المجاعة تزيد معاناة السودانيين ومخاوف من اتساع رقعتها في البلاد
تاريخ النشر: 7th, January 2025 GMT
السودان – يواجه السودان أزمة طاحنة في الغذاء أعلنت على أثرها المجاعة في عدد من أنحاء البلاد مما يزيد من معاناة السودانيين بسبب لهيب الحرب ونقص الغذاء.
وتتزايد المخاوف من تفاقم الأزمة الإنسانية أكثر مع استمرار القتال وتحول الحرب في البلاد بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى حرب دموية وتعثر جهود وقف إطلاق النار، في حرب منذ أبريل 2023 والتي أودت بحياة أكثر من 20 ألف شخص وفق إحصائية أعلنتها منظمة الصحة العالمية أكتوبر الماضي.
ويعقد مجلس الأمن الدولي اليوم الإثنين جلسة إحاطة حول انعدام الأمن الغذائي في السودان، في ظل الأوضاع الإنسانية المتدهورة في البلاد بسبب الحرب السودانية بعد إعلان المرصد العالمي للجوع نهاية شهر ديسمبر الماضي اتساع نطاق المجاعة في السودان إلى 5 مناطق ومن المرجح أن يمتد إلى خمس مناطق أخرى بحلول شهر مايو.
وبحسب تقرير للأمم المتحدة يواجه السودان أسوأ مستويات انعدام الأمن الغذائي الحاد المسجلة حيث من المتوقع أن يواجه أكثر من نصف السكان أي 25.6 مليون شخص – مستوى “الأزمة” أو ظروفا أسوأ بسبب استمرار الحرب في البلاد.
يقول المحلل السياسي السوداني الدكتور أمجد فريد، أن الوضع الحرج في السودان وتداعيات الحرب المستمرة منذ أكثر من 20 شهرا سببت مشاكل إنسانية بالغة الخطورة وصلت إلى أن ما تشهده السودان هو “أسوأ أزمة إنسانية على الإطلاق”.
ويؤكد المحلل السياسي السوداني في حديثة لـ RT أن الظروف الإنسانية الصعبة وما تعيشه البلاد من أزمات مجاعة وانعدام للغذاء في العديد من المناطق “يتطلب معالجة فورية وتدخلا جادا من المجتمع الدولي لحل تلك الكارثة” محذرا من استخدام المجاعة في البلاد أو الانتظار لتفاقمها لتحقيق أهداف سياسية أو استخدامها للضغط على طرف على حساب الشعب السوداني.
أزمة غذاء كبيرة في السودانويعيش نحو نصف سكان السودان أي حوالي 26 مليون شخص وهم يواجهون انعدام الأمن الغذائي مع تزايد مخاطر المجاعة في مختلف أنحاء البلاد وتدهور شديد للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد بسبب استمرار الصراع الدائر منذ 20 شهرا، وفق تقرير لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
ووصف المحلل السياسي السوداني الاستجابة الدولية الإنسانية في السودان بأنها “ضعيفة جدا” وأنه ينبغي على المنظمات الدولية وفي مقدمتها جهود الأمم المتحدة أن تركز على “انقاذ الشعب السوداني من المأساة اللاإنسانية التي يتعرض لها”.
وحددت لجنة مراجعة المجاعة التابعة للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهي هيئة مستقلة تموّلها دول غربية وتشرف عليها 19 من المنظمات الإنسانية الكبرى والمؤسسات الحكومية الدولية، 17 منطقة أخرى في أنحاء السودان معرَّضة لخطر المجاعة.
وأشار إلى أن الواقع يثبت، رغم أن التقارير الدولية تتحدث عن وصول المجاعة إلى 17 منطقة في السودان، أن “المناطق التي تتعرض للمجاعة أكثر من هذا العدد بكثير” وأن أكثر من نصف الشعب السوداني يعيش أوضاعا إنسانية صعبة وأن هناك اتساعاً لرقعة انعدام الغذاء في البلاد.
ويرى الباحث السوداني أن المجتمع الدولي لم يستخدم نفوذه حتى الآن لحل أزمة الغذاء في البلاد، وأنه كانت هناك مطالبة دولية واسعة بفتح معبر أدري الحدودي بين السودان وتشاد للسماح بدخول المساعدات الإنسانية، ورغم الاستجابة لفتح هذا المعبر الحيوي لإدخال المساعدات “لم يدخل منه حتى الآن غير 400 شاحنة” رغم أنه مفتوح منذ 7 أشهر، كاشفا أنه “لم يصل أي من تلك المساعدات إلى معسكر زمزم أول مكان تم إعلان المجاعة فيه داخل البلاد” بسبب فرض قوات الدعم السريع الحصار حول المعسكر.
نزوح السودانيين خوفا من الحربوأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) في أغسطس الماضي انتشار المجاعة في مخيم زمزم للنازحين بمدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور وذلك استناداً إلى تقرير “لجنة مراجعة المجاعة” التابعة للأمم المتحدة، وهي الجهة الوحيدة المخولة بالتحقق من شروط المجاعة والإعلان عنها.
ونهاية شهر ديسمبر الماضي أعلنت 5 مناطق مجاعة في السودان رسميا وسط احتمال تزايد خطرها في 17 منطقة أخرى وفق نظام التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي –وهو أداة عالمية لقياس الجوع- فيما أعلن السودان تعليق مشاركته في نظام التصنيف رفضا للتقرير.
هذا في حين وصفت الحكومة السودانية التصنيف المرحلي بـ “إصداره تقارير غير موثوقة تقوض سياسة السودان وكرامته” واعتبر رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان أن هدف تلك التقارير “الضغط على السودان”.
وتطرق المحلل السياسي إلى أن انكار السلطات السودانية حدوث المجاعة في البلاد “لا يمكن أن يغير من حقيقة وجودها” وأن كل الدلائل تشير إلى حدوث المجاعة في أمكان متفرقة من السودان، وهو ما “يستلزم تضافر الجهود لمواجهة تلك الكارثة الإنسانية”.
المصدر: RT
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: المحلل السیاسی المجاعة فی فی السودان فی البلاد أکثر من
إقرأ أيضاً:
ما وراء اتساع دائرة رفض الخدمة العسكرية بإسرائيل
القدس المحتلة- مع استئناف الحرب على غزة، تصاعد الحديث في المجتمع الإسرائيلي عن اتساع ظاهرة رفض الخدمة العسكرية، سواء النظامية أو ضمن قوات الاحتياط، بينما يلتزم الجيش الصمت، حيث تفرض الرقابة العسكرية حظر نشر أعداد الرافضين للخدمة والعودة إلى القتال.
بدأ هذا الرفض يتشكل في أعقاب الاحتجاجات الرافضة للإصلاحات القضائية التي بادرت إليها حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، قبل معركة "طوفان الأقصى" التي شنتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على مستوطنات "غلاف غزة" بالسابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، إلا أن الظاهرة عادت ثانية مع استمرار الحرب.
ومع انتهاك حكومة نتنياهو اتفاق وقف إطلاق النار، ورفض بدء مفاوضات المرحلة الثانية منه، توسعت دائرة رفض الخدمة لتشمل مختلف الوحدات العسكرية بما في ذلك الاستخبارات العسكرية "أمان"، وسلاح الجو، والقوات البرية.
لا أحد يستطيع أن يعطي أرقاما دقيقة حول رفض الخدمة بجيش الاحتلال، ولكن من يوجد في أماكن المظاهرات ويتابع منشورات وسائل التواصل الاجتماعي يعي أن هذا الرفض بات جزءا من الحالة المجتمعية بإسرائيل.
ومع استئناف الحرب على غزة، أصبح الرفض، على الأقل في خدمة الاحتياط -في ظل رفض نتنياهو إبرام صفقة التبادل- جزءا من الخطاب السياسي للكثير من الحركات ومؤسسات المجتمع المدني وحتى المشاركين في المظاهرات قبالة مقر وزارة الدفاع بتل أبيب أو أمام الكنيست بالقدس.
وتبلورت الملامح الأولية لظاهرة "التوقف عن التطوع" في قوات الاحتياط، في ذروة الاحتجاجات ضد الإصلاح بالجهاز القضائي الذي قادته حكومة نتنياهو في يوليو/تموز 2023، حيث أعلن أكثر من ألف طيار وعضو في سلاح الجو أنهم سيتوقفون عن التطوع للخدمة إذا لم يتم "إيقاف التشريع والانقلاب على الديمقراطية بإسرائيل".
يقول الكاتب الإسرائيلي، مايرون رابوبورت "جاءت التحذيرات التي أطلقها رئيس الشاباك رونين بار، وقادة الجيش من أن الانقلاب يعرّض أمن الدولة للخطر، ويواصل اليمين الادعاء حتى يومنا هذا بأن هذه التصريحات الرافضة لم تشجع حماس على الهجوم المفاجئ فحسب، بل أضعفت الجيش عمليا".
إعلانويضيف "لكن في أعقاب معركة "طوفان الأقصى"، تبخرت كل هذه الفرضيات التهديدية بصفوف قوات الاحتياط وخاصة للطيارين بسلاح الجو، فالجميع تجند للدفاع عن الدولة، لكن مع استمرار الحرب سرعان ما عادت دعوات رفض الخدمة، وتوسعت الظاهرة مع رفض الحكومة إتمام صفقة التبادل وانتهاك وقف إطلاق النار".
وفي مقاله بالموقع الإلكتروني "سيحا ميكوميت" بعنوان "في قاعدة جبل الرفض يكمن اليأس"، أوضح رابوبورت أن سياسة المراوغة التي يعتمدها نتنياهو في ملف المحتجزين، والعودة للقتال الذي يعرض من بقي منهم على قيد الحياة إلى خطر الموت، منحا ظاهرة رفض الخدمة شرعية أكبر مما كانت عليه في بداية الحرب، وهي الظاهرة التي تعكس حالة اليأس والإحباط بالمجتمع الإسرائيلي.
ويعتقَد أن هناك قطاعات واسعة من الجنود يرفضون الخدمة في الاحتياط ما دامت الحكومة ترفض التوقيع على اتفاق إطلاق سراح جميع المحتجزين، مشيرا إلى أن الجيش الإسرائيلي الذي يفرض الرقابة العسكرية يتكتم على حجم الظاهرة التي أخذت تتسع مع استئناف القتال، علما أنه بالجولة الأولى للقتال والتوغل البري، رفض الكثير من الجنود تنفيذ أوامر الضباط في ميدان المعركة.
وفي محاولة من المؤسسة العسكرية تقليل تداعيات رفض الخدمة العسكرية على ما يسمى "جيش الشعب"، يتابع الكاتب الإسرائيلي "نُشرت مؤخرا أخبار عن انخفاض كبير في أعداد المتقدمين لخدمة الاحتياط، وفي منتصف مارس/آذار الماضي، أبلغ الجيش وزير الدفاع يسرائيل كاتس أن نسبة المشاركة بلغت 80%، دون الكشف عن الأرقام الحقيقية".
ويقول رابوبورت "لكن وفقا لعديد وسائل الإعلام الإسرائيلية، كان هذا تلاعبا، وكان الرقم الحقيقي حوالي 60%، مقارنة بنسبة مشاركة بلغت نحو 120% مباشرة بعد 7 أكتوبر. ومع العودة للقتال، تحدثت تقارير أخرى عن نسبة مشاركة أقل من 50%، وأن الوحدات كانت تقوم بتجنيد جنود الاحتياط على وسائل التواصل الاجتماعي".
من جانبه، استعرض المحرر بالموقع الإلكتروني "زمان يسرائيل"، تاني غولدشتاين، في مقال له بعنوان "عدد قياسي من الرافضين للخدمة بزمن الحرب في غزة"، ارتفاع عدد الجنود الإسرائيليين الذين يرفضون التجنيد والمشاركة بالحرب والذي يصل إلى المئات بالجيش النظامي وآلاف بقوات الاحتياط.
وعزا غولدشتاين ذلك إلى رفض الحكومة إتمام صفقة التبادل وإعادة جميع المحتجزين، لافتا إلى أن هناك قطاعات واسعة بالجيش تعززت لديها القناعة بأن استئناف القتال يأتي لدوافع نتنياهو السياسية والشخصية.
إعلانووفقا له، تنشط الكثير من الجمعيات المحسوبة على معسكر اليسار والمركز في صفوف المجتمع الإسرائيلي وتساعد الرافضين للخدمة العسكرية، وهو ما يشير إلى الارتفاع في أعدادهم منذ اندلاع الحرب، حيث لم يُرسَل أي من الرافضين إلى السجون العسكرية على عكس الماضي لتجنب الكشف عن أعدادهم، قائلا إن "الجنود يرفضون الانضمام إلى قوات الاحتياط حتى داخل الخط الأخضر، وليس فقط في الأراضي المحتلة".
تشجيع الرفضمن جهته، كتب الناشط اليساري إيدو عيلم، مقالا بعنوان "لوقف الحرب في قطاع غزة لا بد من الرفض"، قائلا إن "الحكومة وأصحاب السلطة لن يوقفوا حملتهم التدميرية حتى يتم ضربهم في المكان المؤلم، وهو تشجيع وتوسيع رفض الخدمة بالجيش الإسرائيلي".
وأوضح عيلم في مقاله، الذي نشر على الموقع الإلكتروني "زو هديرخ"، أنه خلال العام والنصف الماضيين، أصبح الرفض كفعل سياسي أكثر وضوحا وأهمية مع سياسة الحرب بلا نهاية التي يقودها نتنياهو وحكومته. مشيرا إلى وجود موجة جديدة من الاهتمام في الأوساط الإسرائيلية برفض الخدمة العسكرية ومعارضة الحرب مع اتساع الاحتجاجات المطالبة بإتمام صفقة التبادل.
ويتابع "الرسالة التي يجب أن تكون واضحة هنا، هي أن الطريقة الوحيدة لوقف الحرب في غزة، وكذلك الاحتلال وصعود الفاشية، تكمن في الرفض التام. لا شيء يمكن أن يوقفهم سوى مخالفة أوامرهم".
وخلص للقول "من المهم أن يفهم الجميع أن نتنياهو ليس هو مرتكب القتل والتدمير بشكل مباشر، فهو ليس ملكا يقود بنفسه المعركة في الخطوط الأمامية. بل هو بعيد عن ميدان القتال ولن يكون في يوم من الأيام في الصفوف الأمامية للحرب".