7 يناير، 2025

بغداد/المسلة: تشهد ظاهرة الصور الجنسية المفبركة باستخدام الذكاء الاصطناعي تصاعدًا مقلقًا، خاصة مع استهداف النساء الناشطات في المجال العام بشكل متزايد. هذه الصور المزيفة، التي تُنتج عبر تقنيات التزييف العميق، باتت وسيلة لتشويه السمعة وتقويض الثقة، مما يشكل تهديدًا للمرأة وللديمقراطية على حد سواء.

في الولايات المتحدة، كشفت مجموعة “أميريكان سنلايت بروجكت” المتخصصة في مكافحة التزييف العميق  أن سُدس النساء المنتخبات في الكونغرس تعرضن لهذا النوع من التشويه. وأكدت رئيسة المجموعة، نينا يانكوفيتش، أن الهجمات لا تتعلق بالتكنولوجيا وحدها، بل تستهدف النساء صاحبات السلطة والديمقراطية ذاتها، مشددة على الحاجة الماسة لتشريعات تحمي الضحايا وتواجه هذا السلاح الرقمي الخطير.

وفي المملكة المتحدة، كشف تحقيق أجرته القناة الرابعة أن أكثر من 30 شخصية سياسية، بما في ذلك نائبة رئيس الوزراء أنجيلا راينر، تعرضن للتزييف العميق. وأشار التحقيق إلى وجود مواقع إلكترونية تستخدم الذكاء الاصطناعي لتجريد صور السياسيين من ملابسهم وتحويلها إلى محتوى إباحي زائف، مما يسلط الضوء على قدرة هذه التقنيات على استهداف الشخصيات العامة بسهولة.

في إيطاليا، كانت رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني من بين الضحايا، حيث طالبت بتعويض مالي كبير بعد ظهور مقاطع فيديو إباحية مزيفة لها على الإنترنت. وصفت ميلوني هذه الممارسات بأنها شكل من أشكال العنف ضد المرأة، مؤكدة أن التهاون مع هذه الظاهرة قد يعرض الفتيات مستقبلاً لنفس المصير، وداعية إلى “خوض الحرب” ضد هذه الانتهاكات.

أما في باكستان، فقد كانت المسؤولة المنتخبة مينا مجيد واحدة من المستهدفات بفيديو مزيف يخالف الأعراف الاجتماعية، في حين شعرت وزيرة الإعلام في ولاية البنجاب، عظمة بخاري، بالدمار بعد اكتشاف فيديو مشابه يظهرها بشكل مسيء. تعكس هذه الحالات مدى الضرر الذي تلحقه مثل هذه الهجمات بالنساء في المجتمعات المحافظة، حيث تُعتبر السمعة ركيزة أساسية للحياة العامة.

وتشير تقارير إلى أن قوانين مكافحة هذه الظاهرة لا تزال غير كافية. ففي الولايات المتحدة، أقرت بعض الولايات مثل كاليفورنيا قوانين تجرّم نشر الصور المزيفة ذات المحتوى الجنسي الصريح، إلا أن النشطاء يطالبون بتشريعات على المستوى الوطني. في المملكة المتحدة، لا تزال هناك وعود بحظر إنشاء هذه المواد دون تنفيذ فعلي، بينما تفتقر باكستان إلى قوانين محددة رغم وجود تشريعات عامة لمكافحة الجرائم الإلكترونية.

ويحذر الخبراء من أن هذه الهجمات لا تستهدف فقط الشخصيات العامة، بل قد تطال جميع النساء، بغض النظر عن مكانتهن الاجتماعية. ففي حين تمكنت عضوات الكونغرس من إزالة الصور المزيفة بسرعة بفضل الموارد المتاحة لهن، فإن النساء الأقل حظًا يواجهن صعوبة في تحقيق نفس النتيجة، مما يعكس تفاوتًا كبيرًا في الحماية القانونية والعملية.

إن انتشار التزييف العميق يمثل تهديدًا خطيرًا يتجاوز تأثيره الفردي ليطال النسيج الاجتماعي والسياسي. وبينما تعمل الحكومات والمنظمات على التصدي لهذه الظاهرة، يبقى تعزيز الوعي والتشريع الفعال أمرًا حاسمًا لمواجهة هذا الخطر المتنامي.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: التزییف العمیق

إقرأ أيضاً:

استطلاع: 75% من العلماء الأمريكيين يفكرون في مغادرة الولايات المتحدة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تشهد الساحة العلمية في الولايات المتحدة تغييرات جذرية غير مسبوقة نتيجة السياسات التي تنتهجها إدارة الرئيس دونالد ترامب، مما دفع عددًا كبيرًا من العلماء إلى إعادة التفكير في حياتهم المهنية وخططهم المستقبلية.
ووفقًا لاستطلاع أجرته مجلة " نيتشر" البريطانية، فإن أكثر من 1200 عالم — أي نحو 75% من المشاركين في الاستطلاع — أعربوا عن أنهم يفكرون في مغادرة الولايات المتحدة؛ بسبب الاضطرابات التي أحدثتها الإدارة الجديدة. وقد جاءت أوروبا وكندا في مقدمة الوجهات المحتملة للانتقال.
وكانت هذه النزعة أكثر وضوحًا بين الباحثين في بداية مسيرتهم المهنية. فمن بين 690 باحث دراسات عليا شاركوا في الاستطلاع، قال 548 منهم إنهم يفكرون في المغادرة، كما أعرب 255 من أصل 340 طالب دكتوراة عن نفس التوجه.
وتعكس هذه النوايا تداعيات قرارات إدارة ترامب التي شملت تقليص تمويل الأبحاث بشكل كبير، ووقف عدد كبير من برامج العلوم الممولة اتحاديًا، في إطار سياسة شاملة لخفض الإنفاق تقودها الحكومة تحت إشراف الملياردير إيلون ماسك، الذي يقود وزارة كفاءة الحكومة الأمريكية.
وقد تم فصل عشرات الآلاف من الموظفين الفيدراليين، بمن فيهم عدد كبير من العلماء، ثم أعيد توظيف بعضهم بأوامر قضائية، مع استمرار التهديد بمزيد من عمليات الفصل الجماعي. في الوقت ذاته، زادت القيود على الهجرة وتصاعدت الخلافات حول حرية البحث الأكاديمي، مما عمّق حالة الاضطراب واللايقين التي تطغى على المجتمع العلمي في البلاد.
ووجهت مجلة "نيتشر" سؤالًا لقرائها حول ما إذا كانت هذه التغييرات تدفعهم للتفكير في مغادرة الولايات المتحدة. وقد نُشرت الدعوة للمشاركة في وقت سابق من الشهر الجاري عبر موقع المجلة، ومنصاتها على وسائل التواصل الاجتماعي، ونشرة "Nature Briefing" الإخبارية. وأكمل الاستبيان نحو 1650 مشاركًا.
وأشار كثير من المشاركين إلى أنهم يبحثون عن بلدان تربطهم بها علاقات مهنية أو شخصية، أو يتحدثون لغتها. وكتب أحدهم: "أي مكان يدعم البحث العلمي سيكون مناسبا"، في حين قال آخرون ممن انتقلوا سابقًا إلى الولايات المتحدة للعمل إنهم يخططون للعودة إلى بلدانهم الأصلية.
وتقول طالبة دراسات عليا في إحدى أعرق الجامعات الأمريكية، تعمل في مجال جينوم النبات والزراعة: "هذا هو وطني — أحب بلدي بشدة، لكن الكثير من أساتذتي ينصحونني بالمغادرة فورًا"، حيث أنها فقدت تمويلها البحثي ومنحتها الدراسية بعد أن أوقفت إدارة ترامب تمويل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، لكن مشرفها الأكاديمي تمكن من تأمين تمويل طارئ مؤقت. والآن تسعى بشدة للحصول على وظيفة كمساعدة تدريس، رغم أن هذه الوظائف أصبحت شديدة التنافس.
وكانت الطالبة تخطط مسبقًا للالتحاق بزمالة ما بعد الدكتوراة في الخارج بسبب اهتمامها بالزراعة الدولية، لكن فقدان التمويل ورؤية زملائها يُفصلون دفعاها لتحويل الفكرة إلى خطة ملموسة. وتقول: "رؤية كل هذا العمل يتوقف أمر مفجع.. أبحث بجد عن فرص في أوروبا وأستراليا والمكسيك".
وتضيف أنها تأمل في العودة إلى الولايات المتحدة لاحقًا إذا استقر الوضع، لكنها تؤكد أن إدارة ترامب "أوضحت تمامًا" أن مجال اهتمامها، وهو النظم الغذائية العالمية، "ليس ضمن أولوياتها".
وأشارت إلى أن التمويل الخيري في الداخل الأمريكي، فهو خيار متاح، لكنها تتوقع منافسة شرسة عليه، نظرًا لكثرة المشاريع التي فقدت تمويلها الفيدرالي.
ويقول باحث أمريكي آخر يعمل كطبيب- باحث في جامعة مرموقة: "الاضطرابات كانت مدمّرة بشكل خاص للعلماء في بداية مسيرتهم... المحققون الرئيسيون قد يكونون قادرين على النجاة، لكن نحن، كباحثين ناشئين، لا نملك هذا الترف. هذا وقت حاسم في مسيرتنا، وقد انقلب رأسًا على عقب في غضون أسابيع".
وأكد هذا الباحث، الذي نشأ في الولايات المتحدة، أنه بدأ ينظر بجدية إلى كندا كوجهة بديلة. وفي اليوم الذي تم فيه إنهاء تمويل منحة المعاهد الوطنية للصحة (NIH) الخاصة به، تواصل مع قسم في جامعة كندية سبق أن حاول جذبه للعمل هناك. ويقول إنه الآن هو وزوجته، وهي أيضًا عالمة، يخوضان مقابلات عمل في كندا ويأملان في الانتقال بحلول نهاية العام.
ويضيف: "الجامعات في الخارج تستغل هذا الوضع لصالحها. ما أسمعه من المؤسسات التي نتحدث إليها، هو أن كثيرًا منها يرى في هذه اللحظة فرصة لا تتكرر إلا مرة واحدة في كل جيل. لقد انتقلوا من التساؤل: 'هل يمكننا استقطاب بعض الباحثين؟' إلى: 'كم عدد الباحثين الذين يمكننا فعليًا ضمهم؟' — لأن الطلب موجود فعلًا".
ورغم كل هذا، عبر بعض المشاركين عن رغبتهم في البقاء. كتب أحدهم: "الأوساط الأكاديمية الأمريكية تملك أفضل بنية تحتية للبحث"، لكن الأغلبية التي أعربت عن نيتها في المغادرة سلطت الضوء على التحديات المتزايدة فى حالة استمرار تقليص التمويل لمعاهد الصحة الوطنية والبحثية حيث لن يكون هناك خيار آخر سوى المغادرة.

مقالات مشابهة

  • النويري من “طشقند”: الدولة الليبية حرصت على تمثيل النساء في السلك الدبلوماسي
  • ولادة أول طفلة بريطانية من رحم مزروع
  • الولايات المتحدة تقيل ممثلتها العسكرية في الناتو بسبب “انعدام الثقة”
  • روسيا ترحب بالمحادثات بين الولايات المتحدة وإيران بشأن الملف النووي
  • طهران توضح أسباب اختيار المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة
  • استطلاع: 75% من العلماء الأمريكيين يفكرون في مغادرة الولايات المتحدة
  • 17 قتيلا على الأقل جراء عواصف وفيضانات في الولايات المتحدة
  • ترتيب الدول العربية حسب نسبة «النساء» في البرلمان. ماذا عن ليبيا؟
  • عواصف مدمرة تضرب الولايات المتحدة وتودي بحياة 16 شخصاً
  • إيران ترفع حالة التأهب وتهدّد الولايات المتحدة وإسرائيل