سواليف:
2025-03-10@08:54:47 GMT

فقه الثورة في الإسلام

تاريخ النشر: 7th, January 2025 GMT

#فقه_الثورة في #الإسلام
بقلم: د. #هاشم_غرايبه
فطر الإنسان على العيش الجماعي، فاللبنة الأولى هي الأسرة، وهي مجتمع مصغر يتولى فيه الأب القيادة، ومجموع الأسر تشكل العشيرة، ومجموعة العشائر التي تنتمي الى جد واحد قبيلة.
وتنازعت القبائل على الموارد الزراعية والحيوانية، وتطورت احتياجات الإنسان لدواعي الحماية والتعاون، فصار لازما وجود وعاء جامع ينظم ويحمي فنشأت الدول.


ولما كانت الزعامة والقيادة تحقق المزايا والمنافع، فقد كان نيلها من شخص مع وجود كثير من الطامحين أمر صعب، بداية كانت محتكرة بعائلات محددة يتوارثها الأبناء من الآباء، ومع التطور توصل البشر الى النظام الديموقراطي الذي يتيح تبوء الزعامة للمؤهلين بالإنتخاب، بغض النظر عن نسبهم.
عندما أنزل الله الرسالة الخاتمة بالدين الكامل المتكامل، لم تتطرق التشريعات الى أسلوب الحكم، لأن الزمن آنذاك لم يكن يعرف فيه غير النظام الامبراطوري، وتتوارث فيه الحكم عائلات حاكمة محددة، فلو أقره لاعتبر نظاما شرعيا، ولو طرح الأسلوب الانتخابي لاستحال تطبيقه لعدم امكانية تنظيم سجلات بالناخبين، ولضعف وسائل النقل والاتصالات، فترك تحديد نظام الحكم مبهما الى حين تحقق الظروف مستقبلا.
لذلك وفي التطبيق الأول للنظام السياسي الإسلامي، طرح نظام بديل يؤدي الغرض آنذاك هو البيعة، وهو لا يقر بتوارث الحكم، بل يتيح الاختيار للكفوء إداريا وسياسيا، بغض النظر عن حسبه أونسبه أو فقهه، لكن لأن اختياره من قبل أفراد الأمة (الانتخاب) غير ممكن للأسباب الوارد آنفا، فقد أوكل اختياره الى أهل الحل والعقد، وهم لجنة من الخبراء تتألف من الحكماء وأهل الرأي والعلم والتجربة، ثم يتاح للأفراد تزكية هذا الاختيار أو رفضه، ومن يقره يعني ذلك أنه بايع الحاكم الجديد على السمع والطاعة والمؤازة.
لكن ذلك ليس مطلقا وأبديا بل مقيد بما لا يخالف الشرع المبين في كتاب الله وتطبيقه النبوي (السنة).
يستنبط ذلك من الأنموذج الأول للحكم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين من بعده، فالحاكم الأول كان النبي الذي اختاره الله، لذلك كان حاكما إداريا وقائدا عسكريا ونبيا مرجعا في الأحكام، وهذه حالة خاصة لا تتكرر لأن عهد النبوة انقطع، وبالتالي لا يمكن أن تجتمع مهام الزعامة الثلاث هذه في شخص مهما كان.
نفهم ذلك من خطبة الخليفة الأول (أبي بكر) حينما طلب السمع والطاعة، لكنها مقيدة بما لا يخالف الشرع، فإن خالفه تسقط البيعه، أي يتوجب خلع الحاكم، لأنه لا يستقيم الأمر إن كانت الرعية متمردة عليه.
وآلية ذلك تكون بخلعه من قبل من اختاروه، وهم أهل الحل والعقد، فأن رفض ترك الحكم وأصر على بقائه جازت الثورة عليه لإسقاطه، وسند ذلك هو رد أحدهم على الخليفة الثاني عمر بن الخطاب حينما قال: “من رأى منكم فيَّ اعوجاجاً فليقوِّمه”، فقام رجل وقال: “والله لو رأينا فيك اعوجاجًا لقوّمناه بسيوفنا”، فأقره عمر واستحسن قوله فقال :”الحمد لله الذي جعل في هذه الأمة من يقوِّم إعوجاج عمر بسيفه”.
نخلص مما سبق أن الطاعة للحاكم شرط أساسي لاستتباب الحكم وصلاح الأمر، لكن الحاكم ليس محصنا من الزلل والحيف، لذلك فالواجب الشرعي عليه يلزمه بقبول أن يبقى تحت الرقابة والمساءلة على الدوام، وأن لا يستبد برأيه بل يأخذ برأي ومشورة الخبراء في المسائل السياسية، ورأي علماء في مطابقة قراراته لأحكام الشرع، وفرض الله ذلك على رسوله الموحى إليه، ليكون سنة لمن بعده: ” وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ” [آل عمران:159].
خضوعه للمراقبة تتطلب أن تكون قراراته وسياساته وإدارته المالية واضحة معلنة، وخضوعه للمساءلة تتوجب وجود سلطة أعلى تفحص أداءه وتقيمه، وهي سلطة تشريعية مستقلة عنه ولا تخضع له، وللفصل في الخلافات والنزاعات يجب وجود سلطة أخرى منفصلة ايضا، هي السلطة القضائية كادرها مؤهلون في العلم بالشرع وكافة المناحي الحياتية.
هكذا نستنتج أن القول بالطاعة المطلقة للحاكم ليس له سند شرعي، بل هي مقيدة، والواجب يقتضي وجوب وجود أهل الحل والعقد بصلاحياتها الشرعية الكاملة، فإن لم توجد، فالواجب ملقى على عاتق هيئة الأمر بالمعروف، فإن رفض نصحها، تعلنه من باب تغيير المنكر باللسان، للضغط عليه شعبيا وإعلاميا لكي يصلح أو يستقيل.
وبالتطبيق المعاصر: التظاهرات للمطالبة بالإصلاح، وإلا فالثورة.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الإسلام هاشم غرايبه

إقرأ أيضاً:

هؤلاء المرضى يجوز لهم عدم الصيام في هذه الحالة.. تعرف عليهم

أكد الدكتور محمود صديق، الأستاذ بكلية الطب ونائب رئيس جامعة الأزهر، أن الصيام فُرض لتحقيق التقوى، مستشهدًا بقول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"، موضحا أن الصيام عبادة عظيمة شُرعت للأصحاء القادرين، بينما منح الإسلام رخصة الإفطار لمن يعانون من أمراض قد تضرهم مشقة الصيام.  

هل يجوز صيام المريض العاجز؟ مفتي الجمهورية يوضح | فيديوارشادات لكبار السن في الصيام ..واعراض مبكرة تتوجب الافطار الفوريمرضى يجوز لهم عدم الصيام

وأشار الأستاذ بكلية الطب ونائب رئيس جامعة الأزهر، خلال تصريح، إلى أن مرضى السكري، على سبيل المثال، يجب عليهم استشارة الطبيب قبل اتخاذ قرار الصيام أو الإفطار، حرصًا على صحتهم وسلامتهم، مبيّنا أن الإسلام رخص للحامل والمرضع والنساء في فترة الحيض الإفطار على أن يتم القضاء في أيام أخرى.  

وأضاف أن مرضى الكبد والكلى، خاصة في الحالات المتقدمة التي تتطلب تناول أدوية في مواعيد محددة، قد يُرخص لهم بالإفطار بعد استشارة الطبيب، استنادًا إلى قوله تعالى: "وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ"، وقوله: "يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ".  

وأكد على أن الهدف من الرخصة الشرعية هو الحفاظ على صحة الإنسان، مؤكدًا أن الله سبحانه وتعالى يريد لعباده اليسر والرحمة، وداعيًا الجميع إلى الالتزام بتعاليم الدين بروحها الصحيحة التي تراعي مصلحة الإنسان وسلامته.

صيام المريض العاجز

وأكد الدكتور نظير عياد -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، أن الفرح بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ، والغيرة على دينه وسنته، من علامات المحبة الصادقة، مؤكدًا أن "المرء يُحشر مع من أحب"، مستشهدًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم حين بشَّر رجلًا قال إنه لم يُعِدَّ للآخرة كثير صلاة أو صيام، لكنه يُحب الله ورسوله، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «أنت مع من أحببت».

وأضاف مفتي الجمهورية، خلال لقائه مع الإعلامي حمدي رزق ببرنامج "اسأل المفتي" الذي يذاع على قناة صدى البلد، أن الإسلام دين يسر ورحمة، وأنه لا يكلف الإنسان فوق طاقته، مستشهدًا بقوله تعالى: {مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]. وأكد أن المريض العاجز عن الصيام، الذي لا يُرجى شفاؤه، وليس لديه القدرة على دفع الفدية، يُرفع عنه الحرج، وليس عليه إثم.

وأشار إلى قصة الرجل الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشتكي أنه أتى أهله في نهار رمضان، فأمره النبي بالكفارة، لكنه لم يكن قادرًا عليها، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم صاعًا من تمر ليتصدق به، فلما أخبره الرجل أنه أفقر أهل المدينة، سمح له النبي بأخذه. وأكد فضيلته أن هذه القصة تدل على سعة رحمة الإسلام وتيسيره على المسلمين.

واختتم المفتي حديثه بالدعوة إلى التحلي بروح الشريعة الإسلامية التي تقوم على الرحمة والتيسير، والتأكيد على ضرورة الالتزام بالأحكام الشرعية بروح المحبة والاتباع، مع الاستفادة من التوجيهات النبوية في تحقيق السعادة والطمأنينة في الدنيا والآخرة.


 

مقالات مشابهة

  • هؤلاء المرضى يجوز لهم عدم الصيام في هذه الحالة.. تعرف عليهم
  • درس التراويح بالجامع الأزهر: الإسلام جعل التكافل مبدأً راسخًا لتوازن المجتمع
  • إبراهيم عليه السلام رمزٌ وقدوةٌ في البراءة من أعداء الله، لا التطبيع معهم!
  • المفتي يوضح حكم صيام المريض العاجز «فيديو»
  • مسجد قباء أول مسجد أسس في الإسلام يحمل في جنباته عبق السيرة النبوية
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • حكم نهائى.. نهاية مأساوية لطالب الرحاب وتأييد الحكم على القتلة
  • خالد الجندي: هذه الكلمة من أحب الألفاظ إلى الله
  • هل يجوز للمصريين الصيام أو الإفطار حسب رؤية دولة أخرى؟.. المفتي يوضح الحكم
  • «الضويني»: الأزهر منحة ربانية منّ الله بها على الأمة لتعبر عن روح الإسلام