وزيرة التضامن تناقش تقرير لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشيوخ عن دراسة حول "مستقبل سياسات الحماية الاجتماعية
تاريخ النشر: 7th, January 2025 GMT
شاركت الدكتورة مايا مرسي وزيرة التضامن الاجتماعي في اجتماع لجنة " لجنة حقوق الإنسان والتضامن الاجتماعي" بمجلس الشيوخ، برئاسة النائب محمد هيبة، وحضور أعضاء اللجنة، و أيمن عبد الموجود الوكيل الدائم لوزارة التضامن الاجتماعي، والدكتور محمد العقبي مساعد وزيرة التضامن الاجتماعي للاتصال الاستراتيجي والإعلام، ورأفت شفيق مساعد وزيرة التضامن الاجتماعي للحماية الاجتماعية وبرامج دعم شبكات الأمان الاجتماعي والتمكين الاقتصادى والتنمية البشرية، والمستشار كريم قلاوي المستشار القانوني لوزارة التضامن الاجتماعي، وأحمد عبد الرحمن رئيس الإدارة المركزية للحماية الاجتماعية.
وشهد الاجتماع مناقشة تقرير لجنة حقوق الإنسان والتضامن الاجتماعي بمجلس الشيوخ حول دراسة "مستقبل سياسات الحماية الاجتماعية في ظل التنمية المستدامة"المقدمة من النائب محمود سمير ترك.
وأكدت وزيرة التضامن الاجتماعي أن مجلس الشيوخ لديه عقول تفكر بشكل علمي ومنهجي، فالمجلس إلى جانب دوره التشريعي، يعد بيت خبرة ويضم عقولا مصرية مستنيرة.
وأثنت الدكتورة مايا مرسي على المجهود المقدم من لجنة حقوق الإنسان والتضامن الاجتماعي بمجلس الشيوخ في إعداد هذه الدراسة، والتي تتعلق بقضية تعد هي الأهم على الساحة خلال هذه المرحلة.
وأشارت الدكتورة مايا مرسي إلى أن الحماية الاجتماعية مسئولية واضع السياسات ممثلا في الدولة المصرية وتساعده الجمعيات الأهلية والمجتمع المدني، مشددة على أن الدعم النقدي المشروط في مصر أصبح في حالة نضج، ومصر لديها نسق مستقر للدعم النقدي المشروط يستفيد منه 20% من الشعب المصري، ولم يكن في الإمكان تحقيق هذا الإنجاز إلا بانحياز واضح من القيادة السياسية للفقراء
وأكدت وزيرة التضامن الاجتماعي أن هناك وعي كامل بضرورة التقييم المستمر لمنظومة الدعم النقدي المشروط وتحسينها بشكل مستمر، كما يعتبر الدعم النقدي خطوة أولي وأساسية في الخروج من الفقر، ولكن لن نضع الدعم النقدي في حد ذاته كهدف، وإنما وسيلة لتحقيق الهدف، مشيرة إلى أنه أصبح لدينا قانون " الضمان الاجتماعي" الذي وافق عليه مجلسى الشيوخ والنواب و يسعي إلى استدامة قدرة الدولة علي دعم الفئات الأكثر احتياجا، وذلك من خلال إنشاء صندوق "تكافل وكرامة" وتوضيح مصادر تمويله، بالإضافة إلى حوكمة الدعم وإجراء تحقق من المستفيدين علي مستويات مختلفة سنويًا من الإدارة المختصة والمديرية والوزارة للتأكد من الاستحقاق، كما يعمل على التدرج في قطع الدعم عن المستفيد إذا كان هناك عدم التزام بالمشروطية وقواعد منح الدعم، ويعمل على جودة الاستهداف ومنع تسرب الدعم لغير مستحقيه بالنص علي عقوبات في القانون، كما أن القانون أقر التمكين الاقتصادي ونهدف إلى خلق منظومة مالية واستراتيجية للتمكين الاقتصادي.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: وزيرة التضامن حقوق الإنسان مجلس الشيوخ الحماية الاجتماعية وزیرة التضامن الاجتماعی لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشیوخ الدعم النقدی
إقرأ أيضاً:
النّـزاع على حقـوق الإنسـان
ليس النّـزاعُ على حـقـوق الإنسان نزاعا حصـريّا بين مَـن يتمسّـكون بها مناضلين عنها بثـباتٍ وإصـرارٍ، من جهـة، ومَن يَعـتسفونَـها ويَـنْهكـون حُرمتها، شديـدَ النَّـهْك، من جهـةٍ مقابلة. قـد يكون هـذا هو النّـزاع الـرّئيس بين المنزوعـة حقوقُـه بالقـوّة -فـردا كان أو جماعةً- والمتسـلِّطِ الغاشم الذي يصادِرها مـن النّاس بالإكـراه، غير أنّـه ليس وحـدهُ النّـزاع الدّائـر عليها في المجتمع ولا هو يُخفي، بالتّالي، أنواعا أخرى من النّـزاع في شأنها تـتوزّع فيها قواها على مواقـعَ متباينة وأحياناً متناقضة في المسألة. تـتبيّـن قيـمةُ التّعريج على النّـزاع على هذه الحقوق حين نأخـذ في الحسبان ما كان سائدا من معـتـقـدٍ حقوقيّ وسياسيّ في العالـم -وإلى عهـدٍ قريب- عن صلة النّسب بين فـكرة حقـوق الإنسان والفكر السّياسيّ اللّيبراليّ؛ حيث دُرِج على تلك النّسبة حتّى باتت من بداهات السّياسة والفـكر السّياسيّ! وليس الأمرُ كذلك، أَلْـبَتَّـةَ، لأنّ تيارات فـكريّـةً وسياسيّة أخرى، غيرَ التّـيّار اللّيبراليّ، كانت شريكا أصيلا في الـدّفاع عن تلك الحقوق وأنتجت مفاهـيمَها الخاصّة لِـتُـبْـنَى عليها استراتيـجيّاتُ عمـلٍ على الصُّـعد المدنيّـة: الحقوقـيّـة والمطلبيّـة ثـمّ السّياسيّـة؛ الأمر الذي يعني أنّ الأيـديولوجيا اللّيبراليّة لم تكن صاحبةَ وكـالةٍ حصريّـة -كما زعـمتْ ألسنـتُها وأقلامُـها- للنّـطق باسم إرادة حماية حقوق الإنسان والمدافَعة عنها في وجه القـوى السّلطويّـة التي تعـتـدي عليها أو تـنال منها.
نعْـلم، على القطـع، أنّ نزاعا على مفهـوم حـقـوق الإنسان نَـشب -واستمـرّ طـويلا- بين تـيّارات أيـديولوجيّـة وسياسيّـة أربعـة جـرّب كـلُّ واحـدٍ منها أن يتـمسّـك بمفهومـه لتلك الحقوق ناظرا إليه بوصفه الصّحيح أو، على الأقـلّ، بوصفـه الأَوْلى بالاعتـناء من غيره. هـذه حقيقة شهـدت عليها قضيّة حـقـوق الإنسان في مجتمعات العالم كـلِّها، مع ملاحظة أنّ غلبة مفهـومٍ على غيره من مفاهيـم حـقـوق الإنسان الأربعة هـذه واقـعٌ يُـفسِّـره ما يَحتـلّه في كـلّ منطقة من العالم الكيانُ الذي يُـفْـتَـرَض أنّه مركزُ تلك الحقوق وقُطبُ الرّحى فيها.
والكيانُ الذي نعنيـه، هـنا، هو الكائـن الاجتماعيّ الحامل لقضيّـة حـقـوق الإنسان أو المنظور إليه من حيث هـو الفاعل الاجتماعيّ المُصادَرةُ حقوقُـه والذي ينبغي أن يُـدَافَـع عنها من قِـبَـلِه ومن قِـبَـل مَـن يدعـم حقّــه من القوى الاجتماعيّـة. أمّـا هـذا الكائن فلا يعـدو -في خطابات التّـيّـارات الأربعـة- أن يكون غيـرَ واحـدٍ من هـذه الحدود الأربعـة: الفـرد، الطّـبقـة والفـئـة الاجتماعيّـة، الشّـعب، والأمّــة. وما أغـنانا عـن القول إنّ كـلّ مفهـومٍ من هـذه يكـوِّن نـواةً لأيـديولوجيا من الأيـديولوجيّـات السّياسيّـة الأربع التي تـدخل في معـمعان ذلك النّـزاع على حقـوق الإنسان، مثـلما يـرمـز إلى حقـبـةٍ من حـقـب السّياسـة والفـكـر السّياسيّ في التّاريخ المعاصر.
حـقـوق الإنسان، بالتّـعريف، هي حقـوق الفـرد في الخطـاب اللّيبراليّ؛ فهـو، عنده، مبدأُ المجتمع والوحـدةُ الأساس فيه الذي تعـتـرف به الـدّولة وتَـسُنّ لـه القـوانين وتُـقِـرّ له الحقـوق وتـفرض عليه الواجبات. حـقـوقُه، بهـذا المعنى، حـقـوقٌ مـدنيّـة وسياسيّـة، كانت تـنـتمـي أمـس إلى منظـومة حـقوق المواطَنـة ولكـن صار يُـراد لها اليـوم -في حقبـة الفـردانيّـة العولميّـة- أن تـكون «كونيّـة» عابرة للأوطان والـدّول. في الخطـاب الاشتـراكيّ أو الماركسيّ يخـتلف الأمـر؛ حقـوق الإنسان حقـوق طبقات اجتماعيّـة في الثّـروة (طبقـة عاملة، فلاّحون، طبقـة وسطى، فـئات مهمّـشة...) وحقـوق فـئات اجتماعيّـة مستَحَـقَّـة (نساء، شباب، أطفـال، مستـهـلكون، مهـنـيّـون...)؛ إذِ المجتمع -في هـذا الخطاب- ليس مـؤّلـفا من أفراد، كما يخال الخطاب اللّيبراليّ، بـل من طبقات وفئات اجتماعيّة متناقضةِ المصالح ومتفاوتـةِ المراتب إزاء الثّـروة العامّـة. ولقد وسّع الخـطاب الوطـنيّ دائـرة الجماعة الاجتماعيّـة فانتـقـل بها من الطّـبقة إلى الجماعة الوطـنيّـة ومادّتها الصّلبة (= الشّـعب).
هكذا أصبحت حقوق الشّـعب (= حـقّ تقـرير المصير الوطنيّ وحيازة الاستـقلال والسّيادة مثـلاً) هي جـوهر حـقـوق الإنسان لدى هـذا التّـيّار؛ فيما كان الخطـاب القـوميّ يـذهـب بعيدا في توسعـتـه إطارَ الجماعة الاجتماعيّـة بحيث تُطابِـق حدودُه حدودَ الأمّة. هكذا انتهى معنى حـقـوق الإنسان عنده إلى حيث بات يُـلـحّ على فـكـرة حـقّ الأمّـة في وضع حـدٍّ لتجزئـتها الكيانيّـة واستعادتها لوحـدتها القـوميّـة التي تعـرّضت للتّـمزيق الاستعـماريّ.
مـن البـيّـن أنّ كـلّ مفهـوم لحـقـوق الإنسان، من المفاهيـم الأربعة هذه، يترجم مرحلةً من الوعي الفلسفيّ والسّياسيّ والحقـوقيّ ويقـترن بحوادث العالم الكبرى التي أسّست له وبـرّرتـه. ارتبطت دعوى حقوق الفـرد، في صيغتها الفلسفيّـة- الحقوقـيّـة الأولى (قـ 17 و18)، بالفلسفة اللّيبراليّـة، وفي صيغـتها العولميّة الجديدة الرّاهنة بالنّيوليبراليّـة؛ وارتبطت دعـوى حقوق الطّـبقات والفئات الاجتماعيّـة بصعود الحركات العـمّاليّـة والنّـقابيّـة والمدنـيّة وتنامي الخطاب الماركسيّ (بين نهايات القرن 19 وسبعيـنيّـات القرن 20)؛ فيما اقترنت دعـوى حقـوق الشّـعب بحقبة الاستعمار الأوروبيّ والأمريكيّ واليابانيّ لبلدان الجنوب وصعود حركات التّحرّر الوطنيّ فيها، واقـترنت دعـوى حقـوق الأمّـة بواقعة التّـجزئة الكولونياليّـة التي تـقـطَّعت بها أوصالُ كيانات عـدّة في القارّات الثّـلاث المستعـمَـرَة ونشوء حركات التّـوحيد القوميّ في الجنوب. نحن، إذن، أمام أربعة مفاهيم تـترجم وعي أربعة تـيّارات سياسيّـة وفكريّـة، بل أربعة أجيالٍ من فكـرة الحقّ: الحقوق السّياسيّـة والقانونيّـة (للفـرد)؛ الحقـوق الاجتماعيّـة (للطّـبقات والفئـات)؛ الحقـوق الوطنيّـة (للشّـعوب)؛ ثمّ الحقوق القـوميّـة (للأمم). وهي مفاهيـم تُظْـهِـرُنا على ذلك الذي أسميناهُ نزاعا على مفهوم حقوق الإنسان؛ أي على سعْـيٍ متعـدِّد الأطراف إلى فرض مفهومٍ بعيـنه لها.
هل من تَعارُضٍ، إذن، بين هذه الأنواع من الحقوق التي جرى النّـزاعُ على معناها ويجري، والتي حاول كـلُّ فريقٍ منخرطٍ فيه أن ينـتـزع لنـفسه حقّ احتكـارِ تسميـةِ حقـوق الإنسان وتعيين ماهـيتها؟
ما مِـن تعارُضٍ، في ما نرى، بين حقـوق الآحاد من النّاس وحقـوق الجماعات، طبقاتٍ وفـئاتٍ اجتماعيّـةً وشعوبا وأمما، طالما ظلّ هناك ما يـبرِّر كـلَّ مدافَعَـةٍ عنها. نعم تـتـبرَّر حقوق الفـرد والطّبقة والشّعب والأمّـة جميعُـها طالما ظلّ هناك تسـلُّطٌ، واستغلالٌ (أو سـوء توزيع الثّروة)، واحتلالٌ، وتجزئـة.
إنّها (حقوقٌ) تكون في حالةِ تَعارُض فـقط إنْ أُخِـذَ بها منعزلةً يُـقابِـل بعضُها بعضا. أمّا إن أُخِـذَت مجتمعةً، بوصفها منظومةً غيرَ قـابلة للمقايضة، فـتبدو على نحـوٍ من التّـرابُط والتّداخُـل والتّـضامُن لا لبْس في مشروعيّـته ويرتفع عنها، بالتّالي، ذلك النّـزاع والتّخاصُم الذي يُباعِـد بين حـدودها.
عبدالإله بلقزيز أستاذ الفلسفة بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، وحاصل على جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب