"Deep Seek".. الذكاء الاصطناعي الصيني وصل وينافس!
تاريخ النشر: 7th, January 2025 GMT
مؤيد الزعبي
أحدَثَ نموذج الذكاء الاصطناعي التوليدي الصيني المسمى بـ(Deep Seek) ضجة كبيرة خلال الأيام الماضية، خصوصًا بعد أن صدر التحديث الجديد Deep Seek V3 للنموذج، والذي أوجد بديلًا منافسًا لـ"ChatGPT"؛ بل يتفوق عليه في السرعة وطريقة التفكير في بعض الأحيان؛ إذ إن النموذج الصيني قادر على كتابة النصوص والتحليلات والمقالات والأكواد البرمجية وحل المسائل الرياضية.
في الحقيقة ما يهمني في هذا الطرح ليس وجود منافس صيني لـ"شات جي بي تي" و"جيميني" ولا حتى منافسة الصين للولايات المتحدة الأمريكية في هذا الجانب، إنما وجود تطبيق منافس يكسر احتكار الغرب لتكنولوجيا المستقبل، وبما أنه النموذج مفتوح المصدر فيمكن للمطورين إدخاله في تطبيقاتهم الخارجية أو استخدامه وتطويره وهذه نقطة مهمة حيث أن نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي المنافسة أغلبها غير مفتوحة المصدر، ووجود نموذج بهذه القوة ومفتوح المصدر أجدها ميزة كبيرة.
لكي أوضح لك عزيزي القارئ النقطة السابقة يجب أن نعرف جميعًا أننا طيلة الـ30 إلى 40 عامًا الماضية، كُنَّا أسرى لدى شركات التكنولوجيا الغربية التي تحكمت بالمنتجات والتطورات ومتى تصلنا وماذا يصلنا منها، والحال سيكون هو نفسه في حالة لم يوجد بديل ينافسهم في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، فالمنافسة تتيح الكثير من المزايا أهمها وجود البدائل.
وبالعودة لنموذج Deep Seek، فإن الأداة قادرة على توليد النصوص بطريقة سريعة وبترابط قوي ومنطقي وبالعديد من اللغات، وفي هذه النقطة نستطيع القول إن Deep Seek يستطيع فهم وإنشاء محتوى باللغة الصينية واللغات الآسيوية الأخرى بشكل أفضل من العديد من النماذج الأخرى، خصوصًا وأنه تم تدريبه على كمية كبيرة من البيانات المكتوبة باللغات الآسيوية وأهمها لغة الماندرين الصينية. وفي هذا الأمر لي رأي أجده مهمًا؛ أن مثل هذه النماذج بصرف النظر عن قوة نتائجها، إلّا أنها مفيدة جدًا لحفظ تاريخ لغة معينة، بما فيها من مخزون وتطور، وأيضًا من المُهم تطوير نماذج ذكاء اصطناعي توليدي بلغتنا الأم، لكي تحفظ تاريخنا وتعززه في مستقبل سيكون مرتبط بما يولده الذكاء الاصطناعي، وأيضًا لتكون هذه النماذج أقرب وقادرة على فهم لغتنا بشكل أفضل في قادم الوقت. ولهذا، فإن وجود تطبيق صيني يُعزز تنافسية اللغة الصينية وتواجدها في عالم الذكاء الاصطناعي ويوفر لمستخدمين هذه اللغة مميزات إضافية قد لا يجدونها في المنتجات الغربية، وكذلك الحال لو تحدثنا عن لغتنا العربية فهناك الكثير من المميزات التي سنخسرها مقابل اللغات التي يتم تدريب الذكاء الاصطناعي عليها.
ومن المميزات التي أجدها مهمة في "Deep Seek" ميزة "Deep think" (التفكير العميق)، والتي تستطيع من خلالها قراءة أفكار النموذج نفسة وكيف توصل لهذه النتيجة التي قدمها لك، بعكس النماذج الأخرى التي تعرض لك النتيجة النهائية دون الخوض بكيفية وصل لهذا النص أو لهذه الإجابة أو حتى كيف وصل لهذا الاستنتاج أو حتى كيف وصل لطريقة حل مسألة رياضية أو كتب كود برمجي، وبهذا تفتح لك هذه الميزة الباب لكي تتعلم وليس فقط الحصول على النتائج النهائية والجاهزة، أيضًا هناك خاصية مهمة وهي "البحث في الويب" فمن خلال تفعيل هذه الميزة سيبحث لك في الويب ويقدم لك إجابته أو نتيجته النهائية بناء على ما لديه من مخزون وبناء على ما وجده في الانترنت ويقدم لك روابط بمصادره لو أردت ذلك، وهذا الأمر ينافس بقوة مقارنة بمنافسيه.
لقد تم تدريب النموذج على 14.8 تريليون رمز عالي الجودة، ولكي نبسط الأمر؛ إذ يُشير الرمز (token) إلى وحدة نصية أساسية يتم استخدامها لتقسيم النصوص إلى أجزاء أصغر قابلة للتعامل معها من قبل النموذج، في علم البيانات، تُستخدم الرموز المميزة لتمثيل أجزاء من البيانات الخام (مليون رمز مميز يعادل حوالي 750 ألف كلمة)، وهذا الكم الكبير من البيانات يعطي النموذج قدرات كبيرة في توليد النصوص والأكواد، وأجد بأن سرعة تطور النموذج سيجعلنا نشاهد نسخًا مطورة منه تكون قادرة على توليد الصور والفيديوهات في قادم الوقت.
ووفقًا لاختبارات المعايير الداخلية للنموذج الصيني، فإن "DeepSeek" يتفوق على نماذج أخرى في مسابقات البرمجة المستضافة على منصة "Codeforces" المتخصصة بمسابقات البرمجة؛ بما في ذلك (Llama 3.1 405B) من "Meta" و(GPT-4o) من "OpenAI" و(Qwen 2.5 72B) من "Alibaba"، وهذا ما يجعله منافسًا عالميًا قويًا سيكون له مستخدمين حول العالم، والوصول للعالمية هي المكسب الأكبر من كل هذا.
في النهاية، عزيزي القارئ، هذا الطرح ليس تحليلًا لقدرات Deep Seek، إنما تحليل لمنافسة مشروعة قادمة لعالم الذكاء الاصطناعي، وبداية قوية للصين في تطوير قدراتها الذاتية في نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي، وبإمكانك البدء في استخدام النموذج ومعرفة قدراته ونقاط قوته وضعفه.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي يعزِّز الأفلام المحلية
تامر عبد الحميد (أبوظبي)
رسخت دولة الإمارات مكانتها الرائدة عالمياً في مجال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الفائقة، مستفيدة من تجربتها الفريدة في تأسيس شراكات عالمية في هذا المجال الحيوي، بما يتوافق مع رؤيتها التنموية، وطموحها بأن تكون في طليعة الدول الأكثر تقدماً، في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في شتى المجالات، وصناعة السينما أحد هذه المجالات التي حرص فيها المخرجون والمنتجون الإماراتيون على مواكبة هذا التقدم والتطور، ووضع لمسات تقنية وتكنولوجية في تنفيذ مشاريع سينمائية تسوق عالمياً.
مؤثرات بصرية
المخرج فاضل المهيري، الذي يبحث حالياً عن سبل التعاون لتنفيذ مشروعه السينمائي الجديد «تومينا» الذي تدور قصته حول الذكاء الاصطناعي، كما سيتم تنفيذه بتقنيات الذكاء الاصطناعي والمؤثرات البصرية العالمية، صرح لـ«الاتحاد» بأنه بدأ في تنفيذ فيلمه «تومينا» بدعم من وزارة الثقافة في أبوظبي، حيث تم تقديم التصور المبدئي للروبوت، والعمل على تقديم «تومينا» كروبوت يعمل في بيت أسرة إماراتية، ورب هذه الأسرة يعشق التكنولوجيا والتقنيات الحديثة، فيقرر الاستعانة بروبوت لمساعدة عائلته في الأمور المنزلية وغيرها، إلى أن يكتشف أن الروبوت تتولد فيه مشاعر إنسانية حقيقية، حتى يصبح جزءاً رئيساً من العائلة.
إسقاط تقني
لفت المهيري إلى أن الفيلم معزز بتقنية الذكاء الاصطناعي، خصوصاً بالنسبة للروبوت «تومينا»، حيث ستتم الاستعانة بشخص يجسد المشاهد الصعبة من إيماءات وحركات انفعالية ومشاهد حركة صعبة، مثل القفز، ويتم إسقاط تقني لصورة الروبوت الذي تم تصميمه على هذا الشخص لتكون الصورة أكثر واقعية، منوهاً بأنه سيبدأ تصوير الفيلم خلال عام 2025، وتم اختيار البطل الرئيس، وهو الممثل الصاعد سيف الحمادي، على أن يتم اختيار الفريق خلال الأشهر المقبلة.
4 لغات
بعدما خاضت المخرجة الإماراتية نايلة الخاجة تجربة الذكاء الاصطناعي بفيلمها الروائي الطويل الأول «ثلاثة»، الذي يُعتبر نموذجاً استثنائياً محلياً وعربياً، في كسر الحواجز الثقافية واللغوية عبر ترجمته إلى الصينية بلغة «الماندرين» وتسويقه في الصين، وإصداره في صالات السينما المحلية والعالمية، مع الحفاظ على أصوات الممثلين الأصلية، لتعزيز جودة الفيلم، صرحت بأنها اتفقت مبدئياً مع إحدى الشركات العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي، ومقرها دبي، على ترجمة الفيلم ودبلجته بـ 4 لغات أخرى، هي: الفرنسية والإسبانية والألمانية والهندية، لتحقيق انتشار أوسع في مختلف أنحاء العالم.
إصدار متفرد
لفتت الخاجة إلى أن «ثلاثة» هذا الإصدار المتفرد في صناعة السينما المحلية، بمثابة دراسة لحالة سينمائية مبتكرة، من خلال الاستفادة من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي تمكن من تجاوز الفجوات الثقافية واللغوية، لفتح آفاق جديدة وغير مسبوقة أمام صناع السينما لإنتاج أعمال إبداعية تحسّن تجارب المشاهدة، وسرد القصص المحلية عالمياً.
دور مهم
أكدت المخرجة نايلة الخاجة أن الذكاء الاصطناعي يلعب دوراً مهماً في تطوير صناعة الأفلام المحلية وتوزيعها في الخارج، خصوصاً أنه في الفترة المقبلة سيتم ترجمتها بكل لغات العالم عبر هذه التقنية، ما يسهل من عملية تسويقها عالمياً.
«قيد»
المخرج والمنتج عادل الحلاوي الذي أطلق مؤخراً تطبيقاً تكنولوجياً فنياً عالمياً مبتكراً بعنوان «آرت هب» على «آبل ستور» و«غوغل بلاي» و«آب غاليري»، يهدف إلى دعم صناع السينما، ويقدم العديد من الخدمات لصناع الترفيه في الإمارات والمنطقة، والتي تسهم في تيسير عملية الإنتاجات الفنية بتنفيذ المشاريع السينمائية بمستوى عالمي عن طريق هذا التطبيق المعزز بتقنية الذكاء الاصطناعي، أوضح أنه يستعد حالياً إلى تنفيذ فيلمه الجديد بعنوان «قيد» الذي يتولى فيه عمليتي التأليف والإخراج، والذي يُعتبر أولى باكورة إنتاجات تطبيق «آرت هب».
«كاستينغ أونلاين»
لفت الحلاوي إلى أن التطبيق الذي تم تحميله خلال الشهرين الماضيين لأكثر من 12 ألف مشترك، يجمع الممثلين والمخرجين والمنتجين والمواهب الإبداعية من مختلف المجالات في منصة واحدة، الأمر الذي يساعده في عملية اختيار فريق عمل الفيلم، خصوصاً أنه يوفر عملية سهلة للبحث عن المواهب، من خلال عملية «كاستينغ أونلاين»، ويقدم أدوات بحث قوية مدعومة بالذكاء الاصطناعي للعثور على المواهب المناسبة بكفاءة، حيث توفر الخوارزميات المدعومة بالذكاء الاصطناعي في مطابقة الباحثين عن العمل بأكثر الفرص الوظيفية ملاءمة من خلال تحليل مهاراتهم وخبراتهم، ليس فقط في مجال التمثيل، بل تمتد إلى مجالات فنية أخرى منها الديكور والإضاءة والموسيقى التصويرية، لذا فهو يدعو المؤسسات المعنية بالفن للاستعانة بهذا التطبيق لخلق فرص للفنانين والمبدعين من خلال مشاركتهم وفتح باب الوظائف ومساعدتهم في النمو والابتكار حتى تصبح العلاقة تكاملية.
جمهور أوسع
أكد الحلاوي أنه مع وجود عدة تطبيقات مبتكرة في صناعة الأفلام، يقدم الذكاء الاصطناعي العديد من الفوائد لصناع «الفن السابع» من ناحية الجودة وتحسين الصوت والصورة وتوفير الوقت والموارد؛ منوهاً بأن هذه التقنية تسهم وبشكل كبير في تكوين جمهور أوسع للفيلم الإماراتي، مع أهمية اختيار المضمون والقصص التي تعبر عن الجمهور العربي والعالمي.