الرؤية السامية لتنمية المحافظات.. جهود استراتيجية لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة وفق "عُمان 2040"
تاريخ النشر: 7th, January 2025 GMT
◄ إصدار نظام المحافظات يتواءم مع أهداف وركائز وأولويات "عُمان 2040"
◄ مدير عام شؤون المحافظات بوزارة الداخلية: المحافظات باتت وحدات مستقلة إداريًا وماليًا
◄ نظام المحافظات منح المحافظين صلاحيات رئيس الوحدة
◄ استراتيجيات عدة لتنمية المحافظات والنهوض بالقطاعات الاقتصادية فيها
◄ القتبي: "الخمسية العاشرة" تهتم بأولوية "تنمية المحافظات والمدن المُستدامة"
◄ الرؤية السامية من مخصصات الـ20 مليون ريال تستهدف تمكين المحافظات تنمويًا
◄ 848 مشروعًا في مختلف المحافظات خلال الفترة من 2021 حتى 2024
◄ مؤشر تنافسية المحافظات يستهدف الفجوات التنموية الأساسية عبر استراتيجيات للمعالجة
◄ العويسي: نظام المحافظات شكَّل تحولًا نوعيًا في مسيرة العمل الوطني
◄ نظام المحافظات يُرسِّخ قيم المسؤولية واستشعار عظمة الأمانة والتشجيع على المبادرة
◄ تطور أدوار المجالس البلدية يعكس مرحلة متقدمة من الوعي المجتمعي بقضايا التنمية
◄ عمل المجالس البلدية تأسّس على روح اللامركزية والإدارة المحليّة
◄ "الإسكان" تؤكد الحرص على تحقيق نمط عيش متكامل وعصري بجميع المحافظات
◄ تدشين مُدن مستقبلية جديدة خلال العام الجاري
◄ مشروعات المُدن الذكيّة تُحقِّق الاستراتيجية الوطنية للتنمية العُمرانية
مسقط- العُمانية
تمثّل الرؤيةُ السّديدة لحضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المُعظّم- حفظهُ اللهُ ورعاهُ- في تنمية محافظات سلطنة عُمان خطوة استراتيجيّة لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة اقتصاديًّا واجتماعيًّا تُعزّزها أولوية "تنمية المحافظات والمدن المستدامة" لتمكينها من استغلال مواردها بشكل أمثل.
وجاء تأكيد عاهلُ البلاد المفدّى -أعزّهُ اللهُ- فيما يتعلق بتنمية المحافظات في خطابه السّامي بمناسبة الانعقاد السنوي الأول للدورة الثامنة لمجلس عُمان 2023: "إنّ الاهتمام بتنمية المحافظات وترسيخ مبدأ اللامركزية نهج أسّسنا قواعده من خلال إصدار نظام المحافظات، وقانون المجالس البلديّة، استكمالًا لتنفيذ رؤيتنا للإدارة المحليّة القائمة على اللامركزية؛ سواءً في التّخطيط أو التنفيذ، ولتمكين المجتمع المحلي من إدارة شؤونه والإسهام في بناء وطنه".
نهج اللامركزية
ويؤكّد المرسوم السُّلطاني رقم (36/ 2022) بإصدار نظام المحافظات على أهمية الإدارة المحليّة التي تقوم على اللامركزية في عمل المحافظات واتخاذ القرارات بما يُمكّنها من القيام بأدوارها، وبما يُحقق التنمية في كل المجالات، ويأتي متوائمًا مع أهداف وركائز وأولويات رؤية "عُمان 2040".
وتمثّل التوجيهات السّامية بزيادة المخصّصات المالية لبرنامج تنمية المحافظات من 10 ملايين ريال عُماني إلى 20 مليون ريال عُماني لكل محافظة خلال سنوات الخطة الخمسية الحالية (2021- 2025) لتنفيذ البرامج الاستراتيجية لتنمية المحافظات والمدن المستدامة وتحفيز المزايا النسبية التنافسية للمحافظات، داعمًا أساسيًّا لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة في جميع محافظات سلطنة عُمان.
وبلغ إجمالي الصرف على تنمية المحافظات خلال الفترة من (2021- 2024) أكثر من 81 مليون ريال عُماني، وخُصّص نحو 44 مليون ريال عُماني لعام 2025، ومن أبرز المشروعات فيما يتصل بتنمية المحافظات مشروعات تطوير الواجهات البحرية ورصف الطرق الداخلية وتطوير وصيانة الحدائق العامة، إضافة إلى تنفيذ المشروعات الفائزة بأفضل مقترح لمشروع إنمائي وهي إطلالة عبري بمحافظة الظاهرة، وجراند كانيون بمحافظة الداخلية، وتطوير المركز التاريخي في محافظة شمال الباطنة.
وقال المهندس محمد بن سيف العامري مدير عام شؤون المحافظات بوزارة الداخلية لوكالة الأنباء العُمانية إنّ المرسوم السُّلطاني رقم (36/ 2022) بشأن نظام المحافظات في تعزيز اللامركزيّة الإداريّة والاقتصاديّة المنشودة جعل من المحافظات وحدات مستقلة إداريًّا وماليًّا، ومنح المُحافظين صلاحيات رئيس الوحدة.
وأضاف أنّ ذلك كله سيُعزّز تمكين المحافظات بالشكل المأمول ودعم الجوانب الاقتصاديّة والإداريّة فيها وتشجيع وجذب الاستثمار وتوحيد المرجعية الإشرافية للمحافظات لضمان تنظيم الموضوعات ذات الطبيعة المشتركة بينها بموجب لوائح موحّدة تنظم كافة الشؤون البلدية للإسهام في توحيد الإجراءات والعمل على تبسيطها وفق رؤية مشتركة تُحقق الأهداف المرجوة.
الاستراتيجيات التنموية
وبيّن أنّ الاستراتيجيات الحاليّة لتنمية المحافظات في سلطنة عُمان تتمثّل في الأولويات الوطنية برؤية "عُمان 2040" والاستراتيجية الوطنية للتنمية العمرانية، والاستراتيجيات الخاصّة بالمحافظات، والاستراتيجيات القطاعية للجهات الحكومية، والبرامج الاستراتيجية في الخطط الخمسية، والبرامج الوطنية.
وأوضح العامري أنّ قياس نجاح المشروعات التنموية في المحافظات المختلفة يتمُّ عبر استطلاعات الرأي الدورية عن رضى الخدمات في المحافظات، والتقارير السنوية لدورها في تعزيز الجوانب الاقتصادية، ومؤشرات الأداء في مستهدفات رؤية "عُمان 2040"، ومؤشر تنافسية المحافظات، بالإضافة إلى التقارير السنوية لسير العمل بالمشروعات التنموية.
ولفت إلى أنّ هناك العديد من البرامج التعليميّة والتدريبيّة المتاحة لتعزيز المهارات المحليّة في المحافظات منها المبادرة الوطنيّة لتنمية الإدارة المحليّة المنفّذة بالتعاون بين وزارة الداخليّة والأكاديمية السُّلطانيّة للإدارة للمحافظين والولاة، وبرامج تأهيل وتدريب أعضاء المجالس البلديّة، والمشاركة في المؤتمرات الإقليميّة والدوليّة والبرامج التدريبية التي تنفذها المحافظات بالإضافة إلى حلقات العمل والمختبرات التي تُنفذها الجهات الحكوميّة والخاصّة.
الدورة الاقتصادية
من جانبه، قال سعيد بن راشد القتبي مدير عام القطاعات الاجتماعية بوزارة الاقتصاد لوكالة الأنباء العُمانية إنّه من خلال رؤية "عُمان 2040" تسعى سلطنة عُمان إلى الاهتمام بشكل أكبر بالمحافظات وإعطائها نوعًا من الاستقلالية؛ بهدف ما أوضحته الرؤية في أن يكون هناك نظام اللامركزية يُحفز المحافظات على المشاركة بشكل أكبر وفاعل في الدورة الاقتصادية. وأضاف أنّه تنفيذًا لذلك تمّ الاهتمام في الخطة الخمسية العاشرة بشكل كبير بأولوية "تنمية المحافظات والمدن المستدامة" ووُضِعت برامج استراتيجية حقيقية لهذه الأولوية؛ لتحقيق تنمية شاملة ومتوازنة بين مختلف محافظات سلطنة عُمان تعمل على الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية حسب كل ميزة نسبية موجودة بالمحافظات.
وأشار القتبي إلى أنّ الحرص السّامي على تنمية المحافظات تمثّل في توجيهات جلالةِ السُّلطان- حفظهُ اللهُ ورعاهُ- باعتماد برنامج تنمية المحافظات في بداية الخطة الخمسية العاشرة وتخصيص 10 ملايين ريال عُماني لكل محافظة خلال سنوات الخطة الخمسية العاشرة من عام 2021، حتى عام 2025، وفي مطلع عام 2022 جاءت الأوامر السّامية بزيادة هذه المخصّصات إلى 20 مليون ريال عُماني.
وأفاد بأنّ الرؤية السّامية تتمثل في أن يكون هذا البرنامج ممكنًا للمحافظات من خلال اختيار أولوياتها وتعزيز اقتصادها واستغلال واستثمار الميزة النسبية والتنافسية الموجودة في كل محافظة، لذلك وبعد 4 سنوات من تنفيذ هذا البرنامج نلمس الرؤية الثاقبة لجلالةِ السُّلطان -حفظهُ اللهُ ورعاهُ- في هذا الجانب من حيث تحفيز النشاط الاقتصادي في المحافظات وتنشيط السياحة وتوفير فرص العمل في العديد من القطاعات الموجودة بالمحافظات، وتعزيز المحتوى المحليّ فيها، وانعكاس كل ذلك على مستوى الرضا في المجتمع في مختلف محافظات سلطنة عُمان.
وذكر أنّ المشروعات التي تمّ العمل على تنفيذها من عام 2021 حتى عام 2024 في مختلف محافظات سلطنة عُمان بلغ عددها تقريبًا 848 مشروعًا، كما أنّ هناك العديد من المشروعات التي تمّ اعتمادها للمحافظات خلال سنوات الخطة الخمسية الحاليّة عبر المنهجية التي استخدمتها وزارة الاقتصاد في اعتماد أولويات المشروعات الإنمائية.
وبيّن أنّ هذه المشروعات مختلفة ومتنوّعة؛ سواءً كانت مشروعات تستثمر في الميزة النسبية والتنافسية أو تعمل على تعزيز البنى الأساسية في المحافظات، مؤكدًا أنّ تلك المشروعات التي تمّ اعتمادها للمحافظات كان لها صدى بشكل كبير على التنمية والإنسان في المحافظات وقدرتها على أن تكون مختلف قطاعاتها تنافسية.
ولفت إلى أنّ وزارة الاقتصاد قامت أخيرًا بإطلاق مؤشر تنافسية المحافظات وهو مؤشر يستهدف الفجوات التنموية الأساسية في المحافظات ويوجه القائمين على المشروعات بوضع استراتيجيات تنمية لمعالجتها وتخصيص الموارد بشكل أفضل وحسب الاحتياجات الحقيقية، كما سيعمل هذا المؤشر على تسريع إسهامات المحافظات في تحقيق رؤية "عُمان 2040".
أولويات المستقبل
وقال الدكتور رجب بن علي العويسي خبير الدراسات الاجتماعيّة والتّعليميّة بمجلس الدولة لوكالة الأنباء العُمانية إنه منذ تولّي حضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظم مقاليد الحكم في البلاد في الحادي عشر من يناير من عام 2020، وضع في أولوياته لبناء عُمان المستقبل جملة من المرتكزات جاءت في إطار أولويات رؤية "عُمان 2040" من بينها أولوية المحافظات والمدن المستدامة، حيث شكّل توجُّه سلطنة عُمان نحو تطبيق اللامركزية في المحافظات تحوُّلا استراتيجيًّا نحو الإدارة المحليّة وتمكين المحافظات من إنتاج الفرص التنموية والاعتماد على الذات، وتفعيل المشاركة المجتمعية في التنمية الوطنية الشاملة.
وأضاف العويسي أنّ المرسوم السُّلطاني رقم (36/ 2022) بإصدار نظام المحافظات شكَّل تحوُّلا نوعيًّا في مسيرة العمل الوطني، ونقطة مهمة للبدء في تطوير إداري يتجهُ نحو النوعية، ويُراعي مبدأ اللامركزية في تقسيمات العمل الإداري، بما يتوافق مع أولويات الرؤية، وبشكل يراعي المستجدات الاقتصادية والاجتماعية والتقنية وكيفية دمجها وتكاملها من خلال متطلباتها ومستلزماتها البشرية والمادية والمالية والإمكانات اللازمة للقيادات الإدارية المطلوبة لتنفيذ هذا التوجُّه.
وأفاد الخبير بمجلس الدولة بأنّ المرسوم السُّلطاني أعطى مجالًا أوسع لمفهوم المحافظات بوصفها وحدة تنموية أساسية قائمة بذاتها فيما يتعلق بتنظيم شؤونها الدّاخلية، وإدارة مواردها، وإعادة تصحيح أوضاعها، عبر ترسيخ قيم المسؤولية واستشعار عظمة الأمانة، وتشجيع حافز المبادرة لدى المحافظات في تقديم أفضل ما لديها من فرص ومميزات في ظل الميزة التنافسيّة النسبية لكل ولاية من ولايات المحافظة الواحدة، بما يضمن تقوية فرص المشاركة الواعية للمؤسسات والمواطنين في التعامل مع القضايا الاستراتيجية التي تتعامل معها، في تجسيد عملي لنموذج اللامركزية، تمهيدًا لحوكمة هذا القطاع في مراحل قادمة.
سياسات مبتكرة
وأضاف أنّ كل ذلك يؤكّد على تبني سياسات مبتكرة نوعية أكثر عمقًا ومهنية ونضجًا وسرعة واستجابة ودقّة في بناء نموذج وطني رائد في الإدارة المحليّة وترسيخ منظومة اللامركزية في الأداء الحكومي الموجه لخدمة المحافظات وتنمية المشروعات الخدمية المختلفة فيها بحيث يتناغم مع القيم العُمانية ويستفيد من الميزة التنافسية النسبية للمحافظات، ويُعبّر بصدق عن جدية التعاطي الواعي المخلص والكفؤ مع التوجيهات السّامية برفع سقف المبالغ المخصّصة لبرنامج تنمية المحافظات من 10 ملايين ريال عُماني إلى 20 مليون ريال عُماني لكل محافظة خلال سنوات الخطة الخمسية العاشرة (2021- 2025).
ولفت العويسي إلى أنّ ذلك يُعطي المحافظات مسؤولية تقديم خطة تنفيذية سنوية للجهات المعنية حول كيفية استغلال هذه المخصّصات، وتفعيل دور المحافظين والولاة ومساعدوهم والمجالس البلدية بالمحافظات، بالشكل الذي يضمن تمكين المحافظات من بناء وتطوير وإعادة إنتاج مواردها والاعتماد على نفسها، ورفع مستوى الابتكارية في المشروعات الاقتصادية والإنتاجية والخدمية والسياحية في المحافظات.
وأكّد أنّ كفاءة التعاطي مع هذا المسار سوف يصنع فرص قوة للمحافظة في تكاتف الجهود وتكامل الأطر وتفاعل الاستراتيجيات، واقترابها من أوليات المواطن وطموحاته وهمومه خاصة ما يتعلق منها بمسألة تبسيط الإجراءات عبر تعظيم الأدوات الرقابية والتقييمية وإعادة هندستها ورسم معالمها وبناء مرحلة أكثر عملية في شراكة المواطن في عملية البناء والتطوير وتحقيق إنجاز نوعي يظهر في ما يمكن أن تحققه المحافظات من أرصدة نجاح قادمة في استثمار الموارد وتكاتف الجهود المحليّة لصياغة نموذج عمل حضاري قادر على التكيُّف مع مستهدفات رؤية "عُمان 2040". وأشار إلى أنّ هذا يُلقي على المحافظين والمجالس البلدية الممثلة للولايات والشيوخ والأعيان مسؤولية إيجاد روح اجتماعية بين المحافظات وأبناء المجتمع، بالشكل الذي يضمن استيعاب احتياجات الشباب، والوقوف على متطلبات الإنجاز، وحجم التغيير القادم، والتكلفة المالية، مع التركيز على مسار الشمولية والاتساع في الفرص والخدمات والمبادرات والقطاعات الإنتاجية والاستثمارية في السياحة والخدمات اللوجستية المتاحة، والمتنزهات والعيون والتراث وغيرها.
وأوضح أنّ المرسوم السُّلطاني رقم (38/ 2022) بتعديل بعض أحكام قانون المجالس البلدية في المادة (21) حدّد اختصاصات المجالس البلدية في نطاق المحافظات حول إبداء الرأي في جملة من الجوانب التي تهمّ عمل المحافظات من حيث وسائل استثمار موارد المحافظة، من أجل تحقيق التنمية المستدامة وإيجاد فرص عمل للمواطنين وغيرها وبالتالي ما يظهر في هذه الاختصاصات من شمولية واتساع لتدخل في تفاصيل العمل التنموي بالمحافظات، وتجسّد روح الشراكة والتكامل والتناغم مع مختلف المنظومات المجتمعيّة الأخرى، وليمثل المجلس البلدي خيوطًا مترابطة مع مختلف القطاعات المجتمعيّة.
وأكّد على أنّ إسقاط هذه الصورة والنموذج على دور المجالس البلدية يضعنا أمام مرحلة متقدّمة من الوعي المجتمعي في أن تتماهى صلاحيّات عضو المجلس البلدي مع رؤية المحافظة وتستوعب مستجدّات التحوُّل وليست حالة خاصّة بعضو المجلس البلدي، ويصبح دوره محكومًا بإطار عمل جمعي متكامل، وسلوك مؤسسي ينشد التجديد ويسعى للتطوير ويمارس مسؤولياته واختصاصاته التي حدّدتها اللوائح والقوانين.
وبين أنّ عمل المجالس البلدية تأسّس على روح اللامركزية والإدارة المحليّة والتمكين والعمل بروح الفريق الواحد وتعظيم مسار الشراكة مع المجتمع والمؤسسات بالمحافظات والمواطنين، واستطاع الأعضاء من خلال عملهم إحداث التحوّل وصناعة الفارق كلما انعكس ذلك إيجابًا على دور المجلس البلدي وموقعه وحفظ له مكانته وعظم من جهده واعتراف المجتمع بما يبذله أعضاؤه في سبيل تقديم منتج تنموي كفء وفاعل ومنافس بالمحافظات.
سياسات مُتدرِّجة
وتمضي التجربة الحاليّة للمحافظات بثبات وفق الأولويات التي رسمها عاهلُ البلاد المفدّى -أعزّهُ اللهُ- والذي أكّد في خطابه السّامي بمناسبة الانعقاد السنوي الأول للدورة الثامنة لمجلس عُمان 2023 : "وعملًا بمبدأ التدرّجِ في سياساتِنا وقراراتِنا، ومتابعةً منا لما سيثمرُ من نتائجَ مَأمولةٍ من واقعِ تنفيذِ سياسةِ اللامركزيةِ في المحافظاتِ، فإننا عاقِدُونَ العَزْمَ على تقييمِ هذهِ التجربةِ باستمرارٍ، وتوسيعِ نِطاقِها بحيثُ تَشْمَلُ قطاعاتٍ متعددةِ، ومناحيَ شَتَّى، تَكريسًا لدورِ المجتمعِ المحليِّ في التنميةِ والتطوير، وفي الوقتِ ذاتهِ، فإنه علينا أن نُوليَ تجربةَ الإدارةِ المحليّةِ المزيدَ من الاهتمامِ لتمكينِها من تحقيقِ الأهدافِ المنوطةِ بها ضمنَ مسيرةِ التنميةِ الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ الشاملةِ".
وفي هذا الصدد، أكّدت وزارة الإسكان والتخطيط العُمراني، أنّها تهدُف إلى تحقيق نمط عيش متكامل وعصري لا يقتصر على محافظة مسقط فقط وإنما في جميع محافظات سلطنة عُمان، فمع استكمال أعمال مدينة السُّلطان هيثم، سيتمُّ تدشين مدن مستقبلية أخرى خلال عام 2025 وسيُعلن عنها في حينها.
وتأتي مشروعات المُدن الذكيّة لتحقيق الاستراتيجية الوطنية للتنمية العُمرانية وتشمل المُخططات الهيكلية والمخططات الإقليمية والمدن الزراعية لتعزيز الأمن الغذائي ومشروعات منظومة النقل والطاقة المتجدّدة. وتعمل الوزارة ضمن توجّهاتها حاليًّا ومستقبليًّا على أن تكون عناصر التخطيط والتنمية العمرانية مستدامة ومتوازنة بما يخدُم الإنسان وعيشه الكريم، وجعل المكان أكثر أنسنة وأصلح لسهولة التنقل والعمل، وهذا ما يرسّخهُ مبدأ التخطيط المتقدّم في مدينة السُّلطان هيثم. وتُسهم التنمية العمرانية بشكل أساسي لتوفير فرص اقتصادية جديدة تصبّ لصالح المواطن وتمكينه، كما تهدف مشروعات المدن الذكية إلى توفير سكن أفضل للعيش يُلبي احتياجات المواطن الأساسية ويوفّر الرفاهية والاستدامة، ويسهم في إيجادِ حلول ذكية للتخفيف والتكيّف مع آثار تغيُّر المناخ لتجاوز المخاطر الطبيعية.
وأكّدت وزارة الإسكان والتخطيط العُمراني على أنّ الإقبال على التملك في هذه المدن ومخططات الأحياء السكنية المتكاملة عالٍ جدًّا، حيثُ بِيعت وحدات سكنية كاملة في بعض المخططات والأحياء. وتُعدُّ أولوية تنمية المحافظات والمدن المستدامة من الركائز الأساسية في رؤية "عُمان 2040"، حيث تهدف إلى تحقيق تنمية شاملة ومتوازنة بين جميع محافظات سلطنة عُمان، وتحظى هذه الأولوية باهتمام سامٍ عبر التأكيد على ضرورة تعزيز التكامل بين المركز والمحافظات والتنمية المحليّة. وتسعى هذه الأولوية إلى تمكين المحافظات من الاستفادة من مواردها الطبيعية والبشرية بفعالية، مع التركيز على تشجيع الاستثمار المحلي والدولي، وتحفيز القطاعات الإنتاجية التي تسهم في إيجاد فرص عمل وتعزيز النمو الاقتصادي، كما تهدف إلى تطوير البنية الأساسية والخدمات العامة، وتحسين جودة الحياة للمواطنين، مع الأخذ بالاعتبار الخصوصيات البيئية والاجتماعية لكل محافظة.
جذب الاستثمارات
وفي إطار الاهتمام السّامي بتعزيز المحافظات جاء المرسوم السُّلطاني بنظام المحافظات ليعزز النهج الحديث للإدارة المحليّة اللامركزية في عمل المحافظات، ويدعم أهداف وركائز رؤية "عُمان 2040" من بينها التنمية المستدامة للمحافظات وتهيئة البيئة الجاذبة للاستثمارات فيها وتنمية مواردها والارتقاء بالخدمات والأنشطة المحليّة والبلدية فيها.
وفي هذا الشأن أطلقت وحدة متابعة تنفيذ رؤية "عُمان 2040" عددًا من البرامج التي تستهدف بناء القيادات الاقتصادية في المحافظات، ومنها برامج الأكاديميّة السُّلطانية للإدارة ضمن المبادرة الوطنية لتطوير الإدارة المحليّة التي تمّ العمل عليها من خلال مستويات مختلفة مثل المحافظين، والولاة وغيرها من الفئات الوطنية العاملة في المحافظات، ويُعدُّ تطوير مهارات الإدارة المحليّة جزءًا أساسيًّا من جهود تعزيز اللامركزية الإدارية وتحقيق التنمية المستدامة.
وتقوم وحدة متابعة تنفيذ رؤية "عُمان 2040" ضمن برنامجها الاتصالي (كل عُمان) بزيارات للمحافظات تركّز فيها على الميز النسبية والتنافسية وتمكين المجتمع المحلي، لغرس ثقافة التحسين المستمر وتبسيط الإجراءات مع موظفي الوحدات الحكومية في المحافظات، حيث تمّ الانتهاء من زيارة 7 محافظات، جرى خلالها تقديم حلقات عمل تدريبية ولقاءات بالشباب لتعزيز أدوارهم.
وتمثّل مدينة الطِيب بولاية لوى بمحافظة شمال الباطنة، نموذجًا متكاملًا للمدن المستدامة في سلطنة عُمان حيث تبلغ مساحتها حوالي 12 مليون متر مربع وتقع على مقربة من طريق الباطنة السريع، وتستوعب حوالي 30 ألف نسمة، وتتوافر بها جميع الخدمات والمرافق العامة، وتضم وحدات سكنية يصل عددها إلى 1300 وحدة سكنية مفردة ومزدوجة، وخُطّط للمدينة لتستوعب مستقبلًا 3400 وحدة سكنية وحوالي 50 ألف نسمة من قاطنيها وزوارها.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
وزير الثقافة: قصور الثقافة شهدت حراكًا ثقافيًا مميزًا تعكس رؤية مصر بتحقيق التنمية الثقافية الشاملة
قال الوزير احمد فؤاد هنو وزير الثقافة، يشرفني أن أُقدم لحضراتكم سردًا مبسطًا لأهم الجهود والبرامج التي تنفذها وزارة الثقافة، ممثلة في الهيئة العامة لقصور الثقافة، والمنتشرة بمختلف أرجاء الجمهورية، بما فيها جهود الوزارة بالمناطق النائية والحدودية، والتي تستهدف تعزيز الوعي وبناء الإنسان.
واضاف هنو في كلمته في الجلسه العامه اليوم المخصص لمناقشة طلب مُقدم من النائبة هالة كمال بشأن استيضاح سياسة الحكومة نحو تعزيز الحرف اليدوية، وطلب مُقدم من النائبه دينا هلالي بشأن استيضاح سياسة الحكومة نحو البرامج الثقافية، وآثارها على المدارك المعرفية للشباب وتطوير قصور الثقافة .
فقد شهدت الهيئة العامة لقصور الثقافة، حراكًا ثقافيًا مميزًا من خلال تنظيم الفعاليات والمبادرات التي تعكس رؤيتها والتزامها بتحقيق التنمية الثقافية الشاملة، في إطار رؤية الدولة المصرية للتنمية المستدامة "رؤية مصر 2023"، والتي تشمل في محاورها نشر الثقافة في مختلف ربوع الجمهورية.
واضاف هنو قدمت الهيئة العامة لقصور الثقافة، خلال عام 2024، أكثر من 90 ألف نشاط ثقافي وفني، استفاد منها نحو 4 مليون مواطن على مستوى الجمهورية ، وتم افتتاح 3 مواقع، هي: مسرح فوزي فوزي الصيفي بأسوان، المسرح الصيفي بالطور في جنوب سيناء، وقصر الإبداع الفني بالحي السابع بمدينة السادس من أكتوبر، وذلك بتكلفة إجمالية تجاوزت (288) مليون جنيه، كما تتواصل الجهود لتطوير العديد من المواقع على مستوى الجمهورية لإدخالها منظومة العمل منها قصور ثقافة: "السويس، سوهاج، أبو قرقاص، الغردقة، الفيوم، حلوان، أسوان، المحلة، مسرح قصر ثقافة المنيا".
وعلى مستوى الأنشطة الثقافية، تتنوع الفعاليات التي تقدمها الهيئة، وفق مجموعة من برامج العمل ، والذي تنفذه الهيئة لرفع الوعي وجذب الجمهور بالقرى والمدن والفئات العمرية المختلفة للأسرة المصرية ضمن برنامج "العدالة الثقافية"، مستهدفة القرى والمناطق الأكثر احتياجًا لتقديم الخدمات الثقافية والفنية أهمها:
ولفت وزير الثقافه بانه تم تنفيذ ٣٣٦ فعالية خلال المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" في ٤ محافظات وهي: القليوبية، كفر الشيخ، الإسكندرية، والدقهلية، وبلغ عدد المستفيدين 23300 مستفيد، بخلاف الأنشطة المكثفة التي قدمتها الهيئة طوال العام بقرى حياة كريمة في المحافظات.
وضمن "مبادرة إنت الحياة" نفذت الهيئة 352 فعالية في 17 محافظة، وهي: الجيزة، الأقصر، القليوبية، السويس، الشرقية، الغربية، الإسماعيلية، قنا، بني سويف، كفر الشيخ، دمياط، الدقهلية، البحر الأحمر، البحيرة، القاهرة، الفيوم، والمنيا، استفاد منها أكثر من 57 ألف مواطن.
"مناطق الإسكان بديل العشوائيات" نفذت الهيئة 4176 فعالية في (17) منطقة بـ (8) محافظات هي: القاهرة، الجيزة، بورسعيد، الإسكندرية، كفر الشيخ، جنوب سيناء، الإسماعيلية، والدقهلية، استفاد منها أكثر من 86 ألف مواطن.
"المسارح المتنقلة" تم تقديم 313 فعالية خلال الفترة من يوليو حتى ديسمبر 2024، في 5محافظات: أسيوط، الشرقية، كفر الشيخ، البحيرة، والإسكندرية، استفاد منها أكثر من 40 ألف مواطن.
مشروع "أهل مصر" والمُنفذ ضمن البرنامج الرئاسي لأبناء المحافظات الحدودية، والذي يهدف إلى تشكيل الوعي، وتعزيز قيم الانتماء والولاء للوطن، فشهد تنفيذ 17 أسبوعًا وملتقى، لأطفال وشباب وفتيات المحافظات الحدودية، شارك بها أكثر من 3 آلاف مستفيد.
كما تم تنفيذ مهرجان "أهالينا" بعدة محافظات منها: الشرقية، القاهرة، سوهاج، وأسيوط، بهدف بناء الإنسان واكتشاف مواهب النشء والشباب.
ولفت هنو بانه حرصًا على تحقيق العدالة الاجتماعية، وتمكين ذوي الهمم، أتاحت الهيئة أنشطة متنوعة لذوي القدرات الخاصة بلغت 1938 فعالية، منها على سبيل المثال لا الحصر: "تكريم المتفوقين من ذوي الهمم في احتفالية العام الهجري، تكريم أوائل الثانوية العامة والمتفوقين، تقديم العروض المسرحية والفنية ضمن البرنامج الصيفي بسوهاج، تنظيم فعاليات خاصة في ديسمبر للاحتفال باليوم العالمي لذوي الهمم، وكذلك مشاركة مواهب الهيئة في المهرجانات المختلفة، أهمها "مهرجان أولادنا" لفنون ذوي القدرات، الذي حصدت خلاله فرقة "النور" جائزة الفنان محمد صبحي، بالإضافة إلى جائزة خاصة لفرقة الإسكندرية الاستعراضية.
وتابع هنو انه واستمرارًا للجهود المكثفة والمبذولة لاكتشاف ورعاية الموهوبين في مختلف المجالات، شهد برنامج "مصر جميلة" تنفيذ 69 ورشة بإجمالي عدد مستفيدين 6000 موهبة في محافظات "المنوفية، دمياط، كفر الشيخ، القاهرة، القليوبية، الفيوم، الدقهلية، الغربية، المنيا، بورسعيد، وقنا".
كما تم إطلاق مسابقة "مواهبنا مستقبلنا" وشارك بها 750 متسابقًا في مجالات: الأدب، الشعر، الفنون التشكيلية، المسرح، الموسيقى، الأداء الحركي، في محافظات: المنوفية، الغربية، الإسكندرية، كفر الشيخ، ودمياط.
وتابع وزير الثقافه انه وفي إطار معركة الوعي التي أطلقتها الدولة المصرية منذ فترة لاستعادة هويتنا وتاريخنا والتي اشرتم إليها ، قدمت الهيئة مجموعة من الندوات واللقاءات الثقافية التي ساهمت في إثراء الحراك الفكري والمعرفي، بين أبناء الوطن، حيث شهدت محافظة المنيا تنفيذ 223 فعالية، في 42 قرية، خلال برنامج "ترسيخ قيم وممارسات المواطنة" استفاد منها أكثر من 25 ألف مواطن.
وضمن بروتوكول التعاون مع وزارة الأوقاف لمواجهة الفكر المتطرف، نفذت الهيئة 1960 فعالية استفاد منها أكثر من 43 ألف مواطن على مستوى الجمهورية.
كما شاركت الهيئة في المبادرة الرئاسية "بداية جديدة لبناء الإنسان" الهادفة لبناء الإنسان وتثقيفه وتوعيته بتنظيم 4741 فعالية، منذ سبتمبر الماضي، استفاد منها أكثر من 42 ألف مواطن.
وشدد احمد هنو انه وبالرغم من الجهود المستمرة التي تبذلها الدولة ووزارة الثقافة في تعزيز ودعم الثقافة في مختلف أنحاء الوطن، إلا أن الهيئة العامة لقصور الثقافة لا تزال تواجه تحديات كبيرة تعرقل قدرتها على أداء دورها بشكل يتناسب مع حجم وأهمية المهمة الملقاة على عاتقها ، هذه التحديات تتطلب منا تضافر الجهود وإعادة النظر في العديد من الجوانب لتحقيق التنمية الثقافية المستدامة التي نطمح إليها.
ومن تلك التحديات الأساسية التحديات المالية: تعاني الهيئة من ضعف الميزانيات المخصصة، حيث تبلغ ميزانية الباب السادس 430 مليون جنيه فقط، وهو مبلغ لا يكفي لتلبية الاحتياجات الفعلية للمشروعات والصيانات اللازمة الميزانية المخصصة للنشاط الثقافي والفني، التي تبلغ 87 مليون جنيه فقط، تقيد قدرة الهيئة على تنويع الأنشطة وتوسيع نطاقها.
بالاضافة الي نقص العمالة المتخصصة فهناك عجز في الكوادر البشرية المتخصصة اللازمة لتشغيل المشروعات الثقافية والفنية بكفاءة وفعالية، ما يؤثر سلباً على جودة الخدمات المقدمة.
ناهيك علي قيود المساحات والمواقع حيث تواجه الهيئة مشكلة في أن العديد من المكتبات وبيوت الثقافة عبارة عن شقق مستأجرة ذات مساحات محدودة، مما يعيق تنظيم الأنشطة واستقبال الجمهور.
وشدد هنو الي ضرورة الحاجة إلى تحديث القوانين والتشريعات ، فهناك حاجة ماسة إلى سن قوانين جديدة تتماشى مع مستحدثات العصر وتطورات احتياجات المواطن الثقافية، بما يدعم جهود تطوير الهيئة وتمكينها من أداء دورها بالشكل الأمثل. ولمواجهة تلك التحديات، حرصنا على وضع استراتيجية الجديدة للهيئة العامة لقصور الثقافة.
واختتم هنو إن تحقيق التنمية الثقافية المستدامة يتطلب منا جميعاً التعاون والعمل بروح الفريق، وبتضافر الجهود نستطيع أن نضع قصور الثقافة في مكانتها اللائقة كمنارات للمعرفة والإبداع. شكراً لكم، ودمتم حماة للثقافة والفكر.