“اليمنُ ” يواصلُ تثبيتَ واقع التفوُّق على جبهة العدوّ في كافة مسارات الإسناد لغزة
تاريخ النشر: 8th, January 2025 GMT
يمانيون../
واصلت القواتُ المسلحةُ اليمنيةُ تصعيدَ عملياتِ الإسناد لغزة على مختلف المسارات، على وقع استمرار تدفق الاعترافات من قلب جبهة العدوّ بالعجز والفشل وانعدام الخيارات الفعالة لوقف الضربات اليمنية أَو الحد من تأثيراتها المتزايدة سواء على كيان الاحتلال الصهيوني أَو على الولايات المتحدة والتحالف الذي تقوده لمساندة الكيان؛ الأمر الذي يضع أطرافًا أُخرى إقليمية ودولية أمام واقع حتمية تقاسم الفشل مع الصهاينة والأمريكيين في حال الانضمام إلى جبهتهم.
البيان الذي أصدره المتحدث باسم القوات المسلحة مساء الاثنين، للإعلان عن أربع عمليات عسكرية نوعية ضد العدوّ الصهيوني والبحرية الأمريكية، مثّل دليلًا جديدًا على امتلاك جبهة الإسناد اليمنية لغزة سيطرةً تامةً على مجريات كافة مسارات الإسناد؛ فاستهدافُ حاملة الطائرات الأمريكية (هاري ترومان) أثناءَ تحضيرها لعدوان على اليمن وإفشاله للمرة الثالثة خلال نصف شهر تقريبًا وبرغم هروبِها إلى شمال البحر الأحمر، يوجِّهُ صفعةً قويةً لواشنطن التي أصبح من الواضح أنها غيرُ قادرة على الخروج من مربع الفشل والعجز العملياتي في المواجهة البحرية، برغم الحديث المتكرّر عن “تعلم الدروس” و”تغيير التكتيكات”؛ إذ بات جليًّا أن الحاملة (ترومان) سقطت بسرعة فور وصولها في نفس المأزق التي وقعت فيه سابقاتها (أيزنهاور) و (روزفلت) و (لينكولن).
وبالمقابل، برهنت القوات المسلحة اليمنية أنها هي الأكثر قدرة على الاستفادة من معطيات ومعلومات المواجهة عملانيًّا وتكتيكيًّا وبشكل سريع، فالهجمات الثلاث على الحاملة (ترومان) أظهرت وجودَ استعدادات وسيناريوهات مسبقة عملت صنعاء على دراستها واستيعابها جيِّدًا خلال الفترة الماضية ليس فقط لإبعاد أية حاملة طائرات جديدة تدخل البحر الأحمر، بل لاستباق تحَرّكاتها بشكل فعال وسريع ومواكب، وذلك على ضوء النتائج الناجحة التي حقّقها هذا التكتيك ضد الحاملة السابقة (لينكولن) في البحر العربي، وقد تكلل الاستعداد المسبق لمواجه الحاملة (ترومان) بنتائج تجاوزت حتى سقف الأهداف الرئيسية المتمثلة في إفشال تحَرّكاتها العدوانية وإبعادها عن منطقة العمليات اليمنية، لتشمل إحداث ارتباك كبير وغير مسبوق في قلب مجموعة حاملة الطائرات، بشكل أسفر عن إسقاط مقاتلة (إف18) والاقتراب من إصابة أُخرى، وهو ما يعني أن مسار تراكم المعرفة والخبرة القتالية لدى القوات المسلحة اليمنية يؤتي ثمارًا سريعةً وبالغة الأهميّة على عكس البحرية الأمريكية التي لا زالت محشورة في نفس المربع.
هذا أَيْـضًا ما أكّـده تقريرٌ جديدٌ لمجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، جاء فيه أن “مهمةَ الولايات المتحدة لردعِ الحوثيين وإضعافهم لم تنجح” حسب وصفِها وأن “نسبةَ التكلفة إلى الفائدة ليست مستدامة، فلم تتآكل عملياتُ الحوثيين وطموحاتُهم، لكن الجاهزية العسكرية الأمريكية وسُمعتها تآكلت”.
وأشَارَت المجلة إلى أنه منذ إعلان قائد الأسطول الخامس جورج ويكوف أن الحل في البحر الأحمر لن يكون عسكريًّا، في أغسطُس الماضي، لم يتغير أي شيء، مشيرة إلى أن انخفاض عدد الهجمات البحرية كان بسَببِ “انخفاض عدد الأهداف” في منطقة العمليات وليس بسَببِ تراجع القدرات اليمنية.
وأضافت: “في حين يستطيع الحوثيون مواصلة هجماتهم بطائرات بدون طيار وصواريخ رخيصة نسبيًّا، وتحمل الهجمات المضادة إلى أجل غير مسمى، فَــإنَّ الولايات المتحدة تحرق مليارات الدولارات وسنوات من إنتاج الذخائر النادرة التي ستكون ضرورية لخوض حرب في المحيط الهادئ، فواشنطن ربما تنفق ما يصل إلى 570 مليون دولار شهريًّا على مهمة فشلت في تحريك الإبرة بشأن التهديد، وقد أَدَّت هذه المهمة إلى استنزاف الجاهزية من خلال إجبار السفن وحاملات الطائرات التابعة للبحرية الأمريكية على تمديد عمليات الانتشار؛ مما أَدَّى إلى إصلاحات تستغرق وقتًا طويلًا، وتقليص الأسطول المتاح، وتقصير عمر السفن، كما أن إرهاق الموظفين يخاطر بارتكاب أخطاء”.
وأكّـدت المجلة أن “السفن التي تحمل العلم الأمريكي تجنبت المنطقة بالكامل منذ يناير 2024” معتبرة أن “استمرار حملة متعددة الجنسيات فشلت في جذب الدعم من معظم الحلفاء والشركاء أَو تحقيق الهدف المعلن، يجعل واشنطن تبدو عاجزة في أحسن الأحوال”.
وعبَّرت المجلةُ بوضوحٍ عن مأزِقِ العجز الأمريكي في مواجهة جبهة الإسناد اليمنية قائلة: إن “الوقت قد حان لإنهاء الحملة العسكرية الأمريكية في البحر الأحمر، ولكن تجاهل التهديد الحوثي بالكامل سيكون حماقة استراتيجية” وهو ما يعني أنه إلى جانب انسداد الأفق العملياتي للجيش الأمريكي في مواجهة اليمن والفشل في الخروج من مربع العجز، هناك أَيْـضًا تخبط في الرؤية السياسية والاستراتيجية التي تدرك الحاجة إلى وقف الفضيحة في البحر الأحمر والاعتراف بالهزيمة، ولكنها تخشى من تداعيات ذلك، على الرغم من أن الاستمرار في المكابرة لن يلغي تلك التداعيات!
رفع وتيرة استمرارية قصف العدوّ مع توسيع نطاق الضربات:
بيان القوات المسلحة مساء الاثنين، أعلن أَيْـضًا عن ثلاث عمليات عسكرية إضافية نفذت على مسار الاستهداف المباشر لعمق العدوّ الصهيوني، حَيثُ تم ضرب هدف عسكري في “يافا” وهدف حيوي في “عسقلان” بثلاث طائرات مسيرة ظهرًا، وضرب هدف عسكري إضافي في “يافا” بطائرة مسيَّرة مساءً، وقد برهنت هذه العمليات مجدّدًا على امتلاك القوات المسلحة اليمنية قدرة كبيرة على إبقاء وتيرة التصعيد مرتفعة في مسار الضربات المباشرة على عمق الأراضي المحتلّة، توازيًا مع مواصلة المعركة البحرية، كما أثبتت هذه العمليات القدرة على توسيع نطاق النيران وبنك الأهداف داخل كيان العدوّ وهو التطور الذي برز بشكل جلي من خلال الضربة الصاروخية النوعية التي استهدفت أكبر محطة كهرباء صهيونية جنوبي حيفا المحتلّة.
كما أظهرت العملياتُ الثلاثُ الجديدة في عمق كيان العدوّ قدرة القوات المسلحة على تنويع أدواتها في سياق توسيع نطاق النيران وبنك الأهداف؛ فإطلاق أربع طائرات مسيرة بعيدة المدى يعكس بوضوح تزايد الترسانة اليمنية من هذه الأسلحة التي أقر العدوّ بما تمثله من تحدٍّ كبير لدفاعاته التي أكّـدت تقارير عبرية أنها تأثرت بشكل كبيرة باستنزاف دفاعات السفن الحربية الأمريكية في البحر الأحمر، وهو ما يعني أن تكتيكات القوات المسلحة واستراتيجياتها العملياتية في مختلف مسارات الإسناد تتكامل مع بعضها بشكل احترافي لإبقاء أفق التصعيد مفتوحًا، وإبقاء زمام المواجهة بأكملها في يد اليمن.
ومن خلال الإشارة إلى موعدِ تنفيذ الضربات الجوية في عُمْقِ كيان العدوّ (ظُهرًا ومساءً) فَــإنَّ القوات المسلحة تظهر بوضوح قدرتها على تصعيد وتيرة استمرارية النيران إلى جانب توسيع نطاقها وبنك أهدافها، وهو ما يمثِّلُ معطىً جديدًا يعمِّقُ مأزِقَ العدوّ الذي لم يعد قادرًا على إخفاء يأسه وعجزه الكامل في مقابل الاقتدار الواضح للقوات المسلحة اليمنية.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: المسلحة الیمنیة فی البحر الأحمر القوات المسلحة وهو ما
إقرأ أيضاً:
الحصار في البحر الأحمر.. نقطة ضعف استراتيجية للعدو الإسرائيلي
يمانيون../
يشكل البحر الأحمر مصدر قلق دائم للكيان الصهيوني منذ وجوده على الأراضي الفلسطينية سنة 1948م.
ما يدل على ذلك هي التصريحات للمسؤولين الصهاينة عن أهمية الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر، حيث تقول غولدا مائير “وزيرة خارجية” الكيان آنذاك في خطاب لها أمام الأمم المتحدة في 1 مارس 1957م: “إن حرية الملاحة البحرية لإسرائيل في البحر الأحمر هي مصلحة قومية حيوية بالنسبة لهم”.
في عام 1949م، تمكن “جيش” العدو الإسرائيلي من احتلال منطقة أم الرشراش، ليصبح للكيان بعد ذلك منفذ على البحر الأحمر، وأعطاه هذا مرونة التحرك التجاري والاقتصادي باتجاه البحر العربي والمحيط الهندي، لا سيما بعد توقيع اتفاقية السلام مع مصر والأردن، والاطمئنان الصهيوني من أن خليج العقبة ومضايق تيران وقناة السويس لم تعد تشكل للكيان أي عوائق.
وخلال تجارب سابقة، مثل إغلاق الملاحة البحرية الإسرائيلية في البحر الأحمر أهم النكبات لاقتصاد العدو، وظل مضيق باب المندب من أهم نقاط الضعف الاستراتيجية للعدو الإسرائيلي، والتي سببت له الكثير من الخسائر، وظل تعرض الخطوط الملاحية لـ”إسرائيل” في المياه الدولية في البحر الأحمر من أهم الهواجس التي تثير القلق لدى الإسرائيليين.
جاءت الصفعة غير المتوقعة لـ”إسرائيل” من خلال تفعيل مضيق باب المندب، وتم استخدامه لحصار السفن الإسرائيلية في مناسبات استثنائية، لكنها شكلت قلقاً وهاجساً للصهاينة، منها، قيام جبهة التحرير الفلسطينية بتنفيذ عملية فدائية في مضيق باب المندب، عندما ضرب زورق مسلح بمدفع بازوكا تابع لجبهة التحرير الفلسطينية ناقلة النفطة الليبيرية (كورال سي)، والمؤجرة لنقل النفط إلى “إسرائيل”، وأثارت هذه العملية قلق الكيان، لأن نصف احتياجات “إسرائيل” تقريبا من النفط كانت تصله بواسطة سفن قادمة من إيران عبر مضيق باب المندب إلى ميناء “ايلات”، وقد عمد الكيان الصهيوني بعد هذه الحادثة إلى تسليح ناقلات النفط العائدة إليه، وصرح قائد القوات البحرية الإسرائيلية آنذاك قائلاً: “إن سيطرة مصر على قناة السويس لا يضع بين يديها سوى مفتاح واحد فقط في البحر الأحمر، أما المفتاح الثاني (يقصد به مضيق باب المندب) والأكثر أهمية من الناحية الاستراتيجية سيكون بين أيدينا” أي في يد “إسرائيل”.
عملية الحصار الثانية على الكيان الصهيوني كانت في حرب أكتوبر سنة 1973م، حيث تم منع وصول النفط إلى ميناء “ايلات” عبر مضيق باب المندب، وتسبب في حرمان “إسرائيل” من الاتصال بشرق أفريقيا وجنوبها وجنوب شرق آسيا، ما سبب لها أضراراً اقتصادية.
وخلال تلك الحرب القصيرة قال ما يسمى وزير الدفاع الإسرائيلي (موشي دايان) في حديث لصحيفة إسرائيلية: “كنا نتوقع المصريين في خليج العقبة، فإذا بهم يظهرون في باب المندب. بعد انتهاء الحرب سنعمل بكل قوتنا لتدويل هذا الممر أو احتلاله”.
وبالفعل تحرك الكيان الصهيوني، بكل ما يملك، محاولاً أن يكون له نفوذ في البحر الأحمر، والسيطرة على مضيق باب المندب، وحاول السيطرة على بعض الجزر التي تقع عند المدخل الجنوبي للبحر الأحمر سواء عن طريق الاحتلال أو الشراء أو الاستئجار، والتي من أهمها جزر الساحل الإرتيري (دهلك وحالب وفاطمة وسنشيان ودميرا) وجزر الساحل اليمني (زقر، وحنيش الصغرى والكبرى وبريم الواقعة في مدخل باب المندب).
كما أقام العدو الإسرائيلي نقاط مراقبة بحرية على الجزر التي يراها مناسبة للإشراف على حركة الملاحة في البحر الأحمر على طول الخط الملاحي الممتد من باب المندب إلى ميناء “إيلات”، وحاول كذلك إنشاء قواعد عسكرية جوية وبحرية في جنوب البحر الأحمر، ليستطيع الكيان الصهيوني الانطلاق منها وفرض سيادته على مياه البحر الأحمر وسمائه.
وظلت أطماع الكيان على مدى سنوات مضت في احتلال جزيرتي حنيش الكبرى والصغرى اليمنية، كما ينوي الكيان الصهيوني احتلال جزيرة زقر الشاهقة الارتفاع (650 متر فوق مستوى سطح البحر) لإقامة قاعدة للرادار عليها.
وظهرت المخاوف الإسرائيلية إلى العلن بعد انتصار ثورة 21 سبتمبر 2014م، إذ عبر الكثير من المسؤولين الصهاينة عن تخوفهم وقلقهم من هذه الثورة على حركة الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر، ففي خطاب لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الكونجرس الأمريكي في 4 مارس 2015م قال: “حزب الله والحوثيون يمثلان تهديداً صارخاً لأمن واستقرار إسرائيل”، وقد جاء هذا التصريح قبل الإعلان عن تشكيل تحالف العدوان على اليمن بقيادة السعودية بـ 23 يوماً فقط.
وفي تصريح آخر لنتنياهو يقول: “نحن نشعر بقلق عميق لما يحدث في اليمن من سيطرة الحوثيين على مناطق واسعة من البلاد، واستمرار تقدمهم باتجاه مضيق باب المندب ذي الأهمية الاستراتيجية الكبرى من حيث التحكم بمرور نفط العالم”.
من خلال ما سبق، تتضح لنا أهمية البحر الأحمر بالنسبة للاستراتيجية الإسرائيلية، وأن إغلاق الملاحة البحرية الصهيونية في هذا الممر المائي المهم، يعني إشعال حرب، فالكيان المؤقت لا يتحمل الحصار، ولديه في هذا الجانب تجربة مريرة مع الحصار اليمني للكيان في معركة “طوفان الأقصى”، والذي كان الحصار الأكبر والأطول والأشد قساوة على الإسرائيليين، وفشلت أمريكا عن طريق “تحالف الازدهار” في رفع الحصار اليمني على العدو الإسرائيلي.
ولهذا، فإن إعلان السيد القائد عبد الملك الحوثي عن مهلة 4 أيام لرفع الحصار عن قطاع غزة، ما لم فسيتم استئناف عملياتنا في البحر الأحمر ضد العدو الإسرائيلي، يأتي من موقع قوة، وليس للاستعراض الإعلامي، أو لكسب المواقف السياسية، فالجميع يعرفون أن تهديدات اليمن واقعية وجادة.
ويأتي التهديد اليمني في الموقع الحساس للعدو الإسرائيلي، فالكيان يدرك جيداً ما معنى فرض حصار عليه في البحر الأحمر، وهو لا يطيق مثل هذا الإجراء، ولذلك من غير المستبعد أن يستجيب العدو لهذا التهديد، ويبادر إلى إدخال المساعدات تحت أي مبرر، لأن اليمن يمتلك ورقة ضغط قوية جداً ذات حساسية لدى العدو الإسرائيلي.
أما إذا فضل العدو الخيار الثاني، فإن التداعيات والعواقب ستكون وخيمة، وهي أيضاً ستمهد لحرب إقليمية ستكون أوسع وأشد ضراوة من ذي قبل، لا سيما وأن الإدارة الجديدة في البيت الأبيض تريد أن تسير الأحداث بهذا الاتجاه، وهي مغامرة ستكون مكلفة كثيراً على الأمريكيين والإسرائيليين.
أحمد داود