لجريدة عمان:
2025-02-08@17:02:34 GMT

الخير والشر وانعدام اليقين في اقتصاد ترامب

تاريخ النشر: 7th, January 2025 GMT

تُـرى ما هو حجم الأثر الذي قد تخلفه الإدارة الأمريكية القادمة على النمو الاقتصادي والتضخم؟ الإجابة ليست واضحة حتى الآن. ففي حين قد تعمل بعض سياسات الرئيس المنتخب دونالد ترامب المقترحة على تعزيز النمو وخفض التضخم بمرور الوقت، فإن بعضها الآخر سيكون له تأثير معاكس.

على الجانب الإيجابي من الـسِـجِـل، سيكون ترامب مُـناصِرا للأعمال التجارية في عموم الأمر، وهذه الحقيقة وحدها من الممكن أن تحفز النشاط الاقتصادي من خلال إطلاق العنان «للغرائز الحيوانية» التي تدفع الاستثمار في الأعمال التجارية والإبداع والنمو.

ينبغي للنمو أيضا أن يستفيد إذا نجح ترامب والجمهوريون في الكونجرس في تمديد التخفيضات الضريبية المفروضة على الشركات والدخل الشخصي، التي سينتهي العمل بها في عام 2025، بشكل دائم. على نحو مماثل، إذا كُـبِـح جماح التجاوزات المحتملة المصاحبة لأجندته الخاصة بإلغاء الضرائب، فإن الحد من الروتين البيروقراطي قد يعزز النمو ويشجع المنافسة، وهذا من شأنه أن يقلل الأسعار في الأمد البعيد. يريد ترامب أيضا زيادة إنتاج النفط والغاز في أمريكا بما يعادل ثلاثة ملايين برميل يوميا، وقد يُـفضي هذا إلى خفض أسعار الطاقة وجعل القطاعات المحلية الكثيفة الاستهلاك للطاقة أكثر قدرة على المنافسة. ولكن نأمل أن يحدث هذا دون الإلغاء التدريجي لمعظم إعانات الدعم التي قدمتها الإدارة السابقة للطاقة الخضراء. لن تقترب «إدارة الكفاءة الحكومية»، وهي لجنة استشارية خارجية بقيادة إيلون ماسك وفيفيك راماسوامي (وهما من كبار المتبرعين لحملة ترامب الانتخابية)، من خفض الميزانية الفيدرالية بمقدار 2 تريليون دولار، كما وعدت في الأصل. ولكن إذا تمكنت إدارة الكفاءة الحكومية من تحديد تخفيضات ولو حتى بقيمة 200 مليار دولار، فإن هذا من الممكن أن يقلل من أوجه القصور في القطاع العام. أخيرا، يشير الدعم المتزايد الذي يحظى به ترامب بين قادة التكنولوجيا إلى أننا قد نشهد تعزيزا شديدا لميزة أمريكا النسبية في كثير من صناعات المستقبل، بدءا من الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، والأتمتة (التشغيل الآلي)، والأبحاث الطبية الحيوية. ليس من غير المرجح أن تقف الإدارة الجديدة في طريق هذه الصناعات فحسب، بل إنها ستبذل قصارى جهدها للقضاء على أي مقاومة تواجهها من قِـبَـل الهيئات التنظيمية أو المجتمع المدني. لكن النمو الأسرع والتضخم الأقل بفعل السياسات الضريبية، وإلغاء الضوابط التنظيمية، وغير ذلك من التدابير المؤيدة للأعمال التجارية سيستغرق وقتا حتى يتحقق، وسوف يعتمد بشكل حاسم على تأثير الجانب السلبي من سِـجّـل ترامب. على وجه الخصوص، يمكن أن تُـفضي سياسات عديدة وعد بها ترامب إلى ارتفاع التضخم، إما من خلال صدمات العرض السلبية أو تغذية الطلب المفرط. ومن غير الممكن أن ننكر أن التعريفات الجمركية المرتفعة، والحروب التجارية، والانفصال عن الصين ستكون عوامل تضخمية وضارة بالنمو. وسوف يتوقف مدى الضرر على حجم ونطاق التعريفات الجمركية وغير ذلك من سياسات الحماية.

على نحو مماثل، سيؤدي فرض قيود صارمة على الهجرة -ناهيك عن الترحيل الجماعي- إلى تقويض النمو وزيادة التضخم بدرجة أكبر من خلال زيادة تكاليف العمالة وزيادة خطر نقص العمالة في قطاعات رئيسية. علاوة على ذلك، إذا جُـعِـلَـت التخفيضات الضريبية دائمة ونُـفِّـذَت وعود مالية أخرى دون إيجاد طرق لتغطية تكاليفها، فقد يزيد الدين العام بنحو 8 تريليونات دولار على مدى العقد المقبل. وهذا أيضا من شأنه أن يغذي التضخم، الذي سيزيد بدوره من أسعار الفائدة الطويلة الأجل ويزاحم الاستثمار في المستقبل، على نحو يقوض النمو.

كما قد تؤدي أي محاولة غير منظمة لتعزيز القدرة التنافسية المحلية من خلال إضعاف الدولار إلى ارتفاع التضخم وزعزعة أركان الأسواق المالية. وأي جهد حقيقي أو من قبيل التهديد لتحدي استقلالية الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي من شأنه أن يزيد من التضخم المتوقع والفعلي. والتأثير المترتب على العوامل الجيوسياسية غير مؤكد على نحو مماثل. فقد ينجح ترامب في احتواء وتقليص بعض المخاطر الجيوسياسية التي تؤثر على الاقتصادات والأسواق -مثل الحرب الروسية الأوكرانية وصراعات الشرق الأوسط- لكنه قد يتسبب أيضا في إشعال شرارة حرب اقتصادية أوسع نطاقا مع الصين والتي قد تؤدي إلى مزيد من تشرذم الاقتصاد العالمي. وعلى هذا فإن التأثيرات التي قد تخلفها إدارة ترامب على النمو والتضخم ستعتمد على التوازن النسبي بين السياسات الإيجابية والسلبية. ما يدعو إلى التفاؤل أن عوامل عديدة قد تتعارض مع مقترحات ترامب الأشد ضررا. يتمثل العامل الأول، وربما الأكثر أهمية، في انضباط السوق: فالسياسات التي تزيد من التضخم والعجز ستستفز «حراس» سوق السندات، وترفع أسعار الفائدة الاسمية والحقيقية (المعدلة حسب التضخم) الطويلة الأجل، وربما تتسبب في تصحيح سوق الأسهم (انخفاضا بنسبة 10% على الأقل). وبما أن ترامب ينظر إلى سوق الأسهم كمقياس للأداء الرئاسي، فإن هذه الإشارة وحدها قد تُـحـبِط أكثر أفكاره حماسة.

علاوة على ذلك، بما أن بنك الاحتياطي الفيدرالي لا يزال مستقلا، فيكاد يكون من المؤكد أنه سيقلص أو يوقف تخفيضات أسعار الفائدة إذا بدأ التضخم يرتفع مرة أخرى. ينبغي أن يشكل مجرد احتمال حدوث هذه النتيجة قيدا إضافيا على عملية صنع السياسات الرديئة، وكذا ينبغي أن يكون تأثير مرشحي ترامب لشغل مناصب عليا في إدارة السياسة الاقتصادية، والذين يفهمون الاقتصاد والأسواق بشكل عام. أخيرا، تَـعني الأغلبية الجمهورية الضئيلة في مجلس النواب أن ترامب لا يمكنه أن يعتمد بالضرورة على دعم حزبه الكامل لجميع سياساته، وخاصة تلك التي من شأنها أن تضيف بدرجة كبيرة إلى الدين العام. هذه كلها حواجز حماية مهمة. وإذا قصرنا توقعاتنا على عام 2025، فإن التأثير الصافي المترتب على أجندة ترامب الاقتصادية قد يكون مدمرا للنمو، وإن كان من المرجح أن تتباطأ وتيرة عودة الاقتصاد إلى هدف التضخم الذي حدده الاحتياطي الفيدرالي بنسبة 2%. وقد يظل النمو أعلى من الإمكانات -نظرا للرياح الخلفية القوية- لكنه سيكون أقل مما كان عليه في عام 2024. ما دام في الإمكان احتواء سياسات ترامب الأكثر تطرفا -وفي حال عدم حدوث بعض التطورات غير المتوقعة، مثل صدمة جيوسياسية- فيجب أن يكون العام الجديد حميدا نسبيا بالنسبة للاقتصاد الأمريكي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: على نحو من خلال

إقرأ أيضاً:

خبير سياسات دولية: دبلوماسية مصر تسير متسقة ومنتظمة مع المجتمع الدولي (فيديو)

أكد الدكتور أشرف سنجر، خبير السياسات الدولية، أن الاتصال الهاتفي بين الرئيس عبدالفتاح السيسي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش يؤكد أن المجتمع الدولي والأمم المتحدة يوجهون الشكر للدولة المصرية على ما قدمته وما تقدمه لحماية الحق الفلسطيني وبقاء الشعب الفلسطيني على أرضهم بغزة.

الاحتلال الإسرائيلي يواصل عدوانه على مدينة ومخيم طولكرم اتفاق إنهاء الحرب في غزة مُهدد بسبب نتنياهو دور الأمم المتحدة والاعتراف بقيام دولة فلسطين

وشدد «سنجر»، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلاميتين لمياء حمدين ويارا مجدي، ببرنامج «هذا الصباح»، المُذاع عبر شاشة «إكسترا نيوز»، على أن الأمم المتحدة هي منظمة دولية هدفها الأساسي حفظ الأمن والسلم الدوليين، مؤكدًا أن هذا الاتصال هو تأكيد على دور الأمم المتحدة والاعتراف بقيام دولة فلسطين وتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط، موضحًا أن هذا الاتصال يأتي بالتزامن وردًا على كل الأفكار التي تخرج من اليمين المتطرف لدولة الاحتلال والتي تسعى لقلب الموازين والحقائق وإعطاء فرصة لعدم الاستقرار وهو ما حذر منه الرئيس السيسي منذ الأيام الأولى من الحرب.

صوت الأمم المتحدة هو صوت المجتمع الدولي

وأوضح أن دبلوماسية مصر تحركت في هذا الأسبوع بكل قوة ووصلت لكل عواصم العالم، مؤكدًا أن هناك تغير من واشنطن بشأن الأفكار الأمريكية التي كانت تدعم أفكار الاحتلال، مشددًا على أن صوت الأمم المتحدة هو صوت المجتمع الدولي والذي تؤكد على أنه لا توافق على ما يحدث الآن من أفكار وتوجهات دولة الاحتلال، موضحًا أن دبلوماسية مصر تسير متسقة ومنتظمة مع المجتمع الدولي والقانون الدولي الإنساني وهو أدوات مهمة لتحقيق التأكيد على أن ما تقوم به مصر من عمل إنساني لحماية الحق الفلسطيني هو لتحقيق للاستقرار في المنطقة.

وتابع خبير السياسات الدولية، : «ما تقوم به مصر هو تحقيق للاستقرار والسلام والأمن في المنطقة».

ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل اعتبر أن المقترح الذي طرحه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض سيطرة أمريكية على قطاع غزة "ليس جادًا"، محذرًا من أن مجرد طرح الفكرة قد يؤدي إلى تصاعد موجات التطرف في المنطقة.

وأشار السفير السابق، وفقًا للتقرير، إلى أن هذا النوع من المقترحات يفتقر إلى الواقعية السياسية والدبلوماسية، مشددًا على أن أي تحرك أحادي الجانب بهذا الشكل قد يزيد من حالة عدم الاستقرار بدلاً من تحقيق أي حلول عملية.

كما حذّر من أن تداعيات اقتراح ترامب قد تؤثر سلبًا على الجهود المبذولة لإطلاق سراح مزيد من الرهائن المحتجزين في القطاع، حيث قد يدفع هذا الطرح بعض الأطراف إلى اتخاذ مواقف أكثر تشددًا، مما يعقد فرص التوصل إلى تفاهمات إنسانية.

ويأتي هذا التقرير في ظل الجدل المتصاعد حول تصريحات ترامب الأخيرة، التي اقترح فيها سيطرة أمريكية طويلة الأمد على غزة وتحويلها إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، وهو ما قوبل برفض دولي واسع، خاصة من الدول التي تؤكد على ضرورة الحفاظ على حقوق الفلسطينيين في أراضيهم.

جددت الكويت اليوم موقفها الثابت والداعم للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، مؤكدة على حق الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، جاء ذلك في بيان رسمي أصدرته وزارة الخارجية الكويتية، حيث أكدت أن هذا الحق يمثل حجر الزاوية في أي حل عادل ودائم للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي.

وأشار البيان إلى "رفض دولة الكويت القاطع لسياسات الاستيطان الإسرائيلي وضم الأراضي الفلسطينية وتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه"، وأضاف أن هذه السياسات تمثل "انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وتهديدًا لأمن واستقرار المنطقة".

في الوقت ذاته، دعت الكويت المجتمع الدولي إلى "تحمل مسؤولياته في توفير الحماية للشعب الفلسطيني وحقوقه غير القابلة للتصرف"، مع ضرورة "إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة"، وهو ما يتماشى مع الموقف الكويتي الثابت في دعم حقوق الفلسطينيين.

تأتي هذه التصريحات بعد أيام من تصريحات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي أدلى بها في لقاء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض الثلاثاء الماضي، وكان ترامب قد اقترح في تلك التصريحات فرض سيطرة أمريكية على قطاع غزة، مؤكدًا أن الولايات المتحدة "ستتولى السيطرة على القطاع" متوقعًا أن تكون لها "ملكية طويلة الأمد" هناك.

وقال ترامب في مؤتمر صحفي مشترك مع نتنياهو: "الولايات المتحدة ستتولى مسؤولية أعمال إعادة الإعمار في غزة، وتحويلها إلى ما أسماه "ريفييرا الشرق الأوسط" التي يمكن أن يستمتع بها كل العالم"، كما وصف غزة بأنها "منطقة للهدم"، وذكر أن السكان يجب أن يغادروا إلى دول أخرى بشكل دائم.

واستطاع ترامب في تصريحاته الأخيرة إلقاء الضوء على مقترحات سابقة له بنقل الفلسطينيين من غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، حيث برر ذلك بعدم وجود أماكن صالحة للسكن في القطاع نتيجة للدمار الكبير الذي خلفته الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ أكثر من 15 شهراً.

وقد أثارت هذه التصريحات استنكارًا دوليًا واسعًا، في وقت كانت الكويت قد أكدت فيه مرارًا على أهمية الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية، مع التزامها التام بدعم حقوق الفلسطينيين وفقًا للقرارات الدولية.
 

مقالات مشابهة

  • تقرير اقتصادي: سياسات ترامب ستجعل الذهب أكثر بريقا
  • خبير سياسات دولية: دبلوماسية مصر تسير متسقة ومنتظمة مع المجتمع الدولي (فيديو)
  • سياسات ترامب الداخلية والخارجية.. تقرير يكشف أبرز المتأثرين
  • عدن الموعودة بدبي ثانية.. ظلام دامس وانقطاع المياه وانعدام الغاز وانهيار غير مسبوق للعملة
  • اقتصاد روسيا ينمو بأسرع وتيرة منذ 2021
  • أول تظاهرات في المدن الأمريكية ضد سياسات ترامب.. ارفضوا أمريكا الفاشية
  • بنك امريكي: سياسات ترامب سترفع سعر الذهب العالمي الى مستويات قياسية 
  • الولايات الأمريكية تشهد زلزالًا من الاحتجاجات ضد سياسات ترامب في مختلف المجالات
  • بالفيديو.. الولايات الأمريكية تشهد زلزالًا من الاحتجاجات ضد سياسات ترامب
  • أمريكا.. خروج أول احتجاجات جماعية ضد سياسات ترامب وإيلون ماسك في عدة مدن