دعمت تركيا جانباً كبيراً من فصائل المعارضة السورية المسلحة والمدنية حتى نجاحها في إسقاط النظام وتشكيل حكومة انتقالية جديدة، وبات واضحاً حجم الدور التركي في ترتيب جانب أساسي من خطابها ولغتها الجديدة، فقد دعمت الجيش الحر وهيئة تحرير الشام، وتعمل بشكل عملي على بناء نموذج نجاح في سوريا متحالف مع تركيا، بصرف النظر عن خلفيات هذه الفصائل الأيديولوجية والعقائدية.
لم تشغل تركيا بالها كثيراً بمدى عمق المراجعة العقائدية التي أجرتها هيئة تحرير الشام لفكرها العقائدي، إنما دعمت خياراً سياسيّاً وعسكريّاً سوريّاً لديه حاضنة شعبية كبيرة في الداخل، مستفيدة من انهيار شعبية الأسد ومن حجم الجرائم التي ارتكبها، على عكس تجارب التغيير العربية الأخرى سواء كانت مسلحة مثل ليبيا التي ظلت هناك حاضنة شعبية ولو محدودة للقذافي، أو سلمية مثل السودان عقب سقوط نظام البشير أو مصر عقب تنحى مبارك، حيث ظل هناك قطاع من الناس مؤيد لهذه النظم، حتى بعد سقوطها، ولذا فإن حالة شبه الإجماع الشعبي على رفض نظام بشار ودعم أي مشروع يُسقطه سهلت من مهمة الفصائل المسلحة في الانتصار والسيطرة على البلاد.
ومن هنا، فإن الدور التركي حريص على أن يكون داعماً للمسار الجديد، لا أن يصنعه، على عكس ما جرى في العراق في 2003 حين غزته الولايات المتحدة، وأسقطت نظامه بالقوة المسلحة، وعينت أمريكيّاً «بريمر» ليقود المرحلة الانتقالية، ثم استخدمت بعد ذلك أدوات محلية لإدارة العراق، أما في سوريا فالفصائل السورية هي التي أسقطت النظام بدعم خارجي تركي، واختارت التوقيت المناسب لمعركتها، بعد أن تراجعت قوة حزب الله والميليشيات الإيرانية، وأسقطت النظام في أقل من عشرة أيام. تركيا قرأت هذا الواقع جيداً، ودعمت المعارضة من وراء الستار، وراهنت على الجواد الرابح الذي صُنع وتربى في الواقع المحلي السوري، وكان يحتاج اللحظة المناسبة ليعلن انتصاره.
إن خطاب قادة سوريا الجدد فيه كثير من «البراغماتية التركية» و«وعي ما» بإرث عقدين من الزمان عرفت فيهما سوريا مآسي كثيرة، وأيضاً وعي بوطأة فشل تجارب التغيير العربية، بما فيها التجارب المدنية والسلمية.
التداخل التركي مع التجربة السورية انطلق من أنه غير مُحمَّل بإرث الانقسامات الأيديولوجية العربية وليس طرفاً مباشراً فيها، فاختفت جمل «اجتثاث البعث»، التي طُرحت في العراق، كما غابت جملة «حل الجيش»، وسَعَت القيادة الجديدة إلى تسوية أوضاع جنود وضباط الجيش السوري ماداموا لم يرتكبوا جرائم في حق الشعب.
وضعية تركيا، التي لم تكن طرفاً في أي تجربة تغيير عربية سابقة، جعلتها في وضع سمح لها أن تقول للجانب السوري: يجب أن تكون أعينكم على المستقبل، وألّا تشغلوا أنفسكم بمعارك الماضي، وهذا تحدٍّ ليس بالسهل تحقيقه.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية سقوط الأسد
إقرأ أيضاً:
التقدمي: نُعرب عن أسفنا للأحداث التي تشهدها منطقة الساحل السوريّ
صدر عن الحزب التقدمي الإشتراكي، البيان التالي:
يعرب الحزب التقدمي الإشتراكي عن أسفه للأحداث التي تشهدها منطقة الساحل السوري والتي تصب في إطار محاولات الخارج لاستهداف أمن سوريا وتعريض سلمها الداخلي للاهتزاز ما يشكل خطراً على أمن المنطقة برمتها.
ويشدّد الحزب على ضرورة الوعي وعدم الوقوع في الأفخاخ العديدة التي تحاول فلول النظام السابق نصبها للانتقام من نجاح الإدارة الجديدة في الاطاحة به.
إن الحزب إذ يدعو إلى التهدئة والاحتكام إلى القانون، يشدد على ضرورة دعم عملية إعادة بناء الدولة السورية الجديدة وتشكيل جيشها وقواها الأمنية التي هي وحدها الضامن لسلامة أبناء الشعب السوري الشقيق بجميع أطيافه.