«الأطباء» بين سندان العجز ومطرقة الاستقالة.. «حسين» العمل 200 ساعة أسبوعيًا والرواتب «بخس».. «الجزايرلي»: الرواتب والاعتداءات «هرم الكارثة».. و«الطاهر»: المنظومة حائرة بين معاناة المرضى وشكوى الأطباء
تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT
بين الحين والآخر؛ يدق القائمون والعاملون فى المنظومة الصحية والتشريعية فى مصر ناقوس الخطر بشأن تفاقم أزمات الأطباء؛ لعل أبرزها أزمة هجرة الأطباء للعمل خارجيًا؛ مُطالبين بضرورة وضع حلول جذرية لإنهاء تسرب الأطباء من المستشفيات الحكومية؛ فيما ذهب آخرون للمُطالبة بزيادة عدد الطلاب المُلتحقين بكليات الطب خاصة وأن نسبة العجز فى الأطباء وصلت لما يقرب من 50%؛ كأحد حلول أزمة نقص الأطباء وعزوف الكثير منهم عن العمل فى مصر، سواءً فى القطاع الحكومى أو الخاصة.
مصر لديها طبيب لكل 1162 مواطنًا.. والمعدل العالمى لكل 434
وحسب دراسة للمجلس الأعلى للجامعات والمكتب الفنى لوزارة الصحة، فإن عدد الأطباء البشريين المسجلين والحاصلين على ترخيص مزاولة المهنة من نقابة الأطباء، باستثناء من بلغوا سن المعاش، يبلغ حوالى ٢١٢ ألفا و٨٣٥ طبيبًا، يعمل منهم فى جميع قطاعات الصحة، سواء بالمستشفيات التابعة للوزارة أو المستشفيات الجامعية الحكومية، أو القطاع الخاص حوالى ٨٢ ألف طبيب فقط، أى بنسبة ٣٨٪ من عدد الأطباء المسجلين والحاصلين على ترخيص مزاولة المهنة ؛ أى أن مصر لديها طبيب لكل ١١٦٢ مواطنا بينما المعدل العالمى طبيب لكل ٤٣٤ مواطنًا طبقًا لمنظمة الصحة العالمية.
وفى مارس ٢٠٢٢؛ كشف رئيس قطاع التدريب والبحوث بالصحة د.سحر حلمى عن أعداد الاحتياجات فى المهن الطبية، فإن إجمالى عدد الأطباء البشريين وعلى قوة العمل ٥٠ ألف طبيب أما إجمالى العجز ٤٤٠٢٩ طبيبا، مؤكدة خلال اجتماع لجنة الشئون الصحية بالبرلمان أن دراسة لوزارة الصحة انتهت إلى حاجة الدولة لتكليف كل خريجى كليات الطب البشرى خلال الـ ٥ سنوات المقبلة، وتوزيع الخريجين طبقا للعجز فى المديريات، وزيادة عدد المتخصصين فى التخدير والرعاية المركزة.الأطباء بين سندان العجز ومطرقة الاستقالة
الطبيبة والبرلمانية رانيا الجزايرلى: أزمة الأطباء تبدأ منذ التكليف.. والرواتب والاعتداءات «هرم الكارثة».. و«عندنا الدكتور بيشتغل بمبدأ الشاطرة تغزل برجل حمار.. وبيصنع مُعجزات»
من ناحيتها، فندت طبيبة الأسنان والبرلمانية رانيا الجزايرلي؛ تفاصيل الأزمات التى تُؤرق الأطباء وسُبل إنهائها؛ مُؤكدة أنها دقت ناقوس الخطر خلال كلمتها بعدد من الجلسات العامة لمجلس النواب بشأن ضرورة إنهاء أزمة هجرة الأطباء خارج البلاد، وهى أزمة يترتب عليها نقص كبير فى الكوادر الطبية خلال السنوات المُقبلة، مشيرة إلى وجود دفعات كاملة من الأطباء هاجرت خارج البلاد.
وسردت "الجزايرلي" لـ"البوابة نيوز" كواليس أزمة الأطباء فى مصر، قائلة: إن الأزمة تبدأ منذ انطلاق المسيرة العملية للأطباء وتظهر بوضوح فى التعيينات والمُرتبات، فحين يُكلف الطبيب بعمله فى المستشفيات الحكومية يتم توزيعه جُغرافيا بشكل غير منطقي؛ فطبيب الأسكندرية يُكلف فى الصعيد وطبيب أسوان يُكلف فى وجه بحري، وهذه مُعاناة كبيرة وغير منطقية؛ إلى جانب ضعف المُرتبات "حدث ولا حرج" فى جميع الدرجات العلمية والوظيفية للأطباء فيُصبح الطبيب فى أزمة حقيقية فالمرتب الذى يتقاضاه الطبيب رغم علمه وعمله لا يكفى للعيش الكريم فى حين أن راتب الطبيب فى أى دولة أخرى يأتى فى الدرجة مالية الثانية بعد الممثلين والمشاهير.
وأضافت، أن هرم المُرتبات فى مصر بات مقلوبًا، فرواتب الأطباء ضعيفة جدًا إذا قُورنت بفئات أخرى ورُبما من غير المُتعلمين الذين يتقاضون رواتب أضعاف الطبيب الذى عكف على دراسة شاقة عملية وعملية لـ ٧ سنوات مُتواصلة فى كلية الطب يدرس ويتعلم فيها إنقاذ الأرواح ومُعالجة المرضى وتضميد جراحهم؛ وهو الأمر الذى دفع عدد كبير جدًا من الأطباء للهجرة خارج البلاد؛ وفى بعض الأحيان يترك مهنة الطب من الأساسا ويلتحق بوظيفة أو مهنة أخرى خاصة وأن الأطباء يقومون بأعمال شاقة ومُضاعفة؛ مثل الشيفتات والنبطشيات.
النائبة الدكتورة رانية الجزايرليوأشارت "الجزايرلي"، إلى أنه حتى عام ٢٠٢٢، هاجر من مصر نحو ١١ ألف طبيب فى حين أن عدد الأطباء الخريجين كل عام فى الوقت الحالى ٢١٣ ألف طبيب سنويًا؛ يعمل منهم بالفعل نحو ٨٠ ألف طبيب، إذا فإن ٨ أطباء لكل ١٠ آلاف مريض. لافتة إلى أنها قالت فى إحدى جلسات مجلس النواب بأن لديها معلومات مؤكدة بأن طائرات كاملة العدد سافر على متنها أطباء حديثى التخرج لإحدى دول العالم.
وأوضحت أن عدم توفير الحماية للأطباء؛ إحدى الأسباب الرئيسية فى هجرة الأطباء وتقدمهم باستقالات من العمل فى المستشفيات الحكومية؛ فمئات الأطباء تعرضوا للاعتداء على يد أهالى المريض؛ إلى جانب المطالب بسن قوانين تُبيح حبس الأطباء؛ وهذا غير موجود فى أى دولة بالعالم.
وأكدت عضو مجلس النواب، أنها تقدمت بطلب إحاطة للبرلمان بشأن منع عرض الأطباء البشريين على النيابة العامة؛ على أن يتم عرضهم على لجان خاصة تضم أطباء فى نفس التخصص يكون لديها القدرة على تحديد إذا كان الخطأ طبيا أم قضاء وقدر؛ خاصة وأن كل عملية طبية لها نسبة معروفة من الفشل؛ ولكن لا يتم حبس الطبيب احتياطيًا بالشهور بين المُجرمين والخارجين عن القانون؛ ويُستثنى من ذلك مُدعين الطب وغير الحاصلين على تصريح مُزاولة المهنة والشهادات المعتمدة والمُوثقة أو العاملين فى مراكز تحت السلم أو غير المُرخصة.
وأشارت إلى أن التجهيزات فى العديد من المستشفيات ضعيفة؛ وهو ما تحدثت عنه خلال إحدى الجلسات العامة للبرلمان قائلة: "عندنا الدكتور بيشتغل بمبدأ الشاطرة تغزل برجل حمار ويقدم مُعجزات من لا شيء.. وفى الآخير مفيش مُقابل ومفيش قانون يحميهم ويتعرضون للضرب والإهانة وتكسر المُستشفى ومفيش رادع".
وأكدت طبيبة الأسنان فى حديثها لـ "البوابة نيوز" أن الأطباء المصريين يُضرب بهم المثل فى الحرفية والمهنية ويُبرهن على ذلك العمالقة والمشاهير من الأطباء المصريين حول العالم؛ فالأطباء المصريون مُميزون بين زملائهم فى الدول الأخرى وهذا بسبب مُمارستهم العملية فى كلية الطب حيث تُجرى مادة التشريح على نموذج بشرى وهذه الميزة غير مُتوفرة فى دول أخرى فهم يقومون بالتشريح على "دُمى بلاستيك"؛ ولكن فى الأخير يتقاضى الطبيب ملاليم ويسهر النبطشيات.
ولفتت إلى أن الأطباء لم تقتصر مسيرتهم العلمية فور تخرجهم فى كلية الطب وحملهم اللقب؛ فالأطباء يمكثون طوال عمرهم يدرسون وتعلمون للتطوير من خبرتهم العلمية والعملية، قائلة: "اللى بيدخل كلية الطب بيكتب على نفسه الدراسة والتعلم مدى الحياة".
وردًا على المطالب بشأن زيادة عدد المقبولين للدراسة فى كليات الطب سنويًا، أبدت الطبيبة والبرلمانية رفضها لهذه المطالب قائلة: "أنا ضد تمامًا الأعداد المهولة التى تُقبل كل سنة فى كلية الطب وطب أسنان"، موضحة أن الدراسة فى كلية الطب علمية وعملية؛ ووجود عدد محدود من الدارسين فى كلية الطب أفضل بكثير من زيادة الأعداد.
ولفتت "الجزايرلي"، إلى أن قبول نحو ٣ آلاف طالب كل عام بكلية الطب مع ضمان توفير رواتبهم وجودة تدريبهم وإحسان تعليمهم، سيُصبح لديهم الامكانيات العلمية والعملية التى تؤهلهم لتأدية واجبهم ووظيفتهم السامية على أفضل ما يكون؛ مُشيرة إلى أن هذه الاستراتيجية مع تعاقب السنوات سيزداد أعداد الأطباء المُتمكنين المُحبين للعمل وهو ما يترتب عليه قلة هجرة الأطباء خارج مصر.
وأوضحت أن مصر عاشت تجربة هامة خلال فترة وباء كورونا ورأينا أهمية الأطباء والاستنجاد بهم، كانت حالة أشبه بالتعبئة العامة لمُواجهة خطر كورونا، مُؤكدة أن مصر فى حاجة لأطباء كفء وجيش جديد من الأطباء للأجيال القادمة؛ "وإلا بعد كده مش هنلاقى طبيب فى مصر".
وحول الأطروحات بشأن إغلاق كل العيادات الخاصة على أن يكون عمل الطبيب فى المستشفيات الحكومية فقط، رفضت بشدة هذه الأطروحات مُتسائلة فى أى بلد فى العالم يحدث هذا؟ وإذا حدث هذا فى مصر فهذا يعنى أن الأطباء "هيشحتوا على الرصيف" -حسب قولها- إلا إذا توفر للطبيب راتب شهرى يوفر له حياة الملوك؛ مثل كندا وأمريكا فالأطباء هناك ليسوا بحاجة للعمل فى عيادة خاصة بسبب رواتبهم المُرضية. مؤكدة بقولها: "المنظومة كلها بحاجة لإعادة توزيع وترتيب وتفكير.. لأننا بالفعل داخلين على كارثة".
وتعليقًا على رسوب ما يزيد على ٦٠٪ من طلاب كليات الطب بجامعتى أسيوط والوادى الجديد؛ أبدت "الجزايرلي" توقعاتها بشأن تزايد أعدد الراسبين بأن دراسة الطب لم تعد جذابة بالنسبة للطلبة؛ وهناك العشرات من الأطباء الخريجين تركوا مهنة الطب وامتهنوا وظائف أخرى؛ مُشيرة إلى أنه يُمكن أن يكون عدد كبير من الطلبة قبلوا بالكلية ولكن صعوبة الدراسة والمستقبل المظلم الذى ينتظرهم وهجرة الأطباء؛ أصابهم بالإحباط وفقدهم الشغف.
الدكتور أحمد حسين، عضو مجلس نقابة الأطباء: الطبيب يعمل 200 ساعة أسبوعيًا.. ويتقاضى «ثمن بخس» وبدل العدوى 20 جنيهًا
من ناحيته؛ قال الدكتور أحمد حسين، عضو مجلس نقابة الأطباء: إن استقالة الأطباء لها العديد من الأسباب، أبرزها عدم توفر الأمان المهنى للأطباء، مُرجعًا ذلك لعدم صدور قانون المسؤولية الطبية رغم مُطالبة «الأطباء» بضرورة الانتهاء منه وتطبيقه منذ ما يزيد على ٧ سنوات.
وحمل «حسين» الضغط المجتمعى الذى يُمارس على الأطباء فى تزايد هجرة الأطباء، لافتًا إلى وقوع العديد من الاعتداءات على الأطباء فى المستشفيات الخاصة والعامة؛ وذلك بسبب غياب مُقومات أداء الخدمة ما يجعل الطبيب فى «وجه المدفع» من أسر المريض والمجتمع إلى جانب «الثمن البخس» الذى يتقاضاه الطبيب - على حد قوله لـ«البوابة» - مشيرًا إلى أن الأطباء حديثى التخرج يتقاضون ما يقرب من ٣ آلاف جنيه أما الأطباء الذين قاربوا على درجة المعاش فروابتهم تصل لنحو ٥ آلاف جنيه شهري.
وعن ساعات العمل أسبوعيًا الذى يُلزم الطبيب بتأديتها، قال «حسين»: يؤدى الطبيب ٤٢ ساعة أسبوعيًا كمُوظف حكومى إضافة إلى ١٤٠ ساعة نبطشيات أسبوعيًا، بإجمالى (٢٠٠ ساعة أسبوعيًا)، ومع غياب الأمان الوظيفى والمجتمعى وضعف العائد المادى يُجبر الأطباء على العمل فى العيادات الخاصة أو السفر خارجيًا؛ ولكن فى الأغلب يُفضل الأطباء السفر بسبب أن العمل الخاص أيضًا غير آمن، وذلك نظرًا لإمكانية تعرض الأطباء للعديد من القضايا والشكاوى من قبل الأهالى المرضى.
وأوضح أن العروض التى يتلقاها الأطباء للهجرة والعمل خارجيًا تكون «مغرية وثرية»، فيتمتع الطبيب بعد الهجرة براتب مُجزى جدا يفوق ١٠ أضعاف راتبه فى مصر ويعمل ٨ ساعات فقط يوميًا إلى جانب حصوله على الإجازة الأسبوعية والرسمية، ورحلة سفر ذهاب وعودة تتحملها جهة العمل؛ مشيرًا إلى أن العديد من دول العالم التى تستقبل الأطباء زللت كافة العقبات التى كانت تواجه الأطباء وخفضت من شروط الاستقبال.
وحول إحصائية نقابة الأطباء بشأن استقالة أكثر من ٤ آلاف طبيب فى ٢٠٢٢؛ أكد «حسين» لـ «البوابة نيوز» أن أعداد الاستقالات التى أعلنت عنها نقابة الأطباء أقل بكثير من الأعداد الحقيقية للأطباء المستقيلين والمهاجرين، لافتًا إلى أن مُعدل الاستقالة تقارب نحو ١٢ استقالة يومًا من المستشفيات الحكومية؛ يأتى ذلك إلى عجز عدد كبير من الأطباء عن التمكن من إنهاء قرار الاستقالة وحصولهم على لقب «طبيب حر» الأمر الذى يدفع هؤلاء الأطباء للانقطاع عن العمل والهجرة خارجيًا دون إنهاء أوراق استقالتهم.
ويُشير عضو مجلس نقابة الأطباء إلى كارثة غياب الأمان المهنى للأطباء، بقوله: إن قلة واختفاء الأمان المهنى دفع الأطباء للابتعاد عن مُناظرة الحالات الحرجة خوفًا من المُسائلة أو التعرض للاعتداء من قبل الأطباء، لافتًا إلى أنه فى بعض الأحيان يصل الأمر لوضع الطبيب خلف القضبان ولكن يكمن الحل فى وجود قانون عادل للمسئولية الطبية للفصل بين الأطباء والمرضى حال الأخطاء؛ بالإضافة إلى ضرورة توفير مزايا وضمانات اجتماعية للأطباء كتأمين صحى جيد للأطباء وهذا ليس تمييز بين الفئات؛ خاصة وأن الأطباء يعملون فى منبع العدوى ويتقاضى الطبيب بدل عدوى ٢٠ جنيها؛ رغم أن زملاء آخرين له يعملون فى جهات أخرى يتقاضون ٣ آلاف جنيه كبدل عدوى.
وعن المطالبة بزيادة عدد الدارسين فى كليات الطب؛ يقول «حسين»: إن المُطالبين بزيادة الدارسين لا يلمسون عن قرب حقيقة أزمة الأطباء؛ فزيادة عدد خريجى كلية الطب لن يعوض تسرب وهجرة الأطباء، مشيرًا إلى أن الأزمة تنتهى بتحقق المطالب العادلة وإنهاء الأزمات التى يئن منها الأطباء؛ خاصة وأن عجز الأطباء ليس أزمة مصر ولكن على مستوى العالم فدراسة الطب شاقة ومُتعبة جدًا وأيضًا لا تُدر العائد المادى الكبير على مستوى العالم؛ وهو الأمر الذى دفع الكثير من الأشخاص للعزوف عن دراسة الطب فى كافة أنحاء دول العالم.
وأوضح أن عزوف الطلاب عن دراسة الطب؛ دفع الدول لإيجاد بديلًا من الأطباء حول العالم من خلال عرض الكثير من المزايا على الأطباء؛ لافتًا إلى أن بعض الدول الأوروبية حدت من اشتراطات القبول؛ مثل تحدث اللغة الأم للدولة بل وصل الأمر لأن للسماح للأطباء بكتابة التقارير الصحية والروشيتات باللغة العربية .
وتعليقًا على رسوب ٦٠٪ من طلاب طب أسيوط و٧٢٪ من الفرقة الأولى بطب جنوب الوادي، قال: إن الأمر يعود لأزمة طلاب الثانوية وارتفاع نسب الغش فى بعض المدارس؛ مؤكدًا أن كليات الطب فى مصر كليات عريقة ولها ترتيبها العلمى المرموق؛ مُشيدًا بقرار عمداء كليات الطب بشأن إعلان النتائج الحقيقية؛ خاصة أن نجاح مثل هؤلاء الطلاب سيكون كارثيًا؛ فنحن نتحدث عن الأطباء جنود إنقاذ وإسعاف الأرواح.
الدكتور إيهاب الطاهر عضو مجلس النقابة: المنظومة حائرة بين معاناة المرضى وشكوى الأطباء
من ناحيته؛ يقول الدكتور إيهاب الطاهر عضو مجلس النقابة والمرشح على منصب نقيب أطباء مصر؛ إن المنظومة الصحية حائرة بين مُعاناة المرضى وشكاوى الأطباء؛ فمعظم المرضى يشكون من عدم حصولهم على الرعاية الصحية اللائقة بالمنشآت الطبية الحكومية.
ويُضيف "الطاهر" فى حديثه لـ «البوابة نيوز» أنه لا يمكن إغفال صعوبة الحصول على سرير بالرعاية المركزة فى بعض الأحيان واضطرار المواطن لشراء بعض المستلزمات والأدوية على نفقته؛ إلى جانب بعض المعوقات مثل نقص الأطباء فى بعض التخصصات؛ ولكن فى المقابل أيضًا يشكو معظم الأطباء من بيئة العمل الطاردة التى تضطرهم للهجرة إلى بلاد أخرى بها منظومة صحية توفر الإمكانات ولوائح عمل تضع الحقوق أمام الواجبات، بل وتقدم لهم عوامل الجذب لثقتها فى كفاءة الطبيب المصرى وجديته.
وحسب حديث «الطاهر» فإن تقرير لنقابة الأطباء صدر سابقًا، أكد أن عدد الأطباء الذين تقدموا بمستندات إنهاء خدمتهم من العمل الحكومى عام ٢٠١٦ كان ١٠٤٤ طبيبا ثم أصبحت الأعداد تتزايد سنويًا حتى وصل عددهم خلال عام ٢٠٢٢ فقط إلى ٤٢٦١ طبيبا.
وأكد «الطاهر» أن السبب الرئيسى فى أزمة الأطباء بدأ من تدنى الأجور والمعاشات، إلى جانب غياب الأمان المهنى والوظيفي؛ إضافة إلى التحفز المجتمعى السلبي، لافتًا إلى أن تدنى الأجور يعتبر على رأس عوامل طرد الأطباء من مصر، متسائلًا: فكيف يعيش الطبيب الشاب بمرتب ٤ آلاف جنيه ومطلوب منه الإنفاق على نفسه وأسرته والإنفاق على الدراسات العليا والتدريب؟ يأتى ذلك إلى جانب تدنى المعاشات وتأتى ضمن العوامل المُهمة فالطبيب يُحاول تأمين حال أسرته بعد التقاعد فكيف سيعيش بحوالى ٢٧٠٠ جنيه. متسائلًا: قد تكفيه بالكاد لشراء علاجه الشهري؟.
ويكمل الطبيب، ليس نقص التقدير المادى فقط ما يُعانيه الطبيب، بل شن الحملات ضد الأطباء حال حدوث مُشكلة بالقطاع الصحي، فيتم وضع الأطباء «كبش فداء» وحتى وإن كان القصور فى المنظومة الصحية، مما تسبب فى تزايد حالات الاعتداء على الأطباء دون وجود نظام رادع لحمايتهم أثناء عملهم.
وعن طُرق مُحاسبة الأطباء فى قضايا أخطاء المهنة، أبدى «الطاهر» استعجابه من محاسبة الأطباء بموجب قانون العقوبات، وقال: فى الدول الأخرى توجد قوانين خاصة للمحاسبة الطبية بأسلوب علمى وليس جنائيا، لافتًا إلى أن الغرض حصول المريض على حقه والحد من نسبة حدوث الأخطاء دون وقوع ظلم على الطبيب ودون الاتجاه لحملات التشهير التى لا تؤدى لفقدان الثقة بعموم الأطباء والحط من قدر المنظومة الصحية فى عيون العالم.
ويؤكد المُرشح على منصب نقيب أطباء مصر؛ أن تحسين الخدمة الطبية المقدمة للمواطن وتحسين أحوال الأطباء هما وجهان لعملة واحدة، ويجب العمل على علاج المُشكلات بشكل جذري؛ مشيرًا إلى أن ذهاب البعض بشأن زيادة أعداد المقبولين بكليات الطب متناسيين أن الطبيب بحاجة لـ ١٤ سنة منذ الالتحاق بكلية الطب حتى يُصبح طبيبًا مُتخصصًا؛ ولكن زيادة أعداد الخريجين لن تنهى أزمة الأطباء سيلحقون بمن سبقهم طالما بقيت نفس المشكلات.
وردًا على الحديث بشأن بطء الإصلاح بسبب نقص التمويل خاصة فى ظل الظروف الاقتصادية؛ يقول «الطاهر»: إن أحد الحلول بشأن الاستحواذ على الربع الفائض من ميزانية هيئة التأمين الصحى الشامل؛ خاصة وأن الفائض يبلغ حوالى ٧٨ مليار جنيه فى أبريل ٢٠٢٣ طبقًا لإفادة المدير التنفيذى للهيئة فى مُلتقى صحة أفريقيا؛ على أن يستخدم فى تحسين عاجل للأجور واستكمال توفير المستلزمات والتجهيزات الضرورية العاجلة وعلى رأسها أسرة الرعاية المركزة.
واختتم عضو نقابة الأطباء حديثه عن أزمة الأطباء قائلًا: لدينا الآن لجنة لتحسين أحوال الأطباء تعقد اجتماعات بوزارة الصحة منذ حوالى ثلاثة شهور، ولدينا أيضا جلسات الحوار الوطنى التى تضم خبراء بالصحة والاقتصاد، متمنيين أن تنتهى بتوصيات يتم تنفيذها نحو علاج حقيقى وعاجل لمشكلات الأطباء والمرضى.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الاعتداء على الأطباء نقابة الأطباء المستشفیات الحکومیة المنظومة الصحیة فى المستشفیات البوابة نیوز على الأطباء الأطباء الم عدد الأطباء کلیات الطب من الأطباء الأطباء ا آلاف جنیه زیادة عدد العدید من ألف طبیب خاصة وأن إلى جانب إلى أنه خارجی ا الذى ی التى ت فى بعض طبیب ا من الم فى مصر
إقرأ أيضاً:
الأطباء الفلسطينيون في أوروبا يجمعون أكثر من 150 ألف دولار لطلبة الطب في غزة
تمكن تجمع الأطباء الفلسطينيين في أوروبا من جمع أكثر من 150 ألف دولار لدعم ورعاية طلبة الطب في غزة، ضمن مبادرة أكاديمية “جيم (GEM).
جاء ذلك خلال يوم أكاديمي متكامل عُقد في الكلية الملكية للطب في لندن، يوم أمس السبت 23 نوفمبر 2024، بمشاركة نخبة من الأطباء والخبراء الدوليين.
إحياء التعليم الطبي في غزة.. التحديات والحلول
ناقش المؤتمر، الذي حمل عنوان "إحياء التعليم الطبي في غزة: التحديات والحلول"، التحديات الكبيرة التي تواجه التعليم الطبي في القطاع نتيجة الحصار المستمر والدمار الممنهج للمرافق الصحية والتعليمية. وتخلل المؤتمر جلسات نقاشية وعروض أكاديمية تناولت أهمية الابتكار والشبكات الدولية لدعم هذا القطاع الحيوي.
وقال د. حسام الدين عدوان، الجراح الاستشاري في مستشفى وريل الجامعي بالمملكة المتحدة ورئيس لجنة مؤتمر أكاديمية "جيم": "من خلال مشاركتكم اليوم، أنتم تغذّون شعلة الأمل، ليس فقط للطلاب وأعضاء هيئة التدريس، بل لكل سكان غزة".
استثمار في مستقبل غزة
سلط البروفيسور محمود اللوباني، استشاري جراحة القلب والصدر ورئيس أكاديمية "بال ميد"، الضوء على أهمية هذه المبادرة قائلاً: "الأموال التي جمعناها اليوم ستُخصص لدعم طلاب الطب في غزة ضمن برنامج (جيم). هذا البرنامج يُعد استثماراً في مستقبل غزة بأكملها، حيث يهدف إلى الحفاظ على استمرارية التعليم الطبي وتأهيل كوادر طبية تخدم المجتمع في ظل هذه الظروف الصعبة".
وأضاف اللوباني أن المبادرة، التي أُطلقت في يونيو 2024، تمكنت من تسجيل أكثر من 210 طلاب وطالبات، بمساهمة ما يزيد على 1000 متطوع دولي يقدمون المحاضرات والدعم عبر منصة تعليمية متكاملة.
تحديات التعليم الطبي في غزة
ركزت جلسات المؤتمر على الوضع الحالي لكليات الطب في غزة، حيث تواجه جامعتي الأزهر والإسلامية تحديات كبيرة، أبرزها تدمير البنية التحتية ونقص الموارد الأساسية اللازمة للتعليم والتدريب الطبي. وبلغ عدد الطلاب المسجلين في كليات الطب قبل الحرب الأخيرة نحو 2500 طالب وطالبة.
وفي هذا السياق، قال د. أنور الشيخ خليل، عميد كلية الطب في الجامعة الإسلامية بغزة: "الدمار الذي لحق بالبنية التحتية للتعليم الطبي لا يهدد فقط مستقبل الطلبة، بل مستقبل النظام الصحي بأكمله في غزة".
رسالة تضامن عالمية
شهد المؤتمر حضور عدد من الشخصيات الدولية البارزة، مثل البروفيسور مادس جيلبرت، الطبيب النرويجي المعروف بدعمه الإنساني لغزة، والدكتور حسام زملط، سفير فلسطين لدى المملكة المتحدة، الذي أكد أهمية التعليم كوسيلة للصمود الفلسطيني. كما أشاد الدكتور رياض مشارقة، رئيس المجلس الاستشاري لتجمع الأطباء الفلسطينيين في أوروبا، بصمود طلبة الطب في غزة وإصرارهم على مواصلة تعليمهم رغم التحديات.
وشارك طلبة من غزة عن بُعد عبر تقنية الفيديو، حيث تحدثت الطالبة لينا أبو هين عن الصعوبات اليومية التي يواجهها الطلبة، بما في ذلك المخاطر التي تعترض طريقهم للوصول إلى المستشفيات لممارسة التدريب السريري. كما أكد الطالب طارق عبد الجواد، رئيس لجنة مشاركة الطلاب في برنامج “جيم”، أن الدعم الدولي يمثل مصدر إلهام للطلبة ويمنحهم الأمل لمواصلة تعليمهم وخدمة مجتمعهم.
عشاء خيري لجمع التبرعات
اختُتم اليوم الأكاديمي بفعالية عشاء خيري، شهدت جمع التبرعات لدعم المبادرة. وأسفرت الجهود عن جمع أكثر من 150 ألف دولار لدعم طلبة الطب في غزة، في أجواء من التضامن والإصرار على تحقيق أهداف البرنامج.
"بال ميد".. رؤية للتعليم الطبي المستدام
تُعد أكاديمية “بال ميد” الذراع التعليمية لتجمع الأطباء الفلسطينيين في أوروبا. تأسست عام 2022 بهدف رفع مستوى الرعاية الصحية للفلسطينيين من خلال التعليم والتدريب، وتعمل على توفير مواد تعليمية وبرامج تدريبية متقدمة بالتعاون مع جامعات ومؤسسات دولية.
من خلال هذه الجهود، يسعى تجمع “بال ميد” وشركاؤه إلى الحفاظ على التعليم الطبي في غزة كأحد أعمدة الصمود الفلسطيني، في ظل التحديات الهائلة التي يفرضها الاحتلال والحصار المستمر.