سواليف:
2025-03-11@01:06:28 GMT

حكومات الأكشن والسيناريو المفقود

تاريخ النشر: 7th, January 2025 GMT

#حكومات_الأكشن والسيناريو المفقود

#شبلي_العجارمة

قيل أن صيادًا بعد أن أصاب طائرًا بأحد جناحيه ، التقط الصياد الطائر وأخذ يتفحصه وهو لا زال فيه بقية روحٍ ونتفةِ ألم، كان الصيادُ يقف على حافة جبلٍ ما ودم الطائر يتقاطر من بين أصابعه، وكانت الريح شديدة ، فذرفت عيناه من شدة الريح بعض الدموع ، فقال أحد الطيور : يا لطيبة قلب هذا الصياد ، انظروا كيف يذرف الدمع حزنًا وأسفًا على الطير ، فأجابته القبرة : لا تنظر لدموع عينه بل انظر لفعل يديه.


هكذا هم رؤوساء الحكومات ، يمتطون خيل عدسات الكاميرات في بداية كل رحلةٍ سياسيةٍ جديدة ، من نشوة الفرحة بالمنصب الذي لم يحلم به ذات يوم ، استعراض هوليودي بصبغة شعبوية لاستجلاب عواطف البسطاء،وضحالة فكر البعض الذي تغلب عليه العاطفة أكثر من الفكر المستنير ، ناهيك عن جوقة بعض الأقلام المتسولة والمتسببة ، والتي تنظر من ثقب الذات لا من شق الوطن المغلوب على أمره ،أو من رُقع ثوب الشعب القابض على صقيع واقعه المؤلم ،وسعير مستقبله المجهول .
شعار التعاطف البراق مع الجندي والمتقاعد والطبقة الوسطى والمسحوقة ؛ مجرد عناوين مرحلة لحمى الانتخابات ، وليست أكثر من فترة سخونة فنجان قهوة لدرجة غليانه وشربه في أي مقابلةٍ متلفزة لرئيس وزراء أو وزير مالية أو منظر رسمي لا أكثر ، باختصار الحديث ، سياسة البخار المرئي وغير الملموس ، والسراب الملون بالعطش والماء ، وحشد الخبز البايت والناشف كفزاعةٍ لطرد الجوع .
بماذا تعود الصور الملتقطة بعناية مصنوعة وببساطة وشعبويةٍ مصطنعتين؟ ، لأي مدىً ومساحة ترمم مراهم الكلام فحوى الشكوى والتذمر ! وما هي مدة مسكنات الألم الرخيصة التي نستفيق منها على وجع أكبر وجروح أبلغ ! ، سياسة الرفع للرواتب والأجور الضئيلة نسبيًا في توقيع الحكومة باليد اليمنى ، إذا ما قورنت بالسعار في رفع كل زنبركات العيش وسبل الحياة في يد الحكومة اليسرى الخفية ، ربما بتنا نخشى حتى فزاعة مصطلح رفع الدخول ، لقاء حمى إشعال النار في هشيم المواد الغذائية للحياة المتوسطة والكماليات المحصوةِ على فئة لا تبلغ ربع شريحة الشعب .
لماذا تنطق الصور عن جانب أقل من عادي لحياة أحد رؤساء الوزارات ،ويومياته الاعتيادية ؛ بينما تصمت ذات الرئيس عن الاستفهامات الكثيرة لنواب الشعب إن صح التعبير عن وظائف لمواطنين عاديين بأرقام فلكية مع ثناء الرئيس على تمنن هذا المستشار على قبوله الوظيفة ، ولماذا يغطرش الرابع عن عدم احترام رئيس ديوان المحاسبة المتمثل بعدم حضور جلسات مجلس النواب ؟.

أعرف أنني كبقية أبناء شعبي ، فنحن مجرد علامات تعجب واستفهام لا أكثر ، نعاني يتم الجواب وتأيم التفسيرات ، نحن مجرد أسطر من كلام لا تقوى على صمت قرارات الرابع الأكثر جورًا ، والأعتى ظلمًا ، تحت ذرائع ؛ الأمن والآمان وديمومة الاستقرار الجوسياسي الهش .
نحن الشعب الذي بات مجرد ذاكرة تجتر شعارات مراحل حكومات تجيء وترحل ، وتخلد آلامًا لا شفاء منها ولا برء لأوجاعها ، فصحاب عبارة لا تهاجر يا قتيبة لملم حقائبه وهاجر هو تاركًا لنا لعاعة الشعار البراق ، وصاحب مقولة الأيام الجميلة لم تأت بعد ، لكنه نسي أن يكتب لنا لن الناصبة وعطفها على لم الجازمة ، وها قد ذهب ونحن لم نر يومًا جميلًا بعد .
ستخلد لنا هذه الحكومة علكة من الكلام ، ونكتة سياسية جديدة ، لحظتها سنضطر غير مأسوفٍ علينا أن نضحك من جراحات خواصرنا حد النزف !

مقالات ذات صلة الورقة الرابحة / وفاء خصاونة 2025/01/05

المصدر: سواليف

إقرأ أيضاً:

منال الشرقاوي تكتب : مارس يمرُّ.. والمرأة تبقى

يأتي شهر مارس محمَّلًا بالكثير من الدفء والاعتراف المتأخر بحقوق نصف المجتمع، فهو الشهر الذي يُحتفى فيه بالمرأة عالميًا، بدءًا من اليوم العالمي للمرأة في 8 مارس، وصولًا إلى عيد الأم في 21 مارس، فعلى ما يبدو أن العالم يمنحها لحظة تقدير عابرة قبل أن يعود ليفرض عليها نفس الأعباء من جديد، ثم يقول لها،"شكرًا لكِ على كل شيء... ولو ليومٍ واحد!". 
لكن هل يكفي يومٌ أو حتى شهرٌ ليُنصف المرأة؟ أم أنها مجرد استراحة رمزية قبل أن تعود القوالب الجاهزة لتُعيد تشكيل صورتها كما يحلو للمجتمع؟ المرأة كانت دائمًا عنوانًا في التقويم ومناسبة تملأ الإعلانات الاحتفالية، بينما تبقى حكاياتها، رغم تعددها، أسيرة السرد غير المنصف في كثير من الأحيان.
وهنا يأتي دور الدراما التلفزيونية، تلك الشاشة الصغيرة التي تتسلل إلى البيوت بلا استئذان، وتعيد رسم صورة المرأة في وعي الأجيال. لكنها، بين الحين والآخر، تضعها في قوالب نمطية مألوفة، المضحية الأبدية، الأم المثالية، أو الفاتنة التي تدور حولها الأحداث دون أن تكون صانعتها الفعلية. فهل أنصفتها الدراما؟ أم أنها اختارت الطريق الأسهل، فأعادت صياغة الحكايات القديمة بوجوه جديدة؟ هل منحتها صوتًا حقيقيًا، أم اكتفت بتقديمها كضحية تستحق التعاطف لا التقدير؟.. كلها تساؤلات تستحق التأمل ونحن نُقلب القنوات. 
كيف يختار التلفزيون أن يروي قصة المرأة في شهرها، بين الواقع والتهميش، بين الإنصاف وإعادة التشكيل، بين البطلة الحقيقية... وتلك التي لم تُكتب لها البطولة أبدًا. المرأة ليست قصة تُحكى في مناسبة، ولا قضية تُناقش على عجل في برامج التوك شو، وإنما هي حرب يومية تُخاض في صمت، حيث لا تصفيق ولا تتويج في النهاية. نراها في "سجن النسا"، ضحية لظروف رسمها لها الآخرون، تُقاتل من أجل أن تُثبت أنها كانت تستحق حياة لم تُمنح لها. وفي "تحت الوصاية" ، و"فاتن أمل حربي" نجدها تُصارع مجتمعًا لا يرى فيها أكثر من تابع، تُجاهد لتُثبت أنها قادرة على قيادة سفينتها وسط بحر من العواصف، ليس لأن التحدي يغريها، لكن لأنها ببساطة لا تملك رفاهية الفشل. بين جدران السجون، وبين جدران القوانين التي تُحاصرها، وبين الأعباء التي تُحمل على كتفيها بلا شفقة، تظل المرأة تحارب... لتحصل على حقها في أن تكون.

وعلى الجانب الآخر من الصورة، بينما تُبرز بعض الأعمال المرأة قوية ومستقلة، لا تزال أخرى تصرّ على وضعها في قالب الضحية الأبدية، وكأنها لا تُخلق إلا لتُعاني، حيث تُرغم البطلة على العيش في دوامة من الألم والاضطهاد، لا لشيء سوى لأن الحياة قررت ذلك. هذه الظاهرة التي يمكن أن نطلق عليها "دراما الاستضعاف"، تجعل من المرأة كائنًا هشًا، يُنتظر إنقاذه بدلًا من أن يُمنح القوة للنجاة بنفسه. تكرار هذا النموذج في الأعمال الدرامية يرسّخ في الأذهان فكرة أن المرأة ضعيفة بالفطرة، غير قادرة على تغيير مصيرها أو كسر القيود التي تُفرض عليها. وكأن قدرها أن تبقى دائمًا في موضع الانكسار، تذرف الدموع وتتحمل الألم دون أن تملك أدوات المقاومة أو فرص النجاة.
هذا النمط لا يُظهر المرأة ككيان مستقل بقدر ما يرسّخ حاجتها الدائمة إلى دعم خارجي، وكأنها لا تستطيع الصمود إلا بوجود من يُساندها أو يُعيد إليها حقها المسلوب. وهكذا، بدلاً من تقديم صورة متوازنة تعكس تنوع التجارب النسائية بين الضعف والقوة، نجد أن الدراما تركز على جانب واحد، وكأنها تتجاهل قدرة المرأة على النهوض والتحدي والمواجهة. إن استمرار هذا التناول الأحادي لا يُلحق الضرر بالمرأة وحدها، بل يخلق أيضًا تصورًا مشوهًا عن طبيعة النضال الذي تخوضه في حياتها اليومية، فتصبح الدراما، بدلًا من أن تكون وسيلة للتحفيز والتغيير، مجرد إعادة إنتاج للصورة النمطية ذاتها، تُكرس الشعور بالعجز أكثر مما تُلهم بالمقاومة.
يأتي شهر مارس ليذكّر الجميع بأن المرأة ليست مجرد شخصية على شاشة التلفزيون، وليست مجرد بطلة في قصة تُحكى، وإنما هي نبض الحياة ذاتها. ليست سطورًا تُكتب في سيناريو، فهي واقع يومي يصحو مبكرًا ليُطعم الصغار، ويسابق الزمن ليحافظ على بيت، ويعمل ليؤمن مستقبلًا، ثم يعود ليُداوي تعب الجميع قبل أن يسمح لنفسه بالإنهاك.

في الحقيقة، المرأة لا تنتظر أن تُنصفها الدراما، فهي تمارس البطولة كل يوم دون كاميرات، دون أضواء، دون موسيقى تصويرية تُضخم معاناتها أو تُزين إنجازاتها. إنها تُناضل في صمت، تُربي وتكافح وتعمل وتحلم، تخسر أحيانًا لكنها لا تسقط، تنكسر أحيانًا لكنها لا تتلاشى، تحزن لكنها تعرف كيف تُرمّم روحها بنفسها.
المرأة لا تعيش في مشهد واحد، ولا تختزلها الدموع والمآسي وحدها. هي في الواقع تواجه، تبني، تحب، تحارب، تصمد، وتعود أقوى من جديد. كل عام والمرأة أقوى مما يظن العالم، وأشد صلابة مما يتوقع الجميع.

مقالات مشابهة

  • منال الشرقاوي تكتب : مارس يمرُّ.. والمرأة تبقى
  • الفن المقتول والرواية المبتورة
  • أم يائسة تبحث عن ابنها ذي 16 عاما المفقود في البحر خلال محاولته الوصول إلى سبتة
  • شريف الصياد: الصادرات المصرية طوق النجاة للخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية
  • مجلة “تايم” : التصنيف الامريكي مجرد استعراض ..
  • رمضان في عُمان.. خيوط متصلة
  • النائب محمد لبيب: المرأة عماد المجتمع وصانعة الأجيال
  • المثقف في العصر الرقمي .. بين الضياع والبحث عن دور
  • "حين قررت النجاة".. هل أنت مستعد للنظر؟
  • الوهم التراكمي: هل الوعي الجمعي محض تكرار بأدوات أكثر تعقيدًا؟