سامي النصف: الفتن والصراعات في بعض الدول العربية تعود إلى انعدام الولاء والانتماء
تاريخ النشر: 7th, January 2025 GMT
الجزيرة – جواهر الدهيم
أقيمت محاضرة مثرية بعنوان “دور الإعلام في تعزيز الهوية الوطنية” ضمن فعاليات اثنينية الذييب، التي استضافت الكاتب والمفكر الكويتي سامي النصف. وافتتح الأمسية الإعلامي تركي الناصر، الذي شدد على أهمية الموضوع في مواجهة التحديات التي تواجه الأوطان العربية.
وتحدث النصف عن تأثير ضعف الهوية الوطنية على الاستقرار الاجتماعي، مشيرًا إلى أن الفتن والصراعات في بعض الدول العربية تعود إلى انعدام الولاء والانتماء.
وأكد على ضرورة تعزيز الهوية الوطنية من خلال التعليم والإعلام، حيث يجب أن يسهم الإعلام في تسليط الضوء على إنجازات الوطن، وتعزيز الفخر والانتماء لدى الشباب.
كما تناول النصف مخاطر الإعلام غير المهني، خاصة في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أشار إلى أن المعلومات المغلوطة والشائعات يمكن أن تؤدي إلى تفكيك النسيج الاجتماعي وزعزعة الاستقرار. ولفت إلى أهمية التحقق من المصادر، وتوجيه الشباب لاستخدام وسائل الإعلام بشكل مسؤول، مشددًا على ضرورة أن يكونوا مستهلكين واعين للمعلومات.
في سياق آخر، دعا النصف إلى تعزيز التعاون بين وزارات الإعلام في دول مجلس التعاون لتعزيز الهوية الوطنية، مشددًا على أهمية الإعلام المهني في مواجهة التحديات الحالية، كما أكد على ضرورة تدريب الصحفيين والإعلاميين على كيفية التحقق من المعلومات ومواجهة الأجندات السلبية.
وفي مداخلة له، أكد الأستاذ خالد المالك أهمية دور الإعلام في تشكيل الوعي الجماهيري، مؤكدًا أن الإعلام ليس مجرد ناقل للأخبار، بل هو أداة قادرة على التأثير في الآراء والمواقف. وأكد على ضرورة استخدام وسائل الإعلام الحديثة للوصول إلى الشباب وتحفيزهم على المشاركة الفعالة في قضايا الوطن، بالإضافة إلى تسليط الضوء على إنجازات الوطن وتاريخه العريق لتعزيز الفخر والانتماء لدى الأجيال الجديدة.
كما أشاد الدكتور سليمان العيدي بجهود دول مجلس التعاون في تعزيز الهوية الوطنية، مشيرًا إلى أهمية التعاون الإعلامي بين دول الخليج. وأكد على أن الإعلام يجب أن يسهم بشكل فاعل في تعزيز اللحمة الوطنية والانتماء لدى شعوب الخليج.
وتطرق الحاضرون خلال النقاشات إلى أهمية التعليم والتدريب الإعلامي في مواجهة التحديات التي تفرضها وسائل الإعلام غير الاحترافية، مؤكدين أن تعزيز الهوية الوطنية يتطلب جهودًا مشتركة من الإعلام والمؤسسات التعليمية والمجتمع كله.
واختتمت المحاضرة بالتأكيد على أهمية العمل المستمر لتعزيز الانتماء الوطني، حيث تم التأكيد على دور الإعلام في تشكيل وعي المجتمع تجاه قضايا الهوية الوطنية ومخاطر الإعلام غير المهني.
المصدر: صحيفة الجزيرة
كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية تعزیز الهویة الوطنیة الإعلام فی على ضرورة
إقرأ أيضاً:
ظاهرة المؤثرين: بين التغيير الثقافي وهدم الهوية الوطنية .
#ظاهرة_المؤثرين: بين #التغيير_الثقافي وهدم #الهوية_الوطنية .
#أحمد_طناش_شطناوي
رئيس رابطة الكتاب الأردنيين – إربد
في ظل التحولات الرقمية المتسارعة، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي قوة رئيسية في تشكيل وعي الأفراد، خاصة النشء الجديد، الذين باتوا أكثر ارتباطًا بالشاشات والمنصات الرقمية من أي وقت مضى، ومع بروز ظاهرة المؤثرين كقادة للرأي العام الافتراضي، أصبح تأثيرهم يتجاوز الإعلام التقليدي، مستغلين قدرتهم على التواصل المباشر والتفاعل اللحظي مع المتابعين، ورغم أن بعضهم يقدم محتوىً هادفًا ومفيدًا، فإن نسبة كبيرة منهم تروج لأنماط ثقافية دخيلة، ما يؤدي إلى تغييرات جوهرية في الفكر والسلوك والقيم، ويؤثر سلبًا على الهوية الوطنية والمجتمعية.
واليوم بات الشباب أكثر عرضة لاستهلاك المحتوى السطحي الذي يكرس مفاهيم خاطئة عن النجاح، حيث يتم ربطه بعدد المتابعين بدلاً من الإنجاز الحقيقي، مما أدى إلى تراجع قيم العمل الجاد والإنتاجية والطموح العلمي والمجتمعي، إن هذا التحول في الأولويات الفكرية للنشء الجديد أوجد جيلاً يسعى إلى الشهرة السريعة عبر التقليد الأعمى، متأثرًا بمؤثرين يروجون للاستهلاك والترف على حساب قيم الانتماء والمسؤولية المجتمعية، وبذلك، أصبح المجتمع يواجه تحديًا جديدًا يتمثل في سيطرة الثقافة الاستهلاكية والبحث عن الإثارة والمتعة السريعة، بدلاً من التفاعل مع القضايا الحقيقية التي تهم الوطن والمجتمع.
إلى جانب ذلك، أدى انتشار المحتوى الذي يعكس ثقافات غربية دون تمحيص إلى تراجع الاهتمام باللغة العربية لصالح استخدام مفرط للغات الأجنبية أو اللهجات الممزوجة، ما ساهم في تآكل الهوية اللغوية، باعتبارها أحد أبرز عناصر الانتماء الثقافي، مما أدى إلى انعكاس هذا التأثير على العادات والتقاليد الأردنية، حيث أصبحت بعض الفئات، خاصة الشباب، تتبنى أنماط حياة بعيدة عن الموروث الثقافي والمجتمعي، ما أدى إلى تغييرات جوهرية في طريقة التفكير والتعاملات الاجتماعية وحتى في القيم الأسرية، التي باتت تواجه تحديات بسبب الانفتاح غير المنضبط على العوالم الافتراضية.
مقالات ذات صلةومع تعاظم هذا التأثير، أصبح من الضروري أن تتدخل الدولة لدعم وإنتاج مؤثرين قادرين على تقديم محتوى متوازن، يعزز الهوية الوطنية ويحافظ على القيم المجتمعية، دون أن يكون ذلك على حساب الانفتاح والتطور.
ولتحقيق ذلك، يمكن تبني عدة استراتيجيات، أبرزها إطلاق منصات وطنية لدعم المبدعين الشباب في مجالات الإعلام الرقمي، وتوفير برامج تدريبية تمكنهم من إنتاج محتوى يجمع بين الإبداع والهوية الوطنية.، كما يمكن تقديم حوافز مالية ومعنوية للمؤثرين الذين يروجون للمحتوى الثقافي والتعليمي والإبداعي، بحيث يتم تحفيزهم على المنافسة الإيجابية بدلاً من الانجراف نحو المحتوى السطحي أو المستورد.
إضافة إلى ذلك، يمكن دمج الإعلام التقليدي مع الرقمي من خلال الشراكات مع المؤثرين الوطنيين، وتوجيههم نحو تقديم محتوى هادف، بحيث يتم تقديم المحتوى الإعلامي بأسلوب يتناسب مع طبيعة المنصات الرقمية الحديثة، مما يسهم في تعزيز الوعي الوطني بأسلوب جذاب ومؤثر.
وفي الوقت نفسه، يجب أن يكون هناك تنظيم واضح للمحتوى دون فرض قيود صارمة، وذلك بوضع سياسات تشجع على إنتاج محتوى مسؤول ومهني، مع العمل على تعزيز الوعي الإعلامي والتربية الرقمية لدى الشباب، لتمكينهم من التعامل النقدي مع المحتوى الذي يستهلكونه، بدلاً من تلقيه دون تفكير أو تحليل.
وفي السياق نفسه، فإن المناهج الدراسية تلعب دورًا محوريًا في بناء وعي رقمي لدى الأجيال الجديدة، من خلال إدخال التربية الإعلامية ضمن المناهج، بحيث يتعلم الطلاب مهارات تحليل المحتوى الرقمي، والتمييز بين المعلومات الصحيحة والمضللة، وفهم أساليب التأثير الرقمي، مما يعزز قدرتهم على حماية هويتهم الثقافية والوطنية من التأثيرات السلبية.
وبينما يُنظر إلى المؤثرين على أنهم مجرد ناقلين للمحتوى، فإن الواقع يؤكد أنهم أصبحوا أدوات قوية في إعادة تشكيل وعي المجتمعات، سواء بوعي منهم أو بدونه، ولهذا فإن مواجهة التأثير السلبي لهذه الظاهرة تستدعي جهودًا متكاملة من الدولة والمؤسسات التعليمية والإعلامية، لدعم صناع المحتوى الهادف، وتحفيز الشباب على الانخراط في مجالات تعزز هويتهم وتبني وعيهم النقدي، فالرهان الحقيقي اليوم لا يقتصر على ضبط المحتوى الرقمي، بل على بناء أجيال قادرة على التفاعل الواعي مع العالم الرقمي، منفتحة على الثقافات الأخرى، ولكن دون أن يكون ذلك على حساب ثقافتها وهويتها الوطنية.