نفوذ المناصب: الصراع على الحقائب الوزارية يعمق الخلافات الكردية
تاريخ النشر: 7th, January 2025 GMT
7 يناير، 2025
بغداد/المسلة: مازال إقليم كردستان العراق يواجه تحديات شديدة في تشكيل حكومة جديدة عقب الانتخابات البرلمانية التي جرت في 20 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. الانتخابات، التي أظهرت تراجع الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود البارزاني، عن الغالبية التي كان يتمتع بها، وضعت الأحزاب الفائزة في مواجهة تحديات حاسمة، ودفعت المشهد السياسي الكردي إلى دائرة صراع على النفوذ والمناصب، وهو صراع يحمل في طياته مخاطر تهدد الاستقرار السياسي والاقتصادي للإقليم.
و في ظل نتائج الانتخابات، حيث حصل الحزب الديمقراطي الكردستاني على 39 مقعدًا، بينما ظهر “حراك الجيل الجديد” بقوة بـ15 مقعدًا، أصبح تشكيل الحكومة في حاجة إلى توافقات دقيقة ومرنة بين مختلف الأطراف.
و هذا التحدي يتضح في الصعوبة التي يواجهها الحزب الديمقراطي في عقد تحالفات مع المعارضة، التي أعلنت رفضها المشاركة في حكومة يقودها أي من الأحزاب التقليدية.
و تصريحات حزب الديمقراطي الكردستاني تؤكد على سعيه إلى تشكيل حكومة قوية ومستقرة، رغم أن هذا يتطلب تحركات حذرة في ظل التوازنات الداخلية والإقليمية المتشابكة.
وفي هذا السياق، أشار عضو الحزب محمد شاكر إلى أن حزبه لا يضع شروطًا تعجيزية أمام الأحزاب الأخرى، مستعدًا لمنحها حصة أكبر مما تستحق، شريطة احترام إرادة الناخبين الكردستانيين. لكن ذلك لا يخفي الأبعاد السياسية التي قد تقف عائقًا أمام تشكيل الحكومة.
صراع على المناصب
الطرف الآخر، الاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة بافل طالباني، يسعى هو الآخر لانتزاع أكبر عدد ممكن من المناصب، ما يعكس تزايد حدة الصراع بين الأحزاب على المواقع الحساسة التي ستحدد ملامح المرحلة المقبلة. هذه المناصب لا تقتصر على وظائف إدارية أو حزبية فحسب، بل تشمل أيضاً مفاتيح السلطة التي تتحكم في الثروات الاقتصادية، خصوصًا النفط والغاز، فضلاً عن القدرة على اتخاذ قرارات سياسية حاسمة تتعلق بعلاقات إقليم كردستان مع الحكومة المركزية في بغداد ومع القوى الإقليمية.
وقد أكد القيادي في الاتحاد الوطني، محمود خوشناو، أن الخلاف الأساسي بين القوى الكردية يتمحور حول منهجية الحكم وآلية تشكيل الحكومة، وهو ما يتسبب في تأخر حسم المفاوضات. وبالرغم من أن المناصب قد تبدو حجر عثرة، إلا أن التحدي الأكبر هو كيفية تحقيق توازن حقيقي وشراكة سياسية تؤدي إلى استقرار الحكومة.
و تأخر تشكيل الحكومة في إقليم كردستان يتجاوز مسألة الصراع على المناصب ليطال الاستقرار الداخلي في الإقليم. فكلما طال أمد الجمود السياسي، زادت المخاطر على الوضع الاقتصادي المتدهور أصلاً. فالاقتصاد الكردي يعاني من تحديات مالية جسيمة، بالإضافة إلى تأثيرات النزاعات الإقليمية التي تهدد استقرار المنطقة ككل. كما أن تأخر تشكيل الحكومة يعكس بشكل غير مباشر تفاقم الانقسامات داخل المجتمع الكردي نفسه، حيث يبدو أن الأولوية للمصالح الحزبية والشخصية تسبق مصلحة المواطنين العاديين الذين يواجهون تحديات معيشية وخدمية.
و فيما يتعلق بالتأثيرات الخارجية، رغم ما يصرح به بعض قادة الأحزاب الكردية من عدم تدخل قوى خارجية في تشكيل الحكومة، فإن الواقع يشير إلى أن إقليم كردستان ليس بمعزل عن التداعيات الإقليمية والدولية. فكلما طال الصراع الداخلي على النفوذ، كلما ازداد تأثير القوى الإقليمية والدولية في المنطقة، التي قد تسعى إلى ضمان مصالحها الخاصة في ظل غياب حكومة مستقرة وفاعلة. هذه التدخلات قد تؤدي إلى مزيد من الانقسام أو إلى تراجع نفوذ الأحزاب الكردية في مواجهة الضغوطات الإقليمية.
و أحد المخاطر التي تلوح في الأفق هو احتمالية حدوث فراغ سياسي في الإقليم إذا استمر التنازع على المناصب دون حل سريع. هذا الفراغ قد يكون مفتوحًا على سيناريوهات متعددة، تتراوح بين هيمنة أطراف معينة على المشهد السياسي أو انزلاق الإقليم نحو حالة من الفوضى التي تضر بجميع الأطراف.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: إقلیم کردستان تشکیل الحکومة
إقرأ أيضاً:
القوّات هي السرّ... هكذا سيستفيد التيّار مِنْ إقصائه مِنَ الحكومة
تُشير آخر تشكيلة حكوميّة مُسرّبة إلى أنّ "التيّار الوطنيّ الحرّ" لن يكون ممثلاً في حكومة الرئيس نواف سلام، مقابل حصول "القوّات اللبنانيّة" على 4 حقائب، والكتائب على وزارة. وفي آخر كلمة له، أوضح النائب جبران باسيل أنّ تكتّله سيكون داعماً لرئيس الجمهوريّة العماد جوزاف عون، ولفت إلى أنّه لن يُعرقل إنطلاقة العهد الجديد ولن يتمسّك بالوزارات أو المراكز كيّ ينجح الرئيس المكلّف في مهمّته.كذلك، قال باسيل إنّه ليس حليفاً مع "الثنائيّ الشيعيّ" ولا مع المُعارضة، أيّ أنّه اختار أنّ يبقى في الموقع الوسطيّ كما روّج لنفسه خلال الإنتخابات الرئاسيّة. وقد شكّل وصول الرئيس عون إلى بعبدا أوّل إنتكاسة سياسيّة لـ"الوطنيّ الحرّ"، وعلى الرغم من مُساهمته في تسميّة سلام، لم يقم الأخير بإسناد أيّ حقيبة إلى "التيّار"، لأنّ تكتّل "لبنان القويّ" أخذ فرصته خلال ولاية الرئيس ميشال عون، ولم يتمكّن من مُعالجة المشاكل ولا من إطلاق عجلة الإصلاحات.
وكما هو واضح في المشهد السياسيّ الجديد، فإنّ "التيّار" لن يكون شريكاً في حكومة العهد الأولى، بانتظار الإنتخابات النيابيّة المُقبلة، وما يُمكن لـ"الوطنيّ الحرّ" أنّ يُحقّقه من نتائج إيجابيّة فيها. ويرى مراقبون أنّ باسيل يُعوّل كثيراً على الإستحقاق الإنتخابيّ في عام 2026، وقد يبدو موقفه في البقاء على الحياد مُقابل عدم عرقلة العمل الحكوميّ، إضافة إلى تصوير نفسه أنّه "الضحيّة"، من العوامل التي قد تزيد من شعبيّته مستقبلاً، وخصوصاً إنّ لم ينجح وزراء "القوّات" و"الكتائب" في مهمّتهم، ووُضِعَت العراقيل السياسيّة أمامهم، تماماً كما كانت تُوحي ميرنا الشالوحي من خلال القول "ما خلونا نشتغل".
وإذا أُسنِدَت وزارة الطاقة لـ"القوّات" في التعديلات الحكومية فإنّ هناك مهمّة شاقة تنتظر معراب لإحداث فرقٍ وإيجاد الحلول لتأمين التيّار الكهربائيّ. أما إذا فشلت في هذه المهمّة، فإنّ أعذار "التيّار" السابقة ستكون مبرّرة، من أنّه من دون الجباية على كافة الأراضي اللبنانيّة ومن دون تأمين الإعتمادات ورفع الولايات المتّحدة حظرها على لبنان والسماح له باستجرار الغاز، لن يتحسّن وضع الكهرباء. ويُضيف المراقبون أنّ معراب أمام فرصة حقيقيّة لترجمة الحلول الكهربائيّة التي كانت تطرحها لتأمين التيّار للمواطنين، وأيّ فشل سيخدم "الوطنيّ الحرّ" في الإنتخابات النيابيّة المُقبلة، وسيزيد من رصيده الشعبيّ مقابل تراجع "الجمهوريّة القويّة".
ولعلّ "التيّار" يترقّب كيف سيقوم جميع الوزراء المُشاركين في الحكومة الأولى من عهد عون بحلّ المشاكل، فهناك معضلات كثيرة أهمّها الديبلوماسيّة الفاعلة لإخراج العدوّ الإسرائيليّ من بقيّة البلدات الجنوبيّة اللبنانيّة وإعادة الأسرى اللبنانيين، كذلك، ترسيم الحدود البريّة، والأهمّ إنجاح إتّفاق وقف إطلاق النار وعدم السماح لإسرائيل بتمديد الهدنة، وإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، وهذه مهمّات تقع على عاتق وزير الخارجيّة الذي سيكون من حصّة "القوّات"، إلى جانب كلّ من عون وسلام.
وفي هذا الإطار، يرى المراقبون أنّ الهدف من مُوافقة "التيّار" في البقاء خارج الحكومة الإستفادة من أيّ دعسة ناقصة لوزراء "القوّات" و"الكتائب"، والإستثمار في هذا الأمر في الإنتخابات النيابيّة، فإذا زاد "الوطنيّ الحرّ" وعزّز مقاعده في مجلس النواب، فإنّ أيّ رئيس حكومة سيعمل على تشكيل مجلس الوزراء انطلاقاً من نتائج الإستحقاق الإنتخابيّ.
ويقول المراقبون إنّ باسيل يأخذ حاليّاً إستراحة سياسيّة وكان بدأ جولاته الإنتخابيّة قبل أشهر، فعينه على الإنتخابات النيابيّة، وهو ينتقد دور "الثنائيّ الشيعيّ" في إدخال البلاد في الحرب، ويُريد أنّ يكون حليفاً مع المُعارضة "على القطعة"، هكذا يُعزّز من شعبيته بعدما خسر كثيراً في الشارع المسيحيّ بسبب الفشل في إعادة الأموال للمودعين وعدم تحقيق الإصلاحات وتقديم الخدمات للمواطنين في عهد ميشال عون.
المصدر: خاص لبنان24