أغوار الحكومة اليمنية.. منظومة متكاملة من الفساد والتهريب والصفقات المشبوهة
تاريخ النشر: 7th, January 2025 GMT
بعد انقلاب مليشيا الحوثي المدعومة إيرانياً في 21 سبتمبر/ أيلول 2014، انتقلت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً إلى العاصمة السعودية الرياض في محاولة لاستعادة السيطرة على البلاد. وهناك كوَّنت منظومة فساد متكاملة وعميقة ضربت مختلف القطاعات لا سيما قطاع النفط والغاز الذي لا يزال تحت وطأة الغموض والتعتيم حتى اللحظة، بدلاً من بناء دولة كان معوّلاً عليها تحرير اليمن.
التقرير الصادر أول من أمس عن جهاز الرقابة والمحاسبة ونشرته وكالة الأنباء اليمنية الرسمية "سبأ"، كشف عن فساد بمليارات الريالات في عدد من القطاعات والمؤسسات الحكومية، رغم أنه انحصر على أقل من أربع سنوات في بعض المؤسسات وعام واحد في أخرى. وهو ما يرى خبراء اقتصاديون أن حجم الفساد الممتد إلى بداية الحرب التي اندلعت في مارس 2015 على خلفية انقلاب مليشيا الحوثي في سبتمبر 2014، وانتقال الحكومة اليمنية إلى العاصمة السعودية الرياض يقدّر بمليارات الدولارات.
فساد قطاع النفط
التقرير الرقابي تطرق إلى قطاع النفط الذي يعد أهم القطاعات الايرادية في البلاد، وكشف عن فساد شركة "بترومسيلة" التي تتعامل مع استخراج النفط في محافظة شبوة (توقفت عن العمل مؤخراً)، وكيف لا تزال الشركة تدير أعمالها من مقرها الرئيسي في العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة مليشيا الانقلاب الحوثي.
هذه التفاصيل، أثارت تساؤلات كبيرة بين الخبراء الاقتصاديين حول حجم فساد بقية قطاعات النفط والغاز خصوصاً في محافظة مأرب، وهي إحدى أكبر المناطق المنتجة للنفط في اليمن ولا تزال تغطي السوق المحلي حتى اليوم بعد توقف الإنتاج في محافظتي شبوة وحضرموت، عقب استهدافها بطائرات مسيرة حوثية أواخر العام 2022.
خبراء اقتصاديون قالوا لوكالة "خبر"، إن المسئولين الحكوميين تعاملوا مع ملف النفط والغاز في مأرب وكأنها منطقة غير خاضعة للمراقبة، ولذا باتت قطاعاتها النفطية والغازية تعمل في معزل عن الرقابة.
ومن أهم التساؤلات التي يثيرها الخبراء: لماذا تم تجاهل التطرق إلى فساد قطاع النفط والغاز في مأرب في وقت ذكرت تقارير سابقة تورط نافذين وقيادات عسكرية في الحكومة اليمنية بصفقات مشبوهة مع قيادات مليشيا الحوثي؟
وهذا يشير إلى أن منظومة الفساد في الدولة أعمق وأكبر من مجرد حالات فساد محلية، بل يمكنها إخفاء معلومات عن أحد أهم الموارد الطبيعية في البلاد. ويؤكد هذا أنه في ظل غياب الرقابة الفاعلة، يمكن إخفاء التلاعب بمصير النفط والغاز الذي كان من المفترض أن يكون عنصراً رئيسياً في استعادة الاستقرار الاقتصادي.
وبحسب التقارير، كانت هناك صفقات ضخمة من النفط والغاز يتم بيعها لمليشيا الحوثي خارج الحسابات الحكومية، ويتم تسيير الأموال عبر حوالات مالية إلى شركات صرافة في مأرب أو تسليمها نقداً عبر سماسرة، مشيرين إلى أنه من المثير للدهشة أن المليشيا الحوثية كانت تحصل على تخفيضات كبيرة في قيمة النفط، ما يعني أن هناك صفقات تتم لصالح أطراف نافذة داخل الحكومة الشرعية.
منظومة فساد حكومية
هذه العمليات المشبوهة والتلاعب في الموارد الوطنية أسهمت في إضعاف الاقتصاد اليمني أكثر وأكثر، مما يضر بمصالح الشعب اليمني.
وفي الوقت الذي يعاني فيه اليمن من حرب مريرة، كان من المفترض أن يتم توجيه الموارد إلى الجبهات الأمامية لمواجهة الحوثيين، لكن فساد هذه الشبكات يجعل الشعب اليمني يواجه عواقب قاسية، أصبح الفساد في الحكومة اليمنية شريكا غير مباشر في استمرار الانقلاب الحوثي، والذي بات يلقى دعماً خفياً من بعض أطراف الحكومة الشرعية.
لم يقتصر فساد الحكومة اليمنية على القطاعات الاقتصادية فقط، بل امتد ليشمل القنصليات اليمنية في الخارج. تقرير جهاز الرقابة كشف عن فساد مالي داخل السفارات اليمنية في مصر والسعودية والأردن، لكن لم يذكر التقرير الرقابي الحكومي الحديث، أي تفاصيل عن الوضع في بقية السفارات. هذا يطرح تساؤلات أخرى عن حجم الفساد المتفشي في الدبلوماسية اليمنية وكيفية إدارة هذه السفارات في ظل الظروف الحالية.
وما يظهر بوضوح من هذه التقارير هو أن الفساد في الحكومة اليمنية ليس مجرد حالات فردية، بل هو منظومة متكاملة من الفساد تضم جميع القطاعات الأساسية، من النفط والكهرباء إلى الدبلوماسية، بحسب مراقبين.
ووفقاً للمراقبين، من الضروري مكافحة وتفكيك ومحاسبة هذه الشبكة، التي تتناغم فيها المصالح الشخصية مع العمليات العسكرية والسياسية، وعرقلة أي جهود حقيقية لتحرير اليمن، مما يجعل المسار نحو استعادة الدولة أكثر صعوبة.
وشددوا على أن ما يحتاجه اليمن اليوم هو إصلاح حقيقي يتجاوز شعارات الحكومة الشرعية ويعالج الفساد المتفشي في مؤسسات الدولة. مشيرين إلى أنه لا يمكن المضي قدماً في مواجهة مليشيا الحوثي وتحرير البلاد ما لم يتم التخلص من هذه الشبكة المعقدة من الفساد التي تضر بمصالح الشعب وتعرقل أي محاولة لتحرير اليمن واستعادة الاستقرار السياسي والاقتصادي.
للمزيد..
عدن .. تقارير جهاز الرقابة بالكشف عن قضايا فساد تثير موجة استنكار ودعوات لتجريد المتورطين من مناصبهم
المصدر: وكالة خبر للأنباء
كلمات دلالية: الحکومة الیمنیة ملیشیا الحوثی النفط والغاز قطاع النفط
إقرأ أيضاً:
استثمارات «النفط والغاز».. الطريق إلى الاكتفاء والتنمية
تبذل الدولة جهوداً كبيرة لتعظيم الاستكشافات فى قطاع البترول والغاز وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، لتحقيق الاكتفاء الذاتى وخفض فاتورة الاستيراد فى هذا القطاع الحيوى لدعم الاقتصاد الوطنى وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، من خلال تطوير البنية التحتية، وتنويع مصادر الطاقة، وتحقيق نقلة نوعية فى قطاع التعدين.
الحكومة ومسئولو قطاع البترول شددوا خلال الفترة الماضية على أهمية الجهود الجارية مع شركاء الاستثمار فى قطاع البترول والغاز للعمل على ضخ المزيد من الاستثمارات لزيادة الإنتاج من البترول والغاز والكشف عن المزيد من الموارد البترولية بطرق اقتصادية أقل تكلفة ومستدامة بيئياً مع اتباع قواعد الحفاظ على السلامة والاستدامة البيئية والحد من الانبعاثات الكربونية عوامل رئيسية لنجاح جهود زيادة الإنتاج.
«الوطن» تستعرض خطوات واتجاهات الدولة نحو الاستثمار فى قطاع البترول واتفاقيات البحث عن النفط والغاز واستغلالهما، وهو ما يمثل العمود الفقرى لقطاع البترول، وبموجب الاتفاقيات يتم البحث والاستكشاف عن البترول والغاز من خلال الشركات الأجنبية والعربية والمصرية التى تضخ مليارات الدولارات كاستثمارات مباشرة من أجل زيادة إنتاج البترول والغاز، بالإضافة إلى الاستثمارات غير المباشرة، ما يؤثر إيجابياً على الخزانة العامة للدولة والناتج القومى للبلاد وزيادة أعمال البحث والاستكشاف والتنمية وما يستتبعه من زيادة معدلات الإنتاج والمساهمة فى تقليل الاستيراد ما يصب فى النهاية فى صالح الاقتصاد القومى.