نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، تقريرا، لعدد من مراسليها قالوا فيه إنّ: "إيران انسحبت بشكل كبير من سوريا بعد انهيار نظام بشار الأسد، فيما يشكل ضربة لطموحاتها الإقليمية".

وأشار مسؤولون أمريكيون وعرب، في التقرير نفسه، الذي ترجمته "عربي21" إلى أنّ: "القوات الإيرانية انسحبت إلى حد كبير من سوريا، بعد سقوط نظام الأسد في كانون الأول/ ديسمبر2024".



وبحسب الصحيفة، كان الإنحساب الإيراني، يمثّل نهاية جهود استمرت لعقود، استخدمت فيها طهران، سوريا كمحور لاستراتيجيتها الإقليمية الأوسع، المتمثلة في بناء تحالفات وشراكات مع أنظمة وجماعات مسلحة لتوسيع نفوذها وشن حرب بالوكالة ضد الولايات المتحدة ودولة الاحتلال الإسرائيلي.  

وتابعت: "شنّت الجماعات المسلحة المدعومة من إيران في سوريا، هجمات، على القوات الأمريكية وساعدت في الهجمات على إسرائيل"؛ فيما قال مسؤول أمريكي بارز، إنّ أعضاء فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قد انسحبوا الآن إلى إيران وتفككت الجماعات التابعة لإيران. 

وأشارت الصحيفة إلى أن: الجمهورية الإسلامية، أنفقت مليارات الدولارات وأرسلت آلآفا من العسكريين والمقاتلين الموالين لها إلى سوريا بعد انتفاضات الربيع العربي في عام 2011 لدعم نظام الأسد. 

وأوضحت: "ظلّت سوريا الحليف الرئيسي لإيران في الشرق الأوسط، وخدمت كجسر بري مهم لحزب الله، أقوى الجماعات المسلحة فيما عرف باسم "محور المقاومة".

"بدأت إيران، التي كانت تعاني بالفعل من الغارات الجوية الإسرائيلية على أصولها وشركائها في المنطقة، في سحب أفرادها خلال الانهيار الدرامي الذي دام 11 يوما لجيش نظام الأسد، في أواخر العام الماضي" بحسب التقرير ذاته.


وأبرز: "بدأت المعارضة المسلحة في محافظة إدلب وبتحالف مع جماعات أخرى هجومها ضد النظام في نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر. وكانت الحكومة الإيرانية مُحبطة بالفعل من الأسد، الذي وقف على الهامش طوال العام الماضي في الحرب المتعدد الجبهات بين طهران وإسرائيل". 

واسترسل: "في يوم ما، امتدت شبكة إيران على طول سوريا وعرضها، ومن الشرق إلى الشمال، حيث أسهمت قوافل الأسلحة بإمداد حزب الله بما يحتاجه من عتاد عسكري. وكان هناك آلافا من المقاتلين والعسكريين الإيرانيين في سوريا مع بداية انهيار نظام الأسد، وبخاصة في شرقي سوريا، ودمشق وحلب وأماكن أخرى".

وقال مسؤولون غربيون وعرب إنّ: "معظم من كانوا في شرق سوريا، بمن فيهم ضباط الحرس الثوري، إلى جانب المقاتلين الأفغان والعراقيين واللبنانيين والسوريين، فروا إلى  بلدة القائم  الحدودية على الجانب العراقي".

ووفق الصحيفة نفسها، قالوا إنّ: "بعض الإيرانيين المقيمين في دمشق سافروا جوا إلى طهران، بينما فر مقاتلو حزب الله في غرب البلاد برا إلى لبنان".  لم ترد سفارة العراق في واشنطن ووزارة خارجيتها على طلب التعليق. 

كذلك، رفضت البعثة الإيرانية في الأمم المتحدة في نيويورك التعليق على رحيل القوات الإيرانية من سوريا. وعندما سئلت عمّا إذا كان الإيرانيون قد خرجوا تماما من سوريا، قالت أكبر مسؤولة في وزارة الخارجية الأمريكية عن الشرق الأوسط، باربرا ليف، الاثنين: "نعم تقريبا، إنه أمر غير عادي".

وقالت مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، إن: "سوريا أصبحت الآن أرضا معادية لإيران، وهذا لا يعني أنهم لن يحاولوا إعادة إدخال أنفسهم، ولكنها أرض معادية جدا".

وقالت الصحيفة، إن "المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي بدا وكأنه يعترف بالنكسة في سوريا في تصريحات أدلى بها في 1 كانون الأول/ ديسمبر في طهران: "يزعم بعض الناس، بسبب الافتقار إلى التحليل والفهم السليم، أنه مع الأحداث الأخيرة في المنطقة، فإن الدماء التي بذلت دفاعا عن الضريح ذهبت هدرا".


وأضافت: "إنهم يرتكبون هذا الخطأ الفادح، الدم لم يضيع". بينما برّر المسؤولون الإيرانيون وجودهم في سوريا والعراق باعتباره دفاعا عن الأضرحة الشيعية المقدسة هناك.

وتابع التقرير: "في الأيام التي أعقبت الإطاحة بالأسد، كان الطريق من دمشق إلى بيروت مليئا بالمركبات العسكرية المدمّرة، بما في ذلك الدبابات وقاذفات الصواريخ المتنقلة. وكانت معظم المركبات متجهة نحو الحدود اللبنانية، مما يشير إلى محاولة متسرعة لسحب المعدات العسكرية من البلاد".

وتعلق الصحيفة بأنّ: "الانسحاب السريع للقوات الإيرانية والمتحالفة معها، يمثل إعادة تشكيل دراماتيكية للنظام الإقليمي في الشرق الأوسط. أدّت سيطرة جماعة هيئة تحرير الشام والجماعات الموالية لها على السلطة في دمشق إلى تقويض نفوذ الداعمين للنظام السابق، أي روسيا وإيران". 

"منحت سوريا طهران، النفوذ الإستراتيجي، وسمحت لها بنقل الأفراد والأسلحة إلى حزب الله في لبنان، ووضع قوات بالقرب من عدوها اللدود إسرائيل. وعليه فانهيار نظام الأسد يضعف وبقوة قدرة طهران على إعادة بناء حزب الله في لبنان وحماس في غزة، اللذان تعرضا لضربات إسرائيلية في الأشهر الأخيرة" وفقا للصحيفة.

وعلاوة على ذلك، تابعت: "مع فرار الآلاف من العسكريين الإيرانيين وحلفائهم من البلاد، أُجبروا على ترك كمية كبيرة من المعدات العسكرية والأسلحة التي فجرتها إسرائيل لاحقا أو استولت عليها هيئة تحرير الشام ومجموعات أخرى، وفقا لدبلوماسيين غربيين".

ونقلت الصحيفة عن مسؤول سابق في البنتاغون في إدارة ترامب الأولى وضابط متقاعد من وكالة الاستخبارات المركزية ومشاة البحرية الأمريكية، ميك مولروي: "لقد أدى هذا، إلى جانب انهيار نظام الأسد إلى تقليص نفوذ إيران في المنطقة وقدرتها على دعم ورعاية هذه المنظمات الإرهابية التي كانت قوية ذات يوم لتحقيق أهداف أمنها القومي". 

إلى ذلك، تقول الصحيفة إنّ: "قادة سوريا الجدد الذين قاتلوا ومات أفرادهم في الحرب الطويلة التي دعمت فيها إيران نظام الأسد في دمشق، يخططون لمنع إيران من إعادة تنظيم نفسها داخل البلاد. ويتناقض موقف الحكومة الجديدة المعادي لإيران من موقفها مع الحليف الرئيسي الآخر  للأسد، روسيا".


وأبرزت: "احتفظت روسيا حتى هذه اللحظة بقواعدها العسكرية في سوريا وتقوم بالتفاوش مع قادة الحكومة الجدد بشأن بقائها في البلاد. وقال زعيم المعارضة، أحمد الشرع، إن هزيمة الأسد السريع، أرجع المشروع الإيراني 40 عاما للوراء". 

وفي مقابلة مع صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، في كانون الأول/ ديسمبر، قال الشرع: "بإزالة الميليشيات الإيرانية وإغلاق سوريا أمام التأثير الإيراني، فقد قدمنا خدمة لمصالح المنطقة، وحقّقنا ما لم تتمكن الدبلوماسية والضغوط الخارجية من تحقيقه وبأقل الخسائر".

وفي إشارة إلى التحديات التي تواجه إيران في دعم حليفها حزب الله، نشرت في تقارير إعلامية، أكدها مسؤولون غربيون، جاء فيها أنّ: "إيران تحاول زيادة عمليات تسليم الأموال إلى حزب الله مباشرة إلى لبنان. وتأخرت طائرة تجارية  كانت تقل وفدا من الدبلوماسيين من إيران وتعرضت للتفتيش عند وصولها إلى مطار بيروت الدولي الأسبوع الماضي".

ويعتقد المسؤولون الأمركيون أن إيران ستحاول في نهاية المطاف إعادة بناء الجسر البري، لكن هذا قد يكون غير قابل للاستمرار، على الأقل في الأمد القريب. فيما قال المسؤول الأمريكي البارز، إنه: "من غير المرجح أن تسمح هيئة تحرير الشام للحرس الثوري الإيراني بتجديد وجوده العسكري في البلاد في المستقبل القريب بسبب دعمه الطويل للأسد".

وأبرز: "على نطاق أوسع، يشعر المسؤولون الأمريكيون بالقلق من محاولة إيران إعادة ترسيخ نفوذها في سوريا على المدى الطويل، وإعادة تنشيط الشبكات القديمة ومحاولة استغلال عدم الاستقرار المحتمل في بلد لا يزال منقسما بين مجموعات الميليشيات ذات الأجندات والأيديولوجيات المتضاربة".

وقال المدير السابق لسوريا في مجلس الأمن القومي، أندرو تابلر: "هذا فشل كارثي لإيران، وسوف يعتمد حجم الكارثة على ما إذا كانت سوريا ستبقى قطعة واحدة ويمكنهم إيجاد طريق للعودة بفضل الانقسامات الطائفية التي لا تزال دون حل إلى حد كبير في ظل النظام الجديد". 

ووفقا للتقرير ذاته، قد: "دعا بعض المتشددين في إيران بالفعل إلى ثورة مفتوحة ضد حكام دمشق الجدد. وقالت وكالة أنباء سيباه نيوز التابعة للحرس الثوري الإيراني في 31 كانون الأول/ ديسمبر إنها تتوقع ما أسمته ثورة مضادة وشيكة في سوريا ردا على احتلال سوريا من قبل "الإرهابيين التكفيريين"، وهو مصطلح يستخدمه الإيرانيون عادة للإشارة إلى تنظيم الدولة الإسلامية، وغيره من المنظمات السنية المسلحة".


وتأتي الأحداث الأخيرة، بحسب التقرير نفسه: "في وقت أصبحت فيه إيران نفسها عرضة للخطر بشكل متزايد، حيث دمّرت الغارات الجوية الإسرائيلية في تشرين الأول/ أكتوبر عدد من الدفاعات الجوية الاستراتيجية الإيرانية المتقدمة وألحقت أضرارا كبيرة بمرافق إنتاج الصواريخ، مما يجعلها عرضة لهجمات مستقبلية".

"استنفدت إيران بعض ترسانتها من الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز بعد شن هجومين على إسرائيل العام الماضي، أحدهما في نيسان/ أبريل، وتشرين الأول/ أكتوبر" ختم التقرير نفسه.

واستطرد: "في الوقت نفسه، تتزايد الاضطرابات في طهران بسبب الأزمة الاقتصادية المتفاقمة والتضخم المرتفع. ومن المرجح أن تشدّد إدارة ترامب القادمة في الولايات المتحدة العقوبات القاسية في حملة ضغط قاسية وجديدة".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية إيران سوريا بشار الأسد إيران سوريا بشار الأسد المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشرق الأوسط کانون الأول نظام الأسد حزب الله فی سوریا من سوریا إیران فی

إقرأ أيضاً:

مصادر تكشف إعدام نظام الأسد 94 من قادة وكادر حماس في سوريا

كشفت مصادر مقربة من حركة حماس، أن عددا كبيرا من قادة وكادر الحركة جرى إعدامهم في السجون السورية على يد نظام المخلوع بشار الأسد، بعد اندلاع ثورة 2011.

وقالت المصادر، إن 94 من كوادر الحركة، الذين كانوا في سوريا، تم إعدامهم في السجون السورية، بدون إجراء أي محاكمات لأي منهم، مشيرة إلى أن الوثائق الاستخبارية التي عثر عليها في مقار الأجهزة الأمنية السورية، بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد، كشفت أن التعليمات باعتقال أي كادر تثبت علاقته بحركة حماس، بقيت مستمرة حتى الثامن من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وقت سقوط النظام.

ولفتت المصادر إلى أن تصنيف حركة حماس "حركة خائنة" لم يتغير من قبل نظام الرئيس المخلوع، رغم المصالحة التي تمت قبل عامين وعدة أشهر، نافية لـ"القدس العربي" أن يكون قد أفرج عن أي من المعتقلين، وفي مقدمتهم القائد العسكري في كتائب القسام مأمون الجالودي.


وذكرت المصادر أن "حماس" كانت قد سلمت إلى الأمين العام السابق لحزب الله حسن نصر الله، قوائم بالمعتقلين في سجون الأسد، وقد وعد بأن يتدخل لإطلاق سراحهم، لكن نصر الله لم يزود "حماس" بأي معلومات، ويرجح أنه اكتشف أن جميع الأسماء الواردة في القائمة قد تمت تصفيتهم.

وأضافت المصادر أن خطوط الاتصال بين النظام المخلوع وحركة حماس انقطعت، منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، حتى إنه لم يصدر عن النظام أو أي من المسؤولين فيه أي نعي لقادة "حماس" الذين تم اغتيالهم، وهم: إسماعيل هنية، ويحيى السنوار، وصالح العاروري.

وفي منتصف 2022 عادت العلاقات بين حركة حماس ونظام الأسد بعد قطيعة استمرت 10 أعوام، إثر اندلاع الثورة السورية.

ورأت مصادر أن النظام السوري المخلوع اضطر إلى مصالحة شكلية مع حركة حماس، بناء على ضغوط مارسها عليه حلفاؤه الإيرانيون وحزب الله.

وفي الثامن من كانون الأول/ ديسمبر 2024، بسطت فصائل سورية سيطرتها على العاصمة دمشق وقبلها مدن أخرى، منهية بذلك 61 عاما من حكم حزب البعث، و53 عاما من سيطرة عائلة الأسد.

مقالات مشابهة

  • إيران توضح موقفها من الوضع في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد
  • 2024 العام الأكثر إيلاماً وإضعافاً لإيران في تاريخها
  • مصادر تكشف إعدام نظام الأسد 94 من قادة وكوادر حماس في سوريا
  • مصادر تكشف إعدام نظام الأسد 94 من قادة وكادر حماس في سوريا
  • مصادر تكشف إعدام نظام الأسد 94 من رجال حماس في سوريا
  • متحدث الخارجية الإيرانية يوضح موقف طهران من الوضع في سوريا بعد سقوط الأسد
  • مصادر تكشف إعدام نظام الأسد أكثر من 90 كادرا من حماس في سوريا
  • إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع
  • الحرس الثوري: اليمن يأخذ مكان سوريا في العقيدة الأمنية الإيرانية