لماذا تصرّ أوكرانيا على التوسع في كورسك؟
تاريخ النشر: 7th, January 2025 GMT
كييف- منذ أغسطس/آب من العام الماضي، تصدّرت مقاطعة كورسك الروسية أنباء الحرب، بعد توغّل قوات أوكرانية فيها وسيطرتها على مئات الكيلومترات المربعة هناك.
ومنذ ذلك الحين، بدأت روسيا عملية مضادة واسعة بمشاركة آلاف الجنود الكوريين الشماليين، وفق ما أكدته كييف مرارا، وصمتت عنه موسكو.
وفي خطوة مفاجئة جديدة، بدأت أوكرانيا، صباح أمس الأول الأحد، هجوما جديدا على 3 محاور في عمق مقاطعة كورسك الروسية، بمشاركة وحدات تضم نحو ألفي جندي.
تمكنت القوات الأوكرانية خلال هذا الهجوم من السيطرة على مساحة قدّرها موقع "ديب ستيت" لخرائط الحرب بنحو 157 كيلو مترا مربعا. ليصل إجمالي مساحة الأراضي الخاضعة لسيطرة أوكرانيا في المقاطعة إلى ما يزيد عن 600 كلم مربع حاليا.
ويبدو أن نتيجة الهجوم هذه قوبلت برضا أوكراني وتفهّم أميركي؛ إذ وصفها مدير مكتب الرئاسة الأوكرانية أندريه يرماك، بـ"الأنباء الجيدة". وخلال زيارة إلى كوريا الجنوبية، اعتبر وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أن موقف الأوكرانيين في كورسك مهم، لأنه سيؤخذ بعين الاعتبار عند أي مفاوضات قد تجري".
تقدم بعد تراجع
لكن عنصر المفاجأة في الهجوم الجديد، والمساحات التي ضمتها أوكرانيا لسيطرتها، لا تخفي حقيقة أن قواتها تراجعت كثيرا أمام عمليات نظيرتها الروسية المضادة في أراضي المقاطعة، منذ أن دخلتها بداية شهر أغسطس/آب العام الماضي.
إعلانقبل نحو 5 أشهر كانت أوكرانيا تسيطر على نحو 1300 كلم مربع في المقاطعة وليس 600، بما ضم نحو 100 تجمع سكني بين مدينة وبلدة وقرية. واليوم تعتبر كورسك واحدة من أبرز 5 جبهات تتقدم فيها روسيا بوتيرة ثابتة، إلى جانب جبهات شرق وشمال شرق خاركيف، وكذلك جبهات بوكروفسك وكوراخوف في دونيتسك.
إفشال وإضعاف الروسهذه الحقيقة تدفع للتساؤل حول أهداف العمليات الجديدة ونجاعتها، بين ما هو معلن على ألسنة المسؤولين وما يراه خبراء ومراقبون؛ فبحسب الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، عمليات كورسك ضرورية لإفشال خطط روسية تقضي بالتوغل مجددا في مقاطعتي تشيرنيهيف وسومي (التي انطلقت منها القوات الأوكرانية نحو كورسك) شمال وشمال شرق البلاد،؛ وكلتاهما دخلتها روسيا مع بداية الحرب في فبراير/شباط 2022، لكنها انسحبت منها بعد نحو شهر.
كما يشير زيلينسكي، إلى أن من أهداف العمليات أيضا تخفيف الضغط الروسي على جبهات مقاطعة دونيتسك الساخنة، بدفع قوات روسية من هناك باتجاه كورسك.
ولا ينكر المراقبون وجود هذه الغايات فعلا، لكنهم يتحدثون عن أهداف سياسية أخرى وراء الإصرار الأوكراني على البقاء في كورسك، والتوسع فيها كلما سنحت الفرصة.
يقول إيفان ستوباك، الخبير العسكري في "المعهد الأوكراني للمستقبل"، والمستشار السابق لشؤون الأمن العسكري في البرلمان الأوكراني، إن نسبة الأهداف العسكرية من العمليات لا تتجاوز حاليا 30%. منها ما ذكره الرئيس، إضافة إلى حقيقة أن جبهات كورسك وبوكروفسك هي الأفضل لاستنزاف مواردهم البشرية والوحدات الكورية الشمالية التي تساندهم.
وأضاف ستوباك في حديث للجزيرة نت "منذ بداية أغسطس، التقديرات الأوكرانية تشير إلى مقتل وإصابة نحو 40 ألف جندي في كورسك وحدها؛ وهذا يفسر لجوء الروس إلى طلب إسناد نحو 11 ألف جندي كوري شمالي هناك تحديدا".
إعلان أهداف سياسية عاجلةوالخبير ذاته يرى أن 70% من أهداف العمليات تحمل طابعا سياسيا عاجلا، خاصة مع اقتراب فترة تولي دونالد ترامب الحكم في الولايات المتحدة، وكثرة الحديث عن مفاوضات محتملة لا تملك أوكرانيا كثيرا من أوراق الضغط فيها.
ويرى ستوباك أنه "رغم كل الصعوبات التي تواجه أوكرانيا في كورسك، فإنها مكان وحيد تستطيع فيه خلق موجات نزوح داخل روسيا، وتحريك الرأي العام داخل المجتمع ضد نظام بوتين، الذي "يريد احتلال أراضي أوكرانيا، ويعجز بالمقابل عن حماية وتحرير أراضيه"، من جهة نظره.
وفي سياق آخر، يقول الخبير "أوكرانيا اليوم تستعجل الإمساك بأية أوراق ضغط ممكنة، وكورسك إحداها، لأن إدارة زيلينسكي تنوي مبادلتها -على الأرجح- مع أراض أوكرانية معينة عند أي تفاوض".
لكن الخبير ستوباك لا يخفي تشاؤما فيما يتعلق بقدرة بلاده على تحقيق أي أثر على الأرض، وأي نتيجة على طاولة المفاوضات، وإن كان آخرون يرون غير ذلك. ويقول "تشارك في كورسك أفضل وحدات الجيش الأوكراني من حيث الخبرة ونوعية السلاح، بينما يعاني جنودنا على جبهات دونيتسك منذ شهور. عمليات كورسك لم تخفف الضغط عليهم هناك، وأشك بأنها ستفعل".
ويضيف "حتى فيما يتعلق بالمفاوضات، أعتقد أن بوتين لن يهتم لأمر كورسك أمام ما يريد تحقيقه في أوكرانيا، وبغض النظر عن النتائج، فالحرب أثبتت أن كل شيء مبرر بالنسبة له لتحقيق مبتغاه مهما كان حجم الخسائر".
خريطة تظهر موقع مقاطعة كورسك الروسية بالنسبة لأوكرانيا (الجزيرة) استنزاف حتى حينأما من وجهة نظر الخبير العسكري والضابط السابق في قوات الاحتياط، أوليغ جدانوف، فإن "مقاطعة كورسك أربكت الروس وشتت قواهم؛ فالتفوق العددي يبقى في صالح الروس، لكن القوات التي تصل اليوم إلى الجبهات تفتقد الخبرة والكفاءة، وهذا يفسر حجم خسائرهم وبطء تقدمهم"، كما يقول.
من وجهة نظر جدانوف فإن "إستراتيجية روسيا قائمة على احتلال الأرض بأي ثمن، والمبدأ الأوكراني هو التقليل من حجم الخسائر. وحرب الاستنزاف هذه تجري لصالح أوكرانيا، فخلالها سنخسر أراضي، لكن هذا لن يستمر إلى ما لا نهاية، وعندها سيعود زمام المبادرة إلينا بقوة، كما حدث في معارك تحرير كييف وسومي وتشيرنيهيف وخاركيف وخيرسون".
إعلانويضيف "أراضي كورسك مكّنت قواتنا من قصف مواقع حساسة داخل روسيا أيضا، بين مطارات ومراكز قيادة، الأمر الذي كان صعبا فيما سبق، وبالتالي خففت الضغط فعلا عن الجبهات والمدن الأوكرانية البعيدة"، على حد تقديره.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات مقاطعة کورسک فی کورسک
إقرأ أيضاً:
أوكرانيا تُكبد القوات الروسية خسائر في كورسك
قال ميخايلو دراباتي، قائد القوات البرية الأوكرانية في منطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا "في منطقة كورسك نحن نكبّد القوات الروسية خسائر".
روسيا تسيطر على بلدة كوراخوف شرق أوكرانيا أوكرانيا تقصف دونيتسك بـ 79 مقذوفا خلال 24 ساعةوبحسب" سكاي نيوز عربية"، أوضح مسؤول عسكري أوكراني، أن قواته تكبّد قوات موسكو "خسائر" في كورسك بجنوب روسيا، غداة إعلان الأخيرة أن أوكرانيا بدأت هجوما مضادا في هذه المنطقة.
و ذكرت روسيا ، أن قواتها حققت مكاسب مهمة في شرق أوكرانيا وما زالت تصد هجوما جديدا داخل منطقة كورسك في غرب روسيا، حيث تدور معارك ضارية لليوم الثاني.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن قواتها سيطرت على بلدة كوراخوف التي تبعد 32 كيلومترا جنوبي بوكروفسك وهي مركز لوجستي أوكراني تتقدم القوات الروسية نحوه منذ أشهر
وأوضحت أن السيطرة على كوراخوف التي ظلت صامدة لأسابيع كثيرة، ستمكن القوات الروسية من تسريع وتيرة تقدمها في منطقة دونيتسك الأوكرانية.
وأضافت أنها سيطرت أيضا على تجمع داشينسكي السكني الذي يبعد خمسة أميال عن بوكروفسك.
ويخوض الجانبان معارك لتحسين مواقعهما في ساحة المعركة قبل تنصيب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة في 20 يناير. وكان ترامب قد تعهد بإنهاء الحرب الدائرة منذ نحو ثلاث سنوات.
والإنجاز الرئيسي الذي حققته أوكرانيا خلال الأشهر الخمسة الماضية من القتال هو الاستيلاء على أراض داخل منطقة كورسك الروسية والاحتفاظ بها، وهو ما قد يشكل ورقة مساومة في محادثات السلام المحتملة.