لبنان ٢٤:
2025-02-07@16:50:19 GMT
من جبل الشيخ.. حرب تخطط لها إسرائيل ضدّ لبنان لتحرمه من أهم عنصر للحياة
تاريخ النشر: 7th, January 2025 GMT
لم يكن تأثّر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس حين أعلن عن أعلى قمة في جبل الشيخ أن المنطقة عادت إلى الحضن الإسرائيلي بعد 51 بلحظة تاريخية من عَدم، لا بل هو تأثّر له أبعاده العسكرية والأمنية وحتى الحياتيه الوجودية، تتلخّص بالسيطرة على أهم نقطة عسكرية تكشف سوريا والاردن ولبنان بالاضافة إلى جنوب تركيا، مع السيطرة على أهم منبع للمياه.
ومنذ مؤتمر "بال" عام 1897، وضعت الحركة الصهيونية نصب عينيها مصادر المياه في لبنان وسوريا كركيزة لإقامة دولة يهودية قادرة على البقاء اقتصاديًا وزراعيًا. فقد طالبت المنظمة الصهيونية خلال مؤتمر فرساي عام 1919 بضمّ نهر الليطاني، إضافةً إلى ينابيع جبل الشيخ، إلى حدود "فلسطين المستقبلية". هذه المطالب لم تكن مجرد أفكار عابرة، بل جزء من استراتيجية طويلة الأمد لتعزيز الموارد المائية الإسرائيلية.
جبل الشيخ.. من رمزية دينية إلى عمق استراتيجي
جبل الشيخ، الواقع على الحدود اللبنانية-السورية، لم يكن مجرد جبل ذو رمزية دينية، بل تحوّل إلى مركز استراتيجي لتطلعات إسرائيل التوسعية. قممه، مثل قمة ملحاثا وقمم الفوار والنشبة، أصبحت مواقع عسكرية إسرائيلية متقدمة، تستخدم للتجسس والمراقبة، فضلاً عن التحكم في تدفق المياه من ينابيع الجبل نحو نهر الأردن. إسرائيل لا تتوقف عند الاحتلال العسكري؛ بل تضيف إلى ذلك إجراءات مثل تسييج المناطق، زرع الألغام، وتعزيز التحصينات العسكرية لضمان إحكام قبضتها على الموارد المائية.
تشير الإحصاءات إلى أن الشرق الأوسط يعاني من شحّ مائي كبير، حيث لا يمتلك سوى 1% من مخزون المياه العالمي. وفي ظل اعتماد إسرائيل على مصادر مياه تتدفق من خارج حدودها، مثل نهر الحاصباني-الوزاني ونهر الليطاني، يصبح مفهوم "معركة المياه" محورًا رئيسيًا لاستراتيجيتها الإقليمية.
في هذا السياق، تقول الباحثة السياسية رانيا حتّي إنّ "لتوسيع الحدود بالنسبة لإسرائيل في موقع مزارع شبعا، بُعداً جيو- استراتيجياً والهدف الأساسي من ذلك على المستوى العسكري والأمني، هو منع تواصل الجيشين السوري واللبناني او أية قوة مسلحة بما فيها حزب الله ، من خلال "اللسان" الذي يفصل الحدود اللبنانية – الفلسطينية – السورية، كما تعتبر إسرائيل إحتلالها لمزارع شبعا بما فيها ملحاثا وجبل الشيخ يشكّل لها حصناً منيعاً ويؤمن لها تكافؤاً جغرافياً واستراتيجياً حيث أن الارتفاع يتراوح هناك بين 400 و2600م".
البعد الديني: عنصر أساس
وتلفت حتّي خلال حديث مع "لبنان24" إلى أنّ إسرائيل لعبت ولا تزال تلعب على التصورات الثقافية – الدينية، من خلال نشر تأثيرها على يهود الشتات في مختلف أجزاء العالم، و حثّهم على المجيء الى المنطقة واستيطانهم فيها . وإذا استعرضنا لمحة تاريخية عن الكيان الإسرائيلي، نرى بأن جغرافية المنطقة تشكّل هاجساً وجودياً له، بما فيها قمم مزارع شبعا وتلالها. فلقد تميزت نشأة الكيان الإسرائيلي بإستراتيجية تاريخية ودينية كونها قامت على وعد توراتي أسطوري للنبيّ "إبراهيم" وهنا تجدر الإشارة بأنه يوجد في إحدى مزارع شبعا وهي مزرعة "المشهد" مقام النبي "إبراهيم" الذي يُعرف لدى أبناء المنطقة بـ "مشهد الطير" أو "مقام الخليل إبراهيم" القريب من مزرعة رمثا.
وتضيف حتّي قائلة:" من ضمن التصورات، أطلقت القيادة الإسرائيلية مصطلح "الحدود الآمنة" الذي يشير بحسب مسار غور الأردن ومجرى نهر الاردن إلى الحدود الآمنة لإسرائيل من الجهة الشرقية، كما سيشكل بالنسبة لها التسوية السياسية التي تضمن لها بقاءها وديمومتها، وعليه، مما لاشكّ فيه، بأنّ الفكرة الميتولوجية كانت سبباً أساسياً وحافزاً في إقامة دولة إسرائيل، كما أن كل تلك الأحداث التي تلتها والتي تحصل اليوم في جغرافية "الفرات" مرتبطة بالجيوبوليتيك الديني لدولة إسرائيل من النيل إلى الفرات، حيث تكرّس هذا المفهوم مع "الحاخام فيشمان" في خطاب ألقاه أمام لجنة التحقيق الخاصة بالأمم المتحدة عام 1947.. إنّ مخطط إسرائيل القضم الممنهج للأراضي العربية بما فيها مزارع شبعا، يعود إلى مؤتمر "بال" 1897 المشهور وإهتمامها بجبل الشيخ بالتحديد لما فيه من رمزية دينية ميتولوجية، وقد سبق المخطط التوسعي هذا المؤتمر بـ 36 سنة حيث كان الهدف هو تنفيذ الحلم الصهيوني بإنشاء إمبراطورية بني صهيون التي ستحكم العالم بشتى الوسائل، والفترة الزمنية التي حددت لها قدرها مئة عام".
ومن العامل الديني إلى معظلة المياه، ترى الباحثة السياسية رانيا حتّي أن "المياه في منطقة الشرق الأوسط من أكثر الموارد ندرة في العالم، حيث تحتوي على ما يعادل 1% فقط من إجمالي مخزون المياه على كوكب الأرض. وبالنسبة لإسرائيل، التي تعاني من خلل كبير في ميزانها المائي السنوي يتجاوز مليار متر مكعب، تصبح المياه مسألة وجودية تُحدد بقاءها واستمرارها في المنطقة. فمنذ عام 1861، كانت الأطماع الإسرائيلية في المياه واضحة، حيث أرسلت المنظمة الصهيونية العالمية بعثة لدراسة الموارد المائية في فلسطين والأراضي المجاورة. انتهت هذه الدراسة بتوصيات تشير إلى أن مصادر المياه المهمة، مثل نهر الليطاني، ونبع جبل الشيخ، ونهر الأردن، يجب أن تكون جزءاً من الدولة العبرية المستقبلية. وقد تعززت هذه المطالب في عام 1919 عندما بدأ حاييم وايزمن، الذي خلف هرتزل في قيادة الحركة الصهيونية، يراسل الحكومة البريطانية بشأن ضم مياه الليطاني إلى فلسطين، حيث اعتبر أن إقامة "وطن قومي لليهود" يتطلب مصادر مائية مستدامة لتلبية احتياجاتها الزراعية والصناعية".
ومع مرور الوقت، تفاقم الوضع المائي لإسرائيل. ففي عام 1985، سجلت بحيرة طبريا أدنى مستوى لها منذ قرن، مما استدعى إعلان حالة الطوارئ بسبب استنزاف مخزون المياه الاستراتيجي. من هنا، بدأت إسرائيل في التركيز على السيطرة على مياه الجنوب اللبناني، وتحديداً نهر الليطاني، الذي يعد مصدراً غنياً للمياه. في هذا السياق، تقول حتّي أنه "يبرز التقرير الذي أرسله القنصل الفرنسي في القدس، غاستون موغراس، إلى الحكومة الفرنسية، ليكشف عن الأطماع الإسرائيلية بمياه جنوب لبنان، بما في ذلك نهر الليطاني، التي قد توفر لها طاقة هيدروليكية مهمة لمشاريعها المستقبلية. هذا التقرير يعكس التوجه الإسرائيلي المستمر لاستغلال مصادر المياه في لبنان وسوريا لتعزيز قوتها الاقتصادية والجغرافية"، مؤكدة أنّ "المياه أصبحت مسألة حياة أو موت بالنسبة لإسرائيل، وتدرك تماماً أن أي نقص في هذه الموارد قد يهدد استمراريتها في المنطقة. من هنا تأتي أهمية احتلالها لمناطق غنية بالمياه مثل مزارع شبعا وقمم جبل الشيخ، التي تحتوي على أكبر خزانات المياه في منطقة الشرق الأوسط".
وعلى الرغم من اعتبار الدول الأوروبية أن التوسع الإسرائيلي الأخير هو بمثابة "احتلال" واضح، فإنّ المتابعين يجزمون أن إسرائيل لن تتوقف فقط عند أمر التقدم وتوسيع الاستيطان بناء على الأسباب الدينية والاقتصادية والامنية والحياتية، لا بل أنّ الحسم العسكري ضدّ أي هجوم محتمل من قبل أعداء إسرائيل ستكون عملية صدّه أكثر سهولة طالما أن المنطقة باتت مكشوفة أمامها، خاصة وأنّ التقارير تفيد بأنّ بناء واحد من أكبر الرادارات في الشرق الأوسط على قمة جبل الشيخ أقرب من أي وقت مضى.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الموارد المائیة نهر اللیطانی الشرق الأوسط مزارع شبعا جبل الشیخ المیاه فی بما فیها الذی ی بما فی
إقرأ أيضاً:
هل تعطي أورتاغوس ضمانات بانسحاب إسرائيل بالكامل قبل 18 شباط؟
كتبت دولللي بشعلاني في" الديار": يريد رئيس الجمهورية جوزاف عون وجود حكومة كاملة الصلاحيات قبل 18 شباط الجاري، ويودّ الرئيس المكلّف القاضي نوّاف سلام النجاح في مهمّة التشكيل، وإعلان حكومته هذا الأسبوع قبل أن يضمحل الزخم الداخلي والخارجي، الذي رافق انتخاب عون والإجماع على خطاب القسم. فبقاء القوّات "الإسرائيلية" في بعض القرى الحدودية التي دخلتها أخيراً، هو أمر يرفض لبنان تمديده مرّة ثانية.فلبنان يرفض تمديد مهلة انسحاب القوّات "الإسرائيلية" من القرى الحدودية مرة ثانية، على ما تقول أوساط ديبلوماسية مطّلعة، لأنّ التمديد الثاني قد يؤدّي الى تمديد ثالث ورابع وربما بقاء دائم. فهدف "إسرائيل" معروف، وهو البقاء في الجنوب اللبناني ويمثّل هذا الأمر تهديداً خطراً للسيادة اللبنانية.
فهل ستُقدّم الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس خلال زيارتها اليوم الجمعة تطمينات للمسؤولين اللبنانيين بانسحاب "إسرائيل" بشكل كامل من القرى الحدودية بعد 18 شباط، ومقابل ماذا؟ تجيب الأوساط الديبلوماسية بأنّ الولايات المتحدة ستُعطي على لسان الوسيطة الأميركية مثل هذه الضمانات للبنان، مقابل أن تقوم الحكومة الجديدة بالإصلاحات المطلوبة، كما بتطبيق القرار 1701. فـ "إسرائيل" تُبدي رغبتها بالبقاء في الجنوب من أجل إعلاء سقف مطالبها في تطبيق القرار 1701، وفي انسحابها لاحقاً من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من بلدة الغجر، والتي تحتاج الى حلّها مع النظام السوري الجديد من جهة، ومع الأمم المتحدة من جهة ثانية.
من هنا، تلفت الأوساط الديبلوماسية الى أنّ أورتاغوس ستُناقش مع المسؤولين اللبنانيين اليوم ملفات عديدة أبرزها:
1- تطبيق إتفاق وقف إطلاق النار، لا سيما في ما يتعلّق باستكمال نشر الجيش اللبناني في الجنوب، وضبط الأمن وعدم وجود أي سلاح غير شرعي فيه، وانسحاب القوّات "الإسرائيلية"، وإنهاء ملف الحدود البريّة في فترة لاحقة، الأمر الذي يُسهّل على شركات النفط الدولية الاستثمار في البلوكات البحرية اللبنانية.
2- مسألة الإفراج عن الأسرى السبعة من حزب الله لدى "إسرائيل".
3- البحث في حلّ النقاط المتبقية من النقاط الـ 13 المتنازع عليها على الخط الأزرق.
وفي ما يتعلّق بالملف الحكومي، وبمسألة طلب الولايات المتحدة عدم توزير أشخاص محسوبين على حزب الله فيها، تقول الأوساط إنّ أورتاغوس سبق وأن أجابت عن هذا السؤال قبل مجيئها الى لبنان. فقد أوضحت أنّها تحدّثت مع سلام وآخرين، و"لم أقل مَن عليهم أن يختاروا في الحكومة اللبنانية". علماً بأنّ الجهود الحثيثة من قبل سلام قد ظهرت أمس، من خلال زيارته الصباحية للمفتي الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى، لإطلاعه على أسماء الوزراء السنّة في تشكيلته، والتي تلاها زيارته الى قصر بعبدا، واجتماعه بالرئيس عون وبرئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، بهدف إعلان ولادة الحكومة قبل وصول الموفدة الأميركية الى لبنان، لأنّ الأمور تتغيّر بشكل كلّي مع وجود حكومة كاملة الصلاحيات. لكن عدم الاتفاق على الشيعي الخامس مع برّي، جعل الأمور تتأخّر للمزيد من البحث.
كذلك، تلفت الأوساط الى أنّ الرئيس عون استبق زيارة أورتاغوس بالاجتماع بالسفير الفرنسي في لبنان هيرفيه ماغرو، وبنائب رئيس لجنة المراقبة الجنرال الفرنسي غيوم بونشان، وبالقيام باتصالات ديبلوماسية مباشرة، طالباً دعم موقف لبنان الداعي الى الانسحاب الكامل للقوات "الإسرائيلية" من الأراضي التي احتلتها خلال الحرب الأخيرة، والضغط عليها لوقف انتهاكاتها لاتفاق 27 تشرين الثاني الفائت، لا سيما لجهة استمرارها في تدمير المباني ودور العبادة في القرى الجنوبية الموازية للحدود. كما طلب الضغط لتنفيذ الاتفاق بإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين ضمن المهلة المحددة في 18 شباط الجاري. فعودة الاستقرار الى الجنوب، وانسحاب "الإسرائيليين" الى ما بعد الخط الأزرق، وانتشار الجيش هي أمور أساسية تُسهّل عمل الحكومة الجديدة في تطبيق خطاب القسم.