ما يبدو واضحاً على صعيد المعركة الرئاسيّة هو أنَّ الذهاب نحو جلسة التاسع من كانون الثاني الجاري سيكون محفوفاً بـ"ألغام انتخابية"، والسبب وراء ذلك هو أنَّ الاطراف السياسية قاطبة أغرقت نفسها في "ترف الوقت" فاصطدمت بضوء خارجيّ مُفاجئ طلب انتخاب رئيسٍ جديد بأسرع وقتٍ ممكن.

قبل وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل يوم 27 تشرين الثاني الماضي، جرى الحديث عن ربط جبهة لبنان بالملف الرئاسي.

بعض الأطراف لم يُصدّق ذلك فأعطى لنفسه الوقت الطويل لـ"تركيب تحالفات جديدة"
و "تقاسم الجبنة" على أنقاض الحرب الأخيرة وتحديداً من خلال الإستفادة من نتائجها وخصوصاً على صعيد "حزب الله" وتأثر قوته.

أوّل المبادرين لالتقاط إشارات الخارج والتي "أغفل عنها" الكثيرون، كان رئيس مجلس النواب نبيه بري وذلك حينما ربط إتفاق وقف إطلاق النار بالتأكيد على أنه سيبادر فوراً إلى تحديد موعدٍ لانتخاب الرئيس. حقاً، فعلها "الإستاذ" فدعا لجلسة الـ9 من كانون الثاني، واضعاً جميع الكُتل السياسية أمام مسؤوليتها. بشكلٍ أو بآخر، ظنّت الأطراف المختلفة، من بينها "القوات اللبنانية"
و "التيار الوطني الحر" أنَّ موضوع الرئاسة هذه المرة سيكون كما كان يشهد سابقاً، وأن هناك إمكانية لـ"تركيبة جديدة" تقوم على نتائج ما حصل مع "حزب الله".

مرَّ الوقت سريعاً، وبرّي كان يتريّث، ولم يدعُ لـ"حوار وطني" كما كان يسعى دائماً، فترك الساحة مفتوحة أمام الأفرقاء اختباراً لهم. فجأة، وبعد سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد يوم 8 كانون الأول الماضي، جرى خلط الأوراق، والأطراف التي كانت تراهن على إمكانية حصول خرقٍ رئاسيّ ما في وقتٍ قريب، وجدت أن الوقت أخذ متسعاً جديداً لأن المنطقة باتت أمام خارطة جديدة تحتاج إلى وقتٍ لـ"إرتسام معالمها". هؤلاء ظنوا أيضاً أن رئاسة لبنان لا يمكن أن تمرّ قبل تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم 20 كانون الثاني الجاري، لكنهم اصطدموا بالحقيقة المُعاكسة، فاستحقاق الوصول إلى قصر بعبدا سبق دخول ترامب إلى البيت الأبيض، وهنا وقعت الواقعة.

ماذا كُشف بعد كل ذلك؟ الحقيقة هي أنّ مختلف الأفرقاء لم يتوقعوا حراكاً سعودياً سريعاً تجاه لبنان، فقد اعتقد الكثيرون أنَّ الرياض ستبقى بعيدة عن بيروت بسبب المرحلة الماضية، لكن الحقيقة كانت عكس ذلك. هنا، يقولُ مصدر سياسيّ رفيع المستوى لـ"لبنان24" إنَّ الأداء السعودي رصينٌ جداً تجاه لبنان، كما أنه تعاطى مع الملف الرئاسية بجدّية مُطلقة من دون أي عناوين فضفاضة.
أول من تلقف الإشارات قبل الحراك السعوديّ كان وليد جنبلاط، الرئيس السابق للحزب "التقدمي الإشتراكيّ"، وما ترشيحه لقائد الجيش جوزاف عون إلا بمثابة تأكيد على تثبيت معادلة الرئاسة، وما قاله في تصريحه، أمس الإثنين، عن أن "انتخاب عون هو فرصة" يؤكد المؤكد، ويشيرُ إلى أن جنبلاط اغتنم الفرصة قبل حصولها وثبت موقعه من خلال تبني ما تريده السعودية التي دعمت عون بشكل علني ومُطلق.

حُكماً، نجح جنبلاط وبري في "انتزاع" الرئاسة من خلال "تثبيت ركائزها"، فجلسة 9 كانون الثاني التي يُصر بري عليها كانت بمثابة الرسالة الإيجابية التي أظهرها الأخير للخارج بأن "الثنائي الشيعي" ليس مُعطّلاً لمجلس النواب كما أنه لم يتناسَ الإستحقاق الرئاسي، وذلك بغض النظر عما كان يجري سابقاً. بهذه الخطوة، أنقذ بري "حزب الله" أيضاً، فيما جنبلاط انخرط في ركب السعوديين والأميركيين الداعمين لعون وذلك قبل أي تحركات في هذا الإطار. بذلك، كان "بيك المختارة" الطرف الأول الذي قبِلَ بعون من دون أي حراكٍ أو غيره وبشكلٍ بعيد عن الضغوط التي تتعرض لها الأطراف الأخرى من أجل السير بترشيحه.

مع كل ذلك، فإن "المكشوف الأول" في ما حصل هو "التيار الوطني الحر" و "القوات اللبنانية". الآن، بات الطرفان المسيحيان أمام خيارين صعبين، إما السير بعون وعدم استعداء السعودية  وإما الخروج من بازار الرئاسة والإنزواء جانباً وترك الساحة للآخرين من أجل انتخاب رئيس.

حقاً، ضاقت الخيارات، في حين أنَّ تسارع الأحداث وارتفاع وتيرة الحراك الدولي عرقل خطة "التيار" و "القوات" للذهاب إلى تحالفٍ جديد كان يُحضّر له على غرار تسوية معراب 2016 للقول إن رئيس الجمهورية أتى بتوافق مسيحي. فعلياً، كان رئيس "القوات" سمير جعجع ورئيس "التيار" جبران باسيل يتحضران لتأسيس "ستاتيكو" جديد أساسه "البيع والشراء الانتخابي من أجل عهد جديد"، لكنهما اصطدما بالضغط السعودي المُتسارع، فيما تقول المصادر إن الرجلين كانا يراهنان على تأجيل جلسة الإنتخاب لكن هذا الأمر لم يحصل، وبالتالي أصبح الوقت ضيقاً أمامهما وأصبح التلاقي لإتمام "الصفقة المُقبلة" صعباً للغاية.

خلاصة الكلام تقول إن "المبارزة" بدأت وما تقدم يختصر نوعاً ما جزءا من قصة ترشيح عون، فيما المماطلة التي حصلت سيدفع ثمنها من ابتدعها، فـ"القوات" ستقبلُ بعون رغماً عنها بعدما خسرت ورقة تسويق جعجع للرئاسة، في حين أنّ "التيار" لم يستطع التقارب من "القوات" لضمان نفسه في العهد الجديد وإقصاء جوزاف عون بعيداً عنه.. هنا، المماطلة الباسيلية والمراوحة التي حصلت ستجعله يقف أمام "عونية جديدة" قد تساهم في إلغاء "العونية القديمة"، وذلك بمباركة سعودية – أميركية ولبنانية أيضاً!
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: کانون الثانی

إقرأ أيضاً:

5 ساعات .. القصة الكاملة لغرق مركب وإنقاذ 4 من الطاقم والبحث عن 2 آخرين

شهدت منطقة جبل الزيت شمال البحر الأحمر حادثًا بحريًا مأساويًا، حيث غرق مركب سياحي كان في طريقه من رشيد إلى الغردقة، مما أسفر عن إنقاذ أربعة من أفراد الطاقم، بينما لا تزال عمليات البحث جارية عن اثنين آخرين. في هذا التقرير، نرصد كواليس الساعات الخمس العصيبة التي عاشها طاقم المركب قبل غرقه، والجهود المضنية لإنقاذهم.

نداء استغاثة وتحرك عاجل

في مساء الخميس، تلقى مركز البحث والإنقاذ البحري نداء استغاثة عاجل من طاقم المركب المنكوب، يفيد بتعرضهم لأمواج عاتية وسوء أحوال جوية تسببت في تسرب المياه إلى المركب، مما جعله غير قادر على مواصلة الإبحار. فور تلقي البلاغ، تحركت مراكب الإنقاذ التابعة لشركات البترول العاملة في المنطقة، وسط أجواء من القلق والتوتر حول مصير الطاقم.

محاولات الإنقاذ وسط الأمواج

واجهت فرق الإنقاذ تحديات كبيرة بسبب اضطراب البحر وسرعة الرياح، إلا أن مركبًا تابعًا لشركة جابكو تمكن من الوصول إلى موقع الحادث بعد عمليات تمشيط دقيقة، ونجح في انتشال أربعة من البحارة، وهم:

عادل السيد محمود المعداوي – رئيس بحري، 37 عامًا

حامد محمود حامد المعداوي – بحري، 36 عامًا

نور الدين الحاج أحمد – بحري، 27 عامًا

محمد صابر إبراهيم – بحري، 27 عامًا


ورغم إنقاذ هؤلاء، إلا أن اثنين من أفراد الطاقم، وهما السيد محمد أحمد عثمان (ميكانيكي، 37 عامًا) ومحمد أحمد المصري (بحري، 27 عامًا)، لا يزالان في عداد المفقودين، مما استدعى تكثيف عمليات البحث عنهم.

ساعات من البحث والتنسيق المكثف

مع استمرار فقدان الاتصال بالبحارين الاثنين، دخلت عمليات البحث مرحلة أكثر دقة، حيث تم الدفع بمركبين إضافيين من شركتي جابكو وسوكو لتعزيز الجهود، فيما حلقت فرق الاستطلاع فوق المنطقة لمحاولة تحديد موقع المفقودين.

أسباب الغرق ومصير المركب

كشفت التحقيقات الأولية أن المركب السياحي، الذي كان يُعرف باسم «تري تون»، غرق بسبب الأحوال الجوية السيئة التي أدت إلى تسرب المياه إليه بشكل مفاجئ. المركب كان قد غادر رشيد بعد الانتهاء من أعمال صيانته متجهًا إلى الغردقة، لكنه لم يتمكن من استكمال رحلته بسبب العوامل المناخية القاسية.

متابعة رسمية واستنفار أمني

فور وقوع الحادث، تم إبلاغ الأجهزة المعنية، وتم رفع حالة الاستعداد في مختلف الجهات المختصة، حيث تم الدفع بعدد من الوحدات البحرية والإسعاف البحري إلى موقع الحادث، بينما لا تزال عمليات البحث عن المفقودين مستمرة على أمل العثور عليهما في أسرع وقت ممكن.

مقالات مشابهة

  • رئيس الصومال يشيد بانتصار الجيش على داعش في بونتلاند
  • 5 ساعات .. القصة الكاملة لغرق مركب وإنقاذ 4 من الطاقم والبحث عن 2 آخرين
  • تصادم طائرات.. ماذا يحدث فى سماء أمريكا؟| القصة الكاملة
  • نهاية الزمان.. القصة الكاملة لمقـ.ـتل عجوز على يد ابنتها وسط الإسكندرية
  • بعد إحالة المتهم .. القصة الكاملة لطعن طالب جامعة حلوان داخل الحرم
  • صحاب السوء خلصوا عليه.. القصة الكاملة لمقتل شاب داخل شقة مصر القديمة
  • قائد الجيش استقبل مسؤولين كندي وسعودي
  • بتر إصبع يده.. القصة الكاملة لاتهام أب لحضانة دولية بالإهمال والتسبب بإصابة نجله
  • القصة الكاملة لنجل محمد حسان.. من القبض عليه حتى البراءة والإفراج
  • القصة الكاملة.. الأمر الولائي لـالاتحادية يشعل أزمة سياسية ومكوناتية