أزمة الديمقراطية هي في الواقع أزمة اليسار
تاريخ النشر: 7th, January 2025 GMT
ذهبت بلدان يوجد بها أكثر من نصف سكان العالم إلى صناديق الاقتراع في انتخابات العام الماضي. وكانت الرسالة الأساسية التي بعث بها الناخبون لحكوماتهم هي عدم الرضا والغضب من الوضع القائم. وبدا إحباطهم مركَّزا خصوصا على الطرف الذي ظل يُربَط تقليديا بالحكومة الكبيرة وهو اليسار. (يعرِّف قاموس ويبستر الأمريكي الحكومة الكبيرة بالحكومة التي تُعتبَر منتهكة لحقوق المواطنين الأفراد بسبب جهازها البيروقراطي الكبير وإجراءاتها التنظيمية وسياساتها التدَخُّلية- المترجم.
في أي مكان نظرتَ إليه تقريبا تجد اليسار قد بات حطاما. فمن بين بلدان الاتحاد الأوروبي (27 بلدا) هنالك قلة قليلة فقط هي التي تقود فيها أحزاب من يسار الوسط ائتلافاتِها الحكومية. وحزب يسار الوسط الأساسي في البرلمان الأوروبي (التحالف التقدمي للاشتراكيين الديمقراطيين- المترجم) لديه الآن 136 مقعدا من جملة 720 مقعدا. حتى في البلدان التي تمكنت من وقف صعود الشعبوية اليمينية مثل بولندا، يمين الوسط هو الذي يزدهر وليس اليسار. وبالطبع يوحي حجم فوز دونالد ترامب (حوالي 90 مقاطعة أمريكية تقريبا تحولت إلى اليمين) بأن الولايات المتحدة أصبحت جزءا من هذا الاتجاه.
أزمة الحكومة الديمقراطية إذن هي في الحقيقة أزمة الحكومة التقدمية. فالناس كما يبدو يشعرون بأنهم تفرض عليهم الضرائب والإجراءات التنظيمية ويلاحقون بالأوامر ويروَّعون بواسطة ساسة يسار الوسط لعقود. لكن النتائج سيئة وتزداد سوءا.
نيويورك حيث أقيم وفلوريدا التي كثيرا ما أزورها تقدمان مثالا مثيرا للمقارنة. فهما متقاربتان في عدد السكان (20 مليون نسمة في نيويورك و23 مليون في فلوريدا.) لكن موازنة ولاية نيويورك أكثر من ضعف موازنة فلوريدا (239 بليون دولار مقابل 116 بليون دولار تقريبا). ومدينة نيويورك التي تزيد قليلا عن ثلاثة أضعاف حجم مقاطعة ميامي- ديد لديها موازنة تبلغ 100 بليون دولار أو تقريبا حوالي 10 أضعاف موازنة ميامي- ديد.
زاد إنفاق مدينة نيويورك في الفترة من 2012 إلى 2019 بحوالي 40% أو أربعة أضعاف معدل التضخم. هل يشعر أي من سكان نيويورك بأنه حصل على خدمات أفضل بنسبة 40% خلال تلك الفترة؟
ما الذي يحصل عليه أهالي نيويورك مقابل هذه المبالغ الضخمة التي تُجمع بواسطة أعلى معدلات ضريبية في الولايات المتحدة؟ (إذا كنت ميسور الحال في مدينة نيويورك فأنت تسدد ضريبة دخل تقارب ما تدفعه في لندن أو باريس أو برلين دون أن تحصل على تعليم عالٍ مجاني أو رعاية صحية بلا مقابل). ومعدل الفقر في نيويورك أعلى منه في فلوريدا. كما لدى نيويورك معدل ملكية منازل أقل بقدر طفيف ومعدل تشرد أعلى كثيرا. وعلى الرغم من إنفاق ما يزيد عن الضعف على التعليم مقابل كل طالب إلا أن النتائج التعليمية لنيويورك (معدلات التخرج ودرجات امتحانات الصف الثامن) مماثلة تقريبا لنتائج فلوريدا.
من اليسير أن يُطَمئِن المرء نفسه باعتقاده أن هذه المعدلات العالية للضرائب والإيرادات الحكومية المتزايدة تضمن للحكومة التقدمية بعض مكوِّناتها بالغة الأهمية (يقصد الكاتب بذلك تمكينها من تمويل برامج الرعاية الاجتماعية والتعليم والصحة والبنية الأساسية وغيرها من سياسات المساواة والعدالة الاجتماعية التي ينادي بها التقدميون- المترجم). لكن هذه الأموال، ببساطة، كثيرا ما تكون ثَمَنا للهدر وسوء الإدارة. فتكلفة المرحلة الأولى من تشييد مترو الأنفاق «سيكند آفينو» والتي بلغت 2.5 بليون دولار لكل ميل كانت أعلى بحوالي ثمانية أضعاف إلى 12 ضعف تكلفة عَيِّنة من مشروعات مماثلة في أماكن مثل إيطاليا والسويد وباريس وبرلين.
إلى ذلك، يذهب جزء كبير من الإيرادات الضريبية للمدينة والولاية إلى تمويل رواتب التقاعد. في مدينة إلينوي يذهب أكثر من 8% من الموازنة إلى رواتب التقاعد. أما في مدينة نيويورك فتخصص لرواتب تقاعد وفوائد العاملين الحكوميين 22% من الموازنة. لقد ظلت الوعود برواتب تقاعد سخية وسيلة ميسورة لشراء أصوات كتلة ناخبين حاسمة في أهميتها. فتكلفتها لن تظهر في الموازنات إلا بعد سنوات لاحقا.
المدن الكبيرة في الولايات المتحدة محاضن للنمو والحيوية والطاقة. ذلك هو السبب في تسليط الضوء عليها وعلى حوكمتها. وما شهده الناس مؤخرا هو انفلات الليبرالية. كانت السرقة متفشية في مدن كاليفورنيا لسنوات بسبب ضعف القانون الذي يعاقب على سرقة السلع في المتاجر. كما لا يحاسَب المشردون في نيويورك (بعضهم مدمنو مخدرات أو مرضى نفسيون) على مضايقة وتهديد المارة في الشوارع والأنفاق. والرجل الذي اتهم مؤخرا بمحاولة القتل بدفع رجل أمام قطار أنفاق سبق اعتقاله عدة مرات.
المقياس الحاسم بالطبع هو الكيفية التي يصوت بها الناس بأقدامهم. ظلت نيويورك لسنوات تفقد سكانا يرحلون منها إلى ولايات أخرى كفلوريدا. ونفس الحكاية يمكن أن تُحكى، باختلافات طفيفة، عن كاليفورنيا وتكساس.
الولايات الحمراء الكبيرة تنمو أساسا على حساب الولايات الزرقاء الكبيرة (الولايات الحمراء هي التي يصوت ناخبوها للجمهوريين والزرقاء للديمقراطيين- المترجم.) ويمكن ترجمة ذلك سياسيا إلى المزيد من التمثيل للجمهوريين في الكونجرس والمزيد من الأصوات الانتخابية.
هنالك الآن مساعٍ مثيرة من أشخاص مثل إيلون ماسك وفيفيك راماسواني للجمع بين المحافظة الثقافية والقومية الاقتصادية من جهة وبين الإصلاح الجذري للحكومة. يمكن أن يشكل ذلك «أيديولوجيا» جذابة لناخبين عديدين شعروا بالإحباط من حكومة لا يبدو أن أي شيء فيها يمضي على ما يرام.
على الجانب الآخر، إذا لم يتعلم الديمقراطيون بعض الدروس الصعبة من ضعف الحوكمة في العديد من المدن والولايات الزرقاء سيُنظر إليهم باعتبارهم مدافعين عن النخب الثقافية وايدولوجيا اليقظة (ووك) والحكومة المتضخمة وغير الكفؤة. وقد تكون تلك هي الوصفة (التي تجعل من الديمقراطيين) أقلية دائمة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: مدینة نیویورک بلیون دولار
إقرأ أيضاً:
كاردو تُطلق نظارات cardoO VR للواقع الافتراضي
أعلنت شركة كاردو المصرية، المتخصصة في مجال الإلكترونيات الاستهلاكية الذكية وتقنيات إنترنت الأشياء (IoT)، عن إطلاق نظارات cardoO VR، أحدث ابتكاراتها في عالم الواقع الافتراضي، والتي تجمع بين التكنولوجيا المتطورة والتصميم المريح، لتقديم تجربة غامرة وغير مسبوقة.
نقلة نوعية في تكنولوجيا الواقع الافتراضيتُقدم نظارات cardoO VR حلولًا متعددة الاستخدامات، مما يجعلها الخيار الأمثل لعشاق الألعاب، والطلاب الباحثين عن تجربة تعليمية تفاعلية، فضلًا عن المحترفين الذين يعتمدون على الواقع الافتراضي في التطبيقات الصناعية المتقدمة.
أبرز مجالات الاستخدام1. الألعاب: تجربة ترفيهية بلا حدودتوفر نظارات cardoO VR تجربة غامرة للاعبين، حيث تمنحهم زاوية رؤية واسعة تصل إلى 100 درجة، مدعومة بصوت ثلاثي الأبعاد يعزز الإحساس بالاندماج الكامل في اللعبة. تدعم النظارات مختلف أنواع الألعاب، سواءً كانت سباقات، ألعاب حركة، أو مغامرات افتراضية.
2. التعليم: مختبرات وجولات افتراضية داخل الفصول الدراسيةتُمكّن هذه النظارات الطلاب من الانخراط في تجارب علمية تفاعلية دون الحاجة إلى مختبرات تقليدية، كما تتيح لهم استكشاف المعالم التاريخية والجغرافية عالميًا من داخل الفصل الدراسي، ما يعزز عملية التعلم بطريقة مبتكرة.
3. الطب: تدريب وعلاج افتراضي متطوريستخدم القطاع الطبي نظارات cardoO VR في تدريب الأطباء عبر محاكاة الإجراءات الجراحية، بالإضافة إلى توظيفها في علاج الأمراض النفسية مثل الرهاب والقلق من خلال جلسات العلاج الافتراضي.
تمنح هذه التقنية المهندسين القدرة على معاينة التصاميم المعمارية والنماذج ثلاثية الأبعاد قبل تنفيذها، مما يقلل من نسبة الأخطاء ويوفر الوقت والتكاليف في مرحلة التخطيط.
5. السياحة الافتراضية: استكشاف العالم من المنزلتتيح نظارات cardoO VR للمستخدمين القيام بجولات افتراضية داخل أشهر المتاحف والمعالم الأثرية عالميًا، فضلًا عن إمكانية استكشاف الوجهات السياحية قبل السفر الفعلي.
6. التسويق والعقارات: تجارب تفاعلية متطورةتُحدث هذه التقنية نقلة نوعية في عرض المنتجات والعقارات، حيث توفر للمستهلكين فرصة خوض تجربة افتراضية لاستكشاف المنازل والعروض التجارية قبل الشراء.
مواصفات تقنية متقدمةتم تزويد نظارات cardoO VR بعدسات HD كروية عالية الجودة، وزاوية رؤية واسعة 100 درجة، وسماعات مدمجة عالية الأداء تدعم الاتصال السلكي والبلوتوث. كما تعمل النظارات ببطارية تدوم حتى 15 ساعة، مما يضمن تجربة استخدام ممتدة دون انقطاع.
تصميم هندسي مريح تم تصميم النظارات بوزن خفيف لتوفير راحة مثالية أثناء الاستخدام الطويل، كما تدعم المستخدمين الذين يرتدون نظارات طبية، عبر إمكانية ضبط المسافة البؤرية والمسافة بين البؤبؤين لضمان تجربة مشاهدة مثالية.
أكد أحمد عادل، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة كاردو، أن إطلاق نظارات cardoO VR يعكس التزام الشركة بالابتكار وتعزيز تجربة المستخدم، مشيرًا إلى أن الواقع الافتراضي سيُعيد تشكيل طريقة تفاعل الأفراد مع العالم الرقمي.
تشير التقديرات إلى أن أكثر من 171 مليون شخص حول العالم يستخدمون تقنيات الواقع الافتراضي، ومن المتوقع أن ينمو السوق ليصل إلى 67.66 مليار دولار خلال السنوات القادمة، مما يعكس زيادة الطلب على هذه التكنولوجيا المتطورة.
مع استمرار تطور تقنيات الواقع الافتراضي، تُواصل "كاردو" تعزيز ريادتها في السوق المصرية من خلال تقديم حلول مبتكرة تُلبي احتياجات الأفراد والشركات، مما يجعل نظارات cardoO VR بوابة حقيقية نحو مستقبل رقمي أكثر تطورًا واندماجًا.