بيروت- في زيارة وصفت بأنها ذات طابع مزدوج، وصل المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين إلى لبنان، أمس الاثنين، في إطار مهمته التي شملت عقد سلسلة من اللقاءات مع لجنة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب، فضلا عن المسؤولين اللبنانيين، حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي.

وفي تصريح له بعد لقائه مع بري، أكد هوكشتاين أن "الانسحابات ستستمر حتى تكون جميع القوات الإسرائيلية خارج الأراضي اللبنانية بشكل تام، مع استمرار انتشار الجيش اللبناني في الجنوب وصولا الى الخط الأزرق"، مشيرا إلى صعوبة تنفيذ الاتفاق في جنوب لبنان.

من جانبه، طالب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عقب لقائه المبعوث الأميركي بتحديد "جدول زمني واضح" لإتمام الانسحاب الإسرائيلي قبل انتهاء المهلة المحددة بـ60 يوما، كما جدد التنديد بالانتهاكات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار، محذرا من أن "استمرار هذه الانتهاكات والحديث عن نية إسرائيل تمديد مهلة وقف إطلاق النار يعد أمرا مرفوضا بشكل قاطع".

وفي وقت لاحق من اليوم ذاته، بحث هوكشتاين مع قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون، آلية تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب، وذلك بحضور السفيرة الأميركية ليزا جونسون والجنرال الأميركي جاسبر غيفرز، حيث تناول اللقاء سبل تطبيق الاتفاق في المنطقة، وفق بيان صادر عن قيادة الجيش اللبناني.

إعلان

وفي سياق متصل، التقى هوكشتاين اليوم الثلاثاء مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، كما عقد اجتماعا مع مجموعة من نواب المعارضة والمستقلين في لبنان بحضور السفيرة الأميركية.

كما تزامن وصول هوكشتاين إلى بيروت مع انسحاب الجيش الإسرائيلي من بلدة الناقورة التي كانت إسرائيل قد احتلتها خلال توغلها البري، وهو ما سمح للجيش اللبناني باستعادة نقاط تمركزه في المنطقة.

استحقاقان مهمان

ويعتبر الباحث والمحلل السياسي حسن شقير أن زيارة آموس هوكشتاين إلى لبنان تأتي في مرحلة حساسة جدا، حيث يواجه لبنان استحقاقين مهمين للغاية، يتمثل أولهما بمتابعة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار ووقف العدوان الإسرائيلي على لبنان، الذي ينتهي في 26 من الشهر الحالي، بينما يتعلق الاستحقاق الثاني بانتخاب رئيس الجمهورية.

ويوضح شقير للجزيرة نت أن هذه الزيارة كانت ضرورية فيما يتعلق بالاستحقاق الأول لعدة أسباب:

أولا: لأن الولايات المتحدة تترأس لجنة مراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وهذا يمنحها دورا رئيسا في هذا السياق. ثانيا: بسبب الرسائل الإسرائيلية التي تم التعبير عنها من خلال تصريحات مسؤولين ووسائل إعلام إسرائيلية، والتي تضمنت إشارات إلى نية إسرائيل عدم الانسحاب من بعض المناطق، إضافة إلى رغبتها بتمديد المهلة الممنوحة، بدعوى عدم جاهزية الجيش اللبناني.

وأشار المحلل السياسي إلى أن زيارة هوكشتاين تأتي في ظل الموقف الرسمي للبنان والمقاومة، التي عبّرت بوضوح عن رفضها للخروقات الإسرائيلية، معتبرة إياها انتهاكا للاتفاق، كما لفت المحلل إلى أن تمديد المهلة يمثل تهديدا خطيرا، خاصة في ظل العمليات الإسرائيلية من تدمير وتجريف والتي يرفضها لبنان.

وأضاف شقير أن الأميركيين لم يقدموا أي تطمينات بأن إسرائيل ستتوقف عن خروقاتها بعد اليوم الستين من تنفيذ الاتفاق، واكتفوا بالإشارة إلى أن إسرائيل ستلتزم بالانسحاب إلى الخط الأزرق.

إعلان

أما فيما يخص استحقاق انتخاب رئيس الجمهورية، فيرى شقير أن زيارة هوكشتاين تأتي في سياق الجهود الدولية، حيث تعد الولايات المتحدة جزءا من اللجنة الخماسية التي تعمل على تسهيل انتخاب رئيس للجمهورية خلال الجلسة المقبلة، ورغم الحديث عن تبني اللجنة ترشيح قائد الجيش جوزيف عون، يشير شقير إلى أن هذا الخيار يتطلب تعديلا دستوريا بموافقة 86 نائبا، وهو أمر غير متوفر حاليا.

وأوضح شقير أن الأمور قد تتغير بشكل جذري في أي لحظة، ورغم أن الثنائي الشيعي –حزب الله وحركة أمل– يدعمان ترشيح سليمان فرنجية، فإنهما قد يتجهان إلى الإجماع اللبناني إذا تحقق توافق وطني على شخصية أخرى مثل قائد الجيش، وفي حال عدم التوافق في الجولة الأولى من التصويت، ستأخذ "اللعبة الديمقراطية" مجراها في الدورة الثانية، حيث يمكن انتخاب الرئيس بأغلبية 65 صوتا.

رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي (يمين) التقى الوفد الأميركي وعلى رأسه المبعوث هوكشتاين (رويترز) التملص الإسرائيلي

ويرى الخبير العسكري والإستراتيجي العميد منير شحادة أن المؤشرات الحالية تشير إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي قد لا يلتزم بالمهلة المحددة بـ60 يوما للانسحاب، ويستند في ذلك إلى عدة عوامل، من بينها كثرة الخروقات الميدانية، بالإضافة إلى تصريحات المسؤولين الإسرائيليين الذين أكدوا أن السيطرة على حرية الحركة ستظل بيدهم.

كما أشار العميد شحادة للجزيرة نت، إلى أن "ما جرى في سوريا من سقوط نظام بشار الأسد، وتقدم الجيش الإسرائيلي شمالا حتى أصبح على بُعد كيلومترات من دمشق ومعبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا، قد يدفع إسرائيل إلى محاولة التملص من الاتفاق".

وبخصوص اجتماع هوكشتاين في الناقورة، أوضح شحادة أن تصريحات المبعوث الأميركي تؤكد أن إسرائيل قد سحبت قواتها من القطاع الغربي، وأن الانسحاب سيستمر في القطاعين الأوسط والشرقي لتكون جميع القوات الإسرائيلية خارج الخط الأزرق بنهاية المهلة، رغم ذلك عبّر شحادة عن شكوكه في محاولة إسرائيل التملص من الاتفاق بهدف استمرار احتلال بعض الأراضي اللبنانية في جنوب لبنان.

إعلان

وأشار الخبير العسكري والإستراتيجي إلى أن الجديد في زيارة هوكشتاين هو جدية الإدارة الأميركية في متابعة اتفاقية وقف إطلاق النار، حيث كانت هي الراعية لهذه المفاوضات، وأضاف أن الزيارة تتزامن مع الانتخابات الرئاسية اللبنانية، وأن هوكشتاين أشار بوضوح إلى أن العماد جوزيف عون هو المرشح الأساسي للرئاسة.

وشدد شحادة على ضرورة أن تلتزم إسرائيل بالمهلة المتبقية، التي تفصلها عنها حوالي 20 يوما، وأوضح أنه "في حال استمر الانسحاب كما هو مخطط له حتى نهاية المهلة، وأكملت إسرائيل انسحابها بشكل كامل من الأراضي اللبنانية، فسيكون ذلك نتيجة ضغوط أميركية، أما إذا حاولت إسرائيل التملص أو تقديم أعذار غير مقنعة، مثل بطء انتشار الجيش اللبناني، فإن هذا الادعاء غير صحيح".

وأكد شحادة أن الجيش اللبناني لا يستطيع دخول أي منطقة جنوب نهر الليطاني يوجد فيها جيش الاحتلال الإسرائيلي، بل يتعين على الأخير أن ينسحب أولا، ليتمكن الجيش اللبناني من دخول هذه المناطق.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات اتفاق وقف إطلاق النار الجیش اللبنانی شقیر أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

الجيش الإسرائيلي ينشر نتائج تحقيقه بشأن قتل المسعفين برفح

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم الاثنين، أن التحقيق الأولي في مقتل 15 من رجال الإسعاف في جنوب قطاع غزة أظهر أن جنوده أطلقوا النار بدافع "الشعور بالتهديد"، في وقتٍ تتصاعد فيه المطالب بتحقيق دولي مستقل وسط اتهامات بارتكاب "جريمة حرب مكتملة الأركان".

وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إن إطلاق النار، الذي وقع بتاريخ 23 مارس/آذار في مدينة رفح، جاء بعد مواجهة سابقة في المنطقة، وإن "التحقيق الأولي أشار إلى أن القوات تصرفت استجابة لتهديد متصور". وأضاف البيان أنه تم تحديد هوية 6 من القتلى على أنهم مقاتلي من حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

في المقابل، اتهمت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني القوات الإسرائيلية بقتل طواقم الإسعاف عمدا. وقال رئيس الهلال الأحمر الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة، يونس الخطيب، في مؤتمر صحفي برام الله إن نتائج التشريح أظهرت أن جميع الضحايا أصيبوا بالرصاص في الجزء العلوي من أجسادهم، وهذا يشير إلى "نية القتل".

روايات متضاربة

في بداية الأمر، قال الجيش الإسرائيلي إن الجنود أطلقوا النار على "مركبات مشبوهة" كانت مطفأة الأنوار وتقترب من مواقعهم ليلا، لكنه اضطر لتغيير هذه الرواية بعد انتشار مقطع فيديو لأحد الضحايا يظهر بوضوح سيارات الإسعاف وسيارات الإطفاء التي تحمل شعارات رسمية وتستخدم أضواء الطوارئ أثناء تعرضها لإطلاق النار.

إعلان

وفي بيان لاحق، أعلن الجيش أن رئيس الأركان، الجنرال إيال زامير، أمر بإجراء تحقيق أكثر تعمقا في الحادث على أن تُنشر نتائجه قريبا.

مقبرة جماعية وانتقادات دولية

وذكرت وكالة الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن جثث الشهداء، بمن فيهم موظفو الهلال الأحمر والدفاع المدني ووكالة الأونروا ومنظمات أممية أخرى، دُفنت في مقابر جماعية بالقرب من موقع الحادث في حي تل السلطان برفح، عقب القصف الذي أصابهم أثناء قيامهم بمهام إنقاذ إنسانية.

وتساءل الخطيب خلال المؤتمر الصحفي: "لماذا أُخفيت الجثث؟"، مطالبا الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بتشكيل لجنة تحقيق محايدة ومستقلة للنظر في ما وصفه بالقتل المتعمد لطواقم الإسعاف في غزة.

وفي سياق متصل، استشهد صحفي فلسطيني وأُصيب 9 آخرون اليوم الاثنين بعد استهداف خيمة إعلامية في خان يونس جنوب القطاع، بحسب ما أفاد به الدفاع المدني الفلسطيني. وأوضح المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن الصحفي حلمي الفقعاوي كان من بين ضحايا الهجوم.

من جانبه، صرح الجيش الإسرائيلي أنه استهدف عنصرا في حماس يدعى حسن عبد الفتاح اصليح، وقال إنه كان "ينشط تحت غطاء صحفي"، وشارك في هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول على إسرائيل. لكن تقارير فلسطينية أكدت أن اصليح أُصيب ضمن الجرحى التسعة في الغارة الجوية، ولم يُقتل.

نمط خطير من الانتهاكات

وأكد الهلال الأحمر أن استهداف القافلة الإنسانية يعكس "نمطا خطيرا ومتكررا من الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي الإنساني". وكان مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية قد أشار إلى أن القوات الإسرائيلية فتحت النار أولا على سيارة تقل عناصر من الأمن الداخلي التابع لحماس، قبل أن تُطلق النار لاحقا على قافلة إنسانية اعتبرتها "مشبوهة".

في المقابل، تمسّك متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية برواية أن "6 من القتلى كانوا من عناصر حماس"، متسائلا: "ما الذي كان يفعله إرهابيو حماس داخل سيارات الإسعاف؟".

إعلان

ورفض رئيس الهلال الأحمر الفلسطيني هذه الادعاءات، قائلا إن إسرائيل "لم تقدم منذ 50 عاما أي دليل على أن طواقم الهلال الأحمر قد استخدمت أو نقلت أسلحة".

مقالات مشابهة

  • تصعيد مضاعف في الجنوب الأمامي فما الذي تريده إسرائيل مجدداً؟
  • اولويات لبنان: الانسحاب الإسرائيلي من التلال والأسرى والتفاوض على النقاط ال 13 المختلف عليها
  • أورتاجوس: الجيش اللبناني قادر على نزع سلاح حزب الله
  • الرئيس اللبناني يُحذِّر من انتهاك إسرائيل للقرار 1701
  • الرئيس اللبناني: خرق إسرائيل لوقف إطلاق النار يهدد الاستقرار
  • الرئيس اللبناني: خرق إسرائيل اتفاق وقف النار يهدد الاستقرار جنوب لبنان
  • وزير الخارجية يؤكد دعم مصر الكامل للرئيس اللبناني جوزيف عون وحكومته
  • قائد الجيش اللبناني: انسحاب إسرائيل يجب أن يتم اليوم قبل الغد
  • الجيش الإسرائيلي ينشر نتائج تحقيقه بشأن قتل المسعفين برفح
  • رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يجري جولة ميدانية عند الحدود مع لبنان