جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-08@16:17:24 GMT

التعليم والعصر الجديد

تاريخ النشر: 7th, January 2025 GMT

التعليم والعصر الجديد

 

محمد بن أنور البلوشي

"أنا لست أروى الأمس يا أبي. أروى اليوم مُختلفة. لديها رؤية جديدة للحياة بمعانٍ مختلفة. دعها تكون مختلفة، وأريدك أن تراها كذلك يا أبي"، قالت إحدى الطالبات خلال نقاش حيوي في الفصل الدراسي في الكلية. كانت كلماتها مليئة بالإصرار والوعي الذاتي، تعكس هوية متطورة كانت تحتضنها بثقة.

لامست كلمات أروى أعماق الحاضرين في القاعة، وأشعلت نقاشًا حول النمو الشخصي، والطموحات المستقبلية، والقوة التحويلية للتعليم.

على الرغم مما يُقال عن هيمنة وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا على جيل "زد"، إلا أنني أرى قصة أعمق. هذا الجيل يصوغ معاني جديدة للحياة ويعيد تعريف النظام العالمي بطرق مُبتكرة. العنصر الوحيد المفقود هو الفرصة. متى ما أُتيحت لهم المنصة المناسبة، فإنَّ لديهم القدرة على التفوق وإعادة تشكيل المعايير.

"ما هي المهارات التي يبحث عنها أصحاب العمل في الخريجين الجدد؟" سألتني إحدى الطالبات. وأضافت أخرى: "كيف أُعد نفسي لأكون جاهزة لسوق العمل؟"

توقفت للحظة قبل أن أجيب، مدركًا أهمية هذه الأسئلة. "اليوم، التوقعات في سوق العمل مرتفعة للغاية"، قلت. "أصحاب العمل يُعطون الأولوية لقدرتك على الأداء والتزامك. يبحثون عن أشخاص يمكنهم التعرف على المشكلات وحلها بشكل استباقي، حتى قبل أن تُدرك الشركة وجود هذه المشكلات. هذه العقلية الاستباقية هي المفتاح في بيئة العمل التنافسية اليوم".

واصلت قائلًا: "بناء شبكة علاقات قوية لا يقل أهمية. العلاقات لا تُعزز حياتك المهنية فحسب، بل تضيف قيمة للشركة التي تمثلها من خلال فتح أبواب للفرص والعقود الجديدة. علاوة على ذلك، فإنَّ الذكاء العاطفي والاجتماعي أصبح من المهارات التي لا غنى عنها. أصحاب العمل يقدرون المرشحين الذين يستطيعون إدارة العلاقات بتعاطف مع إظهار الوعي الاجتماعي والمرونة."

أثارت هذه النقاط المزيد من الأسئلة، مما أدى إلى نقاش ديناميكي وتبادل للأفكار. واحدة من اللحظات المؤثرة جاءت عندما تناولت جوهر التعلم في الفصل الدراسي: "التعليم الحقيقي لا يقتصر على استيعاب ما هو متوفر بسهولة، بل يتعلق بتطوير القدرة على خلق الفرص والحلول في أماكن تبدو مستحيلة."

يتماشى هذا المفهوم مع فلسفة باولو فريري في البيداغوجيا النقدية. فريري أكد أن التعليم يجب ألا يكون مجرد عملية نقل للمعرفة، بل ممارسة للتحرر. وكتب في كتابه "بيداغوجيا المقهورين": "يجب أن يبدأ التعليم بحل التناقض بين المعلم والطالب، من خلال التوفيق بين الطرفين بحيث يكون كلاهما في نفس الوقت معلمين وطلابًا."

لذلك، يجب أن تكون الفصول الدراسية أماكن تُشجَّع فيها الأسئلة، ويكون الحوار هو الأساس.

النقاشات مثل تلك التي أثارتها أروى ضرورية لسد الفجوة بين التعليم النظري والتحديات الواقعية التي سيواجهها الطلاب. من خلال تعزيز الفضول والتفكير النقدي، يمكن للمعلمين إعداد الطلاب ليس فقط للتعامل مع مجالاتهم، ولكن لتحويلها أيضًا.

سألت طالبة أخرى بتردد: "ماذا لو فشلت؟ ماذا لو لم يتحقق حلمي؟"

"إذا لم يتحقق الحلم"، أجبت، "عليك أن تعودي لإعادة النظر وتحليل رحلتك. ما الذي حدث؟ ولماذا؟ التعلم من الفشل لا يقل أهمية عن الاحتفال بالنجاح. التعليم هو بوصلتك؛ استخدميها لإعادة ضبط مسارك ورسم طريق جديد."

أكد جون ديوي، أحد أبرز مصلحي التعليم، على دور التعليم في إعداد الأفراد للنمو المستمر. وقال: "التعليم ليس إعدادًا للحياة؛ التعليم هو الحياة نفسها." تعزز هذه الفلسفة أهمية التعلم مدى الحياة والقدرة على التكيف، وهما مهارتان حاسمتان في عالم يتغير بسرعة.

مع تقدم النقاش، أدركت أن دوري يتجاوز الإجابة عن الأسئلة. كان يتعلق بتمكين الطلاب من التفكير النقدي والمستقل. وفي تأملاتي، شاركتهم فكرة شخصية: "يجب أن تكون الفصول الدراسية نموذجًا مصغرًا للعالم الخارجي. إذا فشلنا في مواجهة التحديات الواقعية هنا، فإننا نخسر الغاية الحقيقية للتعليم."

قالت إحدى الطالبات: "يبدو أن التعليم يدور حول إيجاد مكانك في العالم." أومأت بالموافقة، ثم أضفت: "كما أنه يدور حول تشكيل العالم ليعكس قيمك وطموحاتك."

مع نهاية الجلسة، تغيّر الجو في القاعة. لم يعد الطلاب مجرد متلقين للمعلومات، بل أصبحوا مشاركين نشطين في رحلتهم التعليمية. بدأوا في رؤية التعليم كطريق للتمكين واكتشاف الذات، وليس مجرد مجموعة من التعليمات.

كمربين، نحن نحمل مسؤولية رعاية هذا التحول. علينا أن نخلق مساحات يشعر فيها الطلاب بالأمان لطرح الأسئلة، والاستكشاف، والابتكار. عندما نحقق ذلك، ندرك الإمكانات الحقيقية للتعليم في تغيير الحياة وإلهام التغيير.

كلمات أروى في بداية النقاش ما زالت تتردد في ذهني: "أروى اليوم مختلفة." كلماتها تذكير بأن الهدف الأسمى للتعليم هو التحول، ليس فقط في المعرفة، بل في الهوية والرؤية والغاية. وعندما يتحقق هذا التحول، فإنه لا يغير الفرد فقط؛ بل يغير العالم بأسره.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

وزير التعليم: حظر تحصيل أي مبالغ مالية من الطلاب أو أولياء أمورهم

أصدر وزير التربية والتعليم محمد عبداللطيف، تعليمات مهمة بشأن انطلاق الفصل الدراسي الثاني غدًا السبت، مؤكدًا حظر تحصيل أية مبالغ مالية تحت أي مسمى من الطلاب أو أولياء أمورهم، والإحالة الفورية للمساءلة القانونية لمن تثبت مخالفته لهذه التعليمات، وغلق أبواب المدارس عقب الانتهاء من طابور الصباح مباشرة، وإحكام دور الإشراف عليها، والتأكد من هوية الزائرين، قبل السماح لهم بدخول المدرسة، وتسجيل بياناتهم فور دخولهم، وتأكيد غلق أبواب المدرسة عقب انتهاء اليوم الدراسي، وبعد مغادرة جميع الطلاب.

انطلاق الفصل الدراسي الثاني

وأكد وزير التربية والتعليم في الكتاب الدوري، غرس قيم المواطنة والانتماء والولاء للوطن، وتأكيد الثوابت الوطنية، والالتزام بتحية العلم، وأداء الطلاب وأعضاء هيئة التعليم، للنشيد الوطني في أثناء طابور الصباح بجميع المدارس الرسمية والخاصة والدولية، والالتزام بأن تكون الحصة الأولى من بداية الفصل الدراسي الثاني، لكل المراحل التعليمية عن حب الوطن، وواجبنا نحوه.

استعدادات وتجهيزات المدارس الثانوية

وشدد على ضرورة الاطمئنان على استعدادات وتجهيزات المدارس الثانوية، والتأكد من تزويدها بالشبكات السلكية واللاسلكية، مع التوظيف الفعال لاستخدام السبورات والشاشات الذكية، بجميع المدارس المجهزة بها، والعمل على تنمية شخصية الطلاب بشكل متكامل، مع تعزيز الاهتمام بالجوانب السلوكية والشخصية لهم، ورصد نقاط التميز، إلى جانب تشخيص جوانب الضعف، والعمل على علاجها، بالإضافة إلى تقييم ميول واتجاهات الطلاب، واكتشاف الموهوبين منهم لتقديم الرعاية اللازمة لهم.

مقالات مشابهة

  • التعليم الإلكتروني بديل أم أداة تمكين؟
  • انطلاق الاختبارات الشفهية والعملية لطلاب التعليم العام.. الثلاثاء
  • التعليم: أول حصة في الترم الثاني عن تضحيات رجال الشرطة وحب الوطن
  • 14 قرارا من «التعليم» لمديري المدارس مع بدء الفصل الدراسي الثاني
  • «التعليم»: حظر العقاب البدني والنفسي ومكافحة التنمر في المدارس
  • وزير التعليم: حظر تحصيل أي مبالغ مالية من الطلاب أو أولياء أمورهم
  • «التعليم» توضح ملامح امتحانات الثانوية العامة 2025
  • كاتب صحفي: الدولة طورت التعليم الفني الـ 10 سنوات الماضية
  • نائب: وزير التعليم درس كل الأنظمة لكي يخرج نظام البكالوريا الجديد
  • مصانع العقول: الجامعات التي تغير العالم الحلقة 3