أثرن التفاعل.. مغربيات يحملن الطوب وسط الجبال لإعمار مسجد
تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT
لقي مقطع فيديو يوثق عملية حمل سيدات الطوب على ظهورهن وأكتافهن بغرض بناء مسجد في إحدى القرى النائية بالمغرب، إشادة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويظهر الفيديو المنتشر على مختلف منصات التواصل، مجموعة من النساء المغربيات وهن يسرن في موكب جماعي محملات بالطوب المخصص لبناء مسجد في قرية أمندار الأمازيغية ضواحي مدنية مراكش (جنوب البلاد).
وقد عملت السيدات من مختلف الأعمار على حمل شحنات الطوب صعودا إلى الجبل بسبب صعوبة وصول الشاحنات إلى تلك المنطقة التي تعرف بمسالكها الطرقية الوعرة.
"لبؤات الأطلس" يحملن الطوب
وقبل أيام شارك صانع المحتوى المغربي أمين إمنير مقطع فيديو على منصة اليوتيوب، حيث وثق لعملية نقل النساء للطوب لبناء مسجد بالقرية النائية وذلك بمساهمة من أحد المحسنين.
تقول خديجة أمسكين إحدى النساء المشاركات في نقل الطوب بقرية أمندار لموقع "سكاي نيوز عربية" إن:
المبادرة مرت في ظروف عادية وساد خلالها روح العمل الجماعي والتحدي. العملية تمت بشكل عفوي وبطريقة سلسة من طرف سكان القرية وذلك رغبة منهم في المساهمة في بناء المسجد، حيث تم تقسيم المهام بين الرجال والنساء والأطفال أيضا.أكثر من 100 امرأة من أعمار مختلفة تطوعت لنقل الطوب على أظهرهن وأكتافهن في مسافة تقدر بحوالي 300 متر من مكان نقل مواد البناء إلى مكان تشيد المسجد.
من جانبه يؤكد الفاعل المدني في منطقة الحوز محمد آيت الطالب في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" أن:
سكان القرى النائية في المغرب وبالرغم من الظروف الصعبة التي يعيشونها إلا أنهم يحرصون على المساهمة بشكل التطوعي في هذا النوع من المبادرات الخيرية. سكان القرية ومن ضمنهم النساء لم يترددوا في تقديم يد المساعدة للمشرفين على هذه المبادرة من أجل نقل مواد البناء إلى مكان تشيد المسجد رغم الطريق الوعرة التي تتميز بها المنطقة. المرأة القروية تلعب دورا كبيرا في المناطق النائية وتؤدي مجموعة من المهام والأشغال الصعبة، سواء داخل المنزل أو خارجه في الحقول.إشادة واسعة
وأثار الفيديو دهشة رواد مواقع التواصل الاجتماعي وهيئات مدنية حول مدى قدرة المرأة الجبلية على تحدي الصعاب ودورها الفعال داخل القرى في المناطق النائية.
وأبدى متفاعلون إعجابهن بعزيمة وصلابة السيدات القرويات رغم سيرهن عبر الطريق الوعرة وهن محملات بالطوب الذي يبلغ وزن الواحدة منه أكثر من 1.5 كيلوغرام.
وكتبت الهيئة الديمقراطية لحقوق الإنسان على صفحتها الرسمية بموقع فيسبوك "حرائر نساء المغرب رفضن الجلوس وأبين إلا أن يحملن على اكتافهن وظهورهن مواد البناء لمساعدة أزواجهن، إسهامًا منهم في بناء مسجد يذكر فيه اسم الله بأعلى قمم الأطلس".
وأرفقت الهيئة الحقوقية هذا المنشور بوسم #تحية للمرأة المغربية الحرة #بأمثالهن يفتخر المغرب.
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات مراكش المسجد المغرب المغرب المغربي مراكش مغربيات مراكش المسجد المغرب أخبار المغرب
إقرأ أيضاً:
ميثاق النساء والأمل الموجع
أول سؤال تبادر إلى ذهني بعد قراءة رواية (ميثاق النساء) للشاعرة اللبنانية حنين الصايغ، كيف كان شعور حنين وهي تكتب هذا النص المشبع بالحزن والمرارة والألم؟ ميثاق النساء رواية نسوية تحكي عن حال المرأة فـي المجتمع الدرزي، هذا ما ستفهمه فـي صفحات الرواية الأولى، ولكنك كلما توغلت فـيها أدركت أنها رواية عن المرأة فـي العالم كله، حيث تصرخ المرأة ولا يسمعها أحد، وتبكي بحثا عن مواساة إلا أنها تُرمى بتهمة الحساسية المفرطة، مما يحرم الإنسان فـيها من عيش حياة كاملة يتمناها ويستحقها.
تحكي لنا الرواية قصة أمل بو نمر، الفتاة المتفوقة دراسيًّا، تلك التي لم تحلم بشيء سوى إكمال دراستها الثانوية ثم الجامعية فـي مجتمع تقليدي مُنغلق، تُربَّى فـيه المرأة لتصبح الزوجة والأم فقط مما يتطلب قمع ذاتها، وإطفاء شعلة أحلامها، وتقبُّل ما يمليه عليها مشايخ الطائفة الدرزية دون تحليل أو نقد. أمل التي تعرف جيدا رفض والدها لفكرة استكمال تعليمها، ترى فـي الزواج بـ«سالم» الشاب الدرزي فرصة لتحقيق حلمها، لذا تضع إكمال تعليمها شرطا لقبول الزواج به، وهو ما سيقبله سالم فـي بداية الأمر؛ رغبة فـي نيل الفتاة الذكية، دون إدراك كلاهما أن الحياة لن تسير كما خططا لها.
تنقلنا حنين الصايغ فـي هذه الرواية بين واقع أمل وعالمها الداخلي حيث تبدأ فـي فهم ذاتها، وإدراك أن الخروج من بيت والدها الشيخ الملتزم بتعاليم الطائفة وقواعدها لم يكن بداية حريتها كما كانت تتوقع؛ لأن الدنيا خبأت لها فـي المنعطف غير المرئي أحداثا جديدة ستكسرها وتُعيد تشكيلها. ففـي الوقت الذي كانت تنتظر فـيه أمل التزام زوجها بالشرط الذي وضعته، صدمها بعد الزواج بشرط إنجاب طفل قبل بدء الدراسة الجامعية، وهكذا أُجبرت أمل على التنقل بين عيادة لأخرى بحثًا عن حل لمشكلة الطفل الذي يرفض التشكل فـي رحمها، مما أشعرها بالانفصال عن جسدها الذي حاولت حمايته من التغيرات الهرمونية والإبر التي تُغرز فـيه غصبًا عنها والفحوصات المستمرة. الأمر الذي أضعف أمل وألقاها فـي بئر الكآبة المظلم، وهو ما سيحدِث شرخًا فـي علاقتها بزوجها، واتخاذها قرار الانفصال مستقبلا، وذلك بعد رحلة طويلة من التأرجح المزاجي، وصراع داخلي مع الذات والزوج والأسرة والمجتمع. حيث صَعُب على أمل التي انطلقت مستندة إلى تعليمها الجامعي ووظيفتها المهنية، العودة إلى القرية الريفـية والقالب الاجتماعي الضيق.
تدخلنا الكاتبة عالم النساء الدروز من خلال حكايات نساء عائلة «بو نمر»، وتكشف لنا مدى ضعف المرأة وغياب صوتها فـي قضايا تخصها. فنرى الجدة التي تُرمى بالطلاق فـي لحظة غضب الجد، مما يحرمها من حياة عرفتها منذ سنوات المراهقة بسبب لحظة غضب ذكورية، فـيجبر الجد على بناء جدار فاصل بينه وبين زوجته نظرا لحرمتها عليه، حيث لا مجال فـي العقيدة الدرزية لعودة بعد طلاق. ذاك الجدار الذي سيتحول بعد أعوام إلى كابوس عالق فـي رأس العمة، فـينتشر صراخها ليلا بين غرف المنزل وتكبُر أمل على سماعه، العمة التي تواجه وجهيّ الجدار كل يوم بحثًا عن إجابات لأسئلة تنهشها داخليا ولا يحق لها مواجهة المشايخ الدرزيين بها. ثم ننتقل إلى نرمين الأخت التي نجحت فـي الابتعاد عن ذاك المجتمع المغلق والسفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعد زواجها بشاب درزي، تكتشف بعد أعوام أن والده يزور الكنيسة مما يدخلها فـي متاهة الخوف من عقاب الآخرة؛ كونها ارتبطت برجل غير مؤمن.
تستعرض الرواية طائفة الدروز، وترينا شكل حياتهم اليومية، وتفاصيلها، ومعتقداتهم، وأعرافهم بأسلوب أدبي جميل، ولغة شعرية آسرة. إنها رواية عن الريف القروي، والحياة الاجتماعية فـي القرية المتوارية فـي الجبل الصعب، المقيدة بالأفكار الدينية المنغلقة، حيث تتداخل الشعائر الدينية بالعادات فتتحول إلى عقبات فـي حياة أبناء الطائفة الدرزية.
لقد عُرف المجتمع الدرزي المنتشر فـي عدد من دول بلاد الشام منذ تأسسه بالتماسك الاجتماعي والثقافـي والسياسي بين أبناء الطائفة. وقد أحاط الدروز أنفسهم منذ تأسس الطائفة بجدار من السرية والغموض. وقرر مؤسسوها التكتم على معتقداتهم، وعدم البوح بأسرارها إلا لقلة من المشايخ بعد بلوغهم الأربعين عاما. ويؤمن الدروز بتناسخ الأرواح، ويحرم لديهم تعدد الزوجات، كما تمنع عودة المرأة لزوجها بعد الطلاق، كما يُعرف عن الدروز تدارسهم للعقيدة الدرزية فـي الخلوات المغلقة حيث لا يدخلها إلا فئة قليلة جدا من مشايخ الطائفة، ولا يسمح بحضور أبناء الطائفة تلك الجلسات أو سماع محتوى الكتب المقدسة لديهم إلا فـي عيد التوحيد الذي يحتفلون به مرة فـي العام.
لقد أجبر التعدد الديني فـي لبنان بالإضافة إلى الظروف السياسية التي مرت به، الدروز على التمسك بعقيدتهم وتشديد السلطة الدينية على أتباعهم؛ نظرا لعدم سماح الطائفة بدخول أفراد جدد إليها، حيث تنتقل العقيدة الدرزية من جيل لآخر فـي العائلات ذاتها المكونة للمجتمع الدرزي منذ نشأته.
وقد أخذت الكاتبة عنوان الرواية من فصل فـي كتاب «رسائل الحكمة» الذي يؤمن به الدروز، بعنوان «ميثاق النساء» يختص بتعاليم لنساء الطائفة.
لقد كان لأسلوب الكاتبة القائم على الاستعارة والمجاز، بالإضافة إلى لغتها الشعرية الجميلة السلسة، وتقنياتها السردية دور فـي إدخال القارئ إلى نفوس شخصيات روايتها. حيث استطاعت حنين الصايغ بأسلوبها المتميز أن تجعلني أعيش حياة شخصياتها الحيّة والحقيقة، وأن أتخبط مثلهم بين الشك واليقين، والهشاشة والقوة، واليأس والأمل. إن تطور شخصيات الرواية وتغيرهم المتزامن مع أحداث الرواية كان أحد عناصر قوة هذا العمل الروائي. ولم يقتصر ذلك على نساء الرواية وإنما شهدته فـي رجالها كذلك. ورغم نهاية الرواية المشرقة، إلا أني وجدت ذاتي منهكة ومتألمة بعد قراءة هذا الكتاب، وكأن كل ما عاشته أمل مَرَّ على قلبي.
صدرت الرواية عن دار الآداب ووصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية لعام 2025م.