قالت دار الإفتاء المصرية إن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند البيع والشراء أمر مشروع، يثاب عليه فاعله؛ ما دام أن نيته هي ابتغاء رضوان الله تعالى وتحصيل أجر فضل الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم.

وأوضحت الإفتاء أن القول بأن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند البيع والشراء بدعة هو ابتداعٌ في الدين بتضييق ما وسَّعه الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.

وأضافت الإفتاء إذا كان البائع يفعل ذلك عبثًا أو بغرض شهرة المبيع، وجذب الأنظار، وبيع الأشياء الرديئة؛ فهو مكروه كراهة تحريمية؛ لكونه يُشعِر بعدم التوقير والاحترام للجناب النبوي العظيم.

بدء الأمور والمهمات بالصلاة على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ

وأكدت الإفتاء أنه يستحب البدء بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم لكل كل ما يهمّ المسلم من أمور، وذلك لما تواتر من فضلها في قضاء الحاجات، وتفريج الكربات، ودفع الملمات.
قال الإمام الحطَّاب في "مواهب الجليل" (1/ 15، ط. دار الفكر): [قال العلماء: يُستحب البداءة بالحمد لكل مصنفٍ ودارسٍ ومدرسٍ وخطيبٍ وخاطبٍ ومتزوجٍ ومزوجٍ، وبين يدي سائر الأمور المهمة، قال الفاكهاني: قلت: وكذلك الثناء على الله، والصلاة على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم] اهـ،

وقال العلامة النفراوي المالكي في "الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني" (1/ 7، ط. دار الفكر): [استحب بعض العلماء البداءة بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وبالحمدلة لكل مصنفٍ ومدرسٍ وقارئٍ بين يدي شيخه سواء كان المبدوء أو المقروء فقهًا أو حديثًا أو غيرهما] اهـ.

وقال العلامة العدوي في "حاشيته على شرح كفاية الطالب الرباني" (1/ 10، ط. دار الفكر): [البداءة بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم مستحبة في كل أمرٍ مُهمّ] اهـ..

حكم الصلاة على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ  
نقل جمعٌ من الفقهاء والعلماء الإجماع على أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرض على الجملة، وأنها تجب على كل مسلم مرة في العمر، وعلى استحباب الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم كلما ذُكِر، وورد في فضلها العديد من الآيات؛ منها 
قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].


وروى البخاري في كتاب الأنبياء من صحيحه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: لقيني كعب بن عجرة فقال: ” ألا أهدي لك هدية سمعتها من النبي صلى الله عليه وسلم فقلت بلى فأهدها إلي فقال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت فإن الله علمنا كيف نسلم قال قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد“. 

وأخرج أيضا حديث كعب بن عجرة في كتاب التفسير من صحيحه في تفسير سورة الأحزاب ولفظه: ” قيل يا رسول الله أما السلام عليك فقد عرفناه فكيف الصلاة عليك قال قولوا اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد”. 

وأخرجه أيضا في كتاب الدعوات من صحيحه وقد أخرج هذا الحديث مسلم عن كعب بن عجرة رضي الله عنه من طرق متعددة عنه. وأخرج البخاري في كتاب الدعوات من صحيحه عن أبي سعيد الخدري “قال قلنا يا رسول الله هذا السلام عليك فكيف نصلي قال قولوا اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم” وأخرجه عنه أيضا في تفسير سورة الأحزاب. 

وأخرج البخاري في كتاب الأنبياء من صحيحه عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه أنهم قالوا يا رسول الله كيف نصلي عليك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” قولوا اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد. وأخرج عنه أيضا في كتاب الدعوات بمثل هذا اللفظ، وأخرج هذا الحديث عن أبي حميد رضي الله عنه مسلم في صحيحه. وأخرج مسلم في صحيحه عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال.

 ” أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في مجلس سعد بن عبادة فقال له بشير بن سعد: أمرنا الله تعالى أن نصلي عليك فكيف نصلي عليك قال فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمنينا أنه لم يسأله ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” قولوا اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد والسلام كما علمتم” .

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: النبي محمد حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند البيع والشراء الصلاة على النبي النبي البيع والشراء الصلاة على النبی صلى الله علیه وآله وسلم رسول الله صلى الله علیه وسلم بالصلاة على النبی ص الصلاة على النبی ص رسول الله رضی الله عنه على إبراهیم فی کتاب عن أبی

إقرأ أيضاً:

حكم طهارة المريض المحجوز بالعناية المركزة

أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة: "ما حكم طهارة المريض المحجوز بالعناية المركزة؟ فصديقي مريضٌ بالعناية المركزة في المستشفى، وأحيانًا يكون على بَدَنه وثَوبه نجاسة، والأطباء حفاظًا على صحته يمنعون عنه استعمال الماء، فهل يمكنه الصلاة بدون طهارة بدنه؟ وماذا يفعل في الطهارة من الأحداث لتصح صلاته؟".

لترد دار الإفتاء موضحة: أنه لا يجب على المريض المحجوز بالعناية المركزة استعمال الماء في الطهارة حال منع الأطباء له مِن ذلك؛ حفاظًا على نفسه وعملًا بقول الله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: 29]، وبما وَرَدَ عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه قال: «احتلمتُ في ليلةٍ باردةٍ في غزوة ذات السلاسل، فأشفقتُ إن اغتسلتُ أن أهلِكَ، فتيممتُ، ثم صليتُ بأصحابي الصبح، فذكروا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: «يَا عَمْرُو، صَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ؟» فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال، وقلت: إني سمعت أن الله يقول: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: 29]، فضحك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يقل شيئًا». وعليه إذا أراد استباحة الصلاة التيمم، وإن تَعذَّر عليه التيمم صلَّى على حاله دون طهارة حسية أو معنوية، وصلاته بذلك مُجزئةٌ وصحيحةٌ، ولا إعادة عليه.

طهارةُ الثوبِ والبدنِ والمكانِ مِن مطلوبات الصلاة؛ والدليل على ذلك قوله تعالى: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ [المدثر: 4]، قال الإمام الشافعي في "تفسيره" (3/ 1411، ط. دار التدمرية): [قال اللَّه عزَّ وجلَّ: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ الآية، فقيلَ: يُصَلِّي في ثيابٍ طاهرةٍ، وقيلَ: غيرُ ذلكَ، والأوَّلُ أَشْبَهُ؛ لأن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم أمرَ أن يُغسَلَ دم الحيضِ من الثوبِ] اهـ.

وأمَّا طهارةُ البدنِ فلِمَا رواه الشيخان -واللفظُ لمسلمٍ- عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: مرَّ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم على قبرينِ فقالَ: «أَمَا إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ».

قال العَلَّامة ابن بَطَّال في "شرح صحيح البخاري" (1/ 325، ط. مكتبة الرشد): [أجمعَ الفقهاءُ على نجاسةِ البولِ والتنزُّه عنه. وقوله: «كان لا يَسْتَتِر من بَوله»، يعني أنَّه كانَ لا يَسْتُر جَسَدَه ولا ثِيَابَه من مُماسَّةِ البولِ، فلما عُذِّبَ على استخفافهِ لغَسلهِ والتحرزِ منه، دلَّ أنَّه مَن تركَ البولَ في مَخْرَجِهِ، ولم يَغْسِلْهُ، أنَّه حقيقٌ بالعذابِ] اهـ.

ولذلك ذهب جمهور الفقهاء إلى أنَّ طهارةَ الثوبِ والبدنِ والمكانِ مِن شروط صحة الصلاة. ينظر: "بدائع الصنائع" للعلامة الكاساني (1/ 114، ط. دار الكتب العلمية)، و"الشرح الكبير" للعلامة الدردير (1/ 201، ط. دار الفكر)، و"المجموع" للإمام النووي (3/ 132، ط. دار الفكر)، و"كشاف القناع" للعلامة البُهُوتي (1/ 288، ط. دار الكتب العلمية).

ومن شروط صحة الصلاة أيضًا: الطهارة مِن الحدثين الأصغر والأكبر؛ لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ [المائدة: 6]، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» متفق عليه، واللفظ للبخاري.

بيان حكم الطهارة لمن يتعذّر عليه استعمال الماء
المتعذِّر أو المُتعسِّر عليه استعمال الماء في الطهارتين -كما في حالة مريض العناية بصورته الواردة في السؤال- مرفوعٌ عنه الحرج الوارد في قوله تعالى: ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [المائدة: 6].

ومعنى رفع الحرج عنه في هذه الحالة هو أنَّه وإن كان الأصل عدم صحة الصلاة منهما بغير وضوءٍ، إلا أنَّ التَّعذُّر والتَّعسُّر يُصار معهما إلى البَدَل في الطهارة، سواء كان التَّعذُّر حُكْميًّا بعدم القدرة على استعماله أو حقيقيًّا بفقد الماء، وهو -أي: العُذْر بهذا التفصيل السابق- سارٍ في طهارة البدن والثياب.

وإذا كان التيمم مشروعًا عند فقد الماء أو عدم القدرة على استعماله -حتى نَقَل بعض الفقهاء الإجماع على ذلك، كما في "فتاوى قاضيخان" للعلامة الفَرْغاني (1/ 54، ط. دار الكتب العلمية)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (1/ 303، ط. دار الكتب العلمية)-، فإنَّ عدم القدرة على استعمال الماء خوفًا من الضرر أو التهلكة حال التطهر به في حكم فَقْدِه ومما يُشْرَع لأجله التيمم؛ وذلك لدخوله في عموم ما أطبقت عليه الأدلة الشرعية من وجوب حفظ النفس، ومجانبتها المهالك والمفاسد، وبما ورد من كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتقريره في خصوص مشروعية التيمم للجُنُب عند الخوف من التضرر بالماء.

فأما عموم النصوص الشرعية الدالة على وجوب حفظ النفس: فنحو قول الله تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [البقرة: 195]، وقوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: 29]، وقوله سبحانه: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78]، وقوله جلَّ شأنه: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن: 16].

قال الإمام الزمخشري في "الكشاف" (1/ 502، ط. دار الكتاب العربي): [﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾.. عن عمرو بن العاص رضي الله عنه: أنه تأوله في التيمم لخوف البرد، فلم ينكر عليه رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم] اهـ.

وأما ما جاء من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: فعن عمران بن حصين الخزاعي رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأى رجلًا مُعْتَزِلًا لم يُصَلِّ في القوم، فقال: «يَا فُلَانُ، مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ فِي القَوْمِ؟» فقال: يا رسول الله، أصابتني جنابةٌ ولا ماء، فقال: «عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ» متفق عليه، واللفظ للبخاري.

وعَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه، فَقَالَ: إِنِّي أَجْنَبْتُ فَلَمْ أُصِبِ المَاءَ، فَقَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ لِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنهم: أَمَا تَذْكُرُ أَنَّا كُنَّا فِي سَفَرٍ أَنَا وَأَنْتَ، فَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ، وَأَمَّا أَنَا فَتَمَعَّكْتُ فَصَلَّيْتُ، فَذَكَرْتُ لِلنَّبِيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ هَكَذَا» فَضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِكَفَّيْهِ الأَرْضَ، وَنَفَخَ فِيهِمَا، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ. متفق عليه، واللفظ للبخاري.

وأما ما ورد من تقريره صلى الله عليه وآله وسلم: فعن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: احتلمتُ في ليلةٍ باردةٍ في غزوة ذات السلاسل، فأشفقتُ إن اغتسلتُ أن أهلِكَ، فتيممتُ، ثم صليتُ بأصحابي الصبح، فذكروا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: «يَا عَمْرُو، صَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ؟» فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال، وقلت: إني سمعت أن الله يقول: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: 29]، فضحك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يقل شيئًا. أخرجه أبو داود في "سننه"، واللفظ له، وأحمد في "مسنده".

بيان حكم الطهارة لمن يتعذّر عليه التيمّم
صورة التيمم: أن يُمِسَّ الصعيدَ الطاهرَ باطنَ الكَفِّ على مرتين، مرةً فيهما يـَمْسَح بها الوجهَ، والمرة الثانية يـَمْسَح بها اليدين إلى المرفقين؛ اليمنى باليسرى، واليسرى باليمنى؛ كما قال تعالى في بيان صفة التيمم: ﴿فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾ [المائدة: 6]، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ: ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ» أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"، والدَّارَقُطْني والبَيْهَقِي في "السنن"، والحاكم في "المستدرك".

وإذا تَعذَّر التيمم على المريض في هذه الحالة فحكمه حكم فاقد الطهورين؛ فيجوز له أداء الصلاة على حاله بلا وضوءٍ ولا تَيَمُّمٍ مراعاةً لحُرْمة الوقت، وليس عليه إعادة ما صلَّاه؛ كما هو الصحيح من مذهب الحنابلة؛ تيسيرًا ورفعًا للحرج عنه.

قال العَلَّامة علاء الدين الـمَرْدَاوي في "الإنصاف" (1/ 282-283، ط. دار إحياء التراث العربي): [قوله: (ولو عدم الماء والتراب صلى على حسب حاله)، الصحيح من المذهب: وجوب الصلاة عليه والحالة هذه، فيفعلها وجوبا في هذه الحالة. وعليه الأصحاب... قوله: (وفي الإعادة روايتان) وأطلقهما في "الجامع الصغير"، و"الهداية"، و"المذهب"، و"مسبوك الذهب"، و"الكافي"، و"المحرر"، و"ابن تميم"، وغيرهم. إحداهما: لا يعيد، وهو المذهب] اهـ.

وقال العَلَّامة أبو السَّعادات البُهُوتي في "كشاف القناع" (1 /171): [(ومن عُدِم الماء والتراب، أو لم يمكنه استعمالهما) أي: الماء والتراب (لمانعٍ) (كمن به قروح لا يستطيع معها مس البشرة بوضوء ولا تيمم؛ صلى) الفرض فقط (على حسب حاله وجوبًا)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ»؛ ولأن العجز عن الشرط يوجب ترك المشروط، كما لو عجز عن السترة والاستقبال. (ولا إعادة)؛ لما روي عن عائشة أنها استعارت من أسماء قلادةً فضَلَّتْها، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجالًا في طلبها، فوجدوها، فأدركتهم الصلاة، وليس معهم ماء فصلوا بغير وضوء فشكوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله آية التيمم. متفق عليه، ولم يأمرهما بالإعادة، ولأنه أحد شروط الصلاة، فسقط عند العجز كسائر شروطها] اهـ.  

وتقدير تَعذُّر أو تَعَسُّر الوضوء أو التيمم مَرْجِعه إلى الطبيب في هذه الحالة.

وعلى ذلك فإذا تَعذَّر أو تَعَسَّر على المريض استعمال الماء في طهارة بدنه أو أعضائه، فلا حرج عليه، وينتقل رفع الحدث عنه إلى التيمم، فإن تَعذَّر التيمم صلى على حاله ولا إعادة عليه.

الخلاصة
بناءً على ما سبق وفي واقعة السؤال: فلا يجب على والدِ صديقِكَ استعمال الماء في الطهارة حال منع الأطباء له مِن ذلك، وعليه التيمم عند إرادة التطهر إلى الصلاة، وإن تَعذَّر عليه التيمم صلَّى على حاله، وصلاته بذلك مُجزئةٌ وصحيحةٌ، ولا إعادة عليه.

مقالات مشابهة

  • حنكش: النقاش الرئاسي مفتوح لكن بعض القوى تعتمد سياسة البيع والشراء
  • عبادة في الشتاء أوصى بها النبي.. تعرف على أجرها الكبير
  • حكم طهارة المريض المحجوز بالعناية المركزة
  • بيان فضل الإمامة في الصلاة وشروطها
  • موعد صيام الأيام البيض في شهر رجب 2025.. الفضل والأجر كما ورد عن النبي
  • تعرف على.. ضوابط البيع والشراء بالتقسيط وفقًا للقانون
  • عالم بالأوقاف يوضح فضل الصلاة على النبي وصيغها المتنوعة
  • رمضان عبدالمعز: النبي استضاف نصارى نجران في المسجد النبوي لمدة 40 يوما
  • طعام حذر منه النبي إياك أن تأكله