كريم خالد عبد العزيز يكتب: مصر.. رحلة حضارة تتحدى الزمن وتبهر العالم
تاريخ النشر: 7th, January 2025 GMT
مصر أثرت في العالم بعراقة حضارتها وقوة تأثيرها في التاريخ الإنساني، حيث تمتد لآلاف السنين .... ودائمًا ما تجذب أنظار العالم إليها حيث أبهرت العالم في السنوات الأخيرة بفعاليات وأحداث ثقافية بارزة مثل موكب نقل اثنتين وعشرين مومياء ملكية من المتحف المصري بالتحرير إلى المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط.
بفن وإبداع وإبهار وبمشاهد اسطورية وبتنظيم مصري بالكامل، أكدت مصر مكانتها الحضارية والسياحية وأبرزت هويتها الفرعونية للعالم، سواء في طبيعة الحدث أو الملابس أو الأغاني والموسيقى .... مصر جعلت العالم ينظر إلينا بفخر واندهاش، سواء في موكب نقل المومياوات الملكية أو في افتتاح طريق الكباش .... من بين أكثر المشاريع انتظارًا هو افتتاح المتحف المصري الكبير، الذي يُعد أكبر متحف أثري في العالم مخصص لحضارة واحدة. يقع بالقرب من أهرامات الجيزة، وسيضم مجموعة ضخمة من القطع الأثرية، من بينها كنوز توت عنخ آمون .... الافتتاح المرتقب من المفترض أن يكون في هذا العام 2025، وهو يعكس رؤية مصر الطموحة في تقديم تاريخها بطرق حديثة ومبتكرة.
من الرائع أن نعتز ونفتخر بهويتنا الأصلية وحضارتنا التي تعتبر من أقدم الحضارات بعد السومرية والبابلية، إلا أن الحضارة المصرية القديمة تتميز بالاستمرارية والابتكارات الفريدة التي أثرت على العالم حتى اليوم في جميع المجالات الحياتية، من طب وهندسة وفلك، ورياضيات، وزراعة، وفن وعمارة، وقانون، وغيرهم الكثير والكثير .... نحن الأحفاد لم نبتكر شيئًا جديدًا، إلا أننا طورنا وحدثنا نفس العلوم المكتشفة من الأجداد الأوائل، وهذا الشيء يدعو للفخر والاعتزاز.
اهتمام الدولة المصرية بإبراز الهوية الفرعونية في المباني الحديثة والقصور والمشاريع القومية يعكس فخرًا بالتراث العظيم، ويُظهر حرص مصر على ربط الماضي بالحاضر في مشهد يجمع بين الأصالة والحداثة .... استطاعت مصر، بفضل قوة جيشها وتماسك شعبها، الحفاظ على تراثها وآثارها العريقة عبر آلاف السنين، وهو أمر يُعد إنجازًا استثنائيًا في ظل التحديات المحيطة بالمنطقة .... حيث تعرضت العديد من الدول العربية لأزمات وحروب أدت إلى تدمير آثارها ومحو تراثها الثقافي، وبقيت مصر رمزًا للصمود والحفاظ على الهوية الوطنية.
تحيا مصر شعبًا عظيمًا وجيشًا قويًا وقيادة رشيدة .... سنظل نفتخر بهويتنا الفرعونية وبتراثنا العريق وحضارتنا العظيمة التي كُتبت في التاريخ الإنساني بحروف من نور، وأسهمت في بناء الإنسان .... مصر التي كان لها مكانة عظيمة وبارزة في الماضي، تتحدى الزمن وتتطور في الحاضر لتصبح واحدة من أعظم الدول الحديثة بمسيرة بناء وتنمية وتجديد غير مسبوقة .... تحيا مصر.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المتحف المصري طريق الكباش المتحف القومي للحضارة المزيد
إقرأ أيضاً:
أبوبكر الديب يكتب: هل انتهي زمن العولمة الاقتصادية ؟
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
مع محاولات رئيس الولايات الولايات المتحدة، دونالد ترامب، بإغلاق أسواق بلاده أمام تجارة العالم عبر فرض رسوم تجارية علي الواردات كأداة لحماية مصالحها الاقتصادية المباشرة، وخلق حواجز جديدة لإعاقة تدفق بعض السلع الحساسة من وإلى الصين، يبدو أن زمن العولمة الاقتصادية يعيش أيامه الأخيرة، وأننا بصدد الانتقال إلى عالم جديد متعدد الأقطاب.
وفي الماضي، كانت العولمة محركا أساسيا للتقدم الاقتصادي والاجتماعي بكثير من دول العالم، وطورت التعاون الدولي، وعززت التبادل التجاري والثقافي بين الشعوب، وفتحت أسواقا جديدة رغم تأثيراته السلبية علي الهويات الوطنية والحضارية وسيادة الدول.
وخلال العشر سنوات الأخيرة من القرن الماضي وعشر سنوات أخري في القرن الحالي، عاشت العولمة الاقتصادية عصرها الذهبي فقد زاد النشاط الاقتصادي، وارتفعت حركة البضائع والسلع ورؤوس الأموال بعد انخفاض تكاليف النقل، والمواصلات والإتصالات كذلك، فضلا عن قلة الرسوم الجمركية، وتطور وتحرر التعاملات المالية الدولية ونقل الأموال، وارتفع حجم التجارة الدولية في عام 2023 الي 33 ترليون دولار بما يعادل 59% من الناتج المحلي العالمي بعد أن كان 58 مليار دولار فقط في عام 1950 لتصبح التجارة الدولية وحركة السلع والخدمات أساسا لتحقيق الرفاه الاقتصادي للدول، وكان لواشنطن الدور الأكبر في حماية العولمة عبر ضمان تأمين طرق التجارة ونقل رؤوس الأموال.
واعتمدت العولمة الاقتصادية على الاندماج بين الاقتصادات الدولية وتحجيم دور الدول والهيئات الرقابية وفتح اقتصاد السوق الحر، وكانت العولمة قوة دافعة للسلام العالمي والرخاء وانخفاض التضخم، فالإقتصاد العالمي هو أحد نتائج الحرب العالمية الثانية بدءا بنظام بريتون وودز 1944، وانتهاء بمنظمة التجارة العالمية، مرورا بالأذرع النقدية والمالية كالبنك الدولي 1945وصندوق النقد الدولي 1944، ومع انهيار أوروبا الشرقية عام 1989 تم تعميم النموذج الغربي في الاقتصاد الحر طوعا أو كرها، ووفي عام 1947 اقرت الاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة "GATT"، لتصبح مظلة كبري تدار من خلالها التجارة الدولية، لكن في الفترة الأخيرة زادت موجات الانكفاء علي الذات وانتشار الشعبوية واليمين المتطرف في كثير من دول العالم وعلي رأسها أمريكا وأوروبا، وأصبح الصراع على الهويات الوطنية والابتعاد عن العولمة وتراجع دور المنظمات الدولية كالأمم المتحدة والتجارة العالمية، وحاول الشعبويين تصوير العولمة علي أنها ليست وسيلة لتبادل الأفكار والسلع بل تهديد للهوية والسيادة، ومع وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الحكم في أمريكا عام 2016، وعودته مرة أخري في بداية العام الجاري، عادت فلسفة "الحمائية" مصحوبة بمصطلح "القومية الاقتصادية"، بمعني الانعزال عن العالم تحت شعار "أمريكا العظمي أو أمريكا أولا"، فقرر الخروج من العديد من الاتفاقيات التجارية الثنائية ومتعددة الأطراف، بل وحتي منظمات الأمم المتحدة، ومع تشييد الجدران وغلق الحدود، تفقد المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية، والتجارة الدولية أهميتها ما سيؤثر سلبا على النمو والرفاه الاقتصادي.
وصدمت رسوم ترامب الجمركية الاقتصاد العالمي، وتسببت في خسائر للأسواق المالية بلغت 10 تريليونات دولار قبل أن يتراجع ترامب عنا مؤقتا ويعلقها لـ 90 يوما لدول العالم ما عدا الصين، وبدا ترامب وكأنه منكفأ على نفسه مغلقا نوافذه، منسحبا من مشهد القيادة العالمية، ما أدي الي اجتياح موجة من عدم اليقين للأوساط الاقتصادية، وزادت المخاوف من حدوث ركود تضخمي ستكون له عواقب وخيمة، وخاصة على الاستثمارات، فالرسوم الجمركية ليست مجرد أرقام تضاف إلى فاتورة الاستيراد لكنها أداة تعيد رسم ملامح الاقتصاد العالمي، فمع إعلان ترامب لحرب الرسوم الجمركية يبدأ كتابة الفصل الاخير لسنوات تحرير التجارة، وعودة الأسوار الجمركية والإجراءات الحمائية.
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر اعتبر أن العولمة كما كانت معهودة انتهت\، بعدما فرضت واشنطن زيادة على الرسوم الجمركية تثير تداعياتها المحتملة على الاقتصاد العالمي، مخاوف واسعة النطاق، كما اعتبر أن العالم كما عرفناه قد انتهى.. والعالم الجديد تحكمه بشكل أقل قواعد راسخة، وبشكل أكبر اتفاقات وتحالفات.