ماذا يجري بين #الأردن و #السوريين؟ _ #ماهر_ابوطير
في تواقيت متزامنة ومترابطة أيضا، يتحرك الأردن باتجاهين، وفد سوري سياسي وأمني وعسكري يزور الأردن، ووفد أردني سياسي وأمني وعسكري يذهب إلى أنقرة.
الزلزال السوري ترك اهتزازات ارتدادية على كل الإقليم، من حيث النموذج الذي يمثله من حيث سرعة سقوط النظام السوري، وتخلي إيران وروسيا عنه، بعد انكشاف الظهر الإقليمي في لبنان، ومع هذا نموذج سياسي إسلامي، لا يريد حربا مع إسرائيل، واستثمرت في توقيت حكمه لسورية، لتحتل مناطق جديدة من سورية، في ظل تناقضات في الموقف من النظام الجديد، ما بين التشكيك الغربي والعربي أحيانا، أو رعاية الأمّ التركية أو حتى رغبة العرب بتعزيز قوة النظام الوريث للخلاص من النفوذ الإيراني.
هذا النموذج له ارتداده الإقليمي وقد يهدد بنسخ التجربة في دول ثانية، لأن العنوان الإسلامي بكل درجاته السياسية أو الجهادية، أو الأكثر تسامحا قابل للنسخ في المنطقة، والكل يدرك أن القوى المتنفذة في العالم، توظف أي نموذج من أجل إعادة ترتيب أوراق منطقة ما، عبر الهدم وإعادة البناء ثم الهدم وقد تسعى لاحقا للتخلص من النموذج ذاته وفقا لحسابات جديدة، كلها.
مقالات ذات صلةالأردن هنا معني بعدة ملفات، إذ إن ما هو أهم هو استقرار سورية، ولعل تصريحات وزير الخارجية في أنقرة ركزت على استقرار سورية، ومحددات ملف الأكراد والدروز، لتجنب قبول أي تقسيم في سورية، ولتحفيز تركيا على منع التقسيم، خصوصا، أن التقسيم هنا يرتد على الأردن الذي تجاور حدوده مناطق درزية، وسنية، مثلما أن هناك مخاوف من انفصال الدروز تحديدا، وما قد يستجد على جبهات العلويين والمسيحيين، في سورية التي تعاني اليوم من التشظي الداخلي، وعدم توفر المال، والخوف أيضا من نشوء جماعات متطرفة، أو تفعيل جماعات متطرفة غائبة جزئيا، بما يعينه ذلك على أمن الحدود بين الأردن وسورية، إضافة إلى كون الأتراك ضمانة قوية للأردن، كون أنقرة تدير سورية فعليا، على صعيد الأمن وحتى الاقتصاد والتجارة، وبدون العبور ببوابة الأتراك لا يمكن أن يكون للأردن مساحة مناسبة في سورية جديدة، حيث شهدنا سابقا إغلاق الإيرانيين للبوابات السورية في وجه الأردن.
وفد الأردن إلى تركيا التي تعد الأم الحاضنة للمشروع السوري الجديد، والذي ضم وزير الخارجية ومدير المخابرات وقائد الجيش، بعني بكل وضوح أن الزيارة ذات أبعاد متعددة، وهذا يعني أيضا وجود هواجس أردنية بشأن الملف السوري، حيث حاجة الأردن أساسية إلى الدمج بين مسارات الاقتصاد والأمن، وضمان عدم حدوث تغييرات في خريطة سورية ذاتها، وإطفاء كل الاحتمالات لذلك، وتحديدا ما يتعلق بمتطلبات التكوينات السورية المتعددة، وإنهاء حالة الفلتان التنظيمي المسلح، ووجود التنظيمات العسكرية والدينية والقومية.
يتزامن هذا كله مع وصول وفد سوري سياسي أمني عسكري إلى الأردن، وعلى الأرجح أن التوافقات مع السوريين ستكون أسرع بعد زيارة أنقرة، وستكون ارتدادا مباشرا لها، لأن متطلبات الأردن من السوريين متعددة على صعيد ملف الجماعات العسكرية، والحدود، والمخدرات، والتجارة، وبقية الملفات المرتبطة باحتمالات التعاون بين البلدين، وهنا لا بد أن يشار إلى أن الأردن لديه هواجسه ايضا من المرحلة المقبلة، إدراكا منه لوجود جهات عديدة ستحاول جر سورية الى سيناريو محدد، قد ينعكس على الأردن، لدرجة المخاوف من حدوث اقتتال داخلي من نوع ثان، يؤدي إلى هجرة سورية جديدة الى الأردن، من السويداء حيث الدروز، ومن مناطق الجنوب، وهو أمر لا ينقص الأردن الذي يراهن على توليد بيئة لعودة السوريين، وليس قدوم موجات جديدة للأردن، أو نشوء دويلات انفصالية مجاورة للأردن.
يكمن الملف الأخطر، أي ملف التنظيمات العسكرية، والحذر من استقطاب أردنيين إليها، في حالة تم فتح الحدود كليا، أو خروج تنظيمات عن يد سلطة دمشق الجديدة، بما فيها تنظيمات مثل داعش، حيث يهدد الأكراد أيضا في شرق سورية، بإخراج أكثر من 12 ألف مقاتل من السجون بما يعنيه ذلك على صعيد سورية ذاتها، واشتعال الجنوب المجاور للأردن.
تركيا والأردن أهم جارين لدمشق الجديدة التي باتت حاجزا عازلا بين إيران والعراق من جهة وسورية ولبنان وفلسطين، من جهة ثانية، لكنها أيضا تواجه ملفات داخلية أكثر ثقلا وحساسية.
الغد
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
سورية في وجه الغطرسة الصهيونية: حين تنهض الشعوب لا تُهزم
ليس غريبًا أن يمدّ الاحتلال الصهيوني أنيابه نحو الجنوب السوري، متوهمًا أن الجراح المفتوحة تعني غياب الوعي أو غفوة الروح. لكنه يجهل أن سوريا، وإن أُنهكت بالحروب، لا تنكسر. فالشعوب التي أرهقتها الدماء قد تستفيق في لحظة، وتُشعل بركان المقاومة من تحت الركام.
وما بين القنيطرة ودرعا، تتوقد شرارات الرفض الشعبي، في أرضٍ لا يمكن للاحتلال أن يستقر فيها، ولا للغزاة أن يتنفسوا بحرية على ترابها.
لكن سورية ليست وحدها في هذا الطريق، فالتاريخ زاخر بشعوب قاومت وانتفضت وأسقطت مشاريع استعمارية كانت تبدو، في لحظات كثيرة، عصيّة على الهزيمة.
هذه النماذج تلهمنا وتُذكّر العدو أن الغطرسة لم تكن يومًا ضمانة بقاء، وما صمود غزة المحاصرة منذ ثمانية عشر عامًا عنا ببعيد.
فيتنام… الأرض التي كسرت جبروت أمريكا
حين اجتاحت جيوش الولايات المتحدة أرض فيتنام، كانت واثقة أن النصر مسألة وقت. لكن "الڤييت كونغ" كان له رأي آخر.
حفروا الأنفاق، زرعوا الفخاخ، وصمدوا تحت أعتى قصف جوي في التاريخ.
وعلى مدى عشرين عامًا، قاوم الفيتناميون بأسنانهم، حتى خرجت أمريكا تجرّ أذيال الهزيمة عام 1975، بعد أن خسرت أكثر من 58 ألف جندي، وتركت وراءها هيبة محطّمة.
جنوب إفريقيا… مقاومة تحطّم العنصرية والصهيونية
لم يكن نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا ليصمد لولا الدعم الصهيوني اللامحدود.
سورية اليوم ليست سورية الضعف، بل سورية الوعي. وحين يستيقظ الوعي الشعبي، تتحطم آمال الغزاة. وإن كانت درعا والقنيطرة أولى الجبهات، فإن قلب سورية كله جبهة. وما دامت الشعوب تنهض، فالصهاينة إلى زوال… مهما طال الليل.لكن مقاومة شعبية قادها نيلسون مانديلا ورفاقه، أسقطت ذلك النظام القذر. سُجن القادة، وقُتل الأبرياء، لكنهم انتصروا في النهاية. وسقط وهم التفوّق العنصري تحت أقدام شعب أبيّ، رفض الاستسلام.
كوبا… جزيرة التحدي في وجه الحصار الأطول
منذ أكثر من ستين عامًا، تواجه كوبا حصارًا أمريكيًا خانقًا. بلد صغير، محدود الموارد، لكنه رفض أن يخضع. صمدت كوبا رغم العزلة، وعلّمت العالم أن الكرامة أغلى من الرغيف، وأن الحرية لا تُشترى.
إلى دعاة "النأي بالنفس": ماذا تنتظرون؟ الشعوب الحرة لا تستكين لظالم، ولا ترضخ لمستعمر.
أما "العقلانيون" جدًّا، و"الواقعيون" حدّ التخلي، فأسألهم بكل ود: ماذا تنتظرون أكثر؟ هل تنتظرون إعلان نتنياهو رسميًا احتلال محافظة درعا؟ أم تترقبون اعترافًا صريحًا بأن الجنوب السوري بات “منطقة نفوذ” صهيوني؟
هل استباحة الأجواء السورية ليلًا ونهارًا لا تكفيكم؟ هل اختطاف سوريين من داخل أراضيهم ـ كما جرى في القنيطرة وريف دمشق ـ لا يحرّك فيكم شيئًا؟ ماذا بقي من السيادة لتنتظروا المسّ بها؟ أيّ منطق يرى في الصمت سياسة، وفي اللاموقف وطنيّة؟ وأنا أتحدث هنا عن نشطاء ومؤثرين وقادة رأي مجتمعي، لا عن الدولة التي لها حساباتها.
المقاومة الشعبية.. الصوت الذي لا يُقهر
الدعوة إلى مقاومة شعبية لا تعني دفع الجيش النظامي إلى مواجهة شاملة، بل تعني إرسال رسالة واضحة: هذه الأرض ليست خالية. هذا الشعب حيّ. يرفض الاحتلال، ويقاومه بكل الوسائل الممكنة. فالمحتل لا يرهب الجيوش وحدها، بل يرهب الرفض الشعبي، والشعور الجمعي بأن كل بيت في سوريا يرفضه.
أيها الصهاينة… سورية ليست هشّة كما تظنون
ربما تظنون أن الجراح أضعفتها، وأن غبار الحرب أنسى أبناءها الأرض. لكن من يجهل التاريخ، يعيد أخطاءه. من فيتنام إلى جنوب إفريقيا، ومن كوبا إلى كل أرض قاومت، تعلّموا: الشعوب حين تثور، تطيح بالإمبراطوريات، وتكسر الاحتلالات، وتكتب نهايات لم تكن على بال. المشروع الصهيوني ليس مجرد عدوان على الأرض، بل هو اعتداء على الذاكرة، على التاريخ، على الكرامة.
ومن هنا، فإن المقاومة الشعبية في سوريا اليوم ليست مجرد رد فعل على توغّل عسكري، بل هي انتفاضة على مشروع صهيوني يحاول أن يرسم خريطة من النيل إلى الفرات، في غفلةٍ من الزمن.
لا أمان لكم على أرض تعرف معنى التضحية
سورية اليوم ليست سورية الضعف، بل سورية الوعي. وحين يستيقظ الوعي الشعبي، تتحطم آمال الغزاة. وإن كانت درعا والقنيطرة أولى الجبهات، فإن قلب سورية كله جبهة. وما دامت الشعوب تنهض، فالصهاينة إلى زوال… مهما طال الليل.