إذا كانت كل المشاهد التي تصنعها عُمان مهيبة ومليئة بالدلالات الناطقة دون كلام فإن المهرجان السلطاني لسباقات الخيل الذي أقيم اليوم بمدينة العاديات وشرّفه المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- كان أحد ذروات المهابة العمانية التي تحتفي بجماليات التراث الإنساني، حيث تناغمت اللوحات الفنية التي قدمت في المهرجان بجمال الخيل وشموخها سواء وهي تعدو ضباحا نحو خط النهاية في سباق يعيد إلى الأذهان سباق الحياة مع الزمن أو وهي تختال بدلالها وجمالها في اللوحات الاستعراضية التي بدت تليق بالسلطان المعظم الذي شرّف المكان والمهرجان وأعطى للمناسبة هيبتها ودلالتها في الوجدان العمانية بشكل عام وفي الوجدان السلطاني بشكل خاص، وأكد على عنايته الشخصية بالفروسية باعتبارها رمزا متجذرا في الثقافة العمانية، وركنا من أركان الهوية الوطنية.

. بل، أيضا، باعتبارها ركنا متجذرا في الثقافة العربية منذ «قيد الأوابد» في عصر الشاعر الجاهلي امرؤ القيس و«الرماك» في عهد اليعاربة إلى «سوكو» الذي توِّج اليوم بكأس جلالة السلطان المعظم في أغلى سباقات المهرجان.. في إمداد إنساني لا ينقطع وتكرس حضوره مثل هذه المهرجانات الكبرى.

وقد نجح المهرجان السلطاني في رسم صورة باهرة استطاعت أن تصنع مهابة للحدث تليق براعي المناسبة ومكانته وتليق بتاريخ عُمان وتليق بمكانة الخيل في الوجدان الإنساني التي ارتبطت على الدوام بمفردات الجمال والقوة والعنفوان والشموخ والإرادة الحرة.

واحتلت الخيل في الأدب الإنساني مكانة مرموقة منذ الملحمات الإغريقية إلى الشعر العربي الذي احتفى بالخيل احتفاء لا يعادله احتفاء آخر حيث ارتبط حضورها بالقيم النبيلة كالشجاعة، والوفاء، والحرية.. وبكل ما يمكن أن يكون مصدر فخر للإنسان العربي.

ورغم الرمزية الكبرى للخيل في الثقافة العربية فإنها في الثقافة العمانية تتحوّل إلى ما يمكن أن نعتبره رمزا حضاريا مرتبطا ارتباطا وثيقا بمسيرة الإنسان وجزءا أساسيا من ملامح تاريخه.

واستطاع المهرجان السلطاني للفروسية اليوم أن يجسد كل هذه المفردات وأن يناغم بين كل هذه الفنون وما تحمله من دلالات تاريخية وثقافية الأمر الذي جعل المهرجان يوصف بالفخامة والثراء ويجعل المهرجان بين أكثر المهرجانات العالمية التي تعنى بالفروسية حضورا وتميزا. وهذا ليس جديدا على عُمان وليس جديدا على الجهة المنظمة له؛ فالأمر له سياقه التاريخي وله تراكمه المعرفي الراسخ. ويمكن أن نفهم تفضُّل حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم بحضوره الشخصي لرعاية المهرجان يأتي في سياق ترسيخ القيم الثقافية وإبراز الهوية العمانية بمختلف جوانبها، بما في ذلك تلك البطولات التي حققها العمانيون على ظهور الصافنات في مسيرتهم التاريخية.. وكم هو العالم في حاجة ماسّة، في غمرة طفرة الحياة المادية، أن يعود إلى مثل هذه القيم الأصيلة التي تعيد تكريس إنسانية الإنسان ونبله.. وليس في هذا أي عائق أمام حركة التقدم المجتمعي بل دليل توازن بين الأصالة والمعاصرة.

وإذا كان المهرجان قد أعاد توهج شعلة الإرث العماني المرتبط بالفروسية سباقا واستعراضات ومهارات وفنونا مغناة وحضورا شعريّا فإن مثل هذا الوهج سيبقى في ظل الاهتمام السامي نابضا بالحياة وملهما لأجيال عمانية صاعدة وقادرا على صناعة النموذج الحضاري الفريد الذي يمزج بين الماضي العريق والحاضر المزدهر.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی الثقافة

إقرأ أيضاً:

جلالةُ السُّلطان المعظم يُصدِر مرسومين سلطانيين

العُمانية: أصدر حضرةُ صاحبِ الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم /حفظه الله ورعاه/ اليوم مرسومين سلطانيّين ساميين فيما يأتي نصاهما:

مرسوم سلطاني رقم ( 2025/39)

بإصدار قانون المعاملات الإلكترونية

نحن هيثم بن طارق سلطان عُمان

بعد الاطلاع على النظام الأساسي للدولة،

وعلى قانون المعاملات الإلكترونية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 2008/69،

وبعد العرض على مجلس عمان،

وبناء على ما تقتضيه المصلحة العامة.

رسمنا بما هو آت

المادة الأولى : يُعمل بأحكام قانون المعاملات الإلكترونية المرفق.

المادة الثانية : يصدر وزير النقل والاتصالات وتقنية المعلومات اللائحة التنفيذية للقانون المرفق، كما يصدر القرارات اللازمة لتنفيذ أحكامه.

المادة الثالثة: يُلغى قانون المعاملات الإلكترونية المشار إليه، كما يُلغى كل ما يخالف القانون المرفق، أو يتعارض مع أحكامه.

المادة الرابعة: يُنشر هذا المرسوم في الجريدة الرسمية، ويُعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره.

صدر في: 10من شوال سنة 1446 هـ

الموافق: 9 من أبريل سنة 2025 م

مرسوم سلطاني رقم ( 40/ 2025)

بإصدار ترخيص من الفئة الأولى لشركة تقنيات الاتصالات الفضائية (ش.ش.و) لإنشاء وتشغيل نظام اتصالات فضائية لتقديم خدمات الاتصالات العامة الثابتة

نحن هيثم بن طارق سلطان عٌمان

بعد الاطلاع على النظام الأساسي للدولة،

وعلى قانون تنظيم الاتصالات الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 2002/30،

وبناء على ما تقتضيه المصلحة العامة،

رسمنا بما هو آت

المادة الأولى: إصدار ترخيص من الفئة الأولى لشركة تقنيات الاتصالات الفضائية (ش.ش. و) لإنشاء وتشغيل نظام اتصالات فضائية لتقديم خدمات الاتصالات العامة الثابتة، وفقا لأحكام الترخيص المرفق.

المادة الثانية: ينشر هذا المرسوم في الجريدة الرسمية، ويعمل به من تاريخ صدوره.

صدر في: 10 من شوال سنة 1446 هـ

الموافق: 9 من أبريل سنة 2025 م

مقالات مشابهة

  • حجم الصادرات والواردات عبر المطارات العمانية يتجاوز ملياري ريال خلال 2024
  • وزير الثقافة المصري يستقبل الأمين العام للهيئة العربية للمسرح
  • “العين للفروسية” يستضيف “السباق الختامي” للخيول العربية اليوم
  • جلالةُ السُّلطان المعظم يُصدِر مرسومين سلطانيين
  • الفنان إسماعيل عبد الله: نتطلع لدورة جديدة من مهرجان المسرح العربي نزهو بها في مصر العراقة والإبداع
  • مهرجان المسرح العربي.. بيان مهم من الثقافة بشأن الدورة 16
  • لتقديم دورة استثنائية.. وزير الثقافة يؤكد توفير الدعم الكامل لمهرجان المسرح العربي
  • وزير الثقافة: نقدم الدعم الكامل لإنجاح مهرجان المسرح العربي
  • السيد شهاب يرعى ختام مهرجان كأس جلالة السلطان للهجن
  • وزير الثقافة يعقد اجتماعًا موسعًا مع الهيئة العربية للمسرح