف السبب.

ثمة زاويا أخرى مؤلمة في قصة الرجل، إذ تعرض لهجمة شنيعة من المتربصين أو ما يصح تسميتهم بـ"الشبيحة الجدد" الذين دعوا لطرده ومحاسبته، دفاعا عن أنظمة وقفت علانية مع بشار الأسد حتى عقب سقوطه. وهنا يبرز مفهوم شديد الخطورة، أن الكثير من مدعي الثورة هم في الحقيقة لم تكن مشكلتهم مع السوط، بل مع نوعية الجلاد، وإلا كيف لمن يفرح بسقوط الأسد، أن يؤيد طاغية آخر؟

كأن عبد الرحمن القرضاوي، مثّل بقصته المؤسفة حياة الربيع العربي بموجته الأولى، بنشوة النصر ثم تربص المنتفعين وسطوة الأنظمة البوليسية، وأخيرا بالخذلان
وكأن عبد الرحمن القرضاوي، مثّل بقصته المؤسفة حياة الربيع العربي بموجته الأولى، بنشوة النصر ثم تربص المنتفعين وسطوة الأنظمة البوليسية، وأخيرا بالخذلان، ذلك الذي تمثل بدور تركيا التي منحته جنسيتها، فكيف ترضى بتسليم مواطنها للإمارات؟ قد لا يكون الاستغراب منطقيا بالنظر لتعرجات السياسة التركية خلال السنوات الماضية من وقوف مع الربيع العربي إلى تطبيع مع الذين انقلبوا عليه، بل مع من تتهم بتدبير محاولة انقلاب 2016.

ثمة مسؤولية أخلاقية تقع على عاتق الجميع وأبرزهم الإدارة السورية الجديدة، التي ورثت بلدا متهالكا وتركة ثقيلة، فبمقدورها التأثير على لبنان الذي ينظر إليها بترقب وتخوف، وليس مستبعدا أن تلبي حكومة ميقاتي لو طُلب منها ذلك.

عبد الرحمن القرضاوي صورة مستعادة من الماضي وملصقة بالمستقبل، فهذا سيكون مصير كل عربي إذا تمكن الاستبداد أكثر، حتى يصبح "الوطن الكبير" صيدنايا لكن دون صراخ، وبمكابس فكرية قبل الجسدية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المصري لبنان الإمارات مصر لبنان الإمارات عبد الرحمن يوسف مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة عبد الرحمن القرضاوی فی لبنان

إقرأ أيضاً:

ما هي التهم التي يواجهها نجل «القرضاوي»؟

بعد تسلمها طلبات من “القاهرة وأبو ظبي”، بتسليمه كونه مطلوبا لديهما، قررت السلطات اللبنانية، ترحيل نجل القيادي الإخواني الراحل عبد الرحمن يوسف القرضاوي، إلى الإمارات.

وأوضح موقع “المصري اليوم”، القضايا المتهم فيها “عبد الرحمن القرضاوي”:

– في 14 نوفمبر 2016، قضت محكمة جنح الدقي بمعاقبة الهارب عبد الرحمن يوسف القرضاوي بالحبس لمدة 3 سنوات، لاتهامه بنشر أخبار كاذبة.

– قضت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار حمادة شكري، بالسجن المشدد 3 سنوات بحق عبدالرحمن القرضاوي وعصام سلطان والبلتاجي وآخرين في القضية التي تحمل رقم 478 لسنة 2014، والمتهم فيها بـ”إهانة القضاء”.

– في 15 أكتوبر 2018، قضت محكمة النقض، برئاسة المستشار إبراهيم الهنيدي، بتأييد حكم السجن المشدد 3 سنوات، والغرامة، ضد 18 متهما في قضية “إهانة القضاء” التي تعود وقائعها لعامي 2012 و2013، وكان من بينهم عبد الرحمن القرضاوي الذي رفضت المحكمة الطعن فيه لعدم تقديمه نفسه لتنفيذ حكم الجنايات الصادر ضده في القضية.

– تطالب الإمارات القرضاوي الابن بعدما تناولها في تسجيل مصور من سوريا، وهو ما اعتبرته يشكل جرما يتعلق بتعكير السلم الأهلي والتحريض على العنف والإرهاب.

وفي وقت سابق، “أثار مقطع فيديو لـ”عبد الرحمن يوسف القرضاوي” صوره من ساحة المسجد الأموي في دمشق، غضبا بين المصريين بعد مهاجمته مصر والسعودية والإمارات، وألقت السلطات الأمنية اللبنانية القبض على “القرضاوي” بعد دخوله لبنان قادما من سوريا، لوجوده ضمن قائمة الأشخاص المطلوبين بناء على مذكرة من الانتربول، صادرة عن مجلس وزراء الداخلية العرب”.

مقالات مشابهة

  • أبرز قصائد الشاعر عبد الرحمن القرضاوي.. دأب على هجاء الحكام العرب (شاهد)
  • ما هي التهم التي يواجهها نجل «القرضاوي»؟
  • عضو بالكونغرس الأمريكي يطالب بالإفراج الفوري عن عبد الرحمن القرضاوي
  • الشاعر عبد الرحمن القرضاوي يبدأ إضرابا عن الطعام في محبسه بلبنان
  • بعد قرار لبنان بترحيله.. ما هي التهم التي يواجهها عبد الرحمن يوسف القرضاوي؟
  • انتقادات لتركيا بسبب موقفها من قرار لبنان تسليم الشاعر عبد الرحمن القرضاوي
  • غضب عارم من قرار لبنان تسليم عبد الرحمن القرضاوي.. وتحذيرات من تبعاته الخطيرة
  • خاص عربي21 | لبنان يقرر ترحيل الشاعر عبد الرحمن القرضاوي إلى الإمارات
  • وقفة تضامنية في بيروت رفضا لترحيل عبد الرحمن القرضاوي (شاهد)