موقع 24:
2025-01-08@08:28:13 GMT

فرنسا وسوريا... السذاجة والحذاقة

تاريخ النشر: 7th, January 2025 GMT

فرنسا وسوريا... السذاجة والحذاقة

في خطاب ألقاه خلال الاجتماع السنوي للسفراء الفرنسيين، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إنه يجب «النظر إلى تغيير النظام في سوريا من دون سذاجة». وقال ماكرون إن فرنسا سترافق العملية الانتقالية «بشكل مطول» من أجل قيام «سوريا سيدة حرة تحترم تعدديتها العرقية والسياسية والطائفية».

كلام جميل، ومنطق مسؤول، لزعيم سياسي أوروبي، يمثل فرنسا، وهي من ركائز العالم الغربي، ولها صفحات وصفحات مع التاريخ السوري بل العربي كله من شمال أفريقيا إلى بلاد الشام.

لكن ما هي تفاصيل هذه النظرة والخطة الفرنسية، غير الساذجة، لما يجري في سوريا الجديدة «سوريا الجولانية» بعد الأسدية؟!
وإذا كانت هذه الخطة المحكمة الصبورة موجودة لدى القرار الفرنسي، فما نصيبها من التأثير في «حفلة الأمم» القائمة في سوريا؟!
هل الأولوية الفرنسية ستكون أمنية أم سياسية أم ثقافية قيمية لدى فرنسا «الأنوار»؟!
هو قال صراحة إن فرنسا ستبقي على دعمها للمجموعات الكردية «الشجاعة» كما قال، متعهداً بالبقاء «وفياً» لـ«المقاتلين من أجل الحرية مثل الأكراد» الذين يتصدون للإرهاب، لا سيما لتنظيم «داعش».
نعم، تنظيم «داعش» هو مفتاح الفهم لطبيعة الدور الفرنسي والغربي، أو للدقة، «من» مفاتيح الفهم لهذا الدور.
«الدواعش» صداع كبير في دماغ أوروبا، خاصة «داعش» بالنكهة الفرنسية، فنحن نعلم عن إسهامات مواطنين فرنسيين وبلجيكيين من أصول مغاربية شتى، بل تميز هذا الطيف الفرنسي بتوحشه ونزقه، في أثناء خلافة البغدادي بشرق سوريا وخاصة في الرقة، عاصمة «داعش».
لكن ماذا عن الأخطار الأخرى، غير «داعش» في سوريا؟!
لدينا سلة متنوعة تشبه «داعش» فكراً وتختلف سياسة وتكتيكاً، ولدينا «القاعدة»، وحزب التحرير وغيره وغيره.
هل توافق فرنسا على إخراج النفوذ الإيراني من سوريا... وأسباب كيف صارت فرنسا ماكرون تنظر للخطر الإيراني؟!
ماكرون في هذا اللقاء قال إن «إيران هي التحدي الاستراتيجي والأمني الرئيسي لفرنسا والأوروبيين والمنطقة بكاملها، وأبعد من ذلك بكثير»، محذراً بأن «تسارع برنامجها النووي يقودنا إلى حافة القطيعة».
لكن من الذي تسبب في تمدد النفوذ الإيراني طيلة العقود الماضية في الشرق الأوسط؟!
ألم يكن الغرب، وفرنسا كانت في قلب هذا الغرب، من الرافضين لأي عمل جاد ضد النفوذ الإيراني.
لقد كان من مظاهر التوتر والخلاف بين فرنسا ماكرون وأمريكا ترمب، في ولايته الأولى، الموقف من سياسة ترمب المتشددة في العقوبات على إيران، بل إن فرنسا كانت إلى وقت قريب تقاوم تصنيف «حزب الله» اللبناني، عسكره وساسته، منظمة إرهابية.
السياسات مثل الرايات المنشورة في العراء، تميل مع اتجاهات الرياح، ولا ثابت فيها إلا عدم الثبات!
تدخلات وتصورات الغرب تجاه سوريا الجديدة، خاصة أمريكا ثم بريطانيا وفرنسا، ستكون ذات أثر عميق يبقى معنا حيناً من الدهر... والأهم في سياسات الغرب تجاه سوريا الجديدة، الأفعال لا الأقوال، كما يقولون هم عن الجولاني و«هيئة تحرير الشام»!

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية سقوط الأسد فی سوریا

إقرأ أيضاً:

دولة الطوائف في سوريا.. ماذا يريد الغرب؟!

لا شيء تغير..

فالاستعمار الغربي المباشر، الذي قام بالسطو المسلح على بلادنا، رفع شعار الدفاع عن الأقليات، وقد وجد من بين الأقليات من يخطب على منبر الجامع الأزهر ويقول مقولته الخالدة: "إذا كان الاحتلال لبلادنا دفاعا عن الأقباط، فليمت الأقباط جميعا، وتبقى مصر حرة"! كان صاحب هذا الصوت هو الأنبا سرجيوس، خطيب ثورة 1919!

كانت محاولة لنزع الغطاء الأخلاقي لهذا الاستعمار المباشر في دفاعه عن الأقليات، بيد أن الاستعمار في ثوبه الجديد لم يتوقف عن هذه النغمة، وقد شاهدنا خطاب الابتزاز باسم الدفاع عن الأقليات يأخذ صياغات مختلفة، من أول الحديث عن ضرورة البدء الفوري في عملية سياسية شاملة في سوريا، إلى الأمر بإشراك كل الطوائف في الحكم، على النحو الذي ذكرته الوزيرة الألمانية الأكثر مراهقة، فكان وضوحها يليق بحالتها النفسية غير السوية!

دول الأقليات العسكرية والعرقية:

لم تطلب وزيرة الخارجية الألمانية، كما لم يطلب الغرب عموما وفي القلب منه البيت الأبيض، من النظام السوري السابق المجرم أن يبدأ بعملية سياسية شاملة، لرأب الصدع ولمّ الشمل، فقد كان النظام الدولي شاهدا على حكم البيت الواحد لسوريا لأكثر من نصف قرن، وشاهدا على استبداد منقطع النظير هناك، كما كان شاهد ملك على قصف الشعب بالبراميل المتفجرة، فلم تصدر منه سوى بيانات هزيلة، ذرا للرماد في العيون، لأن الحكم السوري السابق كان وفق قيم الاستعمار الجديد!

هذا النسق من الاستعمار يفتقد حتى لأخلاق المستعمر القديم، إنه يريد أن يحقق أهدافه دون أن يتحمل كلفة ذلك، ويتم تنفيذ السياسة الجديدة عبر أقليات عسكرية أو عرقية، لتقطع الطريق على حكم الشعوب، فالحاكم المنتخب هو أكثر ولاء لمصالح بلده، التي تتعارض مع أهداف الغرب، في الخراب واستمرار التبعية
وهذا النسق من الاستعمار يفتقد حتى لأخلاق المستعمر القديم، إنه يريد أن يحقق أهدافه دون أن يتحمل كلفة ذلك، ويتم تنفيذ السياسة الجديدة عبر أقليات عسكرية أو عرقية، لتقطع الطريق على حكم الشعوب، فالحاكم المنتخب هو أكثر ولاء لمصالح بلده، التي تتعارض مع أهداف الغرب، في الخراب واستمرار التبعية!

فلا دعوة غربية حقيقية لعملية سياسية شاملة في الدول المحكومة بالأقليات العرقية والعسكرية، إلا من أجل ممارسة الابتزاز لتقديم هذه الأنظمة المطلوب منها بدون تململ! فإذا نجحت الثورة في إسقاط نظام الأقلية الطائفية في سوريا، فُتحت شهية القوم وتذكروا قيمهم التي يتنكرون لنا ممثلة في الديمقراطية.. لكنها ليست تماما الديمقراطية، إنها العودة إلى زمن ما قبل الدولة!

ودائما يتم تذكيرنا أن الدولة الغربية الحديثة هي آخر نتاج البشرية المتحضرة، وهي دولة تقوم على حق الناس في اختيار من يحكمهم، ولا بد من دول المنطقة أن تنتقل لهذه المرحلة وإلا صار الوضع القائم عنوانا للتخلف، وهو التخلف الذي يعمل الغرب راعيا رسميا له!

"حبكت الآن"، فلم يمر على سقوط نظام الأسد سوى سويعات، حتى انطلق الغرب يطلب بعملية سياسية شاملة، وسمعنا صدى الأصوات من أنظمة في المنطقة، هي أنظمة استئصالية بامتياز، لا تعرف السياسة أو الشمول، لكنها مع ذلك تحوز رضا الغرب الذي يبارك استبدادها!

فالمطلوب من الشرع على وجه السرعة، أن يقوم بعملية سياسية شاملة.. لماذا هو وحده؟.. ولماذا الآن وقبل التقاط الأنفاس، في حين أن الشرعية الثورية ليست بِدعا، والمراحل الانتقالية تعرفها الدول بعد ثوراتها، ولم نسمع تنديدا غربيا عندما سعى المجلس العسكري في مصر بعد الثورة لجعل المرحلة الانتقالية مرحلة مفتوحة بعد تحديدها بستة شهور!

الشرع رئيسا:

والسؤال الأهم؛ ماذا لو أخذت الإدارة السورية الجديدة بالنصيحة الغربية وذهبت للانتخابات الآن، وكان من نتيجتها فوز أحمد الشرع برئاسة البلاد فهل سترضيهم هذه النتيجة؟!

المؤكد أنهم لن يسلموا بإرادة الجماهير، وسيواصلون ضغوطهم وقد يدفعون الأقليات إلى الطلب بانتخابات مبكرة، لإنهاء الوضع الجديد!

كم من الوقت احتاجه الأمريكان لإجراء الانتخابات العراقية بعد أن وضعوا أيديهم على العراق؟.. وكم من الوقت احتاجوا لإجراء الانتخابات بعد إسقاط حكومة طالبان الأولى؟!

إنهم لم يذهبوا للانتخابات مباشرة بعد إسقاط صدام حسين، وبعد إسقاط حكم طالبان، بل انتظروا إلى حين هندسة الحياة السياسية لتكون نتيجة الانتخابات كما توقعوا.. فأي نموذج قدموا ليكون ملهما للحالة السورية؟!

إن الدعوة لعملية سياسية شاملة لا تُقصي أحدا هي حق يراد به باطل، عندما يكون المطلوب أن هذه العملية لا تقصي مثلا رجال الحكم البائد، وشبيحة بشار، الأداة التي ستستخدم مستقبلا من جانب الثورة المضادة في الخارج وفي الإقليم!

هناك فرق بين عملية سياسية يكون الحكم فيها للشعب، وبين عملية تقوم على الطوائف وبنظام المحاصصة، وهو ما تدعو له الوزيرة الألمانية نيابة عن الغرب! لنكون هنا أمام حالة غير مهمومة، فالغرب لم يقدم نموذجا للدولة المدنية الحديثة في العراق، فقد استلم هذا البلد دولة مستبدة، فلم يخطُ خطوة للأمام في سياق الدولة، ولكنه عاد به إلى الأزمنة السحيقة، فعظّم من القبيلة والمذهب
ألم يستثن الأمريكان في العراق حزب البعث، وقاموا بتهميش المكون السني، فلماذا لم تشمل عمليتهم السياسية هذا الحزب؟ وألم يستثن الأمريكان والحلفاء طالبان من العملية السياسية في أفغانستان بعد الاحتلال.. فلماذا يكون المطلوب من الشرع على غير القواعد التي أرساها الاحتلال الأمريكي في العراق وأفغانستان بعد إزاحة الحكمين؟!

إن الملهاة عندما تطالب الوزيرة الألمانية (سيئة الصيت) بإشراك كل الطوائف، وهنا نجد أنفسنا أمام سؤال: هل المطلوب في سوريا دولة مدنية حديثة، الحكم فيها للشعب، ولإرادة الناس، أم دولة الطوائف والمحاصصة، وهي تنتمي للدولة في مرحلتها البدائية بحسب أهل الاختصاص لعلم الأنثروبولوجيا؟

هناك فرق بين عملية سياسية يكون الحكم فيها للشعب، وبين عملية تقوم على الطوائف وبنظام المحاصصة، وهو ما تدعو له الوزيرة الألمانية نيابة عن الغرب! لنكون هنا أمام حالة غير مهمومة، فالغرب لم يقدم نموذجا للدولة المدنية الحديثة في العراق، فقد استلم هذا البلد دولة مستبدة، فلم يخطُ خطوة للأمام في سياق الدولة، ولكنه عاد به إلى الأزمنة السحيقة، فعظّم من القبيلة والمذهب، وبريمر لم ينشغل في بغداد بالبحث عن السياسيين المعارضين ولكنه ذهب يُحيي العصبية، ويبحث عن زعماء القبائل ليقيموا دولته الحديثة على أنقاض حكم حزب البعث، الذي لم يكن -ويا للأسف- تعبيرا عن مذهب ديني، أو فصيل قبلي!

إن هذه الضغوط التي تمارس على الشرع وإخوانه، هي نظرة قوى الاستعمار للمستعمرات القديمة، من خلال محاولة فرض الوصاية على الشعب السوري، وفرض نظام حكم طائفي محكوم بالأقليات، ليكون النسخة الأكثر رداءة من حكم الأسد والده وقرينته!

ألا شاهت الوجوه.. ألا شاهت الوجوه!

x.com/selimazouz1

مقالات مشابهة

  • واشنطن تشن ضربات ضد أهداف لداعش في العراق وسوريا
  • وزيرا خارجية الأردن وسوريا بحثا خطر المخدرات والسلاح وتنظيم "داعش"
  • مقتل وإصاية 3 أفراد من التحالف باشتباكات مع داعش في العراق وسوريا
  • سنتكوم تكشف عن عمليات في العراق وسوريا لهزيمة داعش
  • ماكرون يعلن عزم فرنسا دعم العملية الانتقالية في سوريا على المدى الطويل
  • دولة الطوائف في سوريا.. ماذا يريد الغرب؟!
  • الرئيس الفرنسي يدق ناقوس الخطر بشأن البرنامج النووي الإيراني
  • ماكرون أمام المؤتمر السنوي لسفراء فرنسا: نؤكد ضرورة احترام التعددية في سوريا
  • سوريا الجديدة.. لا خوف منها ولا خوف عليها