#سورية على #مفترق #التحول_الكبير: بين صراع الاستحقاقات وضبط الإيقاعات الدولية _ د. #منذر_الحوارات

في خضم التحول العاصف الذي اجتاح سورية، يقف العالم على أعتاب لحظة تاريخية فارقة تتشابك فيها المصالح الإقليمية والدولية مع آمال الشعب السوري في الحرية والاستقرار، فمنذ سقوط نظام الأسد وصعود قيادة انتقالية جديدة بقيادة أحمد الشرع، بات المشهد مفتوحاً على احتمالات عدة، تتراوح بين الانفراج السياسي أو التعثر نحو مزيد من الفوضى.

في الأثناء تتسارع الخطوات الدولية والعربية والإقليمية بسباق محموم لضبط إيقاع التحولات في سورية بما يتفق مع رغبة كل طرف.

ورغم أن الخطوة الأولى كانت تركية، بزيارة وزير الخارجية التركي لدمشق واعترافه المبكر بالقيادة الجديدة، إلا أنه سرعان ما بدأ العرب بخطوات انفتاحية دشنها وزير الخارجية الأردني بزيارة لدمشق، في خطوة شكلت بداية الطريق لتقاطر متسارع من قبل العديد من المسؤولين العرب والأجانب، ما يشير إلى ان العرب تعلموا من درس العراق جيداً، ويعتبر لقاء الشرع ومساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، واحد من أهم اللقاءات فقد كان نقطة انطلاق للبدء في لعبة الشروط مقابل استحقاق الاعتراف الدولي.

فيما بعد، ألقت السعودية بكل ثقلها عندما استقبلت وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ووفده المرافق رفيع المستوى، الذي ضم وزير الدفاع مرهف أبو قصير ورئيس جهاز الاستخبارات أنس خطاب، في خطوة تؤكد استعداد المملكة لتقديم الدعم مقابل تعاون أمني استخباراتي وسياسي يعطي المملكة مكانتها كقوة رئيسية مؤثرة في الإقليم.

مقالات ذات صلة مدارسنا بين أوهام الجدّية والهيبة الموروثة!! 2025/01/07

وفي زيارة مثيرة للجدل مثلت الاتحاد الأوروبي، قام بها وزيرا الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، التي ارتدت سترة واقية من الرصاص لدى نزولها في مطار دمشق في إشارة رمزية إلى مخاوف أمنية حقيقية من هشاشة الأوضاع، وقامت بمصافحة نفسها عند لقاء الشرع في خطوة تعكس مخاوف على حقوق المرأة، والفرنسي جان نويل، الذي صافح الشرع بأطراف أصابعه وكأنه يوجه رسالة تحذير ضمنية بأن المجتمع الدولي يراقب تصرفات القيادة الجديدة، كل تلك التحركات والإشارات الإيجابية والتحذيرية تأتي في إطار مخاوف حقيقية من انفراد طرف واحد معروف بتشدده، رغم أن سلوكهما يعكس التعالي وسوء الفهم الأوروبي المستعصي، إلا أن الزيارة مهمة ويمكن أن تؤدي إلى نتائج كبيرة.

من الواضح أن المجتمع الدولي والإقليمي يحاول استثمار الوضع الهش في سورية، وضعف إمكانيات القيادة الجديدة، سواء المالية، بعد أن أفرغ الأسد خزائن الدولة قبل مغادرته، أو الأمنية، بعد أن دمرت إسرائيل كل المخزون الاستراتيجي من الأسلحة والدفاعات السورية، وجعلت البلد في حالة من الانكشاف الاستخباراتي والعسكري بطريقة غير مسبوقة، وهي التي باتت تعد استمرار الفوضى مكسباً استراتيجياً، وبنفس المنطق يستخدم الغرب والولايات المتحدة سلاح العقوبات، الذي لن يُرفع تحت أي ظرف ما لم تقدم القيادة السورية تنازلات حقيقية في المجالات المطلوبة إقليمياً ودولياً، والتي تبدأ بالانفتاح على جميع المكونات السورية والذهاب إلى حوار وطني تشترك فيه جميع القوى والأطراف وكتابة دستور يضمن حقوق جميع الأقليات، بالذات المسيحية والكردية، والاستعداد للانفتاح على إسرائيل، وغير ذلك من الشروط، مثل عدم الانخراط مرة أخرى في التبعية لطرف إقليمي على حساب مصالح الأطراف الإقليمية الأخرى، وهذا المطلب عربي بامتياز، ودون ذلك، يبدو أن العقوبات لن تُرفع، والمساعدات لن تتدفق، وهذا ما يجعل الشرع وقيادته يراوح بين مطرقة الخارج وسندان الداخل، الذي يرفض تسليم سلاحه والانخراط في جيش موحد قبل الحصول على ضمانات سياسية تؤكد عدم انفراد الهيئة بالحكم.

في خضم ذلك، تحاول القيادة الجديدة المسارعة في عقد مؤتمر يضم مختلف الأطراف، لكن بأسمائهم وليس تنظيماتهم، وتلك معضلة كبيرة تواجه الهيئة وتثير المخاوف بأن الهيئة بهذا الأسلوب تضعف المكونات السياسية السورية والتي قاتلت على مدى أكثر من عقد نظام الأسد وترى ان من حقها ان تكون شريكة في صناعة مستقبل سورية، وانطلاقاً من هذه المخاوف بدأت اغلب الأطراف تطالب بحكومة موسعة تشمل جميع القوى، ويبدو أن هذا المطلب أصبح عربياً ودولياً أيضاً ولا يمكن التنصل منه لضمان نزاهة تدفق المساعدات والاعترافات الدولية، طبعاً تبقى كتابة الدستور وتشكيل مجلس عسكري من كافة القوى قبل ذلك مطلباً سورية ودولياً.

في ضوء ما سبق، من الواضح أن المشهد السوري يعكس صراعاً معقداً بين إرادة داخلية للتحرر من إرث الاستبداد وضغوط دولية تهدف إلى تحقيق أجندتها، وهو ما يطرح السؤال الأهم: هل ستتمكن سورية الجديدة من تجاوز ألغام المرحلة الانتقالية وتشكيل نظام سياسي يعكس تطلعات شعبها ويحقق استقراراً دائماً؟

أم أن صراعات النفوذ ستقود البلاد إلى دورة جديدة من الفوضى والتطرف؟ لا شك أن الإجابة متعلقة بقدرة القيادة الجديدة على تحقيق توازن دقيق بين استحقاقات الداخل وتحديات الخارج وكذلك الجدية في تخليها عن ارثها الجهادي السابق بما يضمن بناء دولة ديمقراطية تستوعب جميع أبنائها وتقطع الطريق على أي محاولات لاحتكار السلطة أو العودة إلى دوامة العنف.

الغد

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سورية مفترق التحول الكبير القیادة الجدیدة وزیر الخارجیة

إقرأ أيضاً:

رئيس الجمهورية السيد أحمد الشرع يترأس أول اجتماع للحكومة الجديدة لبحث أولويات العمل الحكومي في المرحلة المقبلة



2025-04-07malekسابق من فعاليات أسواق الخير في مجمع “أفاميا” باللاذقية انظر ايضاً من فعاليات أسواق الخير في مجمع “أفاميا” باللاذقية

آخر الأخبار 2025-04-07استمرار التسجيل في الأولمبياد العلميّ للصغار واليافعين حتى ‌‏16 نيسان الجاري 2025-04-07وزير الصحة يبحث مع الوفد الطبي الأول للجمعية الطبية السورية الألمانية سبل تطوير النظام الصحي 2025-04-07مؤسسة الكهرباء تخفض سعر الكيلو واط ساعي للخطوط المعفاة من التقنين 2025-04-07الرئيس الشرع يترأس أول اجتماع للحكومة الجديدة 2025-04-07إجراء تقييم لعمل محطات المعالجة النفطية ضمن المنشآت الصناعية في حسياء 2025-04-07السيد الرئيس أحمد الشرع يعين عبد القادر الحصرية حاكماً لمصرف سوريا المركزي 2025-04-07تحديات واحتياجات القطاع الصحي في سوريا ضمن ورشة عمل لوزارة الصحة 2025-04-07وزير النقل يتسلم مهامه 2025-04-07وزير العدل يلتقي قضاة النقض ويؤكد أهمية تعزيز العدالة وحماية الحقوق القانونية ‏للأفراد 2025-04-07لقاء تسليم واستلام المهام في وزارة العدل ‏

صور من سورية منوعات أول دراسة سريرية بالعالم… زراعة الخلايا الجذعية تحسن الوظائف الحركية لمرضى الشلل 2025-03-26 جامعة ناغازاكي تطور “مرضى افتراضيين” لتدريب طلاب كلية الطب 2025-03-24فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • وزيرة سورية: بلدنا لا يخص دينا أو طائفة.. والحكومة شكلت على أساس الكفاءة
  • عاجل | سي إن إن عن وثيقة: الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أبلغت جميع عامليها في الخارج بتسريحهم بحلول منتصف أغسطس
  • عاجل | متحدث باسم الخارجية الأميركية للجزيرة: عدلنا تأشيرات بعثة سوريا لأننا لا نعترف حاليا بأي كيان كحكومة سورية
  • بعد التئام أول اجتماع للحكومة الجديدة.. أهالي دمشق يتحدثون عن أولوياتهم وأهم المشاريع العاجلة
  • وزير الخارجية أسعد الشيباني: بتوجيهات من السيد الرئيس أحمد الشرع، شرعنا في إعادة هيكلة سفاراتنا وبعثاتنا الدبلوماسية بما يضمن تمثيلاً مشرفاً للجمهورية العربية السورية وتقديم خدمات متميزة للمواطنين السوريين في الخارج
  • أولويات المرحلة وخططها المستقبلية… الرئيس الشرع يترأس الاجتماع الأول للحكومة الجديدة
  • رئيس الجمهورية السيد أحمد الشرع يترأس أول اجتماع للحكومة الجديدة لبحث أولويات العمل الحكومي في المرحلة المقبلة
  • الشرع يناقش تفاصيل المرحلة المقبلة في أول اجتماع للحكومة السورية الجديدة
  • أحمد الشرع يترأس أول اجتماع للحكومة السورية الجديدة
  • الرئيس الشرع يترأس أول اجتماع للحكومة الجديدة