بعد أربع سنوات.. 6 يناير الأميركي يعود لطبيعته
تاريخ النشر: 7th, January 2025 GMT
واشنطن- لم يعرف التاريخ الأميركي الممتد على مدى 250 عاما يوما واحدا بقوة وجسامة ما شهده مبنى الكابيتول قبل 4 سنوات؛ حين اقتحم الآلاف من مؤيدي الرئيس المنتخب دونالد ترامب جلسة مجلسي النواب والشيوخ المشتركة للتصديق على نتائج الانتخابات الرئاسية 2020، والتي انتهت بفوز الرئيس جو بايدن.
وبخلاف الأزمات الخارجية الكبرى التي واجهت الولايات المتحدة، مثل ضرب اليابان ميناء "بيرل هاربر"، ودخولها الحرب العالمية الثانية، أو شن تنظيم القاعدة هجماته يوم 11 سبتمبر/أيلول 2001 مما أدى إلى بدء ما تسمى الحرب الأميركية على "الإرهاب" وغزوها العراق وأفغانستان، تُعد أحداث 6 يناير/كانون الثاني 2021 أكثر خطورة، لأنها صُنعت بالكامل داخل أميركا.
واستدعت عملية الاقتحام قبل 4 سنوات تأجيل التصديق على نتائج الانتخابات للمرة الأولى في التاريخ الأميركي لما يقرب من 9 ساعات.
وينقسم الأميركيون بين ديمقراطيين يريدون إبقاء ذكرى ذلك اليوم حيّة، وجمهوريين يريدن إغلاق هذه الصفحة وطيّ أثرها.
وأمس الاثنين، اجتمع الكونغرس بمجلسيه النواب والشيوخ، لفرز أصوات المجمع الانتخابي والتصديق على فوز الرئيس المنتخب دونالد ترامب على نائبة الرئيس كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية التي جرت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وترأست هاريس، في دورها الدستوري كرئيسة لمجلس الشيوخ، الجلسة المشتركة لمجلس النواب والشيوخ.
متظاهرون مؤيدون لترامب يقتحمون مبنى الكابيتول لعرقلة المصادقة على نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020 (رويترز) حزب ترامبكانت هناك الكثير من العواقب -على الأقل في البداية- على ترامب وغيره من المتورطين في "أحداث 6 يناير"، وما أعقبه. وفشلت محاولة مجلس النواب بعزل ترامب بعدما اتهامه بتحريض أنصاره على اقتحام الكابيتول في ذلك اليوم. ووُجهت إليه تهمة في قضايا فدرالية وقضايا حكومية تتعلق بجهوده لإلغاء خسارته.
إعلانواتهمت وزارة العدل أكثر من 1500 شخص من أنصار ترامب بالمشاركة في هذه الأحداث، لكن فشلت محاولة الكونغرس لعزله، ولم يضطر لخوض انتخابات تمهيدية في الحزب الجمهوري، ولا المشاركة في أي من المناظرات بين المرشحين الذين تهاووا واستسلموا واحدا تلو الآخر، ودعم الجميع ترشح ترامب في نهاية المطاف.
وأصبح ترامب مرة أخرى صانع الملوك للحزب بلا منازع، مما أدى إلى ظهور فئة جديدة من الحلفاء في الكونغرس لم يعودوا يتحدثون عما حدث "يوم 6 يناير".
ومحت عودة ترامب العديد من هذه العواقب، وانتهت الملاحقة القضائية الفدرالية ضده بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية الأخيرة. كما يمكن أن تؤدي وعوده الانتخابية بالعفو عن المتهمين في "6 يناير" إلى تقويض القضايا المعلقة. وأصبح منتقدوه داخل الحزب مهمّشين بلا أي قوة حقيقية مع سيطرته شبه الكاملة على مفاصل الحزب الجمهوري.
وعلى الصعيد السياسي الأميركي، اجتمع كلا الحزبين معا لإجراء تغيير كبير في أعقاب "أحداث 6 يناير"؛ حيث تم تحديث قانون العد الانتخابي في محاولة لمنع تكرار "6 يناير" 2021. من بين أمور أخرى، أكد التشريع الجديد الدور الاحتفالي الشكلي لنائب الرئيس في فرز أصوات المجمع الانتخابي.
دور بايدن
رغم رفض ترامب نتائج انتخابات 2020، فإن منافسه جو بايدن، حرص على ضمان انتقال سلس للسلطة على الرغم من تحمسه لتذكير الشعب الأميركي بما جرى من محاولة للتمرد في 6 يناير/كانون الثاني 2021.
وقال بايدن للصحفيين في حديقة البيت الأبيض تعقيبا على سؤال حول ذكرى "6 يناير"، "أعتقد أنه لا ينبغي إعادة كتابة التاريخ. لا أعتقد أنه ينبغي نسيانها".
وفي حديثه عن ترامب على وجه التحديد، أضاف بايدن "أعتقد أن ما فعله كان تهديدا حقيقيا للديمقراطية، وآمل أن نكون أبعد من ذلك".
وقبل ذلك بيومين، منح بايدن أكبر ميدالية رسمية أميركية تقدم للمدنيين لعضو الكونغرس الجمهورية السابقة ليز تشيني، تكريما لها لحديثها علنا ضد ترامب ولرئاستها لجنة التحقيق في "أحداث 6 يناير".
إعلانورد ترامب بمهاجمة تشيني على وسائل التواصل الاجتماعي بسبب الجائزة، واقترح أنها وأعضاء آخرين في لجنة مجلس النواب التي حققت في الهجوم على الكابيتول "يجب أن يذهبوا إلى السجن".
ثم نشر بايدن مقال رأي في صحيفة واشنطن بوست طالب فيه الأميركيين بضرورة عدم نسيان ما حدث يوم 6 يناير/كانون الثاني، ودور ترامب في عملية الاقتحام. ودعا بايدن الشعب الأميركي إلى تذكر هذا التاريخ كل عام، "مثلما تحتفل البلاد بأيام مأساوية أخرى، مثل 11 سبتمبر 2001".
وأكد أنه "سيتم التصديق على الانتخابات سلميا. لقد دعوت الرئيس القادم إلى البيت الأبيض صباح يوم 20 يناير، وسأكون حاضرا في حفل تنصيبه بعد ظهر ذلك اليوم، لكن في هذا اليوم، لا يمكننا أن ننسى".
من جانبه، غرّد ترامب على منصة "تروث سوشيال" محتفيا بتصديق الكونغرس على نتائج انتخابات 2024 وفوزه بها. وقال "يصادق الكونغرس على فوزنا الانتخابي العظيم اليوم، لحظة كبيرة في التاريخ. ماغا (لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى)!"
قوات الأمن تحاول استبعاد أنصار ترامب داخل مبنى الكابيتول يوم 6 يناير/كانون الثاني 2021 (رويترز) يوم هُزت الديمقراطيةتمثل "ذكرى 6 يناير" يوما محبِطا بشكل خاص هذا العام لأولئك الذين انخرطوا في حملة انتخابية ضارية ضد دونالد ترامب العام الماضي، ولا سيما بشأن قضية الديمقراطية وسجله غير الديمقراطي، على أمل أن يقود دورُه المركزي الذي أدى لأحداث 6 يناير إلى نفور الناخبين منه.
وبدلا من ذلك، سلّم أغلبية الأميركيين ترامب البيت الأبيض بفوز ساحق في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وامتد ليسيطر حزبه على أغلبية مجلسي الكونغرس كذلك. وبعد أسبوعين سيعود ترامب للبيت الأبيض لبدء فترة حكم ثانية دون أن يعتذر عن أحداث ذلك اليوم، أو يتحمل أية مسؤولية.
ويرى أغلب الأميركيين أن حجم فوز ترامب الضخم في الانتخابات هو سبب عدم وجود اضطرابات محتملة في انتقال السلطة. ولو كانت هاريس هي المرشحة الفائزة، فلم يكن من المستبعد استمرار رفض ترامب الاعتراف بهزيمته للمرة الثانية، وهو ما كان من شأنه التشجيع على تكرار أعمال عنف ضخمة على غرار أحداث 6 يناير/كانون الثاني 2021.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الانتخابات الرئاسیة أحداث 6 ینایر ذلک الیوم على نتائج
إقرأ أيضاً:
كيف تستعد إيران لمواجهة حقبة جديدة في حكم الرئيس الأمريكي جو بايدن ؟
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تواجه إيران عامًا صعبًا من المواجهة مع إدارة ترامب القادمة في حين تواجه أيضا أزمة إقتصادية حاده بعد عام 2024 الذي تركها مع أزمة في الداخل ونكسات في الشرق الأوسط.
وتخطط الإدارة الأميركية الجديدة لزيادة العقوبات على إيران كجزء من جهد عدواني لاحتواء دعمها للجماعات المسلحة في الشرق الأوسط. ولا تزال استراتيجية طهران، التي أصبحت أقل قوة مما كانت عليه، تهدد حلفاء واشنطن وشركائها، وخاصة إسرائيل، كما أنها غير شعبية بين العديد من الإيرانيين العاديين. كما يدرس فريق الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الخيارات، بما في ذلك الضربات الجوية ، لمنع إيران من بناء سلاح نووي.
وفق تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أصيب الاقتصاد الإيراني بالشلل بالفعل بسبب مزيج من سوء الإدارة والفساد والعقوبات القائمة. فقد أدى نقص الطاقة إلى إغلاق المكاتب الحكومية والمدارس والجامعات وتعطيل الإنتاج في عشرات المصانع. وفي الوقت نفسه، تم تخفيف التهديد العسكري الإيراني بسبب الضربات الإسرائيلية لحلفائه حزب الله في لبنان، وحماس في غزة، ونظام الأسد المنهار الآن في سوريا، ومعظم الدفاعات الجوية الإيرانية.
تمثل الصعوبات التي تواجهها الجمهورية الإسلامية التحدي الأكبر لزعمائها الدينيين منذ عام 2022، عندما هزت البلاد اضطرابات واسعة النطاق أشعلتها وفاة امرأة شابة في حجز الشرطة بعد أن زُعم أنها ارتدت حجابًا غير لائق. سحقت السلطات الانتفاضة بالقوة الغاشمة التي قالت منظمات حقوق الإنسان إنها قتلت المئات. وبينما تظل الاحتجاجات على الصورة الاقتصادية المتدهورة محدودة، يبدو النظام أكثر عرضة للاضطرابات الآن.
وقالت سنام فاكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تشاتام هاوس في لندن، إن القيادة الإيرانية "تواجه على الأرجح التحديات الأشد عمقاً من صنعها" منذ سنوات. وأضافت أن هذا قد يدفع طهران أيضاً إلى التفاوض على تسوية مع الغرب في سعيها إلى إيجاد مخرج من الأزمة.
شبح الاضطرابات الاجتماعية
ولقد انتُخِب الرئيس مسعود بزشكيان في يوليو على أساس برنامج إصلاحات اجتماعية، وإحياء اقتصادي، وانفتاح سياسي على الغرب. ولكن بعد ستة أشهر، بدأت آمال الإيرانيين في تحسين حياتهم اليومية تتلاشى بسرعة. فقد أثارت الأزمة الاقتصادية خطر الاضطرابات الاجتماعية، وهو ما يثير قلق السلطات الإيرانية. فقد تظاهر التجار احتجاجاً على التضخم المتصاعد، بينما احتج المتقاعدون وعمال النفط احتجاجاً على تأخير أو خفض أجورهم.
لقد أنهت العملة الإيرانية ــ التي تعد مؤشرا على المعنويات الاقتصادية ــ عام 2024 عند أدنى مستوى لها على الإطلاق عند 821500 ريال للدولار، بانخفاض 40% عن مستواها في بداية العام. كما انخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 45% منذ عام 2012 ــ عندما تصاعدت العقوبات بسبب برنامجها النووي ــ إلى 4465.60 دولار العام الماضي، وفقا للبنك الدولي.
قال حميد رضا رستيجار رئيس غرفة نقابات طهران التي تمثل الباعة إن صناع الأحذية والتجار الآخرين في البازار الرئيسي في طهران نظموا إضرابا نادرا في 29 ديسمبر بسبب ارتفاع التضخم. وقال بعضهم في مقاطع فيديو نشرتها نقابات العمال الإيرانية على وسائل التواصل الاجتماعي "لا تخافوا، اقتربوا". وقال رستيجار في بيان على موقع النقابات على الإنترنت إن المحتجين "خشوا أن تصبح السلع التي يتم تسعيرها بهذه الأسعار بعيدة عن متناول معظم المستهلكين".
وأصبحت الاحتجاجات بشأن القضايا الاقتصادية أكثر تواترا في جميع أنحاء البلاد وفي مختلف الصناعات. احتج الممرضون والعاملون في مجال الاتصالات على تأخر المدفوعات. وتظاهر المعلمون المتقاعدون في الأسابيع الأخيرة أمام البرلمان احتجاجا على تأخر مدفوعات الرعاية الاجتماعية، وفقا لاتحاد المعلمين.
وحتى في ظل العقوبات الأكثر صرامة، لا تزال إيران قادرة على ردع الهجمات الأجنبية على أراضيها من خلال الاستفادة من التهديدات من محور المقاومة، وهو تحالف غير رسمي تقوده طهران من الميليشيات في الشرق الأوسط.
لكن هؤلاء الحلفاء هُزموا إلى حد كبير خلال العام الماضي. فقد أعقب إزاحة بشار الأسد في سوريا ، في ديسمبر، الحليف الرئيسي لإيران في الشرق الأوسط، سلسلة من الأحداث التي حفزها الهجوم المميت الذي شنته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023. ومنذ ذلك الحين، دمرت إسرائيل حماس ، الحليف الرئيسي لإيران في فلسطين، وقتلت معظم قادة حزب الله، أقوى حليف لإيران.
وتراهن طهران الآن على حلفائها في العراق واليمن لتهديد إسرائيل. ولكن قواعدهم بعيدة عن أهدافهم، مما يحد من فعاليتهم.
إن هذه الأحداث تترك لطهران مجالا أقل كثيرا للمناورة وهي تستعد لما قد يكون صراعا حاسما مع ترامب. لقد أثارت انتكاسات العام الماضي مخاوف من أن إيران قد تسرع برنامجها النووي لاستعادة بعض الردع ضد الهجمات الأجنبية.
على مدى أشهر، ناقش المسؤولون الإيرانيون علانية ما إذا كان ينبغي زيادة الجهود النووية وما إذا كان ينبغي إعادة النظر في تعهد المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي الذي استمر عقدين من الزمان بعدم الحصول على أسلحة الدمار الشامل.
كما يدرس ترامب سبل منع إيران من القدرة على بناء سلاح نووي ، بما في ذلك شن غارات جوية وقائية محتملة من شأنها أن تكسر السياسة الأميركية القائمة منذ فترة طويلة والمتمثلة في احتواء طهران بالدبلوماسية والعقوبات.
وفي مواجهة احتمال فرض عقوبات جديدة، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يوم الجمعة إن بلاده مستعدة لاستئناف المفاوضات النووية "دون تأخير" في مقابل رفع العقوبات. ولكنه قال في نوفمبر أيضاً إن البرنامج النووي الإيراني المتقدم أظهر قدرته على التعامل مع أي قيود جديدة.
وقال في إشارة إلى العقوبات التي فرضت في عهد ترامب الأول: "إن سياسة الضغط الأقصى 1.0 فرضت سياسة المقاومة القصوى وانتهت بهزيمة قصوى للولايات المتحدة". وأضاف: "الدليل؟ مثال واحد: قارن فقط بين البرنامج النووي السلمي الإيراني قبل وبعد سياسة الضغط الأقصى المزعومة".
وللتوصل إلى اتفاق، يتعين على الجانبين أن يبتعدا عن العداء. ومن المرجح أن يكون نهج ترامب تجاه إيران متأثرا بمعرفة أن عملاءها حاولوا اغتياله ، كما قال مسؤولون سابقون في إدارة ترامب. وكثيرا ما يستحضر خامنئي ذكرى قاسم سليماني، القائد العسكري الإيراني الذي أمر ترامب بقتله في عام 2020.